بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات. اما بعد فيقول الشيخ عبدالرحمن عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله وغفر له في كتابه تيسير اللطيف المنان قال رحمه الله واما مريم فانها انت بدت من اهلها مكانا شرقيا متجردة لعبادة ربها فاتخذت من دونهم حجابا لئلا يشغلها احد عما هي بصدده فارسل الله لها الروح الامين جبريل في صورة بشر سوي من اكمل الرجال واجملهم وظنت انه يريدها بسوء فقالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا وتوسلت بالله فتوسلت بالله في حفظها وحمايتها وذكرته وجوب التقوى على كل مسلم يخشى الله فكان هذا الورع العظيم منها في هذه الحالة التي يخشى منها الوقوع في الفتنة ورفع الله بذلك مقامها ونعتها بالعفة الكاملة وانها احسنت فرجها فقال لها جبريل انما انا رسول ربك لاهب لاهب لك غلاما ذكيا قالت انى يكون لي غلام ولم يمسسنى بشر ولم اك بغيا قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله اية للناس ورحمة منا ورحمة منا به وبك وبالناس. وكان امرا مقضيا فلا تعجبي مما قدره الله وقضاه الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد فهذه قصة مريم رضي الله عنها ورحمها ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة مريم وهي سورة عرفت باسمها رضي الله عنها وقد ذكر في تلك السورة تفاصيل لقصتها العظيمة بدأت بقول الله عز وجل مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم واذكر في الكتاب مريم اذ انتبلت من اهلها مكانا شرقيا اي اذكر ايها النبي قصة مريم العظيمة العجيبة عندما انتبدت من اهلها مكانا شرقيا اي تنحت ان قومها وانفردت بمكان لجهة الشرق الناحية الشرقية فاتخذت من دونهم حجابا فاتخذت من دونهم حجابا اي ساترا يسترها عن قومها لئلا يروها في ذلك المكان وهي منشغلة التعبد لله سبحانه وتعالى فارسلنا اليها روحنا اي جبريل عليه السلام فتمثل لها بشرا سويا اي انسانا سوي الخلقة جاءها في هذا المكان التي هي منعزلة فيه عن قومها فخافت على نفسها وهي المرأة المصونة العفيفة التي احصنت فرجها كما اثنى الله عليها بذلك في في كتابه والتي احصنت فرجها اثنى الله عليها بذلك لما اتاها وبهذه الصورة انسان سوي الخلقة طافت خشيت على نفسها منه فلجأت الى الله عز وجل ان يعيدها منه ووعظته تقوى الله وحذرته قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا اعوذ بالرحمن منك هذا اعتصام بالله والتجاء اليه سبحانه وتعالى واستجارة بالرحمن سبحانه وتعالى ان يعيذها منه ان كان يريد بها سوءا وقولها له ان كنت تقيا هذي هذا وعظ له. وتذكير له بالله سبحانه وتعالى وتخويف له به جل وعلا فقال لها جبريل قال انما انا رسول ربك لست بشرا ولكن رسول بعثني الله سبحانه وتعالى اليك لاهب لك ولدا طيبا صالحا لاهب لك غلاما ذكيا فتعجبت من ذلك وهي العفيفة المصونة اه المحصنة كيف يكون ذلك لما يمسسها بشر بنكاح ولم تكن من اهل البغي الذي هو الزنا فقالت متعجبة انى يكون لي غلام ولم يمسسنى بشر اي لم يقربني زوج ولم اك بغيا ايوة لست من اهل من البغايا اهل البغي والزنا كانى يكون لي بشر و الحالة هذه قال جبريل عليه السلام كذلك قال ربك هو علي هين كذلك هي الامر كما ذكرت لم يمسسك بشر ولست من اهل البغي لكن الامر هين على رب العالمين هين على رب العالمين خلق خلق هين عليه سبحانه وتعالى خلق ولد من غير اب ولنجعله اية للناس ورحمة منا لنجعل هذا الولد علامة للناس على قدرة الله وانه سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء خلق ادم من تراب وخلق زوجه حواء منه و خلق عيسى من ام بلا اب وذرية ادم كلهم من اه ام واب والله على كل شيء قدير ورحمة منا لك يا مريم ولمن امن به وكان امرا مقضيا وكان امرا مقضية ايقظها الله وقدره وكتبه في اللوح المحفوظ سبحانه وتعالى قال رحمه الله فحملته فانتبدت اي ابتعدت به عن الناس مكانا قد مكانا قصيا خشية الاتهام والاذية منهم فاجاءها اي الجأها المخاض هي الطلق الى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا لم لما تعرفه مما هي متعرضة له من الناس وانهم لا يصدقونها ولم تدري ما الله صانع لها فناداها الملك من تحتها وكانت في مكان مرتفع وكانت في مكان مرتفع وآويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين الا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا اي نهرا جاريا وهزي اليك بجذع النخلة من دون ان تحوجك الى الى صعود تساقط عليك رطبا جنيا اي طريا ناضجا قال جل وعلا فحملته فانتبذت به مكانا قصيا حملته اي بعد ان نفخ نفخ الملك فيها انتبدت اي تنحت به مكانا قصيا اي بعيدا عن قومها فجاءها المخاض الى جذع النخلة اي ظربها المخاض وجاءها الى ساق نخلة فلما شعرت بذلك قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا كانت تخشى ان يظن بها السوء وهي العفيفة المحصنة المصونة فناداها اي جبريل عليه السلام من تحتها ناداها من تحتها ان لا تحزني قد جعل ربك تحتك سرية اي جدول ماء تشربين منه وقوله من تحتها يفيد انها كانت في مكان مرتفع وهذا يدل عليه الاية التي في سورة المؤمنون والتي اشار اليها رحمه الله وهي قوله اويناهما الى ربوة ذات قرار الربوة المكان المرتفع ذات قرار ومعين فناداها من من تحتها وهي على تلك المكان المرتفع لا تحزني لا تحزني فهذا فيه تهوين عليها وانها محفوظة بحفظ الله عز وجل وما لحق قلبك من المخاوف اه سييسره ييسرها الله سبحانه وتعالى قد جعل ربك تحتك سريا اي جدول ما تشربين منه واما الاكل فيقول وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا هزي اليك بجذع النخلة اي امسكي بالجذع وحركيه يتساقط عليك الرطب جنيا فورا من لحظته ولا يحتاج الى صعود من اجل انزاله من اعلى النخلة قال رحمه الله فكلي من الرطب واشربي من من السري وقري عينا بولادة عيسى وليذهب روعك وخوفك فاما ترين من البشر احدا فقولي اني نذرت للرحمن صوما اي سكوتا وكان معهودا عندهم انهم يتعبدون بالصمت في جميع النهار ولهذا فسره بقوله فلن اكلم اليوم انسيا واطمأن قلبها وزال عنها ما كانت تجد ثم لما تعالت من من نفاسها واصلحت شأنها وقويت بعد الولادة فاتت به قومها تحمله علنا غير علنا غير غير هائبة ولا مبالية فلما رآها قومها وقد علموا انه لا زوج لها جزما انه من وجه اخر فقالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا اخت هارون ما كان ابوك امرأ سوء وما كانت امك بغيا فاشارت اليه كما امرت بذلك فقالوا منكرين عليها مقالتها لهم كيف نكلم من كان في المهد صبيا فقال وهو في تلك الحال له ايام يسيرة بعد ولادته اني اعوذ اني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا اينما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا فكان هذا الكلام منه في هذه الحال من ايات الله وادلة رسالته وانه عبد الله لا كما زعمته النصارى وحصل لامه البراءة العظيمة مما يظن بها مما يظن بها من من السوء لانها لو اتت بالف شاهد على البراءة وهي على هذه الحال ما صدقها الناس ولكن هذا الكلام من عيسى وهو في المهد جل كل ريب يقع في القلوب قال جل وعلا فكلي واشربي وقال لي عينا كلي اي من الرطب واشربي اي من الماء وقر عينا اي لتقر عينك وتطيب نفسك بهذا المولود الذي هو قرة عين فاما ترين من البشر احدا فقولي اني نذرت بالرحمن صوما فلن اكلم اليوم نذرت صوما اي اوجبت على نفسي الصوم الذي هو عدم الكلام فلن اكلم اليوم انسيا. والصوم هو منع النفس وحبسها فتقول قالت لهم اني نذرت اني لا اكلم احدا لن اكلم اليوم انسيا فاتت به قومها تحمله جاءت مريم بابنها الى قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا اي امرا عظيما مفترا منكرا جئت بولد من غير اب يا اخت هارون اي انت من بيت صلاح ومن بيت عبادة ما كان ابوك امرأة سوء وما كانت امك بغيا انت من بيت بيت صلاح وبيت عبادة وبيت معروف بالدين والدك اه كان رجلا صالحا فاضلا ما كان امرأ سوء وامك امرأة فاضلة ما كانت من من اهل البغي والفواحش قالوا ذلك منكرين عليها فمضت على نذرها الا تكلم احدا واشارت الى ابنها فاشارت اليه قيل عيسى وهو لذلك الوقت في المهد صبي اشارت اليه وصبي في المهد يعني بعد الولادة بايام قالوا متعجبين كيف نكلم من كان في المهد صبيا كيف نكلم من كان في المهدي صبيا فتكلم عيسى عليه السلام في تلك اللحظة وهو في المهد وهذه اية من ايات الله العظيمة تكلم وهو في المهد في اي في ايام الولادة بكلمات واضحات بينات عظيمات فيها التوحيد الاخلاص تعظيم لامر الصلاة والزكاة وبر الوالدين والبعد عن العلو والتجبر قال اني عبد الله هذه الكلمات قالها وهو في المهد قال اني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا اينما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ليس له اب وبرا بوالدته ولم يجعلني جبارا شقيا. والسلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا قال عليه السلام اني عبد الله اني عبد الله اي عابد لله مطيع له خاضع له مخلص ديني له جل في علاه الثانية الكتاب الذي هو الانجيل وجعلني نبيا من انبيائه وهو عليه السلام من اولي العزم من اه من اه الرسل وهم افظل آآ المرسلين وخير الخلق اجمعين وجعلني مباركا اينما كنت اي كثير النفع الناس واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا اي بالمحافظة عليها والعناية بها طيلة حياته ومدة عمري وبرا بوالدتي اي وجعلني برا بها ولم يجعلني جبارا الشرقية اي سلمني ووقاني من الكبر و العتو والعصيان والسلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا السلام العافية والسلامة اه من الشيطان من كل بر اه يوم الولادة ويوم الموت وفي الحياة في هذه المواقف الثلاثة يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا اي يوم اه البعث والقيام لرب العالمين هذه المواقف العظيمة عافاه الله وكتب له فيها السلامة والعافية السلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا قال رحمه الله فانقسم الناس فيه بعد هذا ثلاثة اقسام اسم امنوا به وصدقوه في كلامه هذا وفي الانقياد له بعد النبوة وهم المؤمنون حقيقة وقسم غلوا فيه وهم النصارى فقالوا فيه المقالات المعروفة ونزلوه منزلة الرب تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا وقسم كفروا به وجفوه وهم اليهود ورموه ورموا امه بما برأها الله منه ولهذا قال تعالى فاختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم قال الشيخ رحمه الله فانقسم الناس فيه بعد هذا ثلاثة اقسام لما ذكر الله جل وعلا قصة مريم رضي الله عنها ورحمها قال ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ذلك الذي ذكر خلاصة لقصته وكيف ولد والاية الباهرة التي اه اه قدرها الله سبحانه وتعالى وهي كلامه لقومه وهو في المهد صبيا تلك الكلمات العظيمات ذلك الموصوف بهذه الاوصاف التي ذكر الله سبحانه وتعالى على هذه التفاصيل التي ذكر ذلك عيسى ابن مريم هذا هو عيسى وهذه حقيقة قول الحق الذي فيه يمترون لا كما يقوله الضالون الذين يشككون في امره ويختلفون في كل يقول قولا هو مبطل فيه مجانب للحق والصواب ومن ذلك قولهم في انه ولد لله تعالى اللهم يقول ولهذا قال ما كان لله ان يتخذ من ولد سبحانه اي تنزه وتقدس عن ذلك اذا قضى امرا فانما يقول له كن فيكون فهو منزه عن الولد سبحانه وتعالى و وامره في الخلق ان يقول للشيك فكان ولهذا عيسى بالكلمة كان وهذا معنى اه معنى وصفه بانه كلمة الله لانه بالكلمة كان ليس هو الكلمة ولكنه بالكلمة كان اذا قظى امرا فانما يقول له كن فيكون وان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فاختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم تلفوا اي صاروا اقساما في عيسى كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى فقسم امنوا به وصدقوه في كلامه هذا وفي الانقياد له بعد النبوة وهم المؤمنون حقيقة وقسم غلوا فيه وهم النصارى فقالوا فيه المقالات المعروفة ونزلوه منزلة الرب تعالى الله عما يقولون وقسم كفروا به وجفوه وهم اليهود ورموا امه بما برأها الله منه اي انها وولدته من الزنا وما كانت امه بغيا ولهذا قال الله سبحانه وتعالى اختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم اختلفوا اي صاروا متفرقين صاروا متفرقين مختلفين في شأن عيسى عليه السلام و القول الحق الذي لا مرية فيه هو هذا الذي فذكره الله سبحانه وتعالى آآ ونكمل ما بقي من آآ حديث يتعلق بقصته عليه السلام في لقائنا القادم باذن الله سبحانه وتعالى ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل