السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. اله الاولين والاخرين وقيوم السماوات والاراضين. وخالق الخلق اجمعين واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا. اللهم علمنا ما ينفعنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد في مستهل هذا اللقاء ارحب بالحاضرين اجمعين. واسأل الله عز وجل ان يغنمنا في لقائنا هذا ما يرضيه وان يوفقنا لما يحبه سبحانه وتعالى من شديد الاقوال وصالح الاعمال والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب. معاشر الكرام الحديث في هذا اللقاء عن التوسل وما ادراك ما التوسل حديث عن امر هو من اجل الامور. واعظم ما يبتغى. فان الله سبحانه وتعالى امر بابتغائه واثنى على مبتغيه حيث ذكره سبحانه وتعالى في موضعين من كتابه جل وعلا. في الاول منهما ذكره على وجه الامر به وفي الثاني منهما ذكره على وجه الثناء لاهله على وجه الثناء على اهله قال الله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون. وقال الله سبحانه وتعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محظورا فهذان ايها الكرام موضعان من كتاب الله عز وجل ذكر فيهما التوسل والوسيلة اولا على وجه الامر به ثم في الموضع الثاني على وجه الثناء. على اهله يبتغون الى ربهم الوسيلة اثنى عليهم بذلك ولهذا كان جديرا بكل مسلم ان تبصر عناية عظيمة وان يكون من اعظم مبتغياته واجل مطالبي وان يكون موضع عناية المسلم ومحل اهتمامه وان تكون العناية به على الوجه الذي امر الله سبحانه وتعالى به لانه ينبغي ان يعلم في هذا الباب ان فهم ما امر الله به والاتيان به عن الوجه المأمور به يدخل في صالح عمل العبد واما اذا اخذ الاخذ من نصوص الشرع الاسم واخل بالمضمون والحقيقة فانه حينئذ لا يكون اتيا بما امره الله سبحانه وتعالى من ابتغاء الوسيلة ولا يكون من اهل الثناء حتى يكون اتيان بالتوسل والوسيلة على الوجه الذي شرعه الله سبحانه وتعالى وامر عباده به والتوسل معناه واضح ومدلوله بين والنص القرآني بتأمله يتضح المعنى يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب فالتوسل الاتيان بالاسباب والاعمال الموصلة الى القرب من الله والفوز برضاه. والحظوة بجنته. والنجاة من سخطه تبارك وتعالى وعقابه ابتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب؟ فابتغاء الوسيلة هو اتخاذ اسباب واعمال تدني العبد من الله وتقربه من الله فيغوز برضا الله سبحانه وتعالى وعليه فان على هذا المعنى هو ظاهر في مدلول الاية. فان اعمال الدين كلها توسل فالصلاة ولا سيما فرضها توسل الى الله والصيام توسل الى الله والحج توسل الى الله والزكاة توسل الى الله وكل طاعة امر الله سبحانه وتعالى عباده بها امر ايجاب او امر استحباب فيتوسل فدين الله عز وجل الذي شرعه لعباده وامرهم به سبحانه وتعالى هو الوسيلة لنيل رضاه والفوز بجنته جل في علاه الوسيلة اذا سبب موصل الى الله سبب موصل الى الله سبحانه وتعالى ولا يكون ذلك الا بفعل ما شرع وامر به جل وعلا ولهذا ينبغي ان يعلم في باب التوسل والوسيلة وابتغائها ان الوسيلة شأنها شأن جميع امور الدين لانها تستوعب ذلك كله لا يقبلها الله سبحانه وتعالى من العامل الا اذا اخلص لله عز وجل وكان العمل موافقا للشرع فهما اصلان. لا تكون الوسيلة مقبولة عند الله الا بهما ان تكون الوسيلة خالصة لله والله سبحانه وتعالى قال يبتغون الى ربهم الوسيلة اي مخلصين مبتغين بها وجه الله. طالبين بها رظاه سبحانه وتعالى فمن شرط الوسيلة لتكون مقبولة عند الله سبحانه وتعالى ان تخلص لله عز وجل وان يبتغى بها وجه الله ومن شرطها كذلك ان تكون موافقة للهدي هدي الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه والله سبحانه وتعالى لا يقبل العمل الا اذا كان خالصا لوجهه موافقا لهدي نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام فاذا لم يكن خالصا لم يقبل وفي الحديث القدسي انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه واذا كان العمل غير موافق للهدي هدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فانه لا يقبل كما قال عليه الصلاة والسلام من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد اي مردود على صاحبه غير مقبول منه ولهذا ينبغي على العبد المؤمن ان يتقي الله سبحانه وتعالى بهذين الاصلين العظيمين والاساسين المتينين الذين يقوم عليهما دين الله سبحانه وتعالى الاخلاص للمعبود ومقتضى شهادة ان لا اله الا الله والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم وهو مقتضى شهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مفهوم الوسيلة والتوسل بمعناها العامي فانها تتناول الدين كله فكل عمل من اعمال الدين اذا اوقعه العبد خالصا لله موافقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فهو وسيلة تقربه من الله سبحانه وتعالى واعظم الوسائل في هذا الباب الفرائض فرائض الاسلام هذي اعظم الوسائل المقربة الى الله واقرأ ذلك في الحديث المشهور بحديث الولي وهو في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى انه قال من عاداني وليا فقد اذنته بالحرب وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه هذي اعظم اعظم الوسائل. الله يقول في هذا الحديث القدسي ما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه. فاعظم الوسائل المقربة الى الله الفرائض فرائض الدين واجبات الدين هذه اعظم الوسائل ولهذا انظر في هذا الباب قول النبي عليه الصلاة والسلام اقرب ما يكون العبد من ربه فانظر كيف اوصلت العبد الى هذا القرب العظيم من الله سبحانه وتعالى ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فاذا احببته كنت وسمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها ولئن سألني لاعطينه ولئن استعاذ بي لاعيذنه فاذا اعظم الوسائل المقربة الى الله تبارك وتعالى هي الفرائض فرائض الاسلام واجبات الدين ثم من بعد ذلك النوافل والرغائب والمستحبات وكذلك يدخل في باب الوسيلة ترك الحرام طاعة لله ترك الحرام طاعة لله سبحانه وتعالى هذا وسيلة وسيلة عظيمة جدا مقربة لله فكما ان المعاصي تظعف الايمان وتنقص الدين فان تركها طاعة لله سبحانه وتعالى قرب من الله وفوز برضاه جل جل في علاه. ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما انظر اثر اجتناب المعاصي في هذا الفوز العظيم والمدخل الكريم الذي يفوز به العبد في دنياه واخراه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربه وهو مؤمن هذه المعاصي والموبقات والاثام تبعد عن الله سبحانه وتعالى وتركها لاجل الله تقربا اليه وطلبا لرضاه سبحانه وتعالى هذه وسيلة عظيمة مقربة لله عز وجل الحاصل ان هذا معنى الوسيلة والتوسل العام فهو الدين كله فعلا للطاعات فرضها ونفلها وتركا للمعاصي والاثام. هذا كله داخل في التوسل وطلب الوسيلة وابتغاء الوسيلة عند الله سبحانه وتعالى اما التوسل المختص بالدعاء اما التوسل المختص بالدعاء. فهو اتيان بين يدي دعائه وفي اثناء دعائه بامور تكون سببا لاجابة دعائه. وتحقيق واعطائه سؤله وما من داع الا وهو يرجو ان يستجاب دعاؤه وان يحقق رجاؤه وان يعطى سؤله فما هي الوسائل التي اذا ضمنها العبد دعاءه كانت سببا لقبوله كانت سببا قبول دعائه عند الله سبحانه وتعالى وهذه الوسائل جاء تبيانها في شرع الله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فمن اراد لنفسه الدعاء المستجاب الذي لا يرد فليعتني بالوسائل الشرعية التي جاء تبيانها في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وليحذر في هذا المقام اشد الحذر من الوسائل المحدثة والطرائق التي اخترعها بعض الناس لا اصل لها لا في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه ولهذا قال العلماء رحمهم الله تعالى التوسل نوعان مشروع وممنوع مشروع وممنوع ما معنى مشروع اي دل عليه الشرع دل عليه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وممنوع والنوع الثاني لانه توسل الى الله بغير ما شرع والقاعدة في هذا الباب ان من توسل الى الله بما لم يشرعه رد عليه عمله ولم يقبل من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد وانظر المصيبة العظيمة تنظر المصيبة العظيمة ان يأتي بامر ان يأتي المرء بامر يدخله في دعائه من اجل ان يقبل دعاؤه فيكون هذا الامر الذي ادخله في دعائه من اجل ان يقبل سببا لرد دعائه واحيانا وهذا امر مهم جدا سببا لابطال عمله وفساد دينه هذا امر واقع وقع فيه اقوام واقوام ادخلوا وسائل انما ارادوا بها ان تكون سببا لقبول دعائهم فلا حصلوا المقصود بتلك الوسائل ولم يسلم لهم دينهم وهذي مصيبة عظيمة جدا. ولهذا ينبغي على المسلم ان ينتبه وان يفرق بين الوسائل المشروعة والوسائل ممنوعة فلا يتخذ في دعائه الا وسيلة شرعها الله سبحانه وتعالى واعظم وسيلة تتوسل بها ايها الداعي الى الله سبحانه وتعالى ليقبل دعاءك ويحقق رجاءك ويعطيك سؤلك ان تتوسل اليه جل في علاه باسمائه الحسنى وصفاته العليا فهذه اعظم الوسائل كما قال الله سبحانه وتعالى قل ادعو الله فودر الرحمن ايا ما تدعو فله الاسماء الحسنى وقال جل وعلا ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها امر جل وعلا ان يدعى باسمائه فادعوه بها واذا نظرت الى الادعية في القرآن وفي سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام لا تجد دعاء منها يخلو من توسل الى الله باسم من اسمائه او صفة من صفاته اللهم يا الله هذا فيه توجه الى الله سبحانه وتعالى بهذا الاسم العظيم ربنا ربي وختم الدعاء بشيء من الاسماء او الصفات هذا كله توسل الى الله عز وجل توسل الى الله سبحانه وتعالى باسمائه وصفاته في دعاء الهم يقول عليه الصلاة والسلام ما اصاب عبدا هم ولا حزن فقال اللهم اني عبدك وابن عبدك وابن امتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك اسألك بكل اسم هو لك. انظر هذه الوسيلة ما اعظمها. اسألك بكل اسم ولك. سميت به نفسك نفسك او انزلته في كتابك او علمته احدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء وجلاء حزني وذهاب همي وغمي فانظر الاجابة قال الا اذهب الله همه وغمه وابدله فرحا. وفي رواية فرجا هذه وسيلة عظيمة بكل اسم هو لك وفي الصحيح ان ابا بكر رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم علمني دعاء ادعو الله به في صلاتي وفي بيتي قال قل اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انك انت الغفور الرحيم وفي دعاء الاستخارة اللهم اني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك العظيم وفي الدعاء المأثور اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق احيني ما كانت الحياة خيرا اللهم اني اعوذ برضاك من سخطك ومعافاتك من عقوبتك هذا كله توسل الى الله سبحانه وتعالى باسمائه وصفاته وهذه اعظم الوسائل اعظم الوسائل في باب الدعاء ان تتوسل الى الله سبحانه وتعالى باسمائه الحسنى وصفاته العلى ومن التوسل المشروع ان تتوسل الى الله سبحانه وتعالى بايمانك به واتباعك لشرعه ومحبتك لدينه ومحبتك لرسوله صلى الله عليه وسلم واتباعك لهديه وباعمالك الصالحة وطاعاتك وقرباتك فهذا مما يشرع لك ان تتوسل الى الله سبحانه وتعالى به وهذا عليه امثلة كثيرة في كتاب الله والسنة نبيه. ربنا اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان امنوا بربكم فامنوا املنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الابرار فهذا توسل الى الله سبحانه وتعالى بالايمان توسل الى الله سبحانه وتعالى بالايمان ومن ذلكم توسل الثلاثة الذي انطبقت عليهم الصخرة في الغار فتشاوروا بما يتوسلون الى الله. واتفقوا على ان كل واحد منهم يتوسل الى الله بصالح عمله فاحدهم توسل الى الله ببره لوالديه والاخر بوفائه للامانة وادائه للحقوق والثالث توسل الى الله سبحانه وتعالى ببعده عن الفاحشة مع تمكنه منها وعظيم رغبته فيها تركها لله فهذه الاعمال الصالحة وسائل وسائل موجبة لقبول دعاء العبد ولهذا اذا قال القائل في دعائه اللهم اني اسألك بايماني بك واتباعي لشرعك ومحبتي لنبيك عليه الصلاة والسلام واتباعه لنهجه اسألك ببري لوالدي واحساني اليهما اسألك ببعدي عن الحرام هذه وسائل تتوسل بها العبد الى الله سبحانه وتعالى راجيا ان تكون سببا لقبول دعاءه ومن الوسائل المشروعة ان تتوسل الى الله بامور تذكرها في دعائك معلنا فقرك وحاجتك وافتقارك الى الله سبحانه وتعالى فتذكر في دعائك وصف حالك من الضعف والفقر والابتلاء والمصيبة فهذه من الوسائل العظيمة التي يتوسل الى الله سبحانه وتعالى بها ربي اني لما انزلت الي من خير فقير يتوسل الى الله بفقره الى الله اني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا. هذا توسل يتوسل الى الله سبحانه وتعالى بهذه الحال حالة ربي اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين هذا توصل يتوسل الى الله بذكر حاله. هذا من الوسائل ما الوسائل التي ينبغي للعبد ان يعتني بها في دعائه وهو توسل مشروع دل عليه كتاب الله ومن الوسائل المشروعة في باب الدعاء التوسل الى الله سبحانه وتعالى بدعاء الصالحين الاحياء الرجل الصالح الحاضر عندما يقال له ادع الله لنا او ادعوا الله للمسلمين فهذا من التوسل المشروع في باب الدعاء والصحابة رضي الله عنهم كانوا يطلبون من النبي عليه الصلاة والسلام ان يدعو لهم وان يستغفر لهم ويطلبون منه عليه الصلاة والسلام ان يستسقي لهم قد جاء في حديث انس في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الجمعة دخل اعرابي من باب المسجد وخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الجمعة ذاكرا جفاف الزرع. وتضرر الماشية. وحصول القحط والجذب في الارض قال فادعوا الله ان يسقينا هذا توسل هذا توسل الى الله سبحانه وتعالى بدعاء الصالحين. ومن ذلكم توسل عمر ابن الخطاب والصحابة معه بدعاء العباس عم النبي صلوات الله وسلامه علي ورضي الله عن العباس وعن الصحابة اجمعين واجتمع في العباس رضي الله عنه امران عظيمان الديانة هو القرابة. اجتمع فيه امران الديانة والقرابة صلاح الدين والاستقامة على طاعة الله سبحانه وتعالى والقرب. قرابة من النبي عليه الصلاة والسلام فقدمه رضي الله عنه ليتوسل فتقدم رضي الله عنه ودعا واجاب الله دعاه ونزل الغيث فهذا كله من التوسل المشروع الذي دلت النصوص على مشروعيته. وينبغي على الناصح لنفسه الا يعدل عن التوصل الذي دل عليه شرع الله فلا يقبل في ذلك تجارب الاشخاص او دعاوى الناس او ما يبنى على قصص وحكايات او نحو ذلك بل لا يقبل من ذلك الا ما دل عليه كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه فان من شرط التوسل ان يكون خالصا لله موافقا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما سبق بيان ذلك وايظاحه فهذا هو التوسل المشروع اما التوسل الممنوع في باب الدعاء فهو كل توسل الى الله سبحانه وتعالى بغير ما شرع بما لم يدل عليه دليل لا في كتاب الله عز وجل ولا في سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام واذا نظر الناظر في التوصلات التي يفعلها بعض الناس ولا دليل عليها في شرع الله سبحانه وتعالى يجد انها تنقسم الى قسمين الوسائل المتخذة تنقسم الى قسمين القسم الاول منهما وهو اخطرهما امور شركية. وتعلقات باطلة بالاموات. دعاء لهم واستغاثة بهم. وتوجها اليهم والتجاء وطلبا واذا قيل لمن يفعل ذلك ماذا تصنع؟ يقول انا اتوسل الى الله ويسمون ذلك توسلا ويقولون هؤلاء شفعاء لنا عند الله وهم يدعونهم من دون الله ويستغيثون بهم ويلتجئون بهم ويعرضون عليهم حاجاتهم وطلباتهم ويسمون هذا العمل توسلا وشفاعة وهذا الذي يفعله هؤلاء هو الذي ذكره الله في مثل قوله ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله. وفي مثل قوله ما الا ليقربونا الى الله صلبا الا ليقربونا الى الله زلفى اي وسيلة لنا اتخذناهم وسيلة لنا لكن ما هي هذه الوسيلة شرك بالله؟ واتخاذ للانداد والشركاء مع الله سبحانه وتعالى والاسماء لا تغير الحقائق. الاسماء لا تغير الحقائق فاذا سمي الشرك وسيلة او توسلا لا تتغير حقيقة الشرك. الشرك هو الشرك مهما غير في اسمه والنوع اخر من التوسل الممنوع التوسل بامور محدثة التوسل بامور محدثة لم يدل على مشروعية التوسل الى الله بها دليل لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه. صلوات الله وسلامه وبركاته عليه الاذان طيب وهذا النوع من الذي هو توسل بامور لا دليل على مشروعية التوسل الى الله تبارك وتعالى بها وعرفنا ان من شرط اتخاذ الوسيلة قيام الدليل على انها وسيلة شرعها الله سبحانه وتعالى لعباده فمن توسل الى الله بكلمات او الفاظ او جمل او نحو ذلك لا دليل على اتخاذها وسيلة الى الله عز وجل في باب الدعاء فان ذلك من موجبات الرد ومن ذلكم التوسل بالذوات او الجاه او المكانة او المنزلة جاه الانبياء ومكانة الاوليا ومنزلة الصالحين ونحو ذلك فان هذا النوع من التوسل لا دليل على مشروعيته وما يستدل به من يجيز هذا التوسل لا يخلو من امرين اما نصوص غير صحيحة فهذه لا حجة فيها. ولا يعتمد عليها. كحديث توسلوا بجاهي فان جاهي عند الله عظيم فهذا حديث لا اصل له ولا يجوز ان ينسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم باتفاق اهل المعرفة بحديث صلوات الله وسلامه وبركاته عليه او احاديث صحيحة فهمت على غير معناها وحملت على غير مدلولها ومن ذلكم قول عمر رضي الله عنه اللهم انا كنا نتوسل اليك بنبينا والان نتوسل اليك بعم نبينا ثم طلب من العباس ان يتقدم ليصلي بهم ويستسقي ففعل ذلك فاغيثه فقول عمر والان نتوسل اليك بعم نبينا اي بدعائه كما هو واضح في سياق القصة ولو كان توسلا بالذات لما عدل عمر رضي الله عنه عن التوسل بذات النبي عليه الصلاة والسلام لكنه لما كان امرا لا يشرع والمشروع التوسل بالدعاء طلب من العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عن العباس والصحابة اجمعين ان يتقدم ليدعو فقوله كنا نتوسل اليك بنبينا اي في حياته بدعائه وبموته لا يدعو لاحد وبموته لا يستغفر لاحد ومن يحتج على ذلك بالاية ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول فهو احتجاج في غير محله لان هذا في حياته ولهذا جاء في صحيح البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها قال ان كان ذاك وانا حي استغفرت لك قال ان كان ذاك وانا حي استغفرت لك. اي انه بعد موت لا يستغفر لاحد صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ولا يدعو لاحد لكن ان اردت ان تنال دعوته فافعل الامور التي دعا النبي صلى الله عليه وسلم في حياته لمن فعلها فتكون من اهل تلك الدعوة مثل نظر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فحفظها فاداها كما سمع اذا اعتنيت بالحديث حفظا ودراسة ومذاكرة كنت من اهل هذه الدعوة رحم الله امرءا صلى قبل العصر اربعا وانا طائر ذلك كثيرة فتكون من اهل هذه الدعوة حافظ على الايمان والطاعة لله تكون من اهل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لك بالمغفرة. كما امر الله نبيه وفعل. فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات فهذا الاستغفار والدعاء انما يكون منه عليه الصلاة والسلام في حياته صلوات الله وسلامه عليه. ولهذا قال كنا توسل اليك بنبينا والان نتوسل اليك بعم نبينا ثم طلب من العباس ان يدعو لهم وان يستسقي ومثل هذا ايضا احتجازهم قصة الرجل الضرير الذي جاء الى النبي عليه الصلاة والسلام يطلب منه الدعاء بالعافية وهو في المسند وغيره عن عثمان بن حنيف ان رجلا ضريرا اتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ادع الله ان يعافيني اي من هذا اه العمى الذي ببصره وكونه كثيفا قال ادعوا الله ان يعافيني قال ان شئت دعوت لك وان شئت صبرت وهو خير لك الرجل جاء يطلب دعاء النبي عليه الصلاة والسلام قال ادعوا الله ان يعافيني. جاء يطلب الدعاء والنبي صلى الله عليه وسلم خيره بين الدعاء والصبر فقال الرجل بل ادعو الله لي فعلمه النبي عليه الصلاة والسلام قال له توضأ واحسن الوضوء وصلي ركعتين ثم قل اللهم اني اتوجه اليك بنبيك نبي الرحمة اتوجه اليك بنبيك. ما المراد بنبيك السياق واضح. الرجل جاء يطلب الدعاء لو كان لو كان الرجل لم لم لو كان الرجل ليس طالبا للدعاء لبقي في بيته ولم احتاج الامر ان يأتي وتوسل الى الله وهو في بيته بالذات والمكانة والجاه لكنه اتى طالبا الدعاء فعلمه ان يقول اللهم اللهم اني اتوجه اليك بنبيك ما معنى بنبيك اي بدعاء نبيك لي؟ اتوجه اليك يا الله بدعاء نبيك لي هنا محذوف مقدر ما الذي دل عليه السياق مثل ما دل السياق فيما تقدم في قول عمر كنا نتوسل اليك بنبينا والان نتوسل اليك بعم نبينا. السياق دل على انه الدعاء فمن يقول ان المراد بذلك الذات او المكانة او الجاه او نحو ذلك حمل الحديث على غير معناه وحمله على غير بابه وختاما والموضوع واسع لكن من اراد قبول دعوته واجابة سؤاله فليلزم شرع الله وليتقيد بما دلت عليه النصوص وليحذر من كل امر يخالف ذلك او لا دليل عليه في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وليحرص على الاخلاص لله جل وعلا والاتباع للرسول عليه الصلاة والسلام وفي حديث ابي هريرة ان النبي ان النبي انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم من اسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه وقال ان لي يقول عليه الصلاة والسلام ان لي دعوة مستجابة وانها نائلة ان شاء الله من لا يشرك بالله شيئا فاهم ما يكون في هذا الباب الاخلاص للمعبود سبحانه وتعالى والمتابعة للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام تقيدا بهديه ولزوما سنته متأسيا ما جاء عن صلوات الله وسلامه وبركاته عليه واسأل الله الكريم رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يوفقنا اجمعين لما يحبه ويرضاه من سديد الاقوال وصالح الاعمال وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى اللهم انا نسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد ونسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك. ونسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك. ونسألك قلبا سليما صادقة ونسألك من خير ما تعلم ونعوذ بك من شر ما تعلم ونستغفرك لما تعلم انك انت علام غيوب اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه