بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله رسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فان من مقاصد الحج العظيمة الفوز برضا الله سبحانه والنجاة من ناره والفوز بغفرانه ورحمته سبحانه وقد دل على هذا المقصد العظيم ادلة كثيرة. منها قوله عليه الصلاة والسلام من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه متفق عليه وقوله عليه الصلاة والسلام الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. متفق عليه وقوله عليه الصلاة والسلام في حديثه لعمرو بن العاص اما علمت ان الاسلام يهدم ما كان قبله وان الهجرة تهدي ما كان قبلها وان الحج يهدم ما كان قبله. رواه مسلم وقوله عليه الصلاة والسلام تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير قبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب الا الجنة. رواه الترمذي والفوز برضوان الله عز وجل هو اكبر المنن واجلها قال الله تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله. اولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله اكبر ذلك هو الفوز العظيم فذكر جل وعلا اولا اعمالهم من طاعات لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وقياما بفرائظ الاسلام وواجبات الدين وعمل على تبيان دين الله عز وجل نصحا لعباد الله وامرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ثم اتبع ذلك جل شأنه بذكر ما اعد لهم ذكرا متدرجا فبدأه بذكر انه سبحانه اعد لهم جنات تجري من تحتها الانهار ثم اتبع ذلك سبحانه بذكر المساكن العظيمة والغرفات العالية التي اعدها لهم نزلا ومسكنا في تلك الجنات ثم ذكر الكرامة الكبرى والمنة العظمى الا وهي الفوز بالرضوان قال تعالى ورضوان من الله اكبر ثم ختم السياق بقوله ذلك هو الفوز العظيم فقول الله عز وجل ورضوان من الله اكبر وان كان لم يذكر المفضل عليه بعد قوله اكبر للعلم به وبيانا لعظم رضوان الله جل وعلا وانه اكبر من كل نعيم واجل من كل عطية وذلك ان رظوان الله سبحانه صفة من صفاته وجنته وما فيها من كرامات وعطايا وهبات مخلوق من مخلوقات الله فرضوان الله اكبر من كل نعيم. اكبر من الجنة واكبر من كل نعيم في الجنة. اذ هو اعظم كرامة واجل عطية يوضح هذا المعنى في الاية وان كان واضحا ظاهرا ما خرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله تبارك وتعالى يقول لاهل الجنة يا اهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول هل رظيتم فيقولون وما لنا لا نرضى وقد اعطيتنا ما لم تعطي احدا من خلقك فيقول انا اعطيكم افضل من ذلك. قالوا يا رب واي شيء افضل من ذلك فيقول احل عليكم رظواني فلا اسخط عليكم بعده ابدا. متفق عليه وهذا الرضوان الذي يحله الله سبحانه على اهل جنته فلا يسخط عليهم بعده ابدا هو ثمرة واثر لرظاهم عنه فهو جزاء من جنس العمل. فلما رضوا عن الله رضي الله عنهم وروى الحاكم في مستدركه باسناد صحيح عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا دخل اهل الجنة الجنة يقول الله عز وجل هل تشتهون شيئا فازيدكم فيقولون ربنا وما فوق ما اعطيتنا قال يقول رضواني اكبر. رواه الحاكم اي اكبر من الجنة وما فيها وقال الحسن البصري يصل الى قلوبهم من رضوان الله من اللذة والسرور ما هو الد عندهم واقروا لاعينهم من كل شيء اصابوه من لذة الجنة وقد نظم هذه المعاني الامام ابن القيم رحمه الله تعالى في ابيات ضمن ميميته قال رحمه الله فبين هم في عيشهم وسرورهم وارزاقهم تجري عليهم وتقسم اذا هم بنور ساطع قد بدا لهم سلام عليكم طبتم ونعمتم يقول سلوني ما اشتهيتم فكل ما تريدون عندي انني انا ارحم فقالوا جميعا نحن نسألك الرضا فانت الذي تولي الجميل ارحموا فيعطيهم هذا ويشهد جمعهم عليه تعالى الله فالله اكرم. فبالله ما عذر امرئ وهو مؤمن بهذا ولا يسعى له ويقدم ولكن ما التوفيق بالله انه يخص من شاء فظلا وينعم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تأملت انفع الدعاء فاذا هو سؤال العون على مرظاته سبحانه وتعالى. ثم رأيته في الفاتحة في قوله اياك نعبد واياك نستعين فطلب العون من الله على نيل مرضاته جل شأنه هو اجل مطلب واكبر مقصد وانبل هدف واسمى غاية واعظم امر شمر في نيله المشمرون وسعوا في تحصيله ولذا كان الرضا باب الله الاعظم وجنة الدنيا ومستراح العارفين وحياة المحبين ونعيم العابدين وقرة وتعيون المشتاقين فينبغي على كل مسلم ان يجعل هذا المقصد نصب عينيه وان يكون حاضرا في قلبه وان يلتمس في حجه لبيت الله الحرام وفي جميع طاعاته الفوز برظوان الله وغفران الذنوب والعتق من النار وان يحرص على حضوره في ذهنه في كل مقام وفي كل موقف وفي كل حال في الحج وغيره لان هذه الاية اذا قامت في القلب وكان ما دلت عليه هو مقصد الانسان وغايته ومطلبه فان احواله كلها تصلح واموره كلها تطيب والواجب على من اشتاقت نفسه لهذا الرضوان وطاقت لهذه المنزلة العلية ورغبت في هذا الاجر العظيم ان يعد لهذا الامر عدته والا يشغله عنه ان يشاغل وربنا جل شأنه اخبرنا في مواضع من القرآن بان ثمة شواغل كثيرة تشغل العبد عن نيل هذا الرضوان. وتعوقه عن تحصيله. فلا يزال يتعثر الى ان يفوت على نفسه حظه نصيبه من هذا الرضوان العظيم ولنتأمل في هذا المعنى قول الله عز وجل زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا. والله عنده حسن المآب قل اانبئكم بخير من ذلكم؟ للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وازواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد الذين يقولون ربنا اننا امنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار فهؤلاء الذين تبوأوا منازل الرضوان وفازوا بهذا الامر العظيم والمطلب الجليل سبقه رضا منهم عن الله. وجد واجتهاد في طاعة الله. كما يوضحه هذا السياق وغيره مما جاء في كتاب الله ولم تشغلهم تلك الشواغل عن نيل الرظوان ومثل هذه الاية في التحذير من الشواغل التي تشغل الانسان وتعوقه عن نيل هذا الرضوان قول الله عز وجل في سورة الحديد اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الاخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور فيأتي ذكر الرضوان في مثل هذه المقامات تنبيها للعباد ليتنبه من اراد لنفسه هذا المطلب العظيم والمقصد الجليل الا تشغله هذه الشواغل والا تلهيه هذه الملهيات بان تكون صارفة له عن نيل هذا الرضوان العظيم وتحصيله والفوز به والحج فرصة عظيمة لنيل هذا الرضوان والظفر به والواجب على العبد ان يكون ساعيا من خلال اعمال الحج وغيره من الطاعات لنيل الرظوان مسارعا اصيلة جادا ومجتهدا في ذلك ويكون دأبه دائما وابدا التماس الرضوان وقد روى الامام احمد عن ثوبان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان العبد ليلتمس مرضاة الله ولا يزال بذلك فيقول الله عز وجل لجبريل ان فلانا عبدي يلتمس ان يرضيني الاوان رحمتي عليه فيقول جبريل رحمة الله على فلان ويقولها حملة العرش ويقولها من حولهم حتى يقولها اهل السماوات السبع ثم تهبط اي رحمة الله سبحانه له الى الارض. رواه احمد وعلى المؤمن في هذا المقام العظيم ان يكون مسارعا للخيرات لا ان يكون متقاعسا متوانيا مفرطا مضيعا مسوفا وليكن رائده في هذا الباب وقدوته في انبياء الله ورسله عليهم صلوات الله وسلامه ومن الامثلة العظيمة في ذلك قول الله عز وجل عن نبيه موسى عليه السلام وعجلت اليك ربي لترضى اخذ اهل العلم من هذه الاية ومنهم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان الاصل ان يسارع العبد في نيل مرضاة الله لا ان او ان يؤجل او ان يؤخر فكم من اناس طهروا اعمالا ينال بها رضوان الله فداهمهم الموت وباغتهم الاجل قبل ان يحققوا تلك الاعمال. وقبل ان يفوزوا كالخصال وكذلك الاقتداء بالصحابة بان يقرأ تاريخهم المجيد وحياتهم الكريمة ليأتسي بهم وبافعالهم فيفوز بالرضوان. وهذا المعنى مقرر في قول ربنا سبحانه والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه فاشرك الله سبحانه الذين اتبعوا الصحابة باحسان بالرضا عنهم فحظ العبد من رضى الله سبحانه وتعالى بحسب حظه من هذا الاقتداء بمن رضي الله عنه واخبر برضاه عنهم في مواضع عديدة من كتابه سبحانه والحج يربي المسلم على الارتباط الوثيق بالانبياء عليهم السلام وبالصحابة الكرام رضي الله عنهم قدوات العباد ممن شمروا في حياتهم عن ساعد الجد وعملوا على تحقيق الرضوان ونيله ولم تشغلهم عنه توافه الامور وحقير الاشياء واذا كان الحديث عن رضوان الله سبحانه ونيله فان الدهن ينتقل مباشرة الى حياة الانبياء المجيدة وتاريخهم العظيم في نيل رظوان الله ثم حياة الصحابة الكرام رظي الله عنهم فهي حياة عامرة ببذل الاسباب عظيمة لنيل رضوان الله. فرضي الله عنهم ورضوا عنه والموفق من عباد الله من ترسم خطاهم وسلك سبيلهم ولزم غرزهم ومن كان بهم اشبه كان ذلك فيه اكمل وكان الى نيل الرضوان اقرب واسأل الله الكريم رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يتفضل علينا اجمعين بالتوفيق لما يحبه ويرضاه من سديد الاقوال وصالح الاعمال وان يجعلنا من الفائزين ممن يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته