الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات اما بعد فيقول الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله وغفر له وكان الله قد ابتلى سليمان عليه السلام والقى على كرسيه جسدا اي شيطانا عتابا له على بعض الهفوات وارجاعا له الى كمال الخضوع لربه ولهذا قال تعالى ثم اناب اي الى الله بقلبه ولسانه وبدنه بظاهره وباطنه فقال ربي اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي انك انت الوهاب فاستجاب له فاستجاب الله له دعاءه واعطاه ما طلبه من مغفرة الذنب. واعطاه جميع ما طلب كما تقدم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد فلا نزال مع قصة او قصص نبي الله سليمان ابن داوود عليهما السلام ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا ما دل عليه قول الله تعالى ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا ثم اناب هذه الاية فيها ان الله عز وجل ابتلى سليمان والفتنة ابتلاء وذكر جل وعلا ان ذلك بالقاء جسدا على كرسيه والقينا على كرسيه جسدا ذكر اهل العلم رحمهم الله تعالى في المراد بالجسد هنا قولين الاول هذا الذي يشار اليه المصنف رحمه الله تعالى اي شيطانا والمراد بكونه الشيطان القي على كرسيه اي انه تسلط مدة من الزمان يقولون ان اربعين يوما على كرسي سليمان عليه السلام سبب هذا التسلط ايضا فيما يقولون ان سليمان تزوج بنت احد الملوك الذين قتلوا في احدى غزواته كانت احب نسائه اليه ودخلت في الاسلام على جفاء كانت تبكي دائما على والدها فطلبت من سليمان ان يصنع لولدها والدها تمثالا على صورته فامر الشياطين بذلك ثم انها كانت تسجد له اربعين يوما فكان هذا الامر هو الذي اه ذكر انه سبب اه ابتلائه بان سلط او سلط الشيطان على كرسيه بمثل تلك المدة وسليمان عليه السلام كثيرا ما يكذب عليه اليهود ويركبون القصص التي فيها مساس بمقامه ومكانته حتى ان هذه القصة في بعض رواياتها ان في جملة ما سلط عليه النساء يأتيهن هذا الشيطان هذا كله من لا شاء التي يأتي في اه من طريق هؤلاء ولهذا يقول ابن كثير كل ذكر روايات في هذا الباب قال كلها متلقات من قصص اهل الكتاب كلها متلقاة من قصص اهل الكتاب وقصص اهل الكتاب غير مؤتمنة خاصة اذا كان فيها مساس بمقام الانبياء ولا سيما ان سليمان كذب عليه اليهود كثيرا نسبوا اليه اشياء هو براء منها يقول القاضي عياض في كتابه الشفاء يقول ولا يصح ما نقله الاخباريون من تشبه الشيطان به وتسلطه على ملكه وتصرفه في امتي بالجور في حكمه لان الشياطين لا يسلطون على مثل هذا والقول الثاني في المراد بالجسد وهو الاقرب والاظهر ان الله عز وجل القى على كرسيه جسدا اي شق رجل او شق غلام في قصة ثابتة في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سليمان ابن داوود لاطوفن الليلة على سبعين امرأة كلهن تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله فقال له صاحبه قل ان شاء الله فلم يقل فلم يحمل منهن الا امرأة واحدة جاءت بشق رجل شق يعني نصف والذي نفسي بيده لو قال ان شاء الله لجاهدوا في سبيل الله اجمعون على كرسيه جسدا جسدا اي شق رجل كما في هذه الا الرواية وهي في اه الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه و السبب في ذلك انه لم يقل ان شاء الله لم يقل ان شاء الله لم يقل ان شاء الله ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله وهذا فيه ان آآ ذكر هذه الكلمة بما يعزم عليه المرء من امور في المستقبل مهم للغاية. وانه يترتب عليه البركة والخير فيما هو مقبل عليه او قادم على فعله ويكون العتاب المسار اليه في كلام الشيخ عائد على هذا الامر انه لم يقل ان شاء الله فابتلاه الله عز وجل لم تلد اي من نسائه السبعين الذين اه اللاتي عزم ان يطوف عليهن تلك الليلة وانما حملت منهن واحدة ولم تأتي الا بشق غلام اناب الى الله بقلبه ولسانه وبدنه بظاهره وباطنه وسأل الله عز وجل المغفرة قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي انك انت الوهاب سأل الله ان يغفر له ذنبه وان يهب له ملكا لا يكون لاحد من بعده. فاستجاب الله دعاءه واعطاه ما طلبه من مغفرة الذنب واعطاه جميع ما طلب كما تقدم وقد تقدم في ما بينه المصنف رحمه الله تعالى شيء من التفصيل عن الملك الذي اعطاه الله سبحانه وتعالى لنبيه سليمان عليه السلام. نعم قال رحمه الله وقد اثنى الله على داوود وسليمان عليهما السلام بالعلم والحكم. وخص سليمان عليه السلام بزيادة الفهم فقال وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم اي دخلت الغنم بستانهم ليلا فراعت زرعه واشجاره. فحكم داود عليه السلام بحسب اجتهاده وتقديره ان الغنم لصاحب الحرف لظنه ان الذي تلف من الحرف يقابل قيمتها ثم رفعت القضية الى سليمان عليه السلام فحكم على صاحب الغنم ان يقوم على حرف صاحب البستان بالسقي والتعمير والملاحظة حتى يعود ما كان قبل نفشها ويدفع له صاحب الغنم الغنم ينتفع بدرها ولبنها ودهنها وصوفها ومغلها مقابلة مقابلة ما كان بصدد ان ينتفع بحرفه في هذه المدة فكان هذا الحكم من سليمان عليه السلام اقرب الى الصواب وانفع لصاحب الغنم والحرث. فلهذا قال تعالى ففهمناها سليمان. وكلا اتينا حكما وعلما هذه ايضا قصة اخرى تتعلق بسليمان ووالده داود عليهما السلام قد اثنى الله عليهما بالعلم والحكمة لكنه سبحانه وتعالى خص سليمان بزيادة الفهم خص سليمان بزيادة الفهم وذكر رحمه الله تعالى شاهدا على ذلك حديثا من اية من كتاب الله وحديثا من سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام شاهدا على ان سليمان عليه السلام خص بزيادة الفهم اورد اولا الاية الكريمة في حكم داوود وسليمان في قضية واحدة بالاجتهاد بقضية الغنم التي نفست في اه زرع قوم وبستانهم ومعنى نفشت اي رعت فدخلت الغنم في البستان ورعت في الزرع والاشجار فافسدت ما افسدت واضرت بما اضرت تقاضوا الى داوود عليه السلام فحكم فيها بحسب اجتهاده وتقديره ان الغنم تكون لصاحب الحرث حكم ان الغنم تكون لصاحب الحرف لظنه ان الذي تلف من الحرث يقابل قيمتها يعني قدر ان المتلف من الزرع يقابل قيمة الغنم فحكم ان تكون الاغنام لصاحب الحرف عوضا عن المتلف هذا قاله اجتهادا في هذه المسألة ثم رفعت القضية الى سليمان فحكم على صاحب الغنم ان يقوم على حرف صاحب البستان بالسقي والتعمير والملاحظة حتى حتى يعود ما كان قبل نفسها اي رأيها في ذلك البستان ويدفع له صاحب الغنم ويدفع له صاحب الغنم الغنم ينتفع بدرها ولبنها ودهنها وصوفها ومغلها مقابل ما كان بصدد ان ينتفع بحرفه في هذه المدة تكون الاغنام عند آآ صاحب الزرع ينتفع بها وآآ هذا الذي سيعمل في المزرعة ينتفع بها في هذه المدة التي تكون تحت يده لاصلاحها فكان هذا الحكم من سليمان اقرب الى الصواب وانفع لصاحب الغنم وصاحب الحرث فلهذا قال الله تعالى ففهمناها سليمان وكلا اتينا حكما وعلما هنا نلاحظ الان في هذه القضية او هذا الحكم ان الله سبحانه وتعالى اثنى عليهما جميعا في هذا المقام وفي هذا الحكم فان كلا منهما اوتي علما وحكما لكن خص سليمان بمزيد الفهم وهذه المسألة كما عرفنا مسألة اجتهادية لكن الاجتهاد الذي كان من سليمان عليه السلام كان اقرب لي آآ الصواب ولهذا آآ قال الله جل وعلا ففهمناها سليمان ففهمناها سليمان قال وكلا اتينا حكما وعلما اي سليمان ووالديه كل منهما اوتي حكما وعلما هذا يستفاد منه ان اجتهاد العلماء في المسائل العلمية لو ان احدهم في اجتهاده لم يصب الحق هذا لا ينقص من علمه واهلية للحكم ومن وفق للصائم فهذا مزيد فهم اكرمه الله سبحانه وتعالى به ولهذا فان هذه القصة فيها شاهد للحديث حديث النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال اذا اجتهد الحاكم فاصاب فله اجران واذا اجتهد فاخطأ فله اجر واحد وذنبه مغفور ولهذا يقول الحسن البصري رحمه الله لولا هذه الاية وداوود وسليمان اذ يحكمان الى اخرها لولا هذه الاية لرأيت الحكام قد هلكوا لرأيت الحكام قد هلكوا ولكن الله حمد هذا بصوابه واثنى على هذا باجتهاده حمد هذا بصوابه واثنى على هذا باجتهاده ففي هذا الشاهد لي الحديث كما قدمت اذا اجتهد الحاكم فاصاب له اجران واذا اجتهد فاخطأ فله اجر واحد وذنبه مغفور مالو قال رحمه الله ونظير هذه القصة ونظير هذه القضية حكم داود وسليمان عليهما السلام بين المرأتين اللتين خرجتا اه ومع كل واحدة ابنها فعاد الذئب على ابن الكبرى فادعت الكبرى على الصغرى ان الذئب اكل ابن الصغرى وان الذي سلم من الذئب هو ابنها والمرأة الصغرى انكرت وقالت بل الذئب اكل ابن الكبرى. فتحاكم الى داوود عليه السلام تنام فلم يرى لكل منهما بينة الا قولها رأى ان يحكم رأى ان يحكم به للكبرى اجتهادا ورحمة بها لكبرها. وان الصغرى في مستقبل عمرها سيرزقها الله له ولدا بدله ثم رفعت القضية الى سليمان عليه السلام فقال لهما ائتوني بالسكين اشقه بينكما. فرظيت الكبرى وقالت الصغرى لما دار الامر بين تلفه او بقائه بيد غيرها وهو اهون الامرين عليها هو ابنها يا نبي الله فعلم سليمان عليه السلام بهذا الامر الطبيعي الذي هو من اقوى البينات انه ليس ابنا للكبرى. لكونها رضيت بشقه واتلافه. وان دعواها على الاخرى انما حملها عليه الحسن وانه ابن الصغرى حين فزعت من شقه الى التنازل عن دعواها. فقضى به سليمان عليه السلام للصغرى. فزعت حين فزعت من شقه من شقه الى التنازل عن دعواها فقضى به سليمان للصغرى ولا ريب ان استخراج الصواب في القضايا بالبينات والقرائن والشواهد الاحوال من الفهم الذي يخص الله به من يشاء نعم هذه القصة هي قريبة من من الاولى وهي ثابتة في الصحيحين. في البخاري ومسلم اوردها الامام بن كثير رحمه الله باثناء تفسيره لهذه الاية وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرب قال في اثناء تفسيرها وقريب من هذه القصة المذكورة في القرآن ثم ساق هذا الحديث ساق هذا الحديث وهو في الصحيحين في قصة امرأتين خرجتا ومع كل واحدة ابن لها فعدا الذيب علاء ابن الكبرى فاكله فادعت الكبرى ان الذي اكل هو ابن الصغرى وان الذي سلم ابنها وتحاكم الى داوود عليه السلام ولم يرى لكل منهما بينة الا قولها فحكم به للكبرى. يقول الشيخ اجتهادا اجتهادا ذكرها الشاهي من باب الاحتمال رحمة بالكبرى وان الصغرى في مستقبل عمرها سيرزقها الله ولدا بدلا ثم رفعت القضية الى سليمان عليه السلام فقال لهما ائتوني بالسكين ائتوني بالسكين ابو هريرة رضي الله عنه لما روى هذا الحديث قال عقبوا عقبه قال ما عرفت هذه الكلمة السكين الا في هذا الحديث؟ كنا نقول المدية قال ائتوني بالسكين اشقه بينكما فرظيت الكبرى رضيت الكبرى وقالت الصغرى لما دار الامر بين تلفة او بقاء بيد غيرها قالت هو ابنها يا نبي الله هذه قرينة بينة ان الابن لها لان الام لا يمكن ان ان ترضى بان يقص ابنها بالسكين نصفين ويهلك لا يمكن ان ترضى بذلك ولهذا يقول الشيخ فعالم سليمان بهذا الامر الطبيعي الذي هو من اقوى البينات انه ليس ابنا لها وهذا يستفاد منه كما اشار رحمه الله ان استخراج الصواب في القضايا بالبينات والقرائن وشواهد الاحوال من الفهم الذي يخص الله به من يشاء ايه من الحكام والقضاة انهى الشيخ رحمه الله ما اراد ايراده في ما يتعلق بقصص هذين النبيين عليهما صلوات الله وسلامه على جميع النبيين ثم شرع بعد ذلك في ذكر بعض الفوائد المستنبطة من قصتهما عليهما السلام ونكتفي بهذا القدر ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه تبارك وتعالى سميع قريب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه جزاكم الله خيرا