بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اللهم انا العلم النافع والتوفيق لما تحبه وترضاه نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى. وان تصلح لنا شأننا كله وان لا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. ثم اما بعد فالحديث في هذا المجلس حديث عن التقوى. اعظم الوصايا واجلها. وارفعها. كيف لا وهي وصية الله تبارك وتعالى للاولين والاخرين من خلقه. كما قال الله عز وجل ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله. وهي خير زاد يبلغوا الى رضوان الله. كما قال الله سبحانه وتعالى وتزودوا فان خير زاد التقوى واتقوني يا اولي الالباب. وهي وصية النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في عامة خطبه ومواعظه صلى الله عليه وسلم. وهي السلف الصالح رحمهم الله تعالى فيما بينهم وفي القرآن الكريم ايات كثيرة يأمر الله سبحانه وتعالى فيها عباده بتقواه. مصدرة بوصف الايمان. وما يقتضيه من طاعة وعبودية وخضوع لله تبارك وتعالى من هذه الايات قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا سديدا. يصلح لكم اعمالكم. ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. وقول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله. قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. وقول الله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. قول الله عز يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته اجعل لكم نورا تمشون به. ويغفر لكم والله غفور رحيم. الى غير ذلكم من الايات في كتاب الله عز وجل في الامر بالتقوى. وبيان عظيم عاقبة اهلها وان اهل التقوى هم اهل الفوز المبين. والفلاح اهل الفوز المبين والفلاح في الدنيا والاخرة. ولهذا نجد في القرآن الكريم ايات عديدة تبين لنا ثمار التقوى واثار التقوى العظيمة التي يجنيها المتقون في الدنيا والاخرة كقول الله عز وجل ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا وقول الله عز وجل ان للمتقين مفازا. وقوله ان للمتقين ربهم جنات النعيم. وقوله ان المتقين في جنات ونهر. في مقعد صدق عند كمليك مقتدر. وقوله والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة. وقوله ومن يتق اله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. وقوله ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا وقوله ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا. وقوله فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. الى غير ذلك من الايات وهي كثيرة جدا في كتاب الله عز وجل مشتملة على بيان عظيم شأن التقوى وكثرة ثمارها واثارها. وعوائدها الحميدة على اهلها في الدنيا والاخرة. مما يستوجب على كل مسلم ان عنايته بالتقوى. فهما لحقيقتها. وعناية بتحقيقها وتطبيقها ليكون من اهل الفوز المبين. والفلاح العظيم. اهل العاقبة الحميدة في الدنيا والاخرة واتقوا الله لعلكم تفلحون. وتقوى الله عز وجل ليست امرا يدعى لان من السهل على كل انسان ومن اليسير على كل لسان ان يقول انه من المتقين. وانه من المحققين للتقوى. ولكن الله عز وجل يقول في القرآن فلا تزكوا انفسكم هو اعلم ممن اتقى. ان الواجب على العبد ان يعمل على مجاهدة نفسه على تحقيق تقوى الله سبحانه مع ركن مع رؤية التقصير دوما وابدا. كما قال الله سبحانه في المؤمنين الكمل. قال والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون. وجلة اي خائفة. من ان ترد عليهم اعماله والا تقبل منهم طاعاتهم. من صلاة وصيام وصدقته ودعوة الى الله سبحانه وتعالى الى غير ذلكم من الاعمال. والله عز وجل يقول انما يتقبل الله من المتقين. انما يتقبل الله من المتقين هذا اشتد خوف السلف رحمهم الله تعالى. لادراكهم عظم هذا الامر وعظم اهميته قد قال الحسن البصري رحمه الله ان المؤمن جمع بين احسان ومخافة. والمنافق جمع بين اساءة وامن وتقوى الله عز وجل التي عليها مناط السعادة ومدار الفلاح في الدنيا والاخرة. هي قيام بطاعة الله امرا ونهيا ايمانا واحتسابا. قيام بطاعة الله عز وجل امرا ونهيا ايمانا واحتسابا لان التقوى حقيقتها ان تجعل بينك وبينما تخشاه من سخط الله تبارك وتعالى وعقابه وقاية تقيك. وذلك انما يكون بفعل المأمور وترك المحظور. ولهذا حقيقة التقوى الطاعة طاعة الله امرا ونهيا طاعة الله فيما امر. بفعله وطاعته سبحانه وتعالى فيما نهى باجتنابه ايمانا واحتسابا لان كل عمل يتقرب به الى الله سبحانه تعالى لابد فيه من مبدأ وغاية. اما المبدأ فهو الايمان. واما الغاية فهي طلب الثواب والرضوان. ولهذا تجد في نصوص كثيرة ربط الثواب على فعل الاعمال بكون العمل انما صدر من العامل ايمانا واحتسابا. من قام رمظان ايمانا واحتسابا من صام رمضان ايمانا واحتسابا وله نظائر فتقوى الله عز وجل هي طاعته بفعل ما امر وترك ما نهى عنه وزجر ايمانا بالله وصدق موعوده جل في علاه. واحتسابا في طلب الثواب. والاجر وما اعده الله سبحانه وتعالى لعباده المتقين. ولهذا فان احسن ما عرفت به التقوى ما جاء عن احد التابعين وهو طلق بن حبيب رحمه الله وقد وجدت من اهل العلم اثنوا على تعريفه منهم شيخ الاسلام ابن تيمية والتلميذة وتلميذه ابن القيم وابن رجب والذهبي في اخرين من اهل العلم. قال رحمه الله تقوى الله عمل بطاعة الله. على نور من الله. رجاء ثواب الله. وترك لمعصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله. فجمع رحمه الله بين في هذا التعريف الجامع العظيم بين ذكر الطاعة في الامر والنهي والايمان والاحتساب كلها اجتمعت في هذا التعريف العظيم. وهو من اجمع واحسن ما قيل في التقوى والقرآن الكريم جاء فيه ايات كثيرة شارحة للتقوى ومبينة لحقيقتها جدير بالعبد المؤمن ان يقف متأملا في تلك الايات متدبرا في مضامينها مجاهدا لنفسه على تحقيق معانيها ليكون من المتقين. ومن ذلكم قول الله عز وجل في اول سورة البقرة هدى للمتقين. ثم ذكر صفاتهم الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. والذين يؤمنون بما انزل وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون. اولئك على هدى من ربهم واولئك هم مفلحون وكذلك قول الله عز وجل وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين. ثم ذكر صفاتهم. الذين ينفقون في السراء والضراء كاظمين الغيظ والعافين عن الناس. والله يحب المحسنين. والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله. فاستغفروا لذنوبهم. ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون. وهذه الاية في كان المتقي ليس معصوما من الذنب. كل بني ادم خطاء. لكنه يبادر الى التوبة ولا يصر على الذنب. ويكثر من الاستغفار. ويذكر الله سبحانه وتعالى عند ما يقع منه خطيئة او ذنب فيعود الى الله وينيب اليه سبحانه وتعالى. فلا يكون منه اصرارا على ذنب ويكون ذا عناية وملازمة بالاستغفار وقد قال عليه الصلاة والسلام طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا. وكان اكثر الناس استغفارا سيد الناس. سيد الناس. سيد الاولين والاخرين صلوات الله وسلامه عليه. يقول ابو هريرة وقد رأى عباد الصحابة وخيار الامة قال ما رأيت احدا اكثر من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول استغفر الله واتوب اليه. وقد الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. صلوات الله وسلامه عليه ومن الايات العظيمة في بيان حقيقة التقوى وايضاح مذلولها الاية التي في سورة البقرة والتي تعرف عند اهل العلم باية البر وهي قول الله عز وجل ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله. واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. والسائلين وفي الرقاب. واقام الصلاة الصلاة واتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا. والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون. فختم هذه الاية الكريمة واولئك هم المتقون فيه دليل على ان هذه الصفات المذكورات في هذه الاية صفات واذا تأملت في هذه الصفات تجد انها ترجع الى امرين. الاول قل صلاح عقيدته. بالايمان بالله. والملائكة والكتب والرسل اليوم الاخر وهذي اصول الايمان التي عليها يبنى بل لا قيام للايمان الا على هذه الاصول والله يقول ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله. وهو في الاخرة من الخاسرين وعليه فان العقيدة اساس التقوى. وعليه فان العقيدة الصحيحة اساس التقوى لا تقوم لا تقوم التقوى الا على عقيدة صحيحة هيهات فان فاسد العقيدة متقيا لله. اين التقوى؟ لله عز وجل مع فساد العقيدة. والانحراف في هذا الباب. ولهذا كل مشرك ليس متقيا لله كل من يدعو غير الله ويلتجئ الى غير الله ويذبح لغير الله وينذر لغير الله ليس من المتقين ابدا ولهم وله من في السماوات والارض سبحانه وتعالى. وله من في السماوات والارض وله الدين مواصبا. افغير الله تتقون؟ اين التقوى؟ تقوى الله عز وجل مع فساد الاعتقاد ولهذا التقوى لا قيام لها الا على عقيدة صحيحة وتوحيد لله عز وجل قال الله تبارك وتعالى اتى امر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده ان انذروا انه لا اله الا انا فاتقوني ولهذا لا اله الا الله كلمة التقوى لانه لا تقوى الا بتوحيد الله والله يقول في القرآن الكريم في وصف الصحابة وبيان منه عليهم والزمهم كلمة التقوى وكانوا احق بها واهلها. جاء في الحديث ان نبينا صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الاية كلمة التقوى قال لا اله الا الله. وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قرأ هذه الاية والزمهم كلمة التقوى قال شهادة ان لا اله الا الله فهي رأس كل تقوى. فلا يمكن ان يكون العبد من المتقين الا اذا اتقى الشرك. رأس الاثم. واكبر الذنوب واعظم الجرم واظلم الظلم وهو الذنب الذي لا يغفر. قال الله سبحانه وتعالى ان الله لا يغفر وان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وقال عز وجل والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليه فيموت ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور. وهم يصطلحون فيها. ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصيب. وقال سبحانه وتعالى ان الشرك لظلم عظيم والايات في هذا المعنى كثيرة. الحاصل ان تقوى الله سبحانه وتعالى لا قيام لها الا بالتوحيد. والاخلاص لله عز وجل. وافراده سبحانه وتعالى بالعبادة ومن تقوى الله جل وعلا القيام بالاعمال الصالحة وهو القسم الثاني في اية البر لان مرجع ما جاء في هذه الاية الى امرين صلاح الاعتقاد وصلاح العمل. صلاح الاعتقاد في قوله ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين صلاح العمل في قوله واتى المال على حبه الى تماما. الى تمام الاية. والعمل لا يصلح اطلاقا الا باتباع السنة. وملازمة الهدي هدي النبي عليه الصلاة والسلام. ولهذا فان ارتكاب البدع والانشغال بمحدثات يتنافى مع تقوى الله. لان البدع المحدثة ليست بتقوى الله لانها مخالفة لشرعه. والله عز وجل لا يتقبل الا من المتقين. انما تقبل الله من المتقين. المتقين الله جل وعلا باخلاص عملهم له. والمتقين الله عز وجل بموافقة عملهم لشرعه. فلا يقبل العمل الا بالاخلاص. للمعبود والمتابعة للرسول صلوات الله وسلامه عليه. ولهذا جاء في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال من عمل عملا ليس عليه امرنا فوردت. اي مردود على صاحبه غير مقبول منه. فالبدع المحدثة كلها ليست من تقوى الله. وانما تقوى الله سبحانه انما تكون باتباع السنة. وملازمة الهدي المبارك. هدي الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. ثم ان تقوى الله عز وجل كما انها قيام بحقوقه على عباده. من توحيد واخلاص وصلاة وصيام وغير ذلك من الطاعات فان فانها كذلك تتناول حقوق العباد التي امر الله سبحانه وتعالى. حقوق العباد التي امر الله سبحانه وتعالى بها. فان تحقيق هذه الحقوق والقيام بها من تقوى الله وتضييع هذه الحقوق مجاربا للتقوى. وتضييع هذه الحقوق مجانب لتقوى الله سبحانه وتعالى. فبر الوالدين من التقوى. صلة الارحام من التقوى القيام بحقوق الجار من التقوى. كل هذه المعاني والحقوق التي امر الله سبحانه وتعالى عباده بها كلها تقوى الله سبحانه وتعالى. وايضا على الظد من ذلك. تظيع هذه الحقوق فيها او الاتيان بما يضادها ويناقضها. فهذا مما يتنافى مع تقوى الله ما يتنافى مع تقوى الله سبحانه وتعالى. وتأمل معي تأمل معي جيدا الايات الكريمة في سورة الحجرات سورة الاداب يقول الله سبحانه انما المؤمنون اخوة. فاصلحوا بها واتقوا الله لعلكم ترحمون. يا ايها الذين امنوا لا اسخر قوما من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم. ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن. ولا تلمزوا انفسكم. ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان. ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون يا ايها الذين امنوا استلموا كثيرا من الظن. ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا. ولا يغتب بعضكم بعضا ايها احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله. ان الله تواب رحيم. تأمل ختم هذا السياق العظيم بقوله واتقوا الله. لتعلم ان هذه الامور التي نهى الله سبحانه تعالى عنها ان السخرية والغيبة والاستهزاء واللمز والنبز والتجسس وغير ذلك من الخصال الذميمة التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها كلها تتنافى مع التقوى. كلها تتنافى مع تقوى الله سبحانه وان الواجب على المتقي ان يتقي هذه الاثام وان يتجنب هذه الذنوب وهذا يسوقنا الى فائدة عظيمة. نبه علينا بعض اهل العلم المتقدمين والاخلال بها هو سبب الخلل. الواقع في كثير من المجتمعات تفريطا في التقوى. حيث قال بعض المتقدمين كيف يتقي من لا يدري ما يتقي. كيف يتقي من لا يدري ما يتقي الذي لا يعرف ماذا تشتمل عليه التقوى من المعاني ما يدخل في مضامينها وما تتناوله في مجنونها اذا كان لا يعرف ذلك سيقع في امور منافية للتقوى ويظن انه لم يخالف التقوى تقوى الله سبحانه. يظن ان من لكن الحقيقة انه واقع في امور ومرتكب لامور مخالفة. لتقوى الله سبحانه وتعالى. ثم تأمل الاية التي تلي هذا هذه الايات. في السورة نفسها وهي قوله جل في علاه يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير. فالاكرم عند الله ليس امرا راجعا للون البشرة مثلا. او نور القامة وقصر الانسان مثلا او لسلامة الاعضاء مثلا من العيوب او نحو ذلك. الان تجد بعض الناس اذا رأى شخصا فيه عيب الخلق من عرج او عمى او كذا سخط. واستهزأ قد يكون من يسخر منه خير من ملء الارض او من الالاف من هذا الساحر فالاكرم عند الله الاتقى لله. ولهذا جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن خير الناس من خير الناس؟ قال اتقاهم. وفي حجة الوداع كما في حديث ابي نظرة وهو في المسند قال سمعت قال حدثني من سمع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط ايام التشريق انه قال يا ايها الناس اباكم واحد. قال يا ايها الناس ان ربكم واحد وان اباكم واحد. الا لا فضل لعربي على عجمي. ولا لعجمي على عربي ولا لاسود على احمر ولا احمر على اسود الا بالتقوى ابلغت؟ قالوا بلغ رسول الله. صلى الله عليه وسلم. ثم قال اي يوم هذا قالوا يوم حرام. قال اي شهر هذا؟ قالوا شهر حرام. قال اي بلد هذا؟ قال قالوا بلد حرام. قال فان دماءكم واموالكم واعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا. في شهركم هذا في بلدكم هذا ابلغت؟ قالوا بلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يبرر الشاهد الغائب وهذا يوضح المعنى السابق ان تقوى الله عز عز وجل تتناول هذا الجانب جانب حقوق العباد. فالذي يحصل منه اعتداء على الناس. في دمائهم او او اعراضهم مجانب للتقوى. لان هذه الامور ليست من تقوى الله سبحانه وتعالى. تقوى الله لابد فيها من الناس كالدماء في الاعراض في الاموال فاذا انتهك شيء من ذلك فانه مما يتنافى مع تقوى الله سبحانه وتعالى. كتب رجل الى عبد الله ابن عمر كتب له رسالة يطلب وصية انظر الى الطلب قال اكتب لي علمي كله كيف يكون الجواب على هذا السؤال؟ اكتب لي بالعلم كله. رجل حريص فهو يريد وصية وجماع في الخير. اكتب لي بالعلم كله. كتب عمر ابن عمر كلمة عظيمة جدا عظيمة للغاية. قال ان العلم كثير. ان العلم كثير. لكن ان استطعتم ان تأتي يوم القيامة خفيف الظهر من دماء المسلمين. خميس من امواله. كافة اللسان عن اعراضهم لازما لجماعتهم فافعل انظر ما اجمل هذه الوصية! وقد تناول فيها الامور الثلاثة التي مرت في الحديث ان دماءكم واموالكم واعراضكم حراما عليكم فهذا باب عظيم من ابواب التقوى يغفله كثير من الناس. ويفرط فيه كثير من الناس ولهذا الواجب على العبد في تحقيق تقوى الله سبحانه وتعالى ان يرعى هذه الامور رعاية عظيمة وان يعنى بها عناية دقيقة. ليكون من اهل التقوى حقا وصدقا ثم ان تقوى الله سبحانه وتعالى تلازم العبد في كل احايينه وجميع اوقاته تلازم العبد في كل احايينه وجميع اوقاته فيه جنوته وخلوته في سره وعلنه في غيبه وشهادته. اذا خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب. فتقوى الله عز وجل تكون في السر والعلن فالغيب والشهادة ومن الناس من اذا اجتمع بالناس وكان معهم في مجالسهم ربما لازم كثيرا من صفات التقوى واذا خلا بنفسه ولا يراه اطمأن انه لا يراه احد من الناس فارتكب امورا تنافي تقوى الله سبحانه يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم اذ يبيتون ما لا يرضى من القول. نقل لي احد الاشخاص لاحد العوام قبل ايام اعجبتني حول هذا المعنى سأله ابنه او قريب له قال له ما هي التقوى؟ قال له بالكلام العامي التقوى اذا كنت لحالك كيف حالك؟ لكن اذا كنت لحالك يعني وحدك كيف حالك وهذا فيه ان خلوة الانسان محك. خلوة الانسان محك في هذا الباب العظيم بتقوى الله سبحانه وتعالى. انظر الى واقع كثير من الشباب والشابات على وجه الخصوص في هذا الزمن زمن الفتن مع وجود هذه الاجهزة التي يسرت الاتصال والتواصل فاصبح كثير من الشباب يدخل من خلال هذه الاجهزة الى اماكن محرمة الى اماكن موبوءة الى اماكن ملوثة الى اماكن مليئة بالقبح والفجور والفساد. ينظر وينظر ويسمع ثم تتسلل هذه القبائح والرذائل والخبائث الى قلبه. لان البصر السمع منفذ الى القلب. فيختل عنده الايمان وتختل العقيدة ويختل الخلق ويقع الانحراف ويباين حقيقة التقوى وتحقيقها ولهذا كم جنت هذه على كثير من الشبان والشابات في هذا المقام مقام تقوى الله سبحانه وتعالى. وعلى كل الحديث عن التقوى حديث واسع لانه حديث عن الدين كله. فالتقوى جماع الخير وجماع الوصايا. وهي اساس السعادة والفلاح في الدنيا والاخرة اسأل الله عز وجل باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يجعلنا اجمعين من عباده المتقين. واوليائه اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا. واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا. واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير. والموت راحة لنا من كل شر اللهم اصلح ذات بيننا. والف بين قلوبنا. واهدنا سبل السلامة. واخرجنا من الظلمات الى النور وبارك لنا في اسماعنا وابصارنا وازواجنا وذرياتنا واموالنا واوقاتنا يا رب العالمين. اللهم اغفر ذنبنا كله دقه وجله اوله واخره علانيته وسره. اللهم جنبنا والمسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم انا نسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد. ونسألك موجبات رحمتك وعزائم ونسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك. ونسألك قلبا سليما ولسانا صادقا. ونسألك من خير ما تعلم اعوذ بك من شر ما تعلم ونستغفرك لما تعلم انك انت علام الغيوب. اللهم انا نسألك حبك حب من يحبك والعمل الذي يقربنا الى حبك. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنته. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه