بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فقد صنف جماعة من اهل العلم لا يحصون من المتقدمين ومن المتأخرين بالاربعينات اي اربعين حديثا واشتهرت عنهم تلك المصنفات وتداولها طلاب العلم واختلفت مقاصد مصنفيها بتصنيفها ولم يتفقوا على غرض واحد او مقصد واحد بالتاليف بل تباينوا في طريقة جمعها وترتيب ابوابها وتنوع موضوعاتها فمنهم من جمع في التوحيد مثلا او في الفضائل فضائل بعض الاعمال او فضائل بعض السور او فضائل القرآن او فظائل الصحابة ومنهم من قصد بالجمع الافادة او الاشارة الى الشيوخ الذين تلقى عنهم او البلدان التي رحل اليها ولهذا بعضهم جمع الاربعين في اربعين عن اربعين من اربعين اربعين اي حديثا باربعين موظوعا عن اربعين شيخا من اربعين بلدا ومن اقدم من جمع من اهل العلم الاربعين بما ذكر اهل العلم الامام عبد الله ابن المبارك ام محمد ابن اسلم الطوسي ثم الحسن بن سفيان النسوي وغيرهم من اهل العلم كثر جمعوا في هذا الباب العظيم وقد اشار النووي رحمه الله في مقدمة الاربعين له الى جماعة من اهل العلم جمعوا في الاربعين ذكر ان اولهم عبد الله بن مبارك و عدد ثلاثة عشر عالما ختمهم ابي بكر البيهقي صاحب هذه الاربعين التي نحن بصدد دراستها ومذاكرتها ثم قال وخلائق لا يحصون من المتقدمين والمتأخرين وكثير من ممن جمع في الاربعين بنى على حديث آآ يرفع الى النبي عليه الصلاة والسلام ويروى عن عدد من الصحابة انه قال من حفظ على امتي اربعين حديثا من امر دينها بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما وفي بعض الفاظه ادخلته يوم القيامة في شفاعتي وله الفاظ اخرى وهذا الحديث لا يثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام بل كما قال النووي رحمه الله في مقدمة الاربعين له واتفق الحفاظ على انه حديث ضعيف وان كثرت طرقه وهكذا ايظا قال البيهقي في مقدمة اربعين هذه كما سيأتي معنا قال باسانيد واهية الى تصح ولا تثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام وقد ذكر النووي رحمه الله ان اعتماده بتأليف اه الاربعين التي جمعها ليس على هذا الحديث بل على احاديث اخرى مثل حديث ليبلغ الشاهد منكم الغائب وحديث نظر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها نحوها من الاحاديث الحاثة على نشر العلم رواية الاحاديث وبثها في الامة وهكذا ايضا البيهقي رحمه الله في كتابه هذا الاربعين صدره بهذه الاحاديث كما سيأتي حديث نظر الله امرأ وحديث ليبلغ الشاهد منكم الغائب ثم ذكر بعد ذلك في خاتمة المقدمة هذا الحديث الضعيف واشار الى اه وهائي اسانيده منبها ان العمدة في الجمع آآ ليس هذا الحديث الضعيف ولهذا لم يتقيد بجمع اربعين حديثا بل الذي جمعه في الاربعين يزيد على مئة حديث لكن الابواب جعلها اربعين بابا فلو كان هذا الحديث عمدة له لقصرها على اربعين حديثا ولعله ايضا هذا المعنى لم يقتصر النووي رحمه الله على اربعين. بل جمع في اربعين اثنين واربعين حديثا وتتميز هذه الاربعين التي جمعها البيهقي رحمه الله تعالى ميزات عظيمة من حيث حسن التاليث وجودة الجمع والترتيب وحسن الانتقاء الاحاديث فيما بوبه رحمه الله تعالى من ابواب عظيمة اتت على اه جماع ما يتعلق احوال العباد واخلاقهم وادابهم وبدأه باعظم الامور وهو توحيد الله وافراده بالعبادة ثم ثنى بالتوبة الى الله عز وجل من جميع اه الذنوب ثم دخل في ابواب عظيمة جدا في الاخلاق والتعاملات بين اه العباد واحسن اي ما احسان في الجمع تبويب والترتيب وانتقال الاحاديث وهو رحمه الله يسوق الاحاديث باسناده هو الى النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ثم يعقب بذكر من خرج هذه الاحاديث من اصحاب الكتب وايضا يتكلم على غريب الحديث ويشرح بعظ الفاظه ويتكلم ايضا في عدد من المواضع على الحديث من ناحية الاسناد فهو مشتمل على لطائف عظيمة جدا فوائد نافعة ومفيدة الغاية و احسن حقيقة احسان عظيم في تبويبات ابوابه دقيقة جدا ومهمة في احوال العبد واخلاقه وما ينبغي ان يكون عليه وايضا ما ضمنها ما ضمن هذه الابواب من احاديث انتقها رحمه الله باحسان ودقة ونشرع في قراءة هذه الاربعين للبيهقي رحمه الله تعالى ونسأل الله عز وجل ان يجزيه خير الجزاء وان ينفع بهذه الاربعين وان يجزي اهل العلم عامة خير الجزاء على ما بذلوه من جهود عظيمة ونفع عميم في جمع احاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وروايتها للامة تحصيلا ما قاله عليه الصلاة والسلام في حديثه الصحيح نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فاداها كما سمعها ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم لا سهل الا ما جعلته سهلا انك تجعل الحزن اذا شئت سهلا اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى بسم الله الرحمن الرحيم. كتاب الاربعون الصغرى. الحمد لله كفاء حقه. والصلاة على خير خلقه. محمد النبي المصطفى والرسول المجتبى وعلى اله كلما ذكره الذاكرون او غفل عن ذكره الغافلون والحمد لله الذي اقام الحجة على وحدانيته ثم على صدق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في دعوى رسالته تهو في امته حتى دعا عباده الى عبادته وهدى من شاء منهم لاجابته وبين على لسانه ما يحتاج الى معرفته للقيام بشريعته وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه على حفظ سنته. ثم على ادائها الى من يأتي بعده من امته ليكونوا على علم فيما يلزمهم من استعمال طاعته واجتناب معصيته. وكان قولوا في اخر خطبته اللهم هل بلغت فيقولون نعم فيقول الا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعظ من يبلغه ان يكون اوعى لهم من بعض من سمعه وربما كان يقول فرب مبلغ اوعى من سامع قوله رحمه الله الحمد لله كفاءة حقه هذه الصيغة في الحمد وذكر ايضا مثلها رحمه الله في مقدمة كتابه خطأ من اخطأ على الشافعي وايضا نظيرها قولهم الحمد لله كفاء الواجب فهذه الصيغة الحمد لله كفاء حقه او كفاءة الواجب المراد بها اي ما يكون مكافئا لحقه او للواجب من اه شكره سبحانه وتعالى على منه وفضله جل في علاه كفاءه اي مكافئا له ومساويا ولهذا ينبه في هذا المقام ان هذه الصيغة تجنبها اسلم هذه الصيغة في الحمد تجنبها اسلم لان حمد العبد الذي هو فعله مهما بلغ وايضا عبادته مهما بلغت بل عبادة الثقلين مهما عظم قدرها لا تنهض ان تكون مكافئة الشكر لا تكون مكافئة للشكر يقول ابن القيم رحمه الله سألت شيخنا اي ابن تيمية عن قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث حمدا غير مكث ولا مودع قال المخلوق اذا انعم عليك بنعمة امكنك ان تكافئه بالجزاء او بالثناء والله لا يمكن احدا من العباد ان يكافئه على انعامه ابدا فان ذلك الشكر من نعمة الله على العبد فالحاصل تجنب مثل هذه الصيغ اه لا شك انه اسلم و قوله رحمه الله والصلاة على خير خلقه محمد النبي المصطفى والرسول المجتبى الاصطفاء والاجتباء كما ذكر الله قال جل وعلا الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس المصطفى المجتبى اي الذي اصطفاه ربه سبحانه وتعالى واجتباه ثم قال والحمد لله الذي اقام الحجة على وحدانيته وعلى صدق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والحجة قائمة بكتاب الله عز وجل وبالايات العظيمة والبراهين الجليلة التي ايد الله سبحانه وتعالى بها رسوله عليه الصلاة والسلام واقام بها على العباد الحجة بوحدانيته وتفرده وانه سبحانه وتعالى المعبود بحق ولا معبود بحق سواه قال وتركه في امته حتى دعا عباده الى عبادته واهدى من شاء منهم لاجابته وذلك ان الرسول صلى الله عليه وسلم واسطة بين الله وعباده في ابلاغ شرعه ومع الرسول الا البلاغ وقد هدى الله من شاء لاجابتي قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة قال وبين على لسانهما يحتاج الى معرفته للقيام بشريعته بمعنى انه تركهم على محجة بيضاء وسبيلا واضحة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ولهذا كانت مهمة الاتباع حفظ مجاعة والعمل به وبثه في الامة ولهذا قال رحمه الله وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه على حفظ سنته ثم على ادائها الى من يأتي بعده من امته ليكونوا على علم فيما يلزمهم وهذا الذي كان الصحابة رضي الله عنهم سمعوا احاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام منه مباشرة واخذوها عنه وشرفهم الله سبحانه وتعالى بان متع اسماءهم بسماع احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيه مباشرة عليه الصلاة والسلام وحفظوها كما سمعوها منه وادوها الى اه من بعدهم وكأن لسان حالهم يقول هذا ما سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم اديناه لكم كما سمعنا فحفظه التابعون وتلقوه عن الصحابة وروه الامام بعدهم قال حث رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه على حفظ سنته ثم على ادائها الى من يأتي بعده من امته ليكونوا على علم فيما يلزمهم من استعمال طاعته واجتناب معصيته وهذا فيه التنبيه الى ان لزوم الطاعة ومجانبة المعصية لا بد فيه من علم ولهذا قيل في حقيقة التقوى ان تعمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وان تترك معصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله العبد لا سبيل له الى القيام بالطاعة ولا ايظا لمجانبة المعصية الا بالعلم الشرعي ولهذا كثرت الاحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام الحث على سماع الاحاديث احاديثه عليه الصلاة والسلام الحث على حفظها وابلاغها كما جاء بها صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وقد اشار المصنف الى بعض هذه الاحاديث قال رحمه الله وكان يقول اي النبي عليه الصلاة والسلام في اخر خطبته اللهم هل بلغت فيقولون نعم فيقول الا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه ان يكون اوعى له من بعظ من سمعه وربما كان يقول فرب مبلغ اوعى من سامع وقوله عليه الصلاة والسلام الا ليبلغ الشاهد الغائب اي ليبلغ السامع الحاضر الذي شهد مجلس النبي عليه الصلاة والسلام وهو يحدث بهذا الحديث الغائب الذي لما يحظر وهذا يتناول كل من سمعه كل من سمع حديث الرسول عليه الصلاة والسلام ليبلغه من اه لم يسمعه ففيه الحث على نقل العلم واشاعة السنن والاحكام وبث ذلك في الامة من اجل ان يشيع الخير وينتشر بين الناس وقد يكون المرء يحفظ الحديث ولا يحسن استنباطا منه او فهما لدقائق معانيه وتنوع فوائده فينقله الى من هو افقى منه وادرى بالمعاني فرب مبلغ اوعى من من سامع ولعل بعظ من يبلغه اوعى لهم من بعض من سمعه فاذا تم تناقل الاحاديث في الامة عظم الخير في الناس وعظم انتفاعهم بل لا يكون الانتفاع الا بهذا بان يبلغ الناس بعضهم بعضا احاديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وما هذا الجمع الذي اعتنى به اهل العلم باحاديث الرسول جمعا لها وتبويبا وترتيبا تنويعا بالتصانيف الا رغبة في الدخول في هذا البلاغ الذي حث عليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام احسن الله اليكم. قال المصنف رحمه الله وكان يقول ما اخبرنا الاستاذ ابو بكر محمد بن الحسن بن فورك. قال انبأنا عبد والله ابني جعفر الاصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا ابو داوود الطيالسي قال حدثنا شعبة عن عمر بن سليمان عن عبدالرحمن بن ابان عن ابيه قال سمعت زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه الى من هو افقه منه. ورب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم اخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الامر ولزوم الجماعة فان دعوتهم تحيط من ورائهم خرجه ابو داوود السجستاني في كتابه السنن مختصرا. ورواه ايضا عبدالرحمن بن عبد الله بن مسعود عن ابيه عن النبي صلى الله عليه وسلم لم ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث حديث زيد ابن ثابت رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول نظر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه الى من هو افقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لا يظل عليهن قلب مسلم. اخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الامر ولزوم الجماعة فان دعوتهم تحيط من ورائهم هذا الحديث آآ العظيم رواه عن النبي عليه الصلاة والسلام جمع من الصحابة بلغت عدتهم اكثر من عشرين صحابيا منهم معاذ وانس والنعمان ابن بشير وبورسعيد الخضري وابو هريرة وابن عمر وجابر ابن عبد الله ولهذا عده جماعة من اهل العلم في جملة الاحاديث المتواترة عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ولعل من اسباب تواتر هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قاله في خطبته في مسجد الخيف من منى وامامها الجموع الكبيرة من عباد الله وحجاج بيته الحرام وهذا الحديث يشتمل على وصايا عظيمة للغاية صدره نبينا عليه الصلاة والسلام بهذه الدعوة العظيمة المباركة التي خص بها النبي صلى الله عليه وسلم من سمع حديثه ووعاه وبلغه كما سمعه ولو لم يكن في فضل العلم وبث الاحاديث ونشرها في الامة الا هذا الحديث لكفى بذلك فضلا وشرفا فان هذه الدعوة النبوية العظيمة يتضمن الدعاء لمن كان كذلك بجمال ظاهره وباطنه فان النظرة هي البهجة والحسن الذي يكساه وجه المؤمن من اثار آآ الايمان بابتهاج الباطن بالايمان والتذاذه بذلك وهذان الامران البهجة والسرور والنظرة جمع بينهما في قوله فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا. فالنظرة في الوجوه والسرور في القلوب الحاصل ان هذه الدعوة المباركة لمن اعتنى بالسنة حملا وحفظا وابلاغا تحمل هذه الدعوة بشارة لمن وفق لذلك و اعتنى بذلك وحفظ وقته في ذلك بكل خير وفضيلة ورفعة في الدنيا والاخرة وقد دل هذا الحديث على ان المرء انما يستحق هذه البشارة وهذا المقام العظيم باربعة امور وان شئت قل اربع مراتب الاول والثاني السماء للاحاديث والعقل للمعاني نسمعها ويعقل معناها لان النبي صلى الله عليه وسلم قال وعاه اي عقلها بقلبه وفهمها والمرتبة الثالثة التعاهد الحفظ حتى لا يذهب ينسى والرابعة التبليغ والبث لهذه الاحاديث في الامة والنبي عليه الصلاة والسلام انما دعا لسامع الحديث والمعتنين به والمبلغ له بالنظارة جزاء وفاقا لما قام به من بث الاحاديث في الامة وجعلها بينهم غظة طرية وسعى في نظارة العلم واحياء السنة فجازاه بالدعاء بما يناسب حاله وفعله وقد جاء عن سفيان ابن عيينة رحمه الله انه قال ما من احد يطلب الحديث الا وفي وجهه نظرة الا وفي وجهه نظرة وقوله عليه الصلاة والسلام فرب حامل فقه الى من هو افقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه وفي رواية فرب حامل فقه لا فقه له. ورب حامل فقه الى من هو افقه منه والمعنى انه قد يحفظ الحديث من لا يفهم معناه وايضا قد يفهمه ويكون غيره افهم له منه وعلى كلنا الذي حفظ ولم يفهم مأجور لحفظ السنة وتبليغها والذي حفظ وفقه اكمل منه فيكون مأجورا للحفظ ومأجورا للتبليغ ومأجورا لحسن الاستنباط وعلى كل حال هو مضمار للتنافس في الخيرات وفقا لاحاديث النبي عليه الصلاة والسلام ثم عناية بفهمها والعمل بها ثم من بعد ذلك آآ ابلاغها للامة وقوله عليه الصلاة والسلام ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم اخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الامر ولزوم الجماعة ولزوم الجماعة هذا مشتمل على هذه الخصال العظيمة التي لا يكون في قلب المؤمن غل عليها بل قلبه نقي تجاهها ومستسلم لتحقيقها وعمارة قلبه بها ذكر هذه الخصال الثلاثة عليه الصلاة والسلام عقب دعوته لمن سمع السنة ووعاها وحفظها وبلغها بالنظرة وهذا في غاية المناسبة وذلك انه لما كان هذا الثواب العظيم لمن بلغ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتقر كسائر الاعمال الى الاخلاص وعقد النية على النصح للمسلمين ولزوم جماعتهم عقب هذه الدعوة لمبلغ سنته بالنظرة مما يدل على اهمية الاخلاص والنصح للمسلمين ولزوم الجماعة وهذه الخصال الثلاثة يستصلح بها القلوب وتهذب بها النفوس ولهذا قال لا يغل عليهن قلب مسلم وهذا فيه ان قلب المسلم الناصح لا يحمل غل ولا يبقى فيه الغش اذا كان متصفا بهذه الصفات الثلاثة المذكورة في الحديث لانها تنفي الغش وتطرد الغل وتبعده عن القلب المخلص لله اخلاصه يمنع غل قلبي بل يطرد الغل من قلبه ويزيله لانه قد انصرفت دواعي قلبه الى مرظاة الله وطلب ثوابه كلام يبقى في قلبه موطن للغل الغش وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ومناصحته ولاة الامر هذا ايضا ينافي الغل فان النصيحة لولاة الامر لا تجامع الغل بل هي ضده فمن نصح الائمة والامة فقد برئ من الغل والنصح لولاة الامر من المسلمين انما يكون بالسمع والطاعة لهم في المنشط والمكره ابرارا كانوا او فجارا وانما الطاعة في المعروف فان امروا بمعصية لله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وايضا بارشادهم للخير وترغيبهم فيه وتحذيرهم من الشر والدعاء لهم بالصلاح والتوفيق والسداد وعدم الدعاء عليهم منافاة ذلك للنصيحة وقوله في الحديث ولزوم الجماعة هذا ايضا مما يطهر القلب من الغل فان صاحبه للزوم جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لها ويسوءه ما يسوؤه ويسره ما يسرهم مع الموافقة لهم في الاعتقاد والعمل والحذر من الخروج عن زمرتهم لئلا تتلقفه الشياطين و قوله عليه الصلاة والسلام فان دعوتهم تحيط من ورائهم اي من دخل في جماعتهم احاطت به وشملت وبذلك يكون المسلم يكون للمسلم الملازم لجماعة المسلمين نصيب من دعواتهم الطيبة التي تصدر من احادهم شاملة لعمومهم احسن الله اليكم. قال المصنف رحمه الله ورغب رسول الله صلى الله عليه وسلم امته في طلب العلم واخبرنا بما فيه من الفضل فقال فيما اخبرنا الحاكم ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن علي بن عفان العامري قال حدثنا عبد الله بن نمير عن الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يبتغي به علما سهل الله له به طريقا الى الى الجنة. وما جلس قوم في من مساجد الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا حفتهم حفت بهم الملائكة ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده. ومن ابطأ به عمله لم يسرع به نسبه. رواه مسلم في صحيح عن محمد بن عبدالله بن نمير عن ابيه قوله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يبتغي به علما سهل الله له به طريقا الى الجنة اي من سار في سبيل طلب العلم الشرعي المستمد من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام فانه سائر في سبيل و طريق موصل الى جنات النعيم لان كما هو معلوم ولا يخفى ان تعلم العلم والتفقه في دين الله هو الذي يسهل للعبد طريق الجنة لان الجنة لا تكون الا بالعمل الصالح. والعمل الصالح لا يكون الا بالعلم النافع وهذا فيه الحث على العلم والعناية فيه والترغيب والعناية بمجالسه ولهذا قال عليه الصلاة والسلام وما جلس قوم في مسجد من مساجد الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا حفت بهم الملائكة ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده وهذه كلها ثمار يجنيها من يكرمهم الله سبحانه وتعالى للاجتماع في بيوت الله على العلم والتعلم والتفقه في دين الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم اي يقرأون القرآن ويتفقهون في معانيه ويتدارسون هداية هداياته و دلالاته فيزدادون بذلك ايمانا ورفعة وقوله نزلت عليهم آآ السكينة اي في قلوبهم وهي الطمأنينة طمأنينة القلوب الا بذكر الله تطمئن القلوب وغشيتهم الرحمة اي شملتهم وغطتهم وحفتهم الملائكة اي صارت من حولهم وذكرهم الله فيمن عنده اي في الملائكة الكرام الاطهار البررة وقوله في تمام هذا الحديث ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه فاذا كان ذا نسب شريف وعالي لا يغني لا يغنيه نسبه ولا يرفعه عند الله وانما الذي يرفعه عند الله سبحانه وتعالى امله الصالح كما قال الله سبحانه وتعالى ان اكرمكم عند الله اتقاكم و لا يزال الحديث ماضيا عند المصنف في ذكر الاحاديث آآ الحاثة على العلم والتعلم والتفقه في دين الله سبحانه وتعالى ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين