بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فان من مقاصد الحج العظيمة التذكير بحال الانبياء. وسير رسل الله عز وجل صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين والحج مليء بالمواقف والمشاعر والشعائر العظيمة التي تذكر المؤمنين بانبياء الله فهذه الارض التي اكرم الله عز وجل الحجاج بالتنقل فيها من مشعر الى مشعر ومن منسك الى منسك وهذه الشعائر والمناسك التي يخطوها الحاج قد خطاها قبله رسل الله وانبياؤه صلوات الله وسلامه عليهم قال عليه الصلاة والسلام صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا وقبلك ايها الحاج وسبقك الى هذه الطاعة رسل الله الكرام صلوات الله وسلامه عليهم. فقد جاءوا الى هذه الاراضي المباركة فتستشعر هذا وتعمق في قلبك ارتباطك بانبياء الله وسيرك على منهجهم وقفوك اثارهم وهذا التذكر العظيم للانبياء وتاريخهم المجيد تلقاه في كل عمل من اعمال الحج فاذا اهللت بالحج في الميقات تذكر سبق الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم لك الى هذا الاهلال وهذه التلبية عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي الازرق فقال اي واد هذا فقالوا هذا وادي الازرق قال كأني انظر الى موسى عليه السلام هابطا من الثنية وله جؤار الى الله بالتلبية ثم اتى على ثنية هرشا فقال اي ثنية هذه قالوا ثنية هرشا قال كاني انظر الى يونس ابن متى عليه السلام على ناقة حمراء جعدة عليه جبة من صوف خطام ناقته خلبة وهو يلبي رواه مسلم وعن ابي موسى وانس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد مر بالروحاء سبعون نبيا يأمون بيت الله العتيق. رواه ابو يعلى واذا نزل عيسى عليه السلام في اخر الزمان اهل بهذا الاهلال اما بيت الله العتيق عن ابي هريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا او معتمرا او ليثنيينهما رواه مسلم واذا جئت الى بيت الله تذكر ان الذي قام على بناء البيت هما خليل الرحمن ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما الصلاة والسلام واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا وتأمل وهما من هما في المكانة والمنزلة وفي عمل صالح جليل ثم يسألان الله تعالى ان يتقبل منهما وتذكر نداء ابراهيم عليه السلام بعد بنائه البيت الناس بالحج بامر الله له واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ظامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام. فكلوا منها اطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفتهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق واذا انتهيت من الطواف وتوجهت الى المقام لتصلي خلفه ركعتين. تذكر قول الله عز وجل واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى وهو يذكرك بابراهيم عليه السلام ومقامه العظيم عن جابر رضي الله عنه قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة دخل المسجد فاستلم الحجر ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى اربعا ثم اتى المقام فقال اخذوا من مقام ابراهيم مصلى. فصلى ركعتين والمقام بينه وبين البيت ثم اتى الحجر بعد الركعتين فاستلمه ثم خرج الى الصفا رواه الترمذي وعنه رضي الله عنه قال لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من طواف البيت اتى مقام ابراهيم فقال عمر يا رسول الله هذا مقام ابينا ابراهيم الذي قال الله واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى؟ قال نعم ام رواه ابن ماجة واذا شربت من ماء زمزم وسعيت بين الصفا والمروة ذكرك ذلك بقصة هاجر رضي الله عنها تلك المرأة المؤمنة الصادقة المتوكلة على الله سبحانه وتعالى لما جاء بها ابراهيم عليه السلام الى هذه الارض واراد ان يرحل وان يتركها بواد غير ذي زرع هي ووليدها وحدهم قالت من امرك ان تضعني بارض ليس فيها ضرع ولا زرع ولا انيس ولا زاد ولا ماء قال ربي امرني قالت فانه لن يضيعنا وبقيت وحدها في ذلك المكان تلك المؤمنة المتوكلة على الله سبحانه وتعالى ثم لما اشتد بها العطش وخافت على وليدها من الهلاك صعدت على الصفا تبحث عن الماء وتنطلق الى المروة تبحث عن الماء وترجع الى الصفا واذا نزلت بطن الوادي اسرعت وشدت ثم اذن الله سبحانه بان ينبع ماء زمزم وبقي من ذلك الزمان ماء مباركا يقول عليه الصلاة والسلام انها مباركة. انها طعام طعم وشفاء سقم وانه لما شرب له وصب منه عليه الصلاة والسلام على رأسه وحمل منه عليه الصلاة والسلام معه فهو ماء مبارك ليس على وجه الارض ماء اطيب ولا انفع ولا ابرك منه ثم اصبح السعي بين الصفا والمروة شعيرة من شعائر الله وطاعة من الطاعات العظام على اثر قيام هذه المرأة الصالحة المؤمنة بما قامت به حتى انبياء الله عليهم صلوات الله وسلامه كانوا يسعون في ذلك المكان على اثر تكرار وسير هاجر فيه الى ان يسر الله سبحانه وتعالى لها الماء واذا ذهبت الى عرفات جاء في الحديث انه عليه الصلاة والسلام قال لاصحابه كونوا على مشاعركم فانكم على ارث من ارث ابيكم ابراهيم عليه السلام والانبياء كما هو معلوم لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا دين الله وقال عليه الصلاة والسلام خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلته انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير واذا رميت الجمار يذكرك ذلك باصل الرمي وهو ان الشيطان عرض لابراهيم الخليل عليه السلام ثلاث مرات في ثلاثة مواضع وكان يرميه بحصيات حتى يسيخ في الارض فبقي ذلك شعيرة عظيمة يقوم بها المؤمنون في حجهم لبيت الله عز وجل اقامة لذكر الله سبحانه عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه قال لما اتى ابراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الارض ثم عرظ له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الارظ ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الارض قال ابن عباس رضي الله عنهما الشيطان ترجمون وملة ابيكم تتبعون. رواه الحاكم وفي ذبح الهدايا ما يذكر بتلك القصة العجيبة العظيمة عندما رأى ابراهيم الخليل عليه السلام في المنام انه يذبح ابنه اسماعيل عليه السلام فاستشاره في ذلك قال يا ابتي افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين. فلما اسلما وتله للجبين اي جاء بابنه ومعه السكين ووضع السكين على رقبته استسلاما منه ومن ابنه لامر الله ففداه الله عز وجل بذبح عظيم فكل هذه الاعمال تذكر بالانبياء فيخرج الحاج من حجه بعبق طيب وذكرا جميلا تربطه بصفوة الخلق انبياء الله ورسله عليهم السلام الذين هم خيار عباد الله وافضلهم على الاطلاق مستشعرا سلوك سبيلهم ولزوم نهجهم عليهم صلوات الله وسلامه اجمعين وعلى من اتبعهم باحسان فهذا من المقاصد العظيمة والعبر البالغة التي تفيدها من حجك لبيت الله الحرام فانت على منهاج الانبياء سائر ولطريقهم سالك فتذكر هذه النعمة العظيمة التي انعم الله تبارك وتعالى بها عليك وليكن هذا التذكر باعثا لك للاهتداء بهديهم والسير على نهجهم وسلوك سبيلهم قال الله تعالى وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم ووهبنا له اسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وايوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين واسماعيل وليسع ويونس ولوط وكلا فضلنا على العالمين ومن ابائهم وذرياتهم واخوانهم واجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون. اولئك الذين اتيناهم الكتاب والحكم والنبوة. فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده. قل لا اسألكم عليه اجرا. ان هو الا ذكرى للعالمين فهؤلاء ثمانية عشر نبيا ذكرهم الله سبحانه على التوالي ثم امر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم قال قتادة رحمه الله قص الله عليه ثمانية عشر نبيا. ثم امره ان يقتدي بهم اخرجه عبد ابن حميد قال ابن كثير رحمه الله واذا كان هذا امرا للرسول صلى الله عليه وسلم فامته تبع له فيما يشرعه ويأمرهم به نسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين للزوم نهج الانبياء واتباع سبيلهم انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته