بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد فاولا هذه ساعة طيبة نجتمع هذا مات. ونلتقي هذا اللقاء. في بيت من بيوت الله وفي وقت عظيم مبارك وقد جاء في الحديث الصحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر. فيعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو اعلم بهم. كيف تركتم عبادي؟ قالوا اتيناهم وهم يصلون. وتركناهم وهم يصلون. والاحاديث في فضل هذا الوقت وعظيم شأنه كثيرا. وكذلك الاحاديث في فضل الاجتماع في بيوت الله. لتذاكر كتاب الله ومدارسة دين الله عز وجل. ففي الصحيح عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله. يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده. وجاء في صحيح مسلم حديث معاوية رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلقة في المسجد جلوس نتذاكر. فقال ما اجلسكم؟ قلنا جلسنا نذكر الله من الله علينا به فقال الله ما اجلسكم الا ذلك؟ قلنا والله ما الا ذلك. قال اما والله اني لم استحلفكم تهمة لكم. ولكن اتاني جبريل انفا فاخبرني ان الله يباهي بكم ملائكته ولا شك ان هذه المباهاة وهي نظير ما تقدم في الحديث الذي قبله وذكرهم الله فيمن عنده تدل على شرف هذه المجالس وانها جالس الرحمة. والسكينة. مجالس الملائكة رضا بصنيع ال هذه المجالس ولئن كان من يجلس هذه المجالس لا يرى الملائكة تحف هذه المجالس باجنحتها الا ان المسلم من ذلك على يقين لان الذي اخبر بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه فالحمد اولا واخرا لله جل في علاه وله الشكر سبحانه على منه فلولا الله ما اهتدينا ولولا الله سبحانه وتعالى ما صلينا ولولا الله جل وعلا ما اجتمعنا هذا الاجتماع فالفضل والمن اولا واخرا لله عز وجل لا شريك له القائل ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم القائل سبحانه بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين كالقائل جل في علاه بل الله يزكي من يشاء القائل سبحانه فلولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا القائل فلولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا. ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء وفي غزوة الاحزاب كان النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة يقول لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا فالفضل فضل الله عز وجل والمنه جل في علاه وشكره على نعمائه مؤذن بالمزيد كما قال سبحانه وتعالى واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد جعلنا الله من عباده الشاكرين الذاكرين الحامدين واصلح لنا شأننا كله نسأله تبارك وتعالى ان يمدنا اجمعين بالعون والتوفيق والتسديد والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله واما موضوع هذا اللقاء فعن حديث عظيم جامع في باب الدعاء وقد اوتي نبينا عليه الصلاة والسلام في دعائه جوامع الكلم واختصت دعواته علينا الصلاة والسلام باشتمالها على المطالب العالية والمقاصد العظيمة والغايات الرفيعة هذا من جهة ومن جهة اخرى عصمتها من الزلل وهي ادعية معصومة لا خطأ فيها ولا زلل وهذا يستوجب عناية دقيقة بالدعوات المأثورة عن نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام بالفاظها كما جاءت مع عناية بفهم معانيها ومدلولاتها وعمل على تحقيق ما دلت عليه من المعاني العظيمة والمقاصد الجليلة والغايات النبيلة وقاتل الله عز وجل اهل الخرافة كيف ابعد الناس مع دعواهم محبة النبي عليه الصلاة والسلام عن الدعاء المأثور عنه العظيم القدر الجامع للخير كله وصرفهم الى دعوات اخترعوها قائمة على الضلال والخرافة بل وعلى الشرك والبدعة ومن يوفقه الله جل وعلا لتعظيم السنة وصدق المحبة للرسول عليه الصلاة والسلام وجمال الاتباع والاهتداء بهدي الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فانه لا يقبل ما جمع في تلك الكتب من دعوات مخترعة تكلفها بعض المتخرصون وانشأها بعض المضلين تكلفها بعض المتخرصين وانشأها بعض المضلين فظلوا واضلوا عن سواء السبيل. واذكر قديما رأيت كتابا من هذه الكتب جمع فيه صاحبه دعوات انشأها فكنت اقرأ واذا بالكتاب مليء بالخرافة والالفاظ الركيكة. بل بعض العبارات التي هي اشبه ما تكون بالطلاسم اضافة الى ما فيه من استغاثات شركية ودعوات بدعية فقلت في نفسي من يقرأ هذا الكتاب ومن يرظى بمثل هذا الدعاء ما اظن ان احدا يقبله ثم نظرت في اخر الكتاب واذا بمصنفه يقول لما فرغت من تأليفه رددت في نفسي. وحبسته وقتا. وانا متردد في نشره. فجاء النبي صلى الله عليه وسلم في المنام. وقال لماذا هذا التأخير عجل بنشره وجاءني ابو بكر وجاءني عمر وجاءني عثمان وجاءني علي فوجدت لي مضطرا الى المسارعة الى نشره والمبادرة الى نشره وهذا القائل لا يخلو من حالتين اما انه كاذب اصلا فيما ادعاه انه رأى في المنام مجيء النبي وابي بكر وعمر وعثمان وعلي او انه صادق بانه رأى في المنام لكنه لم يرى الا شيطانا قال له انه رأى انه الرسول عليه الصلاة والسلام او انه ابو بكر او عمر او عثمان وقد كان الصحابة يسألون من قال انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم كيف صفة من رأيت لانه عليه الصلاة والسلام قال من رآني فقد رآني فان الشيطان لا يتمثل بي اي لا يستطيع على ان يأتي على صفة النبي صلى الله عليه وسلم الحقيقية لا يستطيع ان يأتي على صفته الحقيقية لكنه يأتي على الصفات الاخرى ويزعم انه النبي ودخلت من هذا الباب على اقوام خرافات كثيرة جدا واذكر ان احد السائلين من الجهال جاء الى احد مشايخنا وسأله قال يا شيخ رأيت النبي عليه الصلاة والسلام في المنام. قال صف من رأيت قال رأيته رجلا حليق اللحية عليه البذلة والكرافيتا. هذه صفته فبين له الشيخ ان هذا الشيطان وازيد على ما قاله ان هذا الشيطان شيطان افرنجي. نسأل الله العافية فكم من الخرافة والضلال والدجل دخل على الناس دخولا واسعا كبيرا فظلوا بمثل هذه المنامات المدعاة الكاذبة الفاجرة التي ليس من ورائها الا اظلال الناس وصدهم عن سواء السبيل حديثنا في هذا اللقاء عن دعوة عظيمة مأثورة عن نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام جمعت الخير كله جمعت فلاح الدنيا والاخرة. والسعادة فيهما دعوة هي في الحقيقة كنز عظيم ينبغي على كل مسلم ان يحرص عليه ولا سيما عندما كمصرف قلوب الناس الى الدنيا تكالبا عليها وطمعا فيها بحيث تكون اكبر هم الانسان ومبلغ علمه حث النبي عليه الصلاة والسلام على هذه الدعوة ولا سيما في مثل هذا الوقت. الذي يكون فيه انصراف الناس واكبابهم على الدنيا الدرهم والدينار الفضة والذهب والاذهان مشغولة بذلك مكبة على ذلك منصرفة عن الغاية التي خلق الخلق لاجلها واوجدوا لتحقيقها روى الطبراني في معجمه من حديث شداد ابن اوس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا شداد اذا اكتنز الناس الدرهم والدينار. او اذا الناس الذهب والفضة تكنز هؤلاء الكلمات تكنز هؤلاء الكلمات اللهم اني اسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد واسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك واسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك واسألك قلبا سليما ولسانا صادقا واسألك من خير ما تعلم واعوذ بك من شر ما تعلم واستغفرك لما تعلم انك انت علام الغيوب دعوة عظيمة جدا جمعت الخير كله جدير بكل مسلم ان يعنى بحفظ هذه الدعوة. بالفاظها كما اتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وان يعنى بفهم معاني الفاظ هذه الدعوات ومدلولاتها وان يعنى كذلك بتطبيق ذلك وهذا امر يغفل عنه والعلماء رحمهم الله تعالى ينبهون في مثل هذا الباب باب الدعاء ان تتبع ما دعوت الله ان يمن عليك به ببذل السبب فتدعو وتجاهد نفسك ايضا. فان سألت الله علما نافعا اجتهد في طلب العلم لا تكتفي بالدعاء وتجلس في البيت اذا سألت الله الرزق الطيب اسعى ايضا في طلب الرزق كما امرك الله فامشوا في مناكبها. كما قال عليه الصلاة والسلام في العلم انما العلم بالتعلم فهذه الدعوات التي اشتمل عليها هذا الحديث العظيم نحتاج الى حفظها حفظا جيدا بالفاظها كما اتت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ان نفهم معاني هذه الدعوات ومدلولاتها الثالث ان نجاهد انفسنا على تطبيق ما اشتملت عليه من المقاصد العظيمة والغايات الجليلة وجماع الخير بدأ عليه الصلاة والسلام هذه الدعوة العظيمة بقوله اللهم اني اسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد واللهم اصلها يا الله حذف حرف النداء من اولها وعوض عنه بالميم الساكنة في اخرها ولهذا لا يجمع بين العوض والمعوض لا يقال يا اللهم لان الميم الساكنة في اخرها عوض عن حرف النداء حذف وعوض عنه بالمين اللهم بمعنى يا الله فبدأ ذلك بنداء الله عز وجل بهذا الاسم العظيم الله ومعناه ذو العبودية ذو الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين روي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في تفسير ابن جرير الطبري وقد جمع هذا التفسير بين امرين في معنى هذا الاسم الجديد قال ذو الالوهية والعبودية اما الالوهية التي دل عليها هذا الاسم فهي صفات الكمال والجلال والعظمة التي استحق بها سبحانه ان يؤله وان يخضع له ويذل واما العبودية فما يقتضيه هذا الاسم من خضوع العباد وذلهم لله وعبوديتهم له سبحانه وتعالى قال اللهم اني اسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد الثبات على الامر هذا من اعظم المطالب واجلها ولا ثبات على الامر الا بتثبيت الله يثبت الله الذين امنوا للقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء فلا ثبات على الامر الا بمن من الله ومد وتوفيق والمراد بالامر اي الدين ومنه قوله عليه الصلاة والسلام من احدث في امرنا هذا اي ديننا فالامر هو الدين الثبات على الامر اي الثبات على دين الله سبحانه وتعالى وكان من اكثر دعاء نبينا عليه الصلاة والسلام يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك وفي القرآن ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب واذا وفق الله سبحانه وتعالى عبده للثبات على الامر افلح وانجح وسعد في دنياه واخراه وسلم باذن الله تبارك وتعالى من الصواد والصوارف التي تصرف الناس عن صراط الله المستقيم ولا ثبات على الصراط ولا نجاة من الضغائن ولا السلامة من الباطل الا اذا امد الله سبحانه وتعالى العبد بالثبات والاستقامة وقوله والعزيمة على الرشد اي امظاء ما عقد القرن عليه من امر الخير فان كثيرا من الناس يسمع من امور الخير ما يعجبه ويسر به ويود ان لو كان من اهله العاملين به لكنه لا يكون عنده عزيمة على الرشد بل يقابل ذلك بالتماوت والتكاسل والتسويف وتأجيل الامر فكم من امور الخير تظهر للانسان وتتضح ويدرك انها رشدا وخيرا وفلاحا ولكن لا يكون عنده عزيمة على امظاء ذلك وانفاذه والقيام به فسأل الله سبحانه وتعالى عزيمة على الرشد سأل الله سبحانه وتعالى عزيمة على الرشد بان يمده الله سبحانه وتعالى بقلب فيه عزيمة فيمضي ما عرفه من خير وما عرفه من فضيلة يقول الامام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مفتاح دار السعادة عن هاتين الكلمتين قال رحمه الله هاتان الكلمتان اي اللهم اني اسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد. قال وهاتان الكلمتان جماع الفلاح وما اوتي العبد الا من تضييعهما او تضييع احدهما فما اوتي احد الا من باب العجلة والطيش واستفزاز البدءات له او من باب التهاون والتماوت وتضييع الفرصة بعد مواتاتها فاذا حصل الثبات اولا والعزيمة ثانيا افلح كل الفلاح والله ولي التوفيق انتهى كلامه رحمه الله تعالى وهو كلام عظيم جدا في بيان هذه الدعوة التي صدر بها هذا الحديث الجامع وان هاتين الكلمتين فيهما فلاح العبد وسعادته في دنياه واخراه ثم قال عليه الصلاة والسلام واسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك وهذا ايضا من الدعوات العظيمة الجامعة فسؤال موجبات الرحمة يعد من جوامع الدعاء لانك بهذه الدعوة العظيمة تسأل الله عز وجل ان ان يمدك وان يعينك على القيام بالاعمال التي تنال بها رحمة الله ويفوز العبد بها برحمة الله سبحانه وتعالى فهذا يشمل اعمال الخير كلها فهي دعوة جامعة جمعت الخير كله فانت عندما تقول موجبات الرحمة هذا يشمل الاعمال الصالحة كلها لانها من موجبات الرحمة. انظر مثلا دخولك للمسجد اي شيء تقول بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي ابواب رحمتك لان الصلاة باب عظيم من ابواب الرحمة فاذا موجبات الرحمة هذا سؤال لله سبحانه وتعالى ان يوفقك للاعمال الصالحة والطاعات الزاكية وانواع القربات التي تنال بها رحمة الله سبحانه وتعالى واما قوله وعزائم مغفرتك اي اسألك يا الله ان تمدني بعزيمة انال بها مغفرتك. وهذا يتناول عزيمة العبد الصادقة على البعد عن الذنوب والتوبة منها والبعد عنها والحذر من مقارفتها وقد ذكر العلماء رحمهم الله تعالى بشروط التوبة النصوح ان يندم على الفعل وان يقلع عن الذنب وان يعزم على الا يعود فمقام الذنوب فمقام ترك الذنوب مقام يحتاج الى عزيمة يمد الله سبحانه وتعالى بها عبده فيبتعد عن الذنوب ويفوز بالمغفرة والرحمة والفضل من الله سبحانه وتعالى ولهذا بعض الناس يدرك انه مذنب وانه مخطئ. وان هذا الذنب الذي يفعله موجب للعقوبة. عقوبة الله سبحانه وتعالى ولكن ليس عنده عزيمة ينال بها المغفرة مغفرة الله سبحانه وتعالى بان يتوب من ذلك الذنب وينيب الى الله سبحانه طالبا مغفرته جل في علاه ثم قال صلوات الله وسلامه عليه واسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك وهذا ايضا من جوامع الكلم ومن جوامع الدعا اسألك شكر نعمتك وحسن عبادته اي ان تجعلني شاكرا لنعمائك والشكر يتناول القلب واللسان والجوارح اما القلب فبالاعتراف لله سبحانه وتعالى بالنعمة والفضل واما اللسان فبالثناء على الله جل وعلا وحمده واما الجوارح فباستعمال النعم في طاعة المنعم عز وجل كما قال الله سبحانه وتعالى اعملوا ال داوود شكرا واما قوله وحسن عبادتك فان ذلك يتناول الاخلاص والمتابعة. الاخلاص للمعبود والمتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام ولهذا جاء عن الفضيل ابن عياض رحمه الله لقول الله تعالى ليبلوكم ايكم احسن عملا؟ قال اخلصه واصوبه قيل يا ابا علي وما اخلصه واصوبه قال ان العمل اذا كان خالصا ولم يقل صوابا لم يقبل واذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل. والخالص ما كان لله والصواب ما كان على السنة ولهذا قوله في هذا الدعاء وحسن عبادتك اي ان تكون عبادتي لك خالصة ولسنة نبيك صلى الله عليه وسلم موافقا. ولا يقبل الله العمل الا بهذين الشرطين. فمن كان يرجو لقاء ربه اعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا لم يقل كثرة العمل لان العبرة بحسنه العبرة انما هي بحسن العمل والعمل لا يكون حسنا الا بالاخلاص والمتابعة. وبهذا يعرف ان الشرك كله سيء والبدعة كلها سيئة. لا خير في الشرك ولا خير في البدعة الشرك اعظم الموبقات والبدعة اشد انواع الضلالات وكل بدعة ضلالة فلا يكون العمل حسنا طيبا مقبولا الا اذا قام على الاخلاص للمعبود سبحانه وتعالى والمتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام وهذا هو مقتضى الشهادتين شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وقوله واسألك قلبا سليما ولسانا صادقا. ايضا هذا من جماع من جوامع الكذب واذا وفق الله سبحانه وتعالى عبده سلامة القلب وصدق اللسان افلح وانجح. وفاز بسعادة الدنيا والاخرة اما سلامة القلب فهي سلامته اولا من الشرك اعظم الموبقات واشدها على الاطلاق ثم من البدعة والضلالة والاهواء الباطلة وفي الدعاء المأثور اللهم اني اعوذ بك من منكرات الاخلاق والاهواء والادواء ثم السلامة من الشبهات المهلكة والشهوات المرضية التي تحرق الانسان وتبعده عن صراط الله المستقيم. ولا نجاة يوم القيامة لعبد الا اذا جاء بقلب سليم. كما قال جل وعلا يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم. فما احوج العبد الى ان يقبل على الله عز وجل صادقا في دعائه ان يجعل قلبه قلبا سليما ولا يمكن للقلب ان يكون سليما الا اذا جعله الله كذلك لا يمكن ان يسلم من الضلال والاهواء والباطل والشرك والخرافة وغير ذلك الا اذا سلمه الله جل وعلا ولا يمكن ايضا ان يعمر القلب بالصلاح والخير والاستقامة الا اذا جعله الله سبحانه وتعالى كذلك ولهذا جاء عن احد التابعين ولعله مطرف ابن عبد الله ابن السخير رحمه الله قال لو اخرج قلبي وجعل في كفي اليسرى وجيء بالخيرات والحسنات كلها وجعلت في كفي اليمنى لم استطع ان اجعل شيئا من هذه الخيرات في قلبي الا ان يكون الله هو الذي يظعه هذا يوضح لنا حاجة العبد الى لجوء صادق الى الله سبحانه وتعالى ان يجعل قلبه قلبا سليما قلبا زاكيا قلبا صالحا يكثر من هذا الدعاء والقلب منبع الخير او الشر فاذا صلح صلحت الجوارح واذا فسد فسدت كما قال عليه الصلاة والسلام الا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله. واذا فسدت فسد الجسد كله. الا وهي القلب في الحديث الاخر اشار عليه الصلاة والسلام الى صدره وقال التقوى ها هنا ويشير الى صدره ثلاث مرات اي من بمعنى ان القلب اذا صلح واستقام صلحت الجوارح واستقامت تبعا له اذ لا يمكن ان تتخلف الجوارح عن مرادات القلوب وهذا يبين لنا الخطأ العظيم الذي يقوله بعض العوام والجهال عندما ينصح عن منكر يفعله او واجب يتركه بعضهم يقول المعنى على القلب المعنى على القلب ويزيد ايضا وانا الحمد لله قلبي طيب هذه تزكية من تزكية منه لنفسه واعماله السيئة تكذب قوله تكذب قوله والله سبحانه يقول فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى فالقلب هو المنبه فاذا سلم القلب سلم من الشرك سلم من الاهواء سلم من الالتفات للشهوات والملذات المحرمة فان العبد كله يسلم وجوارحه كلها تستقيم على طاعة الله سبحانه وتعالى. واما قوله ولسانا صادقا ففيه سؤال الله تبارك وتعالى صدق اللسان بسلامته من الكذب والكذب من ايات النفاق لان حقيقة النفاق اظهار ماذا يبطنه الانسان هذه حقيقة النفاق وهو على نوعين ان كان الاظهار لما ان كان الاظهار لما لا يبطنه الانسان يتعلق بالاعتقاد فهذا النفاق الاكبر. المخرج من الملة ومنه قول الله عز وجل عن المنافقين اذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون وقوله اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسول والله يشهد ان المنافقين لكاذبين فهذا الكذب كفر اكبر لانه نفاق اعتقادي واما النفاق العملي فهو ان يظهر للناس انه صادق وقلبه يبطل خلاف ذلك يظهر للناس انه امين وقلبه يبطن خلاف ذلك. يظهر للناس انه وفي بالوعد وقلبه يبطن خلاف ذلك وقد قال عليه الصلاة والسلام اية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان فهذا كله من النفاق العملي فالكذب من ايات النفاق وعلاماته واذا استقام اللسان على الصدق استقامت الجوارح لان اللسان ايضا امره خطير مثل ما تقدم معنا معنا في القلب ولهذا قال بعض المتقدمين المرء باصغريه المرء باصغرين واصغراه هما القلب واللسان المرء ليس بيده ولا عضلاته ولا اقدامه ولا رأسه المرء باصغرين. بمعنى ان صلاح الانسان او فساده يرجع جاء القلب واللسان الى القلب واللسان وقد جمع بينهما هنا قلبا سليما ولسانا صادقا. فاذا سلم القلب وصدق اللسان صلح العبد في اعماله كلها قد جاء في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال اذا اصبح ابن ادم فان الاعضاء كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فينا فانما نحن بك فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا اي ان جوارح الانسان وبصره وقدمه ورجله الى اخره كلها تبع للسان تبع للسان فالقلب واللسان هما اخطر ما في الانسان اخطر ما يكون في الانسان قلبه ولسانه فجمعت هذه الدعوة العظيمة صلاح القلب واللسان قلبا سليما ولسانا صادقا وقوله ولسانا صادقا اعم من الصدق مع الناس بالحديث بل يشمل صدق المرء بنطقه باعظم كلمة ينطق بها وهي كلمة التوحيد ولهذا جاء في الحديث الصحيح ان نبينا صلى الله عليه وسلم قال من قال لا اله الا الله صدقا من قلبه صدقا من قلبه. وصدق اللسان في كلمة التوحيد بان يواطئ ما قاله بلسانه بان يواطئ قلبه ما قاله المرء بلسانه. والا كان من الكاذبين بل من المنافقين اذا لم يكن قلبه مواطئا للسانه قد مر معنا حال المنافقين في هذا الباب وسؤال الله صدق اللسان وتخصيص هذه الصفة بالذكر يدلنا على الاهمية العظيمة لصدق اللسان وان اللسان اذا صدق صلح شأن اللسان فيما في كل ما ينطق به وصلحت تبعا لذلك اعمال العبد واعمال العبد وجوارحه كلها ثم ختم عليه الصلاة والسلام هذه الدعوة بقوله اللهم اني اسألك من خير ما تعلم واعوذ بك من شر ما تعلم واستغفرك لما تعلم. انك انت علام الغيوب وهذه جمعت الخير كله خير الدنيا والاخرة فان قوله اسألك من خير ما تعلم يتناول بعمومه وهذا من الفاظ العموم بل بل من اقوى الفاظ العموم يتناول بعمومه كل خير في الدنيا والاخرة كل خير في الدنيا والاخرة يتناوله بعمومه لا يخطر في بالك خير او كل خير خطر ببالك او لم يخطر ببالك. فان هذا الحديث يتناوله اسألك من خير ما تعلم اي من الخيرات كلها ما اعلمه منها وما لا اعلمه ولهذا جاء في دعوة اخرى وهي من جوامع الكذب اللهم اني اللهم اني اسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمت منه وما لم اعلم. واعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمت منه وما لم اعلم فاذا قوله في هذه الدعوة اللهم اني واسألك من خير ما تعلم جمعت الخيرات كلها خيرات الدنيا والاخرة وقوله واعوذ بك من شر ما تعلم شملت او شمل هذا التعوذ التعوذ من الشرور كلها اعوذ بك من شر ما تعلم. يشمل التعوذ من الشيطان والتعوذ من النفس الامارة بالسوء والتعوذ من شر كل دابة وهامة وكل مؤذي يتعوذ يشمل التعوذ من شرور الجن والانس يشمل التعوذ من شر بصر الانسان وشر سمعه وشر فؤاده يشمل كل التعوذات او كل ما يتعوذ منه اقرأ في باب التعوذ وهو من احسن ما جمع في هذا الباب كتاب الاستعاذة. في سنن النسائي. جمع احاديث او من احاديث التعوذ وما يتعوذ منه كل ذلك داخل في قوله واعوذ بك من شر ما تعلم. كله داخل. لتدرك كيف ان هذه الكلمة الجامعة من اعظم ما يكون جمعا لكل ما يتعوذ منه. فانك اذا قلت واعوذ بك من شر ما تعلم تعوذت من كل شيء تعوذت من كل شر تعوذت من كل ما يتعوذ منه في الدنيا والاخرة. في الدنيا والقبر والاخرة ثم ختم بقوله واستغفرك لما تعلم وهذا ايضا من اجمع ما يكون في باب الاستغفار وهو يتناول ذنوبك كلها ما علمتها من ما علمته منها وما لم تعلمه. المتقدم والمتأخر السر والعلانية العلاء السر والعلانية القليل والكثير وفي الاستغفار المأثور اللهم اني اعوذ بك من الذنب كله اوله واخره اللهم اني اعوذ بك من الذنب كله دقه وجل اوله واخره علانيته وسره قوله في هذه الدعوة واستغفرك لما تعلم هذا جمع الاستغفار من كل الذنوب الاول والاخر السر والمعلن القليل والكثير كله جمع واشتمل عليه قوله استغفرك لما تعلم. ايستغفرك من كل ذنوبي ما اعلمه منها وما لم وما لا اعلمه ما كان قديما منها وما كان حديثا ما كان قليلا او كثيرا استغفار جمع ذلك كله فهذه دعوة عظيمة وكنز ثمين ارشد اليه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وحاجة العبد الى هذا الدعاء حاجة ماسة ولا سيما كما قدمت عندما ينصرف الناس الى الدنيا ويكبون عليها فتصبح اكبر همهم ومبلغ علمهم فان العبد عليه في هذا المقام ان يكنز هؤلاء الدعوات وهؤلاء الكلمات المباركات وان يغنى عناية دقيقة بها فهما آآ عناية دقيقة حفظا وفهما وتطبيقا واسأل الله الكريم ربى العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا وبانه الله الذي لا اله الا هو ان يوفقنا لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله. والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم انا نسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد. ونسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك. ونسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك. ونسألك قلبا سليما ولسانا صادقا. ونسألك من خير ما تعلم. ونعوذ بك من شر ما تعلم ونستغفرك لما تعلم انك انت علام الغيوب. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا ابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا اجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه