الحمد لله لا يأتي بالحسنات الا هو ولا يصرف السيئات الا هو ولا اله الا هو واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله ربكم وراقبوه في جميع اعمالكم مراقبة من يعلم ان ربه يسمعه ويراه ايها المؤمنون لقد جاء الاسلام بما فيه بناء المسلم على العقيدة القويمة والايمان الراسخ والثقة الكاملة بالله وحسن التوكل عليه جل في علاه وبالبعد عن الاوهام والظنون والخرافة ونحو ذلك من التعلقات الباطلات قال الله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه وقال تعالى قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ايها المؤمنون ومما يتنافى مع هذا الاعتقاد والثقة بالله وحسن التوكل عليه جل في علاه الطيرة والتطير والتشاؤم. فانها من اعمال الجاهلية وهدي اهل الضلال والباطل وهي اعتقاد مبني على الوهم والخرافة والظنون الكاسدة الفاسدة الطيرة عباد الله سوء ظن بالله ومجلبة للاوهام والظنون واتباع لخطوات الشيطان وخلل في الايمان والاعتقاد وضعف في الثقة بالله والتوكل عليه ومجلبة للشرور والافات ولهذا عباد الله تكاثرت الاحاديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم تحذيرا منها ونهيا عنها وبيانا لفساد التعلق بها ففي الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وهذه كلها من ظنون اهل الجاهلية وتعلقاتهم الباطلة واصل الطيرة عباد الله عند اهل الجاهلية تعلق هؤلاء بحركات الطير واصواتها وهيئاتها فيتشاءمون من بعض اصواتها او بعض حركاتها او بعض اصناف الطير مما يجعل الواحد منهم ينثني عن حاجته ولا يقوموا بمقصده عند حصول هذا التشاؤم له جاء في صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه وهو يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض اعمال اهل الجاهلية التي كانوا يصنعونها قال وكنا نتطير فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك شيء يجده احدكم في نفسه فلا يصدنكم اي ليحذر المؤمن بالله الواثق به جل في علاه ان يصده ما يهجم على قلبه من هذا التطير لشيء يراه او يسمعه فلا يصدنكم اي عن حاجتكم وفي سنن ابي داوود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطيرة شرك وما منا وهذا من قول ابن مسعود الا ولكن الله يذهبه بالتوكل وما منا الا اي قد يهجم على القلب في بعض الاوقات شيء من ذلك بمرأى رآه او صوت سمعه او امر شاهده ولكن الله يذهبه بالتوكل اي توكل المؤمن الصادق على الله جل في علاه يذهب عنه هذا الوهم ويطرد عنه هذه الخرافة كان ابن عباس رضي الله عنهما مع نفر من اصحابه في طريق فسمع احدهم طائرا يصيح فقال خير خير فقال ابن عباس رضي الله عنهما لا خير ولا شر وكان طاووس مع صاحب له في طريق فسمع صوت غراب يصيح فقال خير؟ قال واي خير عند هذا نعم عباد الله اهذه مجرد تعلقات باطلة قد تعلق في القلب فاذا صدت المرأة عن حاجته فقد وقع في باب من ابواب الشرك وضرب من دروب الجاهلية التي ما انزل الله بها من سلطان ايها المؤمنون وخطورة الطيرة على العبد انما هي عندما يكون لها تأثير في سلوكه وعمله ولهذا جاء في الحديث الصحيح في المسند وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ردته الطيرة عن حاجته؟ فقد اشرك من ردته الطيرة عن حاجته فقد اشرك اي وقع في باب من ابواب الشرك لكن المسلم الواثق بالله اذا عرظ له شيء من ذلك لم يلتفت اليه ولم يبالي به ومضى في حاجته مستعينا بالله متوكلا عليه قال عليه الصلاة والسلام من ردته الطيرة عن حاجته فقد اشرك. قالوا وما كفارة ذلك بك يا رسول الله قال ان تقول اللهم لا طير الا طيرك ولا خير الا خيرك ولا اله غيرك حديث صحيح ايها المؤمنون والطيرة عندما تكون مسلكا للانسان ان يعتني بها ويهتم لها ويبني عليها كانت حينئذ سبب شر وبلاء عليه ولهذا روى ابن حبان في صحيحه عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا طيرة والطيرة على من تطير وتأملوا قول نبينا عليه الصلاة والسلام والطيرة على من تطير. اي انها عندما تكون مسلكا المرء تكون مجلبة للسرور عليه عقوبة من الله له اما المؤمن المتوكل على الله جل في علاه فلا يضره شيء من ذلك ايها المؤمنون نحمد الله جل في علاه ان هدانا لهذا الدين العظيم وان جعلنا من اهل الاسلام والنجانا بهذا الدين من الخرافة والضلال والباطل فلله الحمد اولا واخرا وله الشكر ظاهرا وباطنا حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا جل وعلا ويرضى الحمدلله كثيرا اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله عباد الله وفي هذا الباب باب التحذير من الطيرة يقول نبينا عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين لا عدوى ولا طيرة ولكن يعجبني الفأل قالوا يا رسول الله وما الفأل قال الكلمة الطيبة عباد الله الكلمة الطيبة حين يسمعها المؤمن وهو ماض في حاجته تحدث له في نفسه سرورا وغبطة وفرحا وهناءة وهي من مقتضى الطبيعة والفطرة التي فطر الله العبادة عليها فهي لا تضر المؤمن وتبعث في قلبه سرورا ونشاطا ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يعجبه الفأل ويسر به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه لكن ومع ذلك لا يبني المرء عمله وسيره في مصالحه على فأل سمعه فانه ان فعل ذلك دخل في ظرب من دروب الطيرة المذمومة المنافية للتوكل على الله لكنه ان سمع ما يسره يسر بذلك ويمضي في حاجته بنشاط وهمة وثقته كلها بالله واعتماده كله عليه وحده جل في علاه رزقنا الله جل وعلا اجمعين حسن الثقة به وتمام التوكل عليه واصلح لنا اجمعين شأننا كله انه ولي التوفيق والسداد لا شريك له جل في علاه وصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبدالله كما امركم الله بذلك فقال ان الله ملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. وارضى اللهم عن الصحابة اجمعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم دين اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين