بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فان من مقاصد الحج العظيمة تعميق الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا تجد الحاج يحرص حرصا شديدا في حجه ان يكون كل عمل من اعماله موافقا للسنة وتجده يسأل اهل العلم ان فعلت كذا هل علي حرج هل هذا العمل صواب؟ هل هو موافق للسنة حريص ان تقع اعماله في حجه وفق السنة وكلنا يعلم قول نبينا صلى الله عليه وسلم في حديث جابر في صحيح مسلم لتأخذوا عني مناسككم قال ذلك عليه الصلاة والسلام في حجة فتجد الحاج يحرص في باب المأمورات على فعلها والاتيان بها وافية ويحرص في باب المحظورات على تركها والبعد عنها وتجده يسأل بدقة ويتحرى بصدق ان تكون اعماله موافقة لهدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ولنتأمل في هذا المقام تلك الكلمة العظيمة التي قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قبل الحجر الاسود اسود قال اما والله اني لاعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع. ولولا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك وعن يأل ابن امية قال طفت مع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فاستلم الركن قال يا علاء فكنت مما يلي البيت فلما بلغت الركن الغربي الذي يلي الاسود جربت بيده ليستلم فقال ما شأنك فقلت الا تستلم قال الم تطف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت بلى فقال افرأيته يستلم هذين الركنين الغربيين قال فقلت لا قال افليس لك فيه اسوة حسنة قال قلت بلى قال فانفذ عنك اي لا نفعل شيئا من الاعمال الا ما كان موافقا لسنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ولهذا فان من المقاصد العظيمة والفوائد الجليلة التي يفيدها المسلم في حجه ان يحرص في حياته كلها ان تكون عباداته كلها وفق شرع الله ووفق هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول لنفسه كما اني كنت في حجي لبيت الله اتحرى السنة واسأل عنها واتحرى موافقة هدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فلأكن كذلك في طاعاتي كلها وعبادات جميعها فيتحرى السنة في صلاته وفي صيامه وفي زكاته وفي كل عبادة يتقرب الى الله عز وجل بها ويحذر اشد الحذر من الاهواء والبدع التي ما انزل الله سبحانه وتعالى بها من سلطان فهذا من المقاصد التي ينبغي ان يحرص عليها الحاج مستفيدا من حجه بان يقوي في نفسه الاتباع لسنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام والسير على منهاجه القويم وفي الحج يظهر ظهورا جليا حرص اكثر الحجاج او جلهم على السؤال بدقة عن اعمال الحج لتكون اعمالهم موافقة للسنة. ففي باب المأمورات يحرصون على فعلها بدقة والسؤال عنها وفي باب المنهيات يسألون بدقة عن هدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام حذرا من الوقوع في شيء من محظورات الاحرام التي نهي عنها المحرم فهذه فرصة ثمينة لتربية النفس على الاتباع فيا من اتبعت السنة في الحج اتبعها في كل حياتك يا من اتبعت السنة في حجك لبيت الله الحرام اتبعها في صلاتك فان الذي قال لتأخذوا عني مناسككم هو الذي قال صلوا كما رأيتموني اصلي وهو الذي قال من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد فاذا كنا نحرص على السنة في الحج فلنحرص على السنة في الصلاة وفي الصيام وفي الزكاة وفي جميع طاعاتنا كذلك نحرص عليها في تجنب المنهيات وفي فعل المأمورات فالحج يعتبر فرصة ثمينة للحاج ليحقق في نفسه الاستجابة الصادقة والمتابعة الدائمة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام والسير على منهاجه القويم وكم يظهر جليا في حال كثير من الحجاج من حرص على الاتباع وتعلم هدي النبي عليه الصلاة والسلام. فتراهم يقبلون على مجالس الذكر وحلق العلم ويكثرون من سؤال العلماء عن صفة الحج وكيفيته واركانه وواجباته ونواقضه ومبطلاته باهتمام بالغ وتحر دقيق ولا سيما من يستشعر منهم في حجه قول النبي عليه الصلاة والسلام لتأخذوا عني مناسككم وعموما العمل لا يكون مقبولا عند الله الا اذا وافق هدي النبي عليه الصلاة والسلام دون افراط او تفريط ودون علو او جفاء ودون زيادة او تقصير فاذا الزم المسلم نفسه في حجه بالسنة وقيدها بهدي النبي صلى الله عليه وسلم افاده ذلك ان لزوم السنة واتباع الهدي مأمور به في كل طاعة فكما انه متحتم في الحج على كل احد الاخذ بمناسكه صلى الله عليه وسلم فانه متحتم على كل احد الاخذ بهديه في كل طاعة. وفي جميع العبادات التي يتقرب بها الى الله سبحانه وتعالى وكل عمل لا يكون على هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فان الله لا يقبله. كما دل على ذلك منطوق قوله صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد فانه يدل على ان كل بدعة احدثت في الدين ليس لها اصل في الكتاب ولا في السنة سواء كانت من البدع العلمية القولية او من البدع العملية التعبدية فمثلا من اخبر بغير ما اخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم او تعبد بشيء لم يأذن الله به ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يشرعه فانه يكون مردودا على صاحبه غير مقبول منه كما ان الحديث يدل بمفهومه ان من عمل عملا عليه امر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو التعبد لله بالعقائد الصحيحة والاعمال الصالحة من واجب ومستحب فعمله مقبول وسعيه مشكور روى ابو داوود والترمذي وابن ماجة وغيرهم عن العرباض ابن سارية رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم اقبل علينا بوجهه فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجدت منها القلوب فقلنا يا رسول الله كانها موعظة مودع فاوصنا فقال اوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان تأمر عليكم عبد فانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور فان كل بدعة ضلالة. رواه ابو داوود والترمذي وابن ماجة وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كل بدعة ضلالة هو من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء. وهو اصل عظيم من اصول الدين وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد فكل من احدس فكل من احدث شيئا ونسبه الى الدين ولم يكن له اصل من الدين يرجع اليه فهو ضلالة والدين بريء منه وهو مردود على صاحبه غير مقبول منه ودين الله مبني على اصلين عظيمين واساسين متينين احدهما الا نعبد الا الله وحده لا شريك له والثاني الا نعبده الا بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. لا نعبد بالاهواء والبدع قال الله ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون انهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وقال تعالى ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله فليس لاحد ان يعبد الله الا بما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم من واجب ومستحب لا نعبده بالامور المحدثة المبتدعة التي لا اصل لها في دين الله ولا اساس لها من شرعه وليس لاحد ان يعبد الا الله وحده فلا يصلى الا لله ولا يصام الاله ولا يحج الا الى بيته ولا يتوكل الا عليه. ولا يصرف شيء من العبادة الاله وقد جمع الله بين هذين الاصلين العظيمين في قوله سبحانه فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ايشرك بعبادة ربه احدا فالعمل الصالح هو الموافق للشرع المطهر والخالص هو الذي لم يرد به الا وجه الله. وهما ركنا العمل المتقبل فان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل واذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا. والخالص ما كان لله والصواب ما كان على فالواجب على كل مسلم يرجو لنفسه الفوز والسعادة في الدنيا والاخرة ان يلزم نفسه بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وان يقيد عمله بسنته وان يحذر تمام الحذر من مفارقة هديه ومخالفة سنته واتباع غير سبيله اذ هو عليه الصلاة والسلام القدوة والاسوة لامته كما قال الله تعالى في شأنه لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا فالاسوة الحسنة فالرسول عليه الصلاة والسلام فان المتأسي به سالك الطريق الموصل الى كرامة الله وهو الصراط المستقيم وانما يسلكها ويوفق لها من كان يرجو الله واليوم الاخر فان ما معه من الايمان وخوف الله ورجاء ثوابه وخوف عقابه يحث على التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم وقال تعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم اي هو احق بهم في كل امور الدين والدنيا واولى بهم من انفسهم فضلا عن ان يكون اولى بهم من غيرهم فيجب عليهم ان يؤثروه بما اراده من اموالهم وان كانوا محتاجين لها ويجب عليهم ان يحبوه زيادة على حبهم لانفسهم ويجب عليهم ان يقدموا حكمه عليهم على حكمهم لانفسهم. وبالجملة فاذا دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم بشيء ودعتهم انفسهم الى غيره وجب عليهم ان يقدموا ما دعاهم اليه ويؤخر ما دعتهم انفسهم اليه ويجب عليهم ان يطيعوه فوق طاعتهم لانفسهم ويقدم طاعته على ما تميل اليه انفسهم وتطلبه خواطرهم. هذا حاصل قوله النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم ولا ريب ان هذا يتطلب من المسلم اجتهادا في معرفة السنة وبذلا الوقت في سبيل معرفة هدي الرسول عليه الصلاة والسلام وذلك عن طريق سؤال اهل العلم والجلوس في حلق الذكر التي يبين فيها الحلال والحرام وقراءة الكتب النافعة والمؤلفات المفيدة المشتملة على بيان ذلك ليتسنى للمسلم بعد ذلك القيام بالعبادة على وجه صحيح ونهج سليم موافق لهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نسأل الله الكريم ان يوفقنا اجمعين لاتباع هدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام والسير على منهاجه القويم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته