بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين احمده حمد الشاكرين واثني عليه ثناء الذاكرين لا احصي ثناء عليه هو كما على نفسه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد معاشر الكرام ايها الجمع الكريم حيا على الفلاح كلمة تترددوا على مسامع المسلمين كل يوم وليلة سبعة عشرة مرة يسمعونها سماعا متكررا مع مر الليالي وكر الايام يسمعون هذا النداء يلج مسامعهم في كل يوم وليلة مما يشعر باهمية هذا المطلب وعظيم شأنه وان الفلاح مطلب عظيم ومقصد جليل يجب على كل مسلم ومسلمة ان يجعل من عظيم همته وكبير رغبته في هذه الحياة ان ينال الفلاح وان يكون من حزب الله تبارك وتعالى المفلحين وان يكون من اهل الفلاح في الدنيا والاخرة حي على الفلاح كلمة عظيم شأنها كبير وقعها خطير اثرها لمن وفقه الله سبحانه وتعالى لفهم حقيقتها ومن ثم مجاهدة النفس على نيل الفلاح وقد قال العلماء رحمهم الله تعالى ان الفلاح تعد اجمع كلمة في حيازة الخير ونيله بل قيل انه لم يسمع في كلام العرب كلمة تستوعب الخير في الدنيا والاخرة مثل هذه الكلمة العظيمة كلمة الفلاح ومن هنا رأيت ان نعيش هذه الليلة مع الفلاح مع هذا المطلب بيانا للفلاح نفسه وعظيم مكانته واسباب نيله ووسائل تحصيله وذكر الامور التي ينال بها الفلاح وذكري الامور التي تعيق عن الفلاح وعن تحصيله فعن الفلاح والمفلحين يكون الحديث في هذه الليلة ورأيت ان يكون عنوان هذا اللقاء حي على الفلاح لندخل الى الفلاح وموضوعه ومضامينه من خلال هذه الكلمة العظيمة التي يتكرر سماعنا لها واصبح تكررها في النداء الى الصلاة متكررا بعدد تكرر النداء الى الصلاة واذا تأملت في الفاظ الاذان والفاظ الاقامة تجد انها مبدوءة بالتكبير والتهليل ومختومة بالتكبير والتهليل وبينهما وفي وسط ذلك ينادى حي على الصلاة حي على الفلاح والنداء الى الصلاة نداء الى العمل والعبادة والنداء الى الفلاح نداء الى ثواب هذا العمل وعظيم الموعود الذي اعده الله سبحانه وتعالى لاهله في الدنيا والاخرة معاشر الكرام عندما يقرأ المسلم كتاب الله عز وجل يجد ان هذه الكلمة الفلاح والمفلحين وافلح تتكرر عليه في القرآن في مواطن كثيرة جدا مشتملة على بيان عظيم شأن الفلاح وعظيم مكانة اهله عند الله سبحانه وتعالى وانهم اهل الله واولياؤه والمقربون عنده جل في علاه ويرى المسلم وهو يتلو كتاب الله سبحانه وتعالى ايات كثيرة تذكر صفات المفلحين واعمالهم وايات اخرى كثيرة تذكر امورا تستوجب الحرمان من الفلاح وان فاعلها لا يفلح وليس من المفلحين ولهذا حري بالمسلم ان يقف مع هذا المطلب العظيم الجليل مجاهد نفسه في هذه الحياة على ان يكون من المفلحين لا من الخائبين الخاسرين عياذا بالله تبارك وتعالى من ذلك والفلاح لا ينال الا بامور وسائل واسباب يبذلها العبد مجاهدا نفسه حتى يكون من المفلحين ومن اهم ذلك ان يكون على علم بالفلاح واهميته وعظيم شأنه وان يكون فعلا مطلبه في هذه الحياة يبذل همته ووسعه في تحصيله لا ان يكون مجرد اماني فان الاماني لا تجدي صاحبها شيئا قال الله تعالى ليس بامانيكم ولا اماني اهل الكتاب من يعمل سوءا يجزى به ولهذا اقرأ قول الله عز وجل في خاتمة سورة ال عمران بخطاب الله عز وجل لعباده المؤمنين قال جل وعلا يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون مما يبين ان الفلاح لابد فيه من صبر ومثابرة ومرابطة اي اطر للنفس والزام لها وذمها لا ان يترك المرء نفسه هكذا منفلتة تذهب حيث شاءت بل يجاهد نفسه ويعمل على زمها بزمام الشرع وقيادها بخطامه ليكون من المفلحين واولياء الله سبحانه وتعالى المقربين ولهذا قال الله عز وجل قد افلح من زكاها وقال قد افلح من تزكى فالفلاح لابد فيه من تزكية للنفس لا ان تترك النفس هكذا ماضية حيث ارادت بل لا بد من تزكية للنفس ليكون المرء مفلحا قد تحقق فلاحه وتزكية النفس هو تطهيرها وتنقيتها من الصفات السيئة والاعمال القبيحة والاوصاف المشينة التي لا تليق بالنفس المؤمنة والتزكية للنفس لابد فيها من مجاهدة للنفس حتى تزكو وتصلح وتستقيم قال الله سبحانه وتعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين وهذه التزكية للنفس التي ينال بها الفلاح كما تقدم قد افلح من تزكى قد افلح من زكاها لابد فيه من علم شرعي يوقظ القلب من غفلته ويقيمه من رقدته حتى يرى الطريق ويبصر السبيل ولهذا قال اهل العلم لابد في نيل الفلاح من علم بما يكون به الفلاح والنجاح ولابد ايضا مع ذلك من مجاهدة للنفس على سلوك هذه السبيل والمحافظة عليها ومن اعظم ما يعين على اخذ النفس بالهمة العالية لتكون مفلحة ان يذكر نفسه بوقوفه بين يدي الله جل وعلا يوم القيامة وان اعماله كلها التي قدمها في هذه الحياة توزن يوم القيامة وانه لن يكون من المفلحين الا من ثقلت موازينه بالاعمال الصالحة والطاعات الزاكية المقربة الى الله سبحانه وتعالى قال الله عز وجل فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا انفسهم ولهذا يتذكر العبد لقاء الله والوقوف بين يديه جل في علاه وان يوم القيامة يوم توزن فيه الاعمال بموازين ومثاقيل الذر فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره واذا ذكر مع ذلك نعم الله عليه المتتالية والاءه سبحانه وتعالى المتوالية التي لا تعد ولا تحصى في نفسه في صحته في ماله في ولده بمركبه في مسكنه الى غير ذلك من نعم الله عز وجل وتفكر في هذا الامر وجد انه لا يليق بعبد هذه نعم الله عليه تترى وتتوالى ان يمضي في هذه الحياة خاسرا غير مقبل على من انعم عليه بهذه النعم ووالى عليه هذه المنن ولهذا في موعظة هود لقومه عليه السلام قال فاذكروا الاء الله لعلكم تفلحون لان ذكر الالاء يعينك على ان تكون من المفلحين وتتفكر في نعم الله عليك والائه سبحانه وتعالى وان الله عز وجل ما انعم عليك بهذه النعم الا لتكون عبدا له مطيعا ممتثلا منقادا خاضعا متذللا لمن اولى هذه النعم واسداها وتفضل بها جل في علاه كذلكم كثرة الذكر لله المنعم سبحانه وتعالى ولهذا جاء ايضا في القرآن الكريم واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون لان كثرة الذكر تعين العبد على الفلاح وان يكون من المفلحين وافلح من كان كثير الذكر لربه سبحانه وتعالى من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات الذين اعد الله سبحانه وتعالى لهم مغفرة واجرا عظيما وعندما تطالع ايات القرآن الكريم بالحديث عن الفلاح والمفلحين تجد امرا ينبغي الا تغفل عنه الا وهو ان ذكر الفلاح في ايات القرآن يأتي مقرونا بصفات المفلحين واعمالهم فيذكر مع ذكر صفات اهله وهذا ينبهك الى ان الفلاح لا ينال الا باعمال بينت في كتاب الله عز وجل ولهذا يتأمل المسلم ايات القرآن وبخاصة ما ختم منها بقوله اولئك هم المفلحون او بقوله لعلكم تفلحون فانما ذكر في الايات المختومة بهذا الختم او المبدوءة بقد افلح ثم تذكر الصفات ينبغي ان يتأمل المرء في تلك الصفات وتلك الاعمال تأملا جيدا دقيقا ثم من بعد ذلك يجاهد نفسه على التحلي بتلك الصفات والاعمال ليكون من هؤلاء فان الله عز وجل حصر الفلاح في من اتصف بتلك الصفات وكان من اهلها وكان متحليا بها وفي لقائنا هذا وليلتنا هذه التي نسأل الله جل في علاه ان يبارك لنا فيها وان يمن علينا فيها منا منه جل وعلا وفضلا بان تكون سببا لنا اجمعين لنكون من اهل الفلاح ومن المفلحين اعرضوا جملة من ايات القرآن الكريم تذكيرا بالقرآن في بيان من هم اهل الفلاح ومن هم المفلحون وما هي صفاتهم واعمالهم فيما ذكره الله سبحانه وتعالى جل في علاه في كتابه العزيز ومن اول ما نقف عليه من ذلك ما جاء في اول سورة البقرة قال الله عز وجل هدى للمتقين اي القرآن الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون فانظر هذه الصفات التي ذكرها الله عز وجل صفات للمفلحين اقف مع واحدة منها وقفة ثم نمضي من بعد ذلك في حديثنا الا وهي صحة المعتقد وسلامة الايمان وهذا ركيزة الفلاح الذي عليها يبنى واساسه الذي لا قيام للفلاح الا به ان يكون المرء صحيح المعتقد سليم الايمان ولهذا فان اول ما ذكره الله عز وجل في صفات المفلحين في هذه الايات التي جاءت مختومة بقوله واولئك هم المفلحون اول ما ذكر الله عز وجل من صفات هؤلاء الذين يؤمنون بالغيب وهذا صحة المعتقد الذين يؤمنون بالغيب اي يؤمنون بكل ما غاب عنهم مما اخبرتهم به رسل الله ايمانا لا ريب فيه ولا شك فيؤمنون بالله ويؤمنون بصفاته وربوبيته واسمائه وانه سبحانه وتعالى المعبود بحق ولا معبود بحق سواه ويؤمنون بعظمته وجلاله وكبريائه وكماله سبحانه وتعالى ويؤمنون بكتب الله عز وجل المنزلة وقل امنت بما انزل الله من كتاب اي على اي رسول قد ختمها الله بالقرآن الذي انزله على خير رسله وصفوة انبيائه محمد صلوات الله وسلامه عليه ويؤمنون باليوم الاخر يوم الجزاء والحساب ايمانا يقينيا لا شك فيه ولا ريب يؤمنون به ويوقنون فهذه الصفة العظيمة اعني صحة المعتقد هي اساس الفلاح فلا يكون مفلحا الا ما صحت عقيدته واستقام ايمانه ايمانا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وبالقدر خيره وشره ولهذا قال الله عز وجل في خاتمة هذه السورة امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير وقال في اثناء هذه السورة ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب. ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين فعلم بذلك انه لا فلاح الا بصحة العقيدة. وسلامة الايمان ولا يكون العبد مفلحا الا اذا صح ايمانه دون شك ولا ريب بكل ما امر بالايمان به الذين يؤمنون بالغيب جميع الامور المغيبة التي اخبر بها يؤمنون وليس عندهم في اي شيء منها ادنى شك او ادنى لا ريب وقول الله عز وجل بهذا السياق المبارك والذين يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك فيه ان من صفات المفلحين ان اعمالهم كلها التي بها اصبحوا مفلحين قائمة على الوحي المنزل من الله عز وجل لان الدين الذي به الفلاح هو الدين الذي رظيه الله لعباده ولا يرظى لعباده دينا سواه كما قال الله عز وجل ورضيت لكم الاسلام دينا وكما قال جل وعلا ان الدين عند الله الاسلام وكما قال جل وعلا ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين اي اي ليس مفلحا ولا من اهل الفلاح ولهذا من صفات المفلحين ان اعمالهم كلها قائمة على الوحي والاتباع لما جاء به الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه فهم يتبعون الرسول النبي الامي صلوات الله وسلامه عليه ويلزمون نهج ويتمسكون بهديه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وفي هذا السياق ذكر الله عز وجل من صفات المفلحين اقام الصلاة بادائها كما امر الله عز وجل في اوقاتها وبشروطها واركانها وضوابطها التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ولهذا لما ذكر الله صفات المفلحين في سورة المؤمنون في اولها بدأها بالصلاة وختمها بالصلاة قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون وختم بقوله والذين هم على صلواتهم يحافظون اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون وبهذا يعلم انه لا فلاح الا بالصلاة ولهذا ارتبط الفلاح على مسامع المسلمين ارتباطا متكررا باقام الصلاة ولهذا ما نسمعه كل يوم وليلة في مآذن المسلمين حي على الصلاة حي على الفلاح فيه تنبيه الى هذا المعنى وانه لا فلاح الا بالصلاة وان من لا يصلي لا يفلح لا في الدنيا ولا في الاخرة بل هو من الخاسرين الذي لا يصلي ليس مفلحا لا في الدنيا ولا في الاخرة بل هو من الخاسرين من اهل الخسران في الدنيا والاخرة فالفلاح مرتبط بالصلاة واقامتها والمحافظة عليها وتكميلها ولهذا لما ذكر الله عز وجل الصفات صفات المفلحين في هذا السياق قال يقيمون الصلاة ما قال يصلون وفي سورة المؤمنون قال الذين هم في صلاتهم خاشعون قال والذين هم على صلوات محافظون المحافظة على الصلوات يتناول المحافظة عليها في اوقاتها في اركانها في شروطها بواجباتها في العمل على تكميلها وتتميمها ولهذا لا فلاح الا بالصلاة وفي سورة الحج في اواخرها قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون الفلاح لابد فيه من ركوع وسجود للرب العظيم سبحانه وتعالى لابد فيه من ركوع وسجود وعبادة وخضوع لله جل في علاه حتى يكون المرء مفلحا ولهذا الفلاح من ثمار الصلاة والمفلح لا يكون مفلحا الا اذا كان من المقيمين الصلاة المحافظين عليها كما امر الله سبحانه وتعالى ومما ذكر الله عز وجل في هذا السياق المبارك بصفات المفلحين ايتاء الزكاة وبذل المال والانفاق في سبيل الله تقربا اليه وطلبا لمرضاته وابتغاء لوجهه سبحانه وتعالى قال ومما رزقناهم ينفقون فهم يبذلون وينفقون ليسوا من اهل الشح ولهذا الفلاح لا ينال مع الشح انظر في هذا الى قول الله سبحانه وتعالى ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون فاولئك هم المفلحون. لا يكون الفلاح مع الشح والبخل بل ينفقون ويبذلون مما اتاهم الله سبحانه وتعالى من فضله ويجعلونها في وجوه الخير مثل ما قال الله سبحانه وتعالى في اية اخرى فاتي ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل فاقد القربى حقه والمسكين وابن السبيل حقه اي الذي اوجبه الله سبحانه وتعالى في المال الذي اوجبه الله سبحانه وتعالى في المال وجعله واجبا على عباده وفي اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم وهذا ذكره الله سبحانه وتعالى في جملة الاوصاف التي ذكرها للمفلحين في اوائل سورة المؤمنون المؤمنون فمن صفات المفلحين ايتاء المال. وبذله في وجوه الخير تقربا اه الى الله سبحانه وتعالى وطلبا لمرضاته جل في علاه ومما ذكره الله عز وجل في صفات المفلحين في هذا السياق المبارك الايمان باليوم الاخر وبالاخرة هم يوقنون وهذا اصل عظيم من اصول الايمان لا يفلح المرء الا بالايمان به ولا يكون من اهل الفلاح الا بالايمان به واذا امن المرء باليوم الاخر ايمانا جازما استعد لذلك اليوم فافلح واما من كان في غفلة عن اليوم الاخر فلا يكون مستعدا له ولهذا لما قال رجل للنبي عليه الصلاة والسلام متى الساعة ماذا قال له النبي عليه الصلاة والسلام قال ما اعددت لها ما اعددت لها ولهذا الايمان بالساعة والايمان باليوم الاخر من موجبات الفلاح لانه يحرك في قلب العبد يحرك في قلبه الاستعداد والتهيء والتزود وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقوني يا اولي الالباب وسورة المؤمنون ذكر الله سبحانه وتعالى صفات عديدة للمفلحين ينبغي تأملها والوقوف على ما ذكره اهل التفسير في معانيها ودلالاتها ليكون ذلك معونة على العبد على نيل هذا الفلاح المحقق قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العادون والذين هم لاماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون فيتأمل المرء بهذه الصفات العظيمة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى للمفلحين واذا تأملت في هذه الصفات تجد انها على نوعين اعمال وتروك اعمال يفعلون تقربا الى الله وامور يتركونها ايضا تقرب الى الله ذلك بالبعد عن الفواحش والمحرمات لان المحرمات من موجبات عدم نيل الفلاح ومن موجبات الخسران وتأمل في هذا المقام القصة العظيمة قصة يوسف عليه السلام عندما راودته امرأة العزيز عن نفسه قال الله عز وجل وراودته الذي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت له قال معاذ الله انه ربي احسن مثواي انه لا يفلح الظالمون. لا يفلح يقول الظالمون اي الذين يقترفون هذه الفاحشة التي اقترافها ظلم واي ظلم ولهذا لابد في باب الفلاح من البعد عن المحرمات ولنتأمل في هذا المقام قاعدة تستفاد بالنظر ايات الكتاب العزيز عندما يذكر الفلاح على وجه الاثبات له تذكر الصفات لاهله والنعوت وعندما يذكر على وجه النفي لا يفلح تجد ان نفي الفلاح مقرونا بالاعمال القبيحة والصفات السيئة التي توجب لفاعلها الخسران وعدم نيل الفلاح ولهذا تقرأ في خواتيم ايات كثيرة في القرآن انه لا يفلح الكافرون انه لا يفلح المجرمون انه لا يفلح الظالمون ولا يفلح الساحرون ولا يفلح الساحر حيث اتى ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذبة هذا حلال وهذا حرام ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون فهذه الصفات موجبة لعدم الفلاح الكفر والاجرام بانواعه والظلم والفواحش والكذب والسحر هذه كلها موجبة للخسران وعدم الفلاح ولا يفلح الساحرون فئات اخرى قال ولا يفلح الساحر حيث اتى اذا كان الساحر امره كما اخبر الله لا يفلح اينما توجه فكيف ينال من يأتيه فلاحا من جهته او صلاحا لامره وهذا يبين الخسران العظيم الذي يكون لمن يأتي الى الساحر لحل مشكلة او الخروج من ازمة او ضائقة او نحو ذلك هذا من الخسران لانه اذا كان هو في نفسه لا يفلح فكيف بمن يأتيه وفي القرآن ايات كثيرة جدا يذكر الله سبحانه وتعالى صفات موجبة لعدم الفلاح تحذيرا للعباد منها ونهيا عنها وبيانا خطورتها على العباد من ذلكم قول قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان. فاجتنبوه لعلكم تفلحون هذه اعمال اذا خرفها المرء كان من الخاسرين لا يفلح ولهذا امر الله عز وجل باجتنابها لانه لا فلاح الا بالبعد عنه فمن قارفها خسر ولم يكن مفلحا الخمر وهو كل ما خامر العقل وغطاه من انواع المسكرات والمخدرات فهذه كلها من يدخلها ويتعاطاها لا يفلح يخسر في الدنيا والاخرة وكذلك الميسر الانصاب وهي الاصنام التي تعبد والازلام التي يستقسم بها كل هذه الاعمال من يقارفها او يقارف شيئا منها لا يفلح. يكون من الخاسرين فلا يكون مفلحا الا البعد عنها والحذر من مقارفتها الوقوع فيها فذكرها الله عز وجل على وجه التحذير منها حتى يكون العبد بعيدا عنها وبعيدا عن مقارفتها كذلك قول الله عز وجل قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو اعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا اولي الالباب لعلكم تفلحون اتقوا الله بالبعد عن آآ هذه الخبائث وهذه المحرمات ولا يغتر الانسان بكثرتها انتشارها مثلا وكثرة من يفعلها لا يغتر بذلك لانه كما اخبر الله لا يستوي الخبيث والطيب والله احل لعباده الطيبات وحرم عليهم الخبائث فيجب على اللبيب العاقل ان يتقي هذه الاشياء ويجانبها ويبعد عنها ليكون مفلحا ولهذا ختم الله سبحانه وتعالى هذا السياق لقوله فاتقوا الله يا اولي الالباب لعلكم تفلحون وعين العقل وكمال اللغو بالبعد عن هذه الخسائس والاعمال الخبيثة السيئة والا يغتر الانسان لان من من اسباب الفتنة في هذه الامور المحرمة الاغترار بكثرة الفاعلين يغتر الانسان عندما يرى كثرة الفاعلين او كثرة من يغشى هذه الامور فيغتر يفعلها ولهذا حذرنا الله قال ولو اعجبك كثرة الخبيث ولو كان كثيرا لو كان من يقارف كثيرون لا تغتر بذلك لانه لا يستوي الخبيث والطيب ولهذا بباب نيل الفلاح لابد من التفرقة بين الخبيث والطيب الذي لا يفرق بين خبيث وطيب كيف كيف يفلح وكيف يتقي الخبيث وهو لا يفرق بين الخبيث والطيب ولهذا قيل قديما كيف يتقي من لا يدري ما يتقي فلا بد في باب الفلاح من تفرقة بين الخبيث والطيب وهذا يعود على ما بدأنا به وهو اهمية العلم الشرعي الذي هو نور لصاحبه وظياء يميز به بين الطيبات والخبائث يميز به بين الامور المحرمة والامور اه التي اه المحرمة التي يبغضها الله والامور الطيبة التي يحبها الله سبحانه وتعالى ويرظاها فيحرص على الاتصاف بالصفات الطيبة ويحذر من صفات السوء واعمال السوء ليكون من المفلحين ومن الايات العظيمة في القرآن الكريم في بيان الفلاح صفات اهله قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون وابتغاء الوسيلة الى الله هي طلب القرب منه عز وجل وهذا الطلب للقرب منه سبحانه وتعالى لا لا يكون الا بتحقيق التقوى. ولهذا قال اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ولهذا تجد ايات كثيرة في القرآن واتقوا الله لعلكم تفلحون فلا فلاح الا بتقوى الله وتقوى الله عز وجل عمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وترك لمعصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله وايضا في باب الفلاح لا يكون المرء مقتصرا على نفسه بمعرفة الفلاح واعماله والاتصاف بها بل ينبغي ان يوصل هذا الخير الى الغير حتى يكون الفلاح للافراد وللمجتمع وتأمل هذا المعنى في قول الله سبحانه وتعالى ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون وهذه الاية فيها بيان اسباب فلاح المجتمعات المسلمة وان الحسبة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الخير والعمل على تعليم الناس وارشادهم وتوجيههم الى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة والكلمة الطيبة هذا من اسباب فلاح المجتمع ولهذا الناس يحتاجون الى دعاة الخير آآ يحتاجون الى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والناصح يحتاجون الى ذلك والامر بالمعروف والنهي عن المنكر سمام الامان للمجتمع من الهلكة والخسران ولهذا اذا وفق الله سبحانه وتعالى عبده معرفة الخير وصفاته وعمل بها ومعرفة ايظا صفات الشر والبعد عنها يعلم الاخرين ويرشد الاخرين قال الله سبحانه وتعالى والعصر ان الانسان لا في خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر فجمع الله سبحانه وتعالى في صفات المفلحين في هذه الاية السالمين من الخسران بين امرين الاول صلاحهم في انفسهم الا الذين امنوا وعملوا الصالحات والثاني عملهم على اصلاح الاخرين وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر وبهذا يكون الفلاح بشيوعه وانتشاره في المجتمع آآ انتفاع المجتمع آآ اهل الوعظ والتذكير والتعليم والدعوة و التذكير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر هذي امور مهمة جدا ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون الحاصل ان القرآن الكريم في ايات كثيرة جدا اه تحدثت عن الفلاح طوفنا في هذا الحديث مع بعضها او شيء منها تأملا في مضامينها وما هذه الكلمة الا فتح باب فقط لنا جميعا لنعيد النظر والتأمل والقراءة في كلام الله سبحانه وتعالى عن الفلاح والمفلحين وصفات اه المفلحين فيما ذكره الله سبحانه وتعالى عنهم مادحا لهم مثنيا عليهم ذاكرا لصفاتهم وايضا في مواطن اخرى من كتابه العزيز يذكر صفات من لا يفلح والاعمال التي اذا عملها المرء لا يكون مفلحا والعاقل الناصح لنفسه هو ذلك المرء الذي يميز بين الخبيث والطيب والسيء والرديء واعمال المفلحين وصفاتهم واعمال غير المفلحين وصفاتهم حتى يفعل الصالح ويبتعد عن السيء كما تقدم معنا في الاية الكريمة قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو اعجبك. كثرة الخبيث. فاتقوا الله يا اولي الالباب لعلكم تفلحون اسأل الله الكريم باسمائه الحسنى وصفاته العليا وبانه الله الذي لا اله الا هو ان يجعلنا اجمعين ذكورا واناثا صغارا وكبارا من المفلحين. نسأل الله عز وجل ان يجعلنا من المفلحين وان يجعل هذه الكلمة من موجبات فلاحنا وصلاحنا ورضا ربنا سبحانه وتعالى عنا اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه