الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات اما بعد فيقول الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله وغفر له فصل في بعض الفوائد المستنبطة من قصة داوود وسليمان عليهما السلام فمنها ان الله تعالى يقص على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم اخبار من قبله لتثبيت فؤاده وتطمين نفسه ويذكر له من عباداتهم وشدة صبرهم وانابتهم ما يشوق الى منافستهم والتقرب الى الله الذي تنافسوا في قربه والصبر على اذى قومه ولهذا ذكر تعالى في اول سورة صاد ما قاله المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم وما اذوه به قال بعدها اصبر على ما يقولون اذكر عبدنا داوود ذا الايدي انه اواب الايات الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد لما انهى المصنف رحمه الله تعالى ما تيسر ذكره من قصة هذين النبيين داوود وسليمان عليهما السلام شرع في ذكر بعض الفوائد المستنبطة من قصة هذين النبيين فذكر من هذه الفوائد ان قصص الانبياء عموما وما يذكر جل وعلا مما حصل لهم من الشدائد والابتلاءات في قصها لنبينا عليه الصلاة والسلام واخباره بها تثبيت فؤاده وتطمين لنفسه فانه جل وعلا لما ذكر هذه القصص عن الانبياء في الابتلاءات التي حصلت لهم ذكر شدة صبرهم وانابتهم ودعائهم واقبالهم على الله عز وجل وحمدهم وثنائهم على الله وهذا كله يسوق الى المنافسة والتقرب الى الله عز وجل اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده عندما تذكر قصصهم العظيمة فان المقام مقام منافسة في التقرب والصبر على اذى القوم والصبر على الشدائد واللأواء قال الشيخ رحمه الله ولهذا لما ذكر تعالى في اول سورة صاد ما قاله المكذبون لمحمد عليه الصلاة والسلام من التكذيب به والتمالؤ عليه اه الامتناع من قبول دعوته ودعوة بعضهم بعضا للصبر على الهتهم الباطلة ووصفهم له عليه الصلاة والسلام الصفات الذميمة قال له بعد ذلك اصبر على ما يقولون اصبر على ما يقولون. واذكر عبدنا داوود ذا الايد انه اواب فاذا في قصص الانبياء عليهم صلوات الله وسلامه هي تثبيت الا للفؤاد وتطمين للنفس خاصة اذا وفق العبد الى ان يقتدي بهم وان ينهج نهجهم وان يسلك مسكهم في صبرهم وانابتهم واقبالهم على الله جل وعلا قال رحمه الله ومنها ان قوله ذا الايدي انه اواب. مدح عظيم من الله لهذين الوصفين. قوة القلب والبدن على طاعة الله والانابة باطنا وظاهرا الى الله المستلزمة لمحبته وكمال معرفته وان هذين الوصفين للانبياء على وجه الكمال ولمن بعدهم من اتباعهم على حسب اتباعهم والثناء من الله عليهما يقتضي الحث على جميع الاسباب التي تعين على القوة والانابة وان يكون العبد رجاعا الى ربه في حال السراء والضراء وفي جميع الاحوال هذه ايضا من الفوائد المستنبطة من قصة داود عليه السلام في وصف الله له بانه ذا الايد وانه بواب فمدحه الله عز وجل مدحا عظيما فتحه الله جل وعلا مدحا عظيما بهذين الوصفين ذا الايد واواب الايد هذي فيها قوة القلب والبدن لان المراد بالايدي القوة هذا معناها ومنه قوله سبحانه وتعالى اه ايدتك بروح القدس اي قويتك الايدي القوة ليست اه جمع يد وانما وانما هي مصدر للفعل اداء الايد القوة ووصفه بانه اواب والاواب هو الرجاع الى الله ففيه الانابة الى الله عز وجل وهي ناشئة ان عظيم المحبة وكمال المعرفة بالله سبحانه وتعالى وفي ذكر الله عز وجل هذين الوصفين على وجه الثناء والمدح لهما حث على العناية بهما ومجاهدة النفس على الاتصاف بهما قال عليه الصلاة والسلام المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن نعم قال رحمه الله ومنها ما اكرم الله به نبيه داوود عليه السلام من حسن الصوت ورخامته وان الجبال والطيور تسبح الله معه وتجاوبه. وذلك من زيادة درجاته ومقاماته العالية. هذه من اه شمائل داوود عليه السلام وصفاته العظيمة ما اكرمه الله به من جمال الصوت رخامته وحسنه وكان عليه السلام يسبح الله عز وجل ويقرأ هي كتاب الله عز وجل المنزل عليه الزبور واتينا داود الزبورا قراءة عذبة حسنة طيبة جميلة وكانت الجبال والطيور تسبح معه يا جبال اوبي معه والطير هذا هذا الذي كان هو من زيادة درجاته مقامه آآ مقاماته العالية عليه صلوات الله وسلامه. نعم قال رحمه الله ومنها ان من اكبر نعم الله على عبده ان يرزقه العلم النافع ويعرف الحكم بين الناس في المقالات والمذاهب وفي الخصومات والمشاحنات كما قال تعالى واتيناه الحكمة وفصل الخطاب نعم هذه ايضا من الفوائد المستفادة من القصة ان فصل الخطاب اي حل النزاع والخصومات والمشاحنات التي بين الناس هذا من التوفيق لله عز وجل لمن شاء من عباده ومن الفضل الذي يمن به سبحانه وتعالى على من شاء من عباده قال واتيناه اي منا عليه بذلك وتفضلنا عليه بذلك ولهذا بعض الناس موفق توفيقا عظيما في باب حل الخصومات والنزاعات الخلافات التي تقع بين الناس بما اتاه الله عز وجل من حكمة ولطف ورفق وحسن فهم فتنتهي الخصومات على يديه اه سرعة ورفقا ولطف الله جل وعلا يقول لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس فهذا باب عظيم جدا ولا سيما اذا وفق المرء لحسن الدخول على الناس والملاطفة والمسايسة الامور والموازنة حتى تذهب الشحناء تزول العداوة والبغضاء نعم قال رحمه الله ومنها كمال اعتناء المولى بانبيائه واصفيائه عندما يقع منهم بعض الهفوات بفتنته اياهم وابتلائهم بما يزول عنهم المحذور حتى يعودوا الى اكمل من احوالهم الاولى كما جرى لداوود وسليمان عليهم السلام نعم ولهذا ينبغي ان ان يعلم ان الابتلاءات الابتلاءات التي تكون الانبياء عليهم صلوات الله وسلامه الغرض منها آآ التمحيص ورفعة الدرجات وعلو المنازل فالله عز وجل اه يبتليهم وهذا الابتلاء تكون شدته مع قوة الايمان وقوة الصلة بالله عز وجل لتعلوا بذلك درجاتهم عند الله سبحانه وتعالى لانهم اه في مقام الابتلاء آآ اهل صبر واحتساب ورجاء موعود الله سبحانه وتعالى فتألوا بهذه الابتلاءات درجاتهم عند الله سبحانه وتعالى ويكون فيها التمحيص لهم ولهذا جاء في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال لما سئل عن اشد الناس بلاء قال الانبياء ثم الامثل فالامثل وان المرء يبتلى اه بحسب دينه اذا كان آآ دينه صلبا اي قويا زيد له في البلاء فالحاصل ان هذه الابتلاءات التي تكون للانبياء والاصفياء انما المراد بها آآ تمحيصهم علو درجاتهم عند الله سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله ومنها ان الانبياء معصومون عن الخطأ فيما يبلغون عن الله فان الله امر بطاعتهم مطلقا ومقصود الرسالة لا يحصل الا بذلك وقد يجري منهم احيانا بعض مقتضيات الطبيعة من المخالفات. ولكن الله تعالى يبادرهم بلطفه ويتداركهم بالتوبة والانابة قال منها ان الانبياء معصومون عن الخطأ فيما يبلغون عن الله فان الله امر بطاعتهم مطلقا فا امر بطاعتهم مطلقا هذا فيه ان كل ما يأمرون به هو وحي من الله وكل ما يدعون الناس اليه وحي من الله لا يمكن ان يكون يخطئ في فيما يبلغ به عن الله سبحانه وتعالى فهم معصومون في في ذلك فيما يبلغون عن الله سبحانه وتعالى ومعصومون عن عظائم اه الذنوب وقبيحها وشنيعها معصومون من ذلك لكن قد يقع بعض الاشياء الصغيرة التي مقتضى طبيعة البشر من المخالفات وهذا يراه المسلم اه يرى اه اشارة اليه في قصص عدد من اه انبياء الله سبحانه وتعالى ثم يذكر الله سبحانه وتعالى توفيقه لهم بالتوبة آآ الانابة اليه سبحانه وتعالى. نعم قال رحمه الله ومنها ان داود عليه السلام كان في اغلب اوقاته ملازما ملازما محرابه ملازما محرابه لخدمة ربه وله وقت يجلس فيه لحوائج الخلق فقد اتم القيام بحق الله وحق عباده من فوائد القصة قصة داود عليه السلام ان انه عليه السلام قسم قسم وقته لي اداء الحقوق التي هي حقوق الله عبادة ودعاء ومناجاة وذكرا وتسبيحا وتلاوة كتابه كتابه آآ الزبور والقسم الاخر فصل الخصومات آآ النظر في حوائج آآ الناس والقيام على مصالحهم فقد اتم القيام بحق الله وحق عباده اتم القيام بحق الله وحق عباده وهذا فيه ان اه هذه حقوق حقوق لازمة واذا رتب المرء وقته اتى بكل الحقوق ولم يطغى جانب منها على على اخر وقول الشيخ رحمه الله ملازما محرابه لخدمة ربه آآ لخدمة ربه هذه اللفظة تأتي احيانا في اه وهي نادرة قليلة في عبارات بعض السلف مثل مالك ابن دينار وبعض السلف تأتي مثل هذه العبارة وهي قليلة جدا لكن الاولى في في هذا المقام ان تستعمل العبارات المتعلقة بالعبادة الواردة في القرآن والسنة ان وخير ما يقال هنا في هذا المقام ملازما محرابه لعبادة ربه بعبادة ربه نعم فالمقصود بالخدمة هنا العبادة يستعملونها في هذا المقام. يراد بها العبادة نعم قال رحمه الله ومنها انه ينبغي استعمال الادب في الدخول على الناس خصوصا الحكام والرؤساء فان الخصمين لما دخلا على داوود في حالة غير معتادة ومن غير الباب فزع منهم واشتد عليه ذلك ورآه غير لائق قم بالحال نعم يعني هذان الخسمان لما دخل عليه على صفة غير معلوم على صفة غير مألوفة غير معتادة تسوروا المحراب ودخلوا عليهم دخولا مفزعا ولهذا فزع منهم فهذا يستفاد منه ما اشار اليه الشيخ رحمة الله عليه ان الذي ينبغي استعمال الادب في الدخول على الناس عموما وعلى الحكام والرؤساء المسئولين خصوصا فان المرء اذا اذا اذا جانب الادب قد يقع منه بسبب مجانبة الادب ما يكون اه فيه الفزع والخوف والارتياب وعدم الارتياح له بينما اذا لازم الادب واتى الامور من ابوابها وسبلها وطرائقها الصحيحة فان هذا يكون من مدعاة الانس به والارتياح له السماع لكلامه والاطمئنان لحديثه بينما اذا اذا جاء على غير الادب اضر بنفسه واقلق وازعج من اه قابله وافزعه. نعم قال رحمه الله ومنها انه لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق سوء ادب الخصم وفعله ما لا ينبغي. هذه فائدة عظيمة جدا فائدة عظيمة جدا يعني اذا كان الخصم آآ اذا كان الخصم او من دخل اه على الحاكم اه نقص شيء من ادبه لرعونته او سوء تصرفه او آآ خلل في آآ خلقه او نحو ذلك فان هذا لا يمنع الحاكم ان يحكم في امره بالعدل يمكن ان يوجه الى مراعاة الادب وينصح لكن اه لا يكون هذا مانعا لا يكون فعله هذا مانعا من اه اقامة الحكم بالعدل قال الشيخ لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق. سوء ادب الخصم فعله ما لا ينبغي نعم قال رحمه الله ومنها كمال حلم داوود عليه السلام فانه ما غضب منهما حين جاءه بغير استئذان ولا انتهرهما ولا وبخهما. نعم هذا من من كمال الخلق من كمال مال الخلق وجمال الادب وسعة اه الصدر واحتمال الاذى اذى الناس فهذان آآ لما دخل على داوود على تلك الطريقة ورأيا انه فزع منهم ورأوا ذلك فيه قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض شرع مباشرة في الحكم في القضية ما تحدث عن آآ اما فعلى نهرا وزجرا آآ غضبا وطردا لهما منع المكان لسوء الادب فهذا الذي فعله عليه السلام هو من كمال الحلم يعني لا يمكن ان يفعله الا الرجل الحليم. نعم قال رحمه الله ومنها جواز قول المظلوم لمن ظلمه انت ظلمتني او يا ظالم نحوه او يا باغي لقوله بغى بعضنا على بعض نعم هذه مستفادة من قوله بغى بعضنا على بعض اذا كان اه احد لطرفين بغى احدهما على الاخر فالاخبار عنه بذلك آآ في في في آآ موطن الحكم والتقاظي هذا حتى مع غيبة الخصم الاخر يقول انه بغى علي وانه ظلمني فهذا ذكر له بما يكره وغيبة له لكنها آآ سائغة وجائزة وهي مما يجوز من الغيبة في مقام التظلم ذكر الاعتداء الذي كان منه فقوله آآ هذا ظلمني او آآ انه بغى علي او انه باغي او نحو ذلك هذا لا بأس به في في مثل هذا المقام لقوله بغى بعضنا على بعض نعم قال رحمه الله ومنها ان المنصوح ولو كان كبير القدر كثير العلم عليه الا يغضب ولا يشمئز. بل يبادر بقبول نصيحة والشكر لمن نصحه ويحمد الله اذا قيظ له النصيحة على يد الناصح فان داود عليه السلام لم يشمئز من قول الخصمين فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا الى سواء الصراط بل حكم الحق الصرف نعم آآ كبير القدر كبير القدر كثير العلم ينبغي الا الا يغضب اه ولا يشمئز اذا اذا بادره آآ اذا بادره آآ احد نصيحة احيانا قد قد يكون ظاهرها فيها جفاء فيها مثلا عدم مراعاة لمقامه ومكانته قدره مثلها يعني قد تشمئز منها الا النفوس مما يستفاد من القصة ان المنصوح ولو كان كبير القدر كثير العلم عليه الا يغضب ولا يشمئز فينظر الى الامر نظر انه نصيحة ليس ليس الا ولهذا فداوود عليه السلام لما قال له الخصمان فاحكم بيننا بالحق ولا تشتط ولا تشطط هذه كلمة آآ يعني تشمز من هالنفوس وتنفر منها ولو قيلت لكثير من الناس لا تشطط لا تظلم لا تجور تكون مؤذية لسمعه ما يمكن ان ان تمر بسلام لكن داود عليه السلام آآ لم يلتفت لذلك وشرع في الحكم بينهما بما بما علمه الله سبحانه وتعالى ويسر له بل حكم بالحق الصرف كما قال الشيخ رحمه الله تعالى ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء هو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه