بسم الله الرحمن الرحيم احمد الله الكريم بمحامده التي هو لها اهل واثني عليه الخير كله لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه احمده تبارك وتعالى على نعمه المتوالية والاءه المتتالية وافضاله التي لا تحصى احمده تبارك وتعالى على كل نعمة انعم بها علينا في قديم او حديث او سر او علانية او خاصة او عامة حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا اللهم علمنا ما ينفعنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها معاشر الكرام ايها الاحبة حديثنا بهذه الليلة التي نسأل الله عز وجل فضلا منه ومنا ان يعظم لنا فيها البركة وان يجعل مجلسنا هذا حجة لنا لا علينا وان يصلح لنا اجمعين شأننا كله حديثنا عن تزكية النفس بذكر بعض القواعد المهمة العظيمة في هذا الباب وكلنا يعلم خطورة النفس وعظم شأنها ويكفي ادراكا لعظم هذا الامر ما جاء في سورة الشمس حيث اقسم الله جل وعلا بايات عظيمات ومخلوقات متنوعات اقساما متعددات على النفس مفلحها وغير مفلحها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها يكفي هذا ادراكا لعظم هذا الامر وان الواجب على كل انسان ان تعظم عنايته بنفسه تزكية لها ومباعدة لها عن التدسية اذا النفوس نفسان نفس شريفة همها المطالب العالية والمنازل الرفيعة والاعمال الفاضلة ونفس دنيئة تحوم حول الدناءات وحقير الاشياء وخسيسها ومن زكى نفسه فقد افلح ومن دساها خاب وخسر والحياة الدنيا معترك لهذا الامر العظيم والناس بين مفلح وخاسر ولهذا كان متأكدا على كل ناصح لنفسه ان يعمل جاهدا على تزكيتها وذمها بزمام الشرع العظيم واطرها على الحق اقرأ حتى تصبح نفسا زكية شريفة وان يحذر اشد الحذر من اهمالها والتفريط في شأنها لئلا يبوء بالخيبة والخسران وهذا الباب باب تزكية النفس تكلم فيه اهل العلم كثيرا وبينوا فيه بيانا شافيا وما وما ساذكره باذن الله عز وجل يعد خلاصات مهمة في هذا الباب العظيم حيث ساذكر عشر قواعد تزكية النفوس مع مراعاة الاختصار لان كل قاعدة منها موضع تفصيل والحديث فيها يطول القاعدة الاولى ان اصل ما تزكو به النفوس توحيد الله جل في علاه فهو اصل الاصول واساس التزكية ولا زكاة لنفس بدونه وهو الغاية التي خلق الله جل وعلا الخلق لاجلها واوجدهم لتحقيقها قال عز وجل وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون قال سبحانه ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقال تبارك وتعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين قال جل وعلا الا لله الدين الخالص وقال جل وعلا وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون والايات في هذا المعنى كثيرة ولقد توعد الله جل وعلا من لا يزكي نفسه بتوحيد الله الوعيد السديد قال جل وعلا وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالاخرة هم كافرون ومعنى لا يؤتون الزكاة في قول اكثر المفسرين كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى اي لا يوحدون الله فالزكاة هنا التوحيد وبهذا يعلم ان التوحيد اصل زكاة العباد وانه لا زكاة لهم بدونه فاذا وجد في العبد عياذا بالله ضده وهو الشرك بطل كل شيء عند العبد وفسد وفارق الزكاة جملة وتفصيلا حتى لو قدر ان عنده شيء من الاعمال الصالحة قال الله تعالى ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الاخرة من الخاسرين وقال تعالى ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لان اشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين وقال تعالى وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله وبرسوله فتوحيد الله عز وجل اصل التزكية واساسها الذي عليه تقوم ومثل التوحيد بتزكيته للنفس كالشجرة التي لا قيام لها ولا نماء الا على اصلها فان فسد اصلها فسدت وان طاب طابت قال الله تبارك وتعالى الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون فاصل تزكية النفوس توحيد الله عز وجل وضده اصل التدسية والخسران التام في الدنيا والاخرة القاعدة الثانية الدعاء مفتاح تزكية النفوس لان زكاة النفوس بيد الله جل في علاه بل الله يزكي من يشاء ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء قال تعالى ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم وقال تبارك وتعالى ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا وقال تعالى يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين فالامر بيده يهدي من يشاء ويزكي من يشاء ويظل من يشاء. الامر امره والخلق خلقه ولهذا كان مفتاح تزية النفس اللجوء الى الله جل وعلا لا تثق بنفسك ولا بفهمك ولا بعلمك ولا بذكائك وفطنتك وانما الجأ الى الله عز وجل طالبا منه جل وعلا ان يزكي نفسك وان يمن عليك بالزكاء والهداية فالامر بيده قال احد السلف تأملت في جماع الخير فاذا الخير كثير الصلاة والصيام غير ذلك واذا كل ذلك بيد الله فايقنت ان الدعاء جماع كل خير ولهذا من وفق صدقا للدعاء فقد وفق للخير واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون قال تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم وقال تعالى ان ربي لسميع الدعاء ولهذا كان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقول اني لا احمل هم الاجابة ولكن احمل هم الدعاء. لان الله تكفل باجابة من دعاه وصدق في الالتجاء اليه سبحانه وتعالى فهو لا يخيب من دعاه ولا يرد من ناداه. بل جاء في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال ليس شيء اكرم على الله من الدعاء قال عليه الصلاة والسلام من لم يسأل الله يغضب عليه وفي هذا الباب باب تزكية النفس ثبت في صحيح مسلم من دعاء نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام انه قال في دعائه اللهم اتي نفسي تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاه وهي دعوة عظيمة للغاية جدير بكل مسلم ان يعنى بها مرات وكرات في ايامه ولياليه وكان من اكثر دعاء نبينا عليه الصلاة والسلام يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك القاعدة الثالثة في هذا الباب باب تزكية النفوس هي ان القرآن الكريم هو منبع التزكية وموردها العدل ومعينها المبارك فمن اراد زكاة نفسه فليطلبها في كتاب الله قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما تكفل الله لمن عمل بالقرآن الا يضل في الدنيا ولا يشقى في الاخرة ثم تلا قول الله تعالى فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى القرآن الكريم هو كتاب التزكية انزله جل وعلا لتتدبر اياته ويهتدى بهداياته فيزكو بذلك العباد كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولو الالباب لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم تلاوة للايات يترتب عليها زكاة النفوس قال الله تبارك وتعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم وزكاة النفس لا تنال بالقراءة المجردة وانما تنال بتلاوة القرآن حق التلاوة كما قال الله سبحانه وتعالى الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به وتلاوة القرآن حق التلاوة كما انها تتناول القراءة والفهم للمعاني فانها تتناول ايضا العمل بالقرآن فمن لم يعمل بالقرآن وان حفظه كله حفظا متقنا لا يسقط منه حرفا لا يكون من اهل القرآن وانما يكون من اهله باتباع القرآن والعمل به ولهذا قال نبينا عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح يؤتى بالقرآن يوم القيامة واهله الذين يعملون به بهذا القيد واهله الذين يعملون به قال الحسن البصري رحمه الله انزل القرآن ليعمل به فاتخذ الناس قراءته عملا اتخذ الناس قراءته عملا يعني اكتفوا من القرآن بمجرد القراءة اي مع التفريط بالعمل الذي انزل لاجله القرآن ولهذا من وفقه الله عز وجل للعناية بالقرآن قراءة وتدبرا وعقلا لمعاني القرآن وهداياته ودلالاته وعملا به فقد تزكى ووفق الزكاة ونالها لانه اخذها من معينها ومنبعها وموردها القاعدة الرابعة في هذا الباب اتخاذ الاسوة والقدوة لابد لمن اراد ان يزكي نفسه لابد ان يكون له قدوة يأتم به ويهتدي بسيرته وسلوكه ونهجه قد قال الله سبحانه وتعالى لقد كان لكم برسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكروا الله كثيرا ولهذا باب التزكية للنفس لابد فيه من سلوك نهج النبي عليه الصلاة والسلام والاهتداء بهديه والاقتداء بسنته والاتباع لسيرته صلى الله عليه وسلم فهو امام المتقين وقدوة عباد الله اجمعين صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان خلقه القرآن والمعنى ان جميع الاخلاق والاداب والاعمال والخصال التي في القرآن اتى بها عليه الصلاة والسلام على اتم احوالها واكملها فهو قدوة العالمين في كل خصال الخير وخلاله واصحاب الطرق الباطلة الضالة نحو باتباعهم منحا منحرفا ضالا حينما ربطوهم اناس اوردوهم موارد الخرافة والضلال حينما اتخذوهم قدوة ولهذا باب تزكية النفس ونيل زكاتها لا بد فيه من امام والامام هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتن به وبمن صار على نهجه وبمن كان متبعا له فمن كان متبعا له عليه الصلاة والسلام يؤتم به لانه مؤتم بي الرسول عليه الصلاة والسلام وفي دعوات عباد الرحمن ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما واجعلنا للمتقين اماما قال اهل العلم لا يكون المرء اماما للمتقين بعده حتى يكون هو في نفسه مؤتما بالمتقين قبله فاذا اتم بالمتقين صار اهلا لان يؤتم به ولهذا باب القدوة باب مهم جدا والقدوة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة فيؤتم به ويؤتم بمن كان مؤتما بالرسول صلى الله عليه وسلم لانه اتم الرسول عليه الصلاة والسلام وسار على منهاجه القويم صلى الله عليه وسلم وبهذا ايضا يعلم ان المسالك المدعاة لتزكية النفس عند اصحاب الطرق الضالة هي في حقيقتها تبعد المرء عن الزكاة ويكفي في ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد القاعدة الخامسة في هذا الباب ان التزكية ان التزكية تخلية وتحلية تجمع هذين الامرين تخلية وتحلية لا تكون الزكاة الا بهما تخلية اي للنفس عن الصفات الذميمة والخصال القبيحة والاعمال المشينة والتصرفات الرديئة وتحلية لها بطيب الخصال وصالح الاعمال وصديدها قال الله سبحانه وتعالى خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها فذكر الامرين التطهير والتزكية التطهير الذي هو تخلية النفس من الصفات الذميمة والخصال السيئة وتحليتها اي بطيب الخصال وحسن الصفات وعليه فان من اراد ان يزكي نفسه يحتاج في هذا المقام الى نوعين من المجاهدة الاول مجاهدة النفس على البعد عن الصفات الذميمة والخصال المشينة يقول عليه الصلاة والسلام كما في الترمذي وغيره ان العبد اذا اذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء فان استغفر وتاب صقل القلب فان عاد للذنب عاد اليه النكتة حتى تعلو على قلبه وذلك الران. كلا بل ران على قلوبهم ولهذا يحتاج من يزكي نفسه ان يجاهدها اولا على تخليتها من الصفات الذميمة ومن ثم تحليتها طيبي الخصال وحسن الاعمال القاعدة السادسة في هذا الباب اغلاق المنافذ اغلاق المنافذ التي تبعد النفس عن التزكية وتوقعها في التدشية وكثيرة جدا وخاصة في زماننا وتأمل في هذا الحديث الذي في المسند وغيره هو حديث صحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله ضرب مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران وفي السورين ابواب مفتحة وعلى الابواب المفتحة سطور مرخاة وداع يدعو من اول الصراط يا عباد الله ادخلوا الصراط ولا تعوجوا وداع يدعو من جوف الصراط يا عبد الله لا تفتح الباب فانك ان فتحته تلجه قال عليه الصلاة والسلام اما الصراط فهو الاسلام واما السوران فحدود الله واما الابواب التي عليها سطور مرخاة فمحارم الله واما الداء الذي يدعو من اول الصراط فكتاب الله ولهذا تقدم معنا ان الكتاب العزيز هو كتاب التزكية واما الداعي الذي يدعو من جوف الصراط فواعظ الله في قلب كل مسلم. وهذي من النعم المسلم المستمسك بدينه اذا جنحت نفسه الى شيء من المعاصي يجد في قلبه ماذا يجد نفرة يجد انقباظا لكنه اذا استمرأ المعصية وانغمس فيها تبلد هذا الاحساس وتعطل هذا الواعظ في نفسه الشاهد من الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم بين في هذا الحديث ان هناك ابواب كثيرة وهذه الابواب ليس عليها اقفال وكوالين وتحتاج الى وقت لتفتح ويدخل وانما عليها سطور مرخاة وانت تعلم ان الباب الذي عليه ستارة لا يأخذ وقت في الدخول الداخل يلمسه بطرف كتفه ويدخل فاذا الانحراف والانزلاق الى خارج الصراط من هذه الابواب امر امر خطر ولهذا يحتاج العبد الذي يهمه امر زكاة نفسه ان يحذر من هذه المنافذ والمداخل ارأيت ان كنت في بيتك ونافذة البيت مفتوحة او في سيارتك ونافذة سيارتك مفتوحة فمررت بمكان فيه رائحة مؤذية كيف انك تبادر الى اغلاق النافذة حتى لا تصل اليك الرائحة سلامة الدين اهم واغلاق المنافذ التي تعطب الدين وتفسده اهم وصيانته اولى ورعايته مقدمة ولهذا لابد من التنبيه ان قضية المنافذ التي تحرف الانسان عن الصراط المستقيم استجد منها في زماننا هذا نوع من المنافذ لم يكن له وجود في زمان سابق وهي المنافذ التي في الاجهزة الحديثة عندما يفتح الانسان جواله التي تسمى الاجهزة الذكية وفيها ذكاء ولكن الزكاء عليه خطر مع هذه الاجهزة الا من سلمه الله لان فيها منافذ كثيرة جدا احيانا يدخل الانسان ليبحث عن معنى اية في القرآن او معنى حديث في القرآن واذا به في واد من اودية الظلال بل اودية وكل شيء منها يجر الى اخر اذا لم يمسك المرء نفسي رعاية لزكاتها ومحافظة عليها اهلكته هذه الاجهزة بما فيها من منافذ خطيرة جدا ولهذا من اهم ما يكون في هذا الباب باب تزكية النفس العمل على اغلاق المنافذ العوام لهم كلمة جميلة في هذا الباب ماذا يقولون نعم الباب اللي يجيك منه ريح سده واستريح هذا هذا هذا حقيقة هو مبدأ مهم جدا في باب تزكية النفس مبدأ مهم جدا في باب تزكية النفس اما ان يطلق الانسان بصره العنان وسمعه ثم بعد ذلك يقول قلبي فيه وفيه القلب انما يتغذى من البصر والسمع ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا القاعدة السابعة في هذا الباب باب تزكية النفس تذكر الموت وما بعده قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد والاية تعد اصلا عظيما في هذا الباب باب التزكية للنفس والمحاسبة لها ويقول نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام اكثروا من ذكر هادم اللذات يعني الموت قال سعيد بن جبير رحمه الله لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت على قلبي ان يفسد والموت هو الحد الفاصل بين الدنيا والاخرة بين دار العمل ودار الجزاء على العمل فان اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل وتذكر الموت نافع جدا للعبد بتزكية نفسه اذا امسيت فلا تنتظر الصباح واذا اصبحت فلا تنتظر المساء هذا مهم جدا في باب تزكية النفس ان يذكر نفسه ان يذكر المرء نفسه بالموت والموت ات ولا يدري المرء متى اتيانه قد يكون قد يكون المرء شابا يأمل ان يجاوز في العمر السبعين ولا يدري ان موته في الغد او في اليوم نفسه وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت فلا يغتر شاب بشبابه ولا صحيح بصحته ولا قوي بقوته بل ينبغي ان يذكر نفسه بالموت وما بعده ليعد لما بعد الموت كالعدة وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقون يا اولي الالباب روى سفيان ابن عيينة عن ابراهيم التيمي رحمه الله قال تمثلت يعني تخيلت وتصورت ان انني في الجنة اكل من ثمارها واشرب من انهارها واعانق ابكارها ثم تخيلت نفسي انني في النار اعاني من حميمها وغساقها والامها ثم خاطبت نفسي وانا في هذا التصور والتخيل قلت يا نفس ماذا تريدين قالت اريد ان ارجع الى الدنيا لاعمل صالحا غير الذي كنت اعمله فقلت فقلت لها يا نفس انت الان في الامنية فاعملي انت الان في الامنية فاعملي فعلا هذا كلام عظيم جدا وقل ايضا لنفسك يا نفس ان انا مت منعا من يصلي عني من يصوم عني من يتوب الى الله عني من تفريطي وتقصيري في جنب الله سبحانه وتعالى وماذا تنفع الحسرة والندامة للمرء اذا لقي الله عز وجل بذنوبه خطاياه ومعاصيه فالحاصل ان ذكرى الموت وما بعده امر غاية في الاهمية في باب تزكية النفس الامر الثامن تخير الجلساء والرفقاء والاصحاب فان الصاحب ساحب ومؤثر في صاحبه ولابد والله تعالى يقول واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا وفي هذا الباب يقول نبينا عليه الصلاة والسلام كما في سنن ابي داوود وغيره الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل الرجل على دين خليله اي ان الخليل مؤثر في خليله ولابد ولهذا قال ابن مسعود اعتبروا الناس باخدانهم لان الصاحب يؤثر في صاحبه والجليس يؤثر في في جليسه فلينظر احدكم من يخالل اي ان هذا الباب باب ينبغي ان يتفقه فيه المرء فلا يصاحب كل احد. قال الحسن البصري ليس للمؤمن ان يصاحب كل من شاء وانما يصاحب من يعينونه على الخير ويشدون من ازره على طاعة الله سبحانه وتعالى ولهذا قال عليه الصلاة والسلام مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك اما ان يحذيك او ان تبتاع منه او ان تجد منه رائحة طيبة ونافخ الكير اما ان يحرق ثيابك او ان تجد منه رائحة خبيثة الامر التاسع في هذا الباب الحذر الشديد من آآ التزكية للنفس بمعنى ادعاء زكاة النفس. مهما اوتي الانسان من طاعة وعبادة وعمل فعليه في كل احواله ان يرى نفسه مقصرا في حق الله كما قال الله تعالى فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى ولهذا فان الله جل وعلا ذكر في صفات المؤمنين الكمل في سورة المؤمنون قال والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون والمعنى يقدمون ما يقدمون من طاعات وقلوبهم خائفة الا تقبل منهم جاء في المسند وغيره ان عائشة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى هذه الاية قالت يا رسول الله اهو الرجل يزني ويسرق ويقتل ويخاف ان يعذب قال لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف ان لا يقبل الله يقول انما يتقبل الله من المتقين وتأمل في هذا الباب قول الله سبحانه وتعالى واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم نقل ابن كثير عند هذه الاية عن وهيب ابن الورد انه قرأ هذه الاية وبكى قال خليل الرحمن ويبني بيت الرحمن بامر الرحمن وهو خائفا لا يقبل صديق الامة رضي الله عنه كما في الصحيحين قال للنبي صلى الله عليه وسلم علمني دعاء ادعو الله به في صلاتي وفي رواية وبيتي فماذا علمه قال قل اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا انت الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انك انت الغفور الرحيم ظلمت نفسي ظلما كثيرا وليعلم ان ابا بكر رضي الله عنه هو افضل الناس بعد النبيين في كل الامم ليس فقط هو افظل امة محمد عليه الصلاة والسلام بل هو افضل الناس بعد النبيين في كل الامم رضي الله عنه وارضاه فالعبد في في هذا الباب باب التزكية للنفس يجتهد مع نفسه في تكميل العمل ورعايته لنفسه والعمل على اصلاحها لكن لا يزكي نفسه بل في كل مرة يرى انه لا يزال مقصرا لا يزال مفرطا ان لم يكن كذلك اصابه والعياذ بالله داء العجب ودخل في الرياء واعمال من واعمال من الاعمال التي هي من خوارم النية وموجبات فساد العمل العبد في هذا المقام يعمل على اصلاح نفسه لكنه يزكي نفسه يقول الحسن البصري ان المؤمن جمع بين احسان ومخافة والمنافق جمع بين اساءة وامن القاعدة العاشرة معرفة النفس وصفاتها فان هذا في عون المرء على سياستها و اصلاحها والنفس لها صفات وجاء ذكرها في القرآن احاديث الرسول عليه الصلاة والسلام فيحتاج العبد في مقام التزكية للنفس ان يعرف النفس وان يعرف صفات النفس قد ذكر الله جل وعلا للنفس في القرآن ثلاث صفات فذكر سبحانه وتعالى النفس المطمئنة يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية نسأل الله لنا اجمعين من واسع فضله قال تعالى الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب النفس المطمئنة هي التي اطمأنت سكنت بطاعتها لله وذلها بين يديه وخضوعها له سبحانه وتعالى وامتثالها لاوامره وذكر سبحانه وتعالى النفس اللوامة ولا اقسم بالنفس اللوامة والنفس اللوامة هي التي تلوم صاحبها على تقصيره في واجب او ارتكابه لمحرم وهذا من علامات الخير في النفس لكن اذا تمادى بعصيانه واثامه تعطل هذا المعنى ولم تصبح حينئذ نفسه لوامة كما مر معنا الحديث المتقدم قال وذلك واعظ الله في قلب كل مسلم والصفة الثالثة من صفات النفس النفس الامارة بالسوء ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي والنفس الامارة بالسوء هي التي تأمر صاحبها بالشر الفساد وتستحثه على المعاصي الاثام وتورده المهالك هذه احوال او صفات للنفس بحسب احوالها ولهذا في في اليوم الواحد قد تكون النفس لوامة ثم تصبح مطمئنة والعكس كذلك كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح يمسي المرء مؤمنا ويصبح كافرا ويمسي كافرا ويصبح مؤمنا هذه احوال احوال للنفس في تقلباتها فاذا عرف المرء صفات النفس يتفقد نفسه ويتأمل في احوالها وصفاتها هل هي امارة بالسوء فان كانت كذلك فليعلم ان في طاعته لها هلاكه وعطبه في الدنيا والاخرة وان كانت نفسا اطمأنت بطاعة الله يحمد الله على هذا الفضل العظيم ويسأل الله الثبات على ذلك ويحذر من المنعطف الانحراف سائلا ربه سبحانه وتعالى ان يثبته على الحق والهدى اسأل الله الكريم رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يوفقنا اجمعين لكل خير اللهم ات نفوسنا تقواها زكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك. ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين