بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين. اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب الاول في توحيد الله في عبادته دون ما سواه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين اما بعد قول المصنف رحمه الله تعالى الباب الاول في توحيد الله بعبادته دون ما سواه هذا البدء منه رحمه الله تعالى هذا الباب من احسن البدء واجمله واطيبه حيث بدأ رحمه الله تعالى باعظم الامور واجلها على الاطلاق الا وهو توحيد الله واخلاص الدين له جل في علاه الذي هو مقصود ارسال الرسل وانزال الكتب وايجاد الخليقة قال الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون قال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت قال تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين قال تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا والايات في هذا المعنى كثيرة فتوحيد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وذلك اخلاص الدين له هو الاساس الذي يقوم عليه دين الله سبحانه وتعالى وبه تقبل الاعمال فكان من احسن البدء واجمله ان بدأ المصنف رحمه الله بهذا الباب وهذا فيه التنبيه الى ان جميع ما يذكر في الكتاب من اعمال عبادات واحوال واخلاق لا تكون مقبولة من العامل الا اذا بناها على هذا الاصل العظيم والاساس المتين الذي هو اخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى بان يخلص المرء دينه لله وان يفرد الله سبحانه وتعالى بالعبادة فان من لم يخلص العبادة لله فانه وان عبد الله مع جملة ما يعبد لا يعد عبدا لله ولا يكون عبدا لله بل لا يصح ان يوصف بانه عبد لله الا اذا وحد الله واخلص دينه لله ولهذا قال الله سبحانه قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون ولا انتم عابدون ما اعبد مع انهم كانوا يعبدون الله في جملة ما يعبدونه من الهة لكنهم لما اشركوا به غيره لم تكن عبادتهم لله عبادة مثل هذا تماما الطهارة في الصلاة من صلى بلا طهارة يصح ان يقال لم يصلي ومن عبد الله بدون التوحيد يصح ان يقال لم يعبد لم يعبد الله فلا تكونوا عبادة الله سبحانه وتعالى الا بالتوحيد ولهذا قال رحمه الله الباب الاول في توحيد الله في عبادته ثم اكد ذلك بقوله دون ما سواه فهذا اصل يقوم عليه دين الله سبحانه وتعالى ان يفرد وحده جل وعلا بالعبادة وان يخلص الدين لله عز وجل فلا يتخذ مع الله الشركاء ولا يجعل معه الانداد فهو المعبود بحق ولا معبود بحق سواه واصل العبادة تجريد الاخلاص لله وتجريد المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام فهذا اصلها الذي عليه قيامها ولا قيام لها الا عليه فهما امران او اصلان عظيمان عليهما قيام العبادة ولا قبول للعبادة الا بهما تجريد الاخلاص لله وحده وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم فهما نوعان من التوحيد. توحيد المرسل وتوحيد المرسل اما توحيد المرسل فباخلاص الدين له واما توحيد المرسل فبتجريد المتابعة له. صلوات الله وسلامه وبركاته عليه دليل الاول قول الله تعالى وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا وقوله سبحانه وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون وقوله سبحانه له دعوة الحق وقوله سبحانه ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل وان الله هو العلي الكبير والايات في هذا المعنى كثيرة ودليل الثاني قول الله سبحانه وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قوله سبحانه قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قد جمع بين هذين الاصلين في قوله سبحانه وتعالى هي خاتمة سورة الكهف قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا كذلك في قوله ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن فذكر هذين الاصلين الاخلاص و المتابعة وقد قال الله سبحانه ليبلوكم ايكم احسن عملا. قال الفضيل رحمه الله اي اخلصه واصوبه قيل وما اخلصه واصوبه؟ قال ان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل واذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص ما كان لله والصواب ما كان على السنة احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عبد الله محمد بن عبدالله الحافظ قال حدثنا ابو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني الحافظ قال حدثنا ابراهيم بن عبد الله السعدي قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا ابو مالك الاشجعي عن ابيه رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله قدامه وحسابه على الله. رواه مسلم عن زهير ابن حرب عن يزيد عن يزيد ابن هارون ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى حديث طارق بن اشيم رضي الله عنه ابو ابي ما لك الاشجعي وهو حديث مخرج في صحيح مسلم كما اشار المصنف رحمه الله تعالى وقد خرجه الامام مسلم في كتابه آآ الصحيح بلفظين اللفظ الاول من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله اللفظ الثاني من وحد الله ثم ذكره بمثله واللفظ الثاني مفسر للاول فان قوله من قال لا اله الا الله معناه كما يفسره اللفظ الثاني للحديث يوحد الله فلا اله الا الله هي كلمة التوحيد وهي قائمة على اصلين لا توحيد الا بهما النفي والاثبات نفي عام واثبات خاص نفي عام للعبودية بكل معانيها عن كل ما سوى الله واثبات خاص بالعبودية بكل معانيها لله وحده لا اله الا الله فهذا هو توحيد الله ولهذا جاء الحديث في صحيح مسلم اه الروايتين من قال لا اله الا الله والاخرى من وحد الله وهذا فيه ان لا اله الا الله هي التوحيد وهي كلمة التوحيد ولا توحيد الا بتحقيقها وقوله وكفر بما يعبد من دون الله هذا فيه دليل على انه لا يكفي مجرد التلفظ بلا اله الا الله بل لا بد ان يكفر ما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى والمراد بما يعبد من دون الله اي بعبادة من يعبد من دون الله لان في من عبد من دون الله سبحانه وتعالى من لا يكفر به لانه ليس راض بذلك مثلا عيسى ابن مريم عليه السلام كان يعبد وكذلك امه كان يعبد من دون الله و نحن نؤمن به عليه السلام لكن لا نؤمن بعبادته ولا بانه مستحق للعبادة العبادة حق لله سبحانه وتعالى قال الله عز وجل واذ قال الله يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وامي الهين من دون الله؟ قال سبحانك ما يكون لي ان اقول ما ليس لي بحق ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب ما قلت لهم الا ما امرتني به ان اعبدوا الله ربي وربكم وقوله عليه الصلاة والسلام وحسابه على الله اي الى الله سبحانه وتعالى هو الذي يتولى حسابه فان كان صادقا بقوله لا اله الا الله من قلبه ولا يطلع على القلوب الا الله جزاه الله سبحانه وتعالى بعظيم الثواب وفاز بجنات النعيم وان كان منافقا لا لا يقول ذلك من قلبه وانما بلسانه عذبه الله سبحانه وتعالى يوم القيامة العذاب الاليم واما في الدنيا فالحكم على الظاهر فمن اتى بالتوحيد والتزم شرائع الدين الظاهرة فهو المسلم له مال المسلمين وعليه ما عليهم حتى يتبين منه ما يخالف ذلك الحاصل ان هذا الحديث حديث عظيم للغاية في فهم التوحيد وهو حجة على اصحاب الشبه الباطلة الذين يقولون من قال لا اله الا الله وهو المسلم ظاهرا وباطنا ولو فعل ما فعل حتى وان عبد القبور وذبح الاولياء ودعا غير الله وعمل السحر وفعل ما فعل فهو مسلم عندهم حقا ما دام يقول لا اله الا الله فيقال كيف يكون ذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله بهذا القيد فالحاصل ان هذا الحديث اه من اعظم الاحاديث بيانا للتوحيد وتقريرا له وايضاحا لي معناه وحقيقته احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه قال اخبرنا وحامد بن بلال البزار قال حدثنا احمد بن منصور المروزي قال حدثنا النظر بن شميل قال اخبرنا شعبة عن ابي اسحاق قال سمعت عمرو بن ميمون عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق الله تعالى على العباد قال الله ورسوله اعلم قال ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا قال فما حقهم على الله اذا فعلوا ذلك قال الله ورسوله اعلم. قال يغفر لهم ولا يعذبهم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا حسين بن محمد بن زياد قال حدثنا ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثنا ابو الاحوص عن ابي اسحاق فذكره باسناد ومعناه رواه البخاري عن اسحاق ابن ابراهيم الحنظلي عن يحيى ابن ادم عن ابي الاحوص ورواه مسلم عن ابي بكر ابن ابي شيب ده هذا الحديث حديث معاذ ابن جبل رضي الله عنه حديث عظيم في بيان التوحيد وبه صدر الامام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كتابه التوحيد فهو اول حديث اورده فيه بل وبنى عليه عنوان كتابه حيث سماه كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد واللفظ الذي اورده المصنف عن البيهقي رحمه الله تعالى هو لفظ الحديث عند ابن حبان في صحيحه وقد اورده ابن حبان في صحيحه وساقه سنده عن احمد ابن منصور النظر بن شوميل به بالاسناد الذي ذكر المصنف رحمه الله تعالى واما لفظ الحديث في الصحيحين قال يا معاذ هل تدري حق الله على عباده؟ وما حق العباد على الله؟ قلت الله ورسوله اعلم قال فان حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا فقلت يا رسول الله افلا ابشر به الناس؟ قال لا تبشرهم فيتكلوا ولفظ الحديث في الصحيحين قال فيه معاذ كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فوصف رضي الله عنها الحالة التي كان عليها حين سماعه لهذا الخبر من النبي عليه الصلاة والسلام وانه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار اي راكب خلف النبي صلى الله عليه وسلم وهذا فيه تواضع النبي عليه الصلاة والسلام يركب الحمار ويردف من يردف من اصحابه وهذا فيه جواز للارداف على الدابة اذا كانت مطيقة والنبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في عدد من الاخبار اردف على اه الحمار غير واحد اردف معاذ كما في هذا الحديث واردف ابن عباس واردف الفضل بن عباس واردف عددا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى ان احد العلماء المتقدمين الف رسالة اه وهي مطبوعة بعنوان من اردفهم النبي صلى الله عليه وسلم وجمع فيها مثل هذه الاخبار الحاصل ان قوله آآ كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فيه وصف للحالة التي كان عليها الى سماعه لهذا الحديث. ثم قال له عليه الصلاة والسلام يا معاذ خطبه بهذا اللطف تهيئة لنفسه بسماع ما سيبينه له عليه الصلاة والسلام ناداه باسمه هذا النداء اللطيف ثم طرح عليه الامر باسلوب مشوق. قال اتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله وهذه طريقة نافعة بالتعليم وفي اشد للاذهان والتهيئة للمتلقي حتى يحسن الاستفادة ومعاذ يقول الله ورسوله اعلم وهذا فيه ادب المسلم عندما يسأل عما لا يعلم ان يحيل العلم الى عالمه فمعاذ رضي الله عنه كان يقول ذلك والوحي يتنزل على الرسول عليه الصلاة والسلام فقال الله ورسوله اعلم وحال العلم الى من يعلمه وهذا ادب في كل امر يسأل عنه المسلم وهو لا يعلمه ان يقول الله اعلم قال حق العباد على الله ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. هذا حق واجب اوجبه الله سبحانه وتعالى على عباده ويتضمن امرين فعل العبادة والقيام بها خالصة لله والبعد عن الشرك كله لا يشركوا به شيئا اي شيء كان والنكرة في سياق النفي تفيد العموم الى قليل الشرك ولا كثيره وهذا حق لله سبحانه وتعالى على عباده اوجبه عليهم سبحانه وتعالى وقوله ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا قد يتطلب ان يعرف المسلم العبادة ما هي؟ وما حقيقتها؟ ليفعلها ويقوم بها وان يعرف ايضا الشرك ليتجنبه فلا بد من التعلم لا بد من تعلم العبادة والتوحيد ليعمل به العبد ولابد ايضا من معرفة الشرك ليكون العبد على حذر منه وحيطة من الوقوع فيه وقوله حق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا هذا فيه فضيلة التوحيد وان من لا يشرك بالله شيئا لا يعذبه الله ويأتي في هذا المعنى احاديث كثيرة مثل حديث ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك وجه الله ومثل حديث ابن ادم انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة فرح معاذ فرحا عظيما بهذا الحديث وحق له ان يفرح لان فيه بشارة عظيمة لكل موحد ولهذا قال كما في رواية الحديث في الصحيحين فلا ابشر الناس انه يحمل بشارة وامر مفتى وعظيم جدا تستأذن من النبي صلى الله عليه وسلم ان يأذن له بتبشير الناس وهذا فيه استحباب بشارة المسلم بما يسره قال افلا ابشر الناس قال لا تبشرهم فيتكلوا ايتكلوا على هذا الامر ويحصل عندهم شيء من التراخي او الفتور عن العمل وجاء عن معاذ رضي الله عنه انه اخبر بذلك عند موته تأثما خشي من الاثم بان يموت ولم يذكر هذا العلم العظيم يترتب على ذلك نصح عظيم للامة بان عرفوا هذا الامر وتحقق ايضا الحذر من الاتكال بهذه الطريقة العظيمة ان معاذ لم يخبر بذلك كما امره النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه عند موته اخبر بذلك رضي الله عنه وارضاه تأثما اي خوفا من الاثم الحاصل ان هذا الحديث في بيان ان التوحيد هو حق الله على العباد وفيه فضيلة التوحيد وان الله عز وجل لا يعذب من لا يشرك به شيئا وهذه ثمرة عظيمة من اجل ثمار التوحيد واعظمها واذا كان التوحيد هو حق الله كما دل على ذلك هذا الحديث فحق الله له وحده لا يجعل معه آآ الشركاء فهذا فيه بطلان الشرك والشرك هو تسمية غير الله في شيء من حقوق الله ولهذا يندم المشركون على هذه التسوية الندامة العظمى اذا دخلوا النار يوم القيامة تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم رب العالمين اي سيسوون هذه الالهة المتخذة بالله في حقوقه التي هي له وحده سبحانه وتعالى فحق الله على العباد ان يعبدوه ان يصرفوا له وحده العبادة قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ومعنى ذلك الا يدعى الا الله ولا يستراد الا بالله ولا يتوكل الا على الله ولا يذبح الا لله ولا ينذر الا لله ولا يوصف شيء من العبادة الا لله سبحانه وتعالى فكما انه وحده المتفرد بالخلق فيجب ان يفرد وحده بالعبادة. يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ان لكم تتقون الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون اي لا تجعلوا الناس شركاء في العبادة وانتم تعلمون انه لا خالق لكم غير الله سبحانه وتعالى وقبل ان نختم ونبه على بعض المسائل المهمة المتعلقة بالعبادة الاولى بيان حقيقة العبادة وهي طاعة الله بامتثال ما امر سبحانه وتعالى على السنة رسله عليهم صلوات الله وسلامه قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة. قال ابن القيم رحمه الله ومدارها على خمس عشرة قاعدة من كملها كمل مراتب العبودية وبيان ذلك ان العبادة منقسمة على القلب واللسان والجوارح والاحكام التي للعبودية خمسة واجب مستحب وحرام ومكروه ومباح وهن لكل واحد من القلب واللسان والجوارح ثم فصل ذلك بالامثلة كما في كتابه مدارج السالكين المسألة الثانية ان العبادة لا تسمى عبادة الا مع التوحيد وهذا اصل لابد ان يعرفه المسلم ولهذا جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال كل امر بالعبادة امر بالتوحيد لان العبادة لا تكون عبادة الا به واذا دخل على العبادة ارادة غير الله بالعمل لا تصبح عبادة بل تصبح شركا وتنديدا المسألة الثالثة شروط العبادة وهذا تقدم معنا وانها لا تقبل الا بشرطين الاخلاص للمعبود والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم المسألة الرابعة بيان اركان التعبد القلبية وذلك ان العبادة لا تكون مقبولة الا اذا اقامها العابد على اركان ثلاثة وهي الحب والخوف والرجاء فهذه الاركان الثلاثة هي اركان التعبد القلبية التي لا قبول لاي عبادة الا اذا كانت قائمة عليها بان يعبد الله حبا فيه ورجاء لثوابه وخوفا من عقابه قد جمع الله بين هذه الاركان الثلاثة في سورة الفاتحة التي هي افضل سور القرآن فقوله الحمد لله رب العالمين فيه المحبة لان الله منعم والمنعم يحب على قدر انعامه ولان الحمد هو المدح مع الحب للممدوح وقوله الرحمن الرحيم فيه الرجاء فالمؤمن يرجو رحمة الله ويطمع في نيلها وقوله مالك يوم الدين في الخوف ويوم الدين هو يوم الجزاء والحساب ثم قال اياك نعبد واياك نستعين اي اعبدك يا ربي ما مضى بهذه الثلاث بمحبتك ورجائك وخوفك فهذه الثلاث هي اركان العبادة التي عليها قيام العبادة وقد جمع الله ايضا بين هذه الاركان الثلاثة في قوله اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه فان ابتغاء الوسيلة اليه هو التقرب اليه بحبه وفعل ما يحبه ثم قال ويرجون رحمته ويخافون عذابه فذكر الحب والخوف والرجاء وكذلك في قوله انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ولذا يجب ان يكون العبد في عبادته وذكره لله جامعا بين هذه الاركان الثلاثة المحبة والخوف والرجاء ولا يجوز له ان يعبد الله بواحد منها دون باقيها كان يعبد الله بالحب وحده دون الخوف والرجاء او يعبد الله بالرجاء وحده او بالخوف وحده ولذا قال بعض اهل العلم من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري اي على طريقة الخوارج ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا وان يصلح لنا شأننا كله انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين