بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين. اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب الخامس بغض البصر وكف الاذى وحفظ اللسان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد هذا الباب الباب الخامس من ابواب كتاب الاربعين للبيهقي رحمه الله جعله في هذه الامور الثلاثة غض البصر وكف الاذى وحفظ اللسان وهي امور اذا وفق العبد رعايتها وتوفيتها حقها بان غض بصره وكف اذاه وحفظ لسانه فانه اتى على جماع الامور بباب الاخلاق وصيانة النفس وحفظها وقد جمع النبي عليه الصلاة والسلام هذه الثلاث في حديث واحد مع ظمان منه عليه الصلاة والسلام لمن وفى هذه الامور حقها بان يدخل الجنة فقد روى الامام احمد وغيره من حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اظمنوا لي من انفسكم ستا اضمن لكم الجنة تصدقوا اذا حدثتم واوفوا اذا وعدتم وادوا اذا اؤتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا ابصاركم وكفوا ايديكم وهذا الضمان الذي ذكر في الحديث بدخول الجنة لمن وفى بهذه الامور هو مبني ايضا على ظمان قال اظمنوا لي ستا من انفسكم ظمان بظمان قوله عليه الصلاة والسلام اصدقوا اذا حدثتم اي تجنبوا الكذب صونوا السنتكم منه وقوله واوفوا اذا وعدتم وادوا اذا ائتمنتم فيه الوفاء بالوعد واداء الامانة ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها وقوله واحفظوا فروجكم اي عن فعل الحرام الحافظين فروجهم والحافظات وقوله غضوا ابصاركم اي كفوها عن النظر الى ما لا يجوز النظر اليه قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن وكفوا ايديكم اي امنعوها عن اذى الناس وامنعوها ايضا عن تناول الحرام اخذا له وعطاء قال بعض اهل العلم فمن فعل ذلك فقد حصل على رتبة الاستقامة المأمور بها في القرآن وتخلق باخلاق اهل الايمان هذا الحديث يعد من الجوامع بصيانة النفس وحفظها وتحقق الفظيلة بكمال الخلق وجماله وقد اورد المصنف رحمه الله تعالى في هذا الباب جملة من الاحاديث بيان هذه الامور الثلاثة غض البصر وكف الاذى وحفظ اللسان نعم قال اخبرنا ابو طاهر الفقيه قال حدثنا ابو طاهر محمد بن الحسن محمد ابادي قال حدثنا ابو قلابة قال حدثنا ابو عامر قال حدثنا زهير بن محمد قل حاء واخبرنا ابو طاهر واللفظ لحديثه هذا قال حدثنا ابو بكر محمد بن ابراهيم الفحام قال حدثنا محمد ابن يحيى قال حدثنا موسى ابن مسعود قال حدثنا زهير بن محمد عن زيد ابن اسلم عن عطاء ابن يسار عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اياكم والجلوس بالطرقات قالوا يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ابيتم الا المجلس فاعطوا الطريق حقه قالوا وما حق الطريق قال غض البصر وكف الاذى ورد السلام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر رواه البخاري عن عبد الله ابن محمد عن ابي عامر واخرجه مسلم من حديث هشام ابن سعد عن زيد ابن اسلم هذا الحديث حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه حديث عظيم في باب الاداب وهو من جمال هذه الشريعة وكمالها وحثها على كل خلق كريم وادب فاضل وهو جامع للاداب التي تتعلق بالطريق بدأه عليه الصلاة والسلام بقوله اعطوا الطريق حقه وهذه تعد قاعدة متينة واصلا جامعا في هذا الباب بحيث لو حقق المسلم رعايته وحققه كل من سار في الطريق لصلحت احوال المسلمين ولسلموا من كثير من الاخطار والمضار قال الصحابة رضي الله عنهم للنبي عليه الصلاة والسلام وما حق الطريق قال غض البصر وكف الاذى ورد السلام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. هذه خمس في هذا الحديث او في هذا الطريق وزاد في حديث اخر وحسن الكلام وزاد في ثالث وارشاد السبيل وتشميت العاطس اذا حمد وفي رابع وتغيث الملهوف وتهدو الضال وفي خامس اهدوا السبيل واعينوا المظلوم وفي سادس واعين على الحمولة وفي سابع ذكر الله كثيرا قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ومجموع ما في هذه الاحاديث اربعة عشر ادبا وقد نظمتها في ثلاثة ابيات وهي جمعت اداب من رام الجلوس على الطريق من قول خير الخلق انسانا افش السلام واحسن في الكلام وشمت عاطفا وسلاما رد احسانا الحمل عاون ومظلوما اع واغث لهفان اهد سبيلا واهد حيرانا بالعرف مر وانهى عن نكر وكف اذى وغض طرفا واكثر ذكرى مولانا والخصال الثلاثة التي ترجم لها المصنف رحمه الله هذا الباب جمعت ايضا في هذا الحديث والاولى وهي اول ما ذكر في هذا الحديث غض البصر قد قال الله سبحانه قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم. ان الله خبير بما يعملون وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن وفي صحيح مسلم ان النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن نظر الفجاءة سأله جرير عن نظر الفجأة قال فامرني ان اصرف بصري وفي حديث بريدة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا علي لا تتبع النظرة النظرة فان لك الاولى وليست لك الاخرة وغض البصر فيه منافع عظيمة جدا ففيه امتثال امر الله سبحانه وتعالى وفيه انه يورث القلب انسا بالله ويقوي القلب ويفرحه ويكسب القلب نورا ويغلق منافذ الشيطان ومداخله على القلب ويفرغ ايظا القلب للفكر في الامور التي فيها مصالح العبد الدينية والدنيوية ففيه منافع عظيمة وارباح كبيرة جدا والامر الثاني كف الاذى وهذا يتناول اذى القول والفعلي هذا القول لا يؤذوا المرء في الطريق لا بغيبة ولا بنميمة ولا بسخرية ولا ذا الفعل لا يضيق عليهم طريقهم وصيانة اللسان حفظ اللسان تستفاد من هذا الحديث في مواطن منها رد السلام قوله قوله وحسن الكلام قولها ذكر الله وهداية السبيل دلالته هذه كلها يتناولها حفظ اللسان وصيانته بحيث لا يكون من المرء بلسانه الا الكلام الطيب النافع من سلام ورد سلام وذكر لله ودلالة على الخير وامر بالمعروف ونهي عن منكر هذه كلها من الامور التي يتناولها اه صيانة اللسان نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو العباس محمد ابن يعقوب قال حدثنا محمد ابن عبد الله ابن عبد الحكم قال اخبرنا ابن وهب قال اخبرنا عبدالرحمن بن شريح عن محمد بن سمير قال الشيخ احمد كما قاله ابن وهب بالسين غير معجمة وقال غيره بالشين معجمة عن ابي عن ابي علي الجنبي عن ابي ريحانة رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة. فذكر الحديث قال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمت النار على عين دمعت من خشية الله حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله قال ونسيت الثالثة قال ابن شريح وهو عبدالرحمن بن شريح وسمعته بعد انه قال حرمت النار على عين غضت من محارم الله او عين فقئت في سبيل الله ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى هذا الحديث حديث ابي ريحانة الانصاري واسمه شمعون رضي الله عنه وارضاه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فاتينا ذات ليلة الى شرف فبتنا عليه فاصابنا برد شديد حتى رأيت من يحفر في الارض حفرة يدخل فيها ويلقي عليه الحجفة يعني الترس فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس نادى من يحرسنا في هذه الليلة؟ وادعو له بدعاء يكون فيه فظل فقال رجل من الانصار انا يا رسول الله فقال ادنه فدنى فقال من انت؟ فتسمى له الانصاري ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء فاكثر منه قال ابو ريحانة فلما سمعت ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت انا رجل اخر فقال ادنه فدنوت فقال من انت قال فقلت انا ابو ريحانة فدعا بدعاء هو دون ما دعا للانصاري ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمت النار على عين دمعت من خشية الله حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله قال ونسيت الثالثة قال ابن شريح هو عبدالرحمن ابن شريح وسمعته بعد انه قال حرمت النار على عين غظة من محارم الله او عين فقأت في سبيل الله هذا الحديث في اسناده محمد ابن سمير ويقال سمير وهو مقبول المقبول يحتاج الى من يتابعه ليستقيم حديثه والحديث له شواهد يتقوى بها قوله حرمت النار على عين دمعت من خشية الله اي خوفا من الله سبحانه وتعالى ان الذين هم من خشية ربهم مشركون قال الله عز وجل انما يخشى الله من عباده العلماء وقال حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله اي في الحراسة وهذا يتعلق بالقصة التي سيق الحديث لها وقوله حرمت النار على عين غضت من محارم الله هذا هو الشاهد للباب غض البصر عن النظر الى الحرام و قوله او عين فقأت في سبيل الله اي شقت في سبيل الله في قتال الكفار لاعلاء كلمة الله فهؤلاء قال عليه الصلاة والسلام حرمت النار عليهم اي لا يرد احد منهم النار فهي آآ واق لهم باذن الله سبحانه وتعالى من النار نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو عبد الله محمد ابن يعقوب قال حدثنا ابراهيم ابن عبد الله قال اخبرنا ابو عاصم عن ابن جريج قال اخبرنا ابو الزبير انه سمع جابر رضي الله عنه يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده رواه مسلم عن الحلواني وعبد ابن حميد عن ابي عاصم واخرجه البخاري من حديث عبدالله ابن عمرو وهذا الحديث حديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده هذا فيه جمع بين كف الاذى القول والفعلي كف الاذى القولي الذي هو اذى اللسان وهو من اشد الاذى والفعل الذي هو هذا اليد والمعنى ان من لم يؤذي المسلمين لا باقواله ولا بافعاله لا يؤذيهم لا بلسانه ولا بيده فهذا مسلم كامل الاسلام لان المعنى في قوله المسلم اي الكامل الكمال الواجب وليس المراد نفي اصل الاسلام عن من لم يكن بهذه الصفة بل هذا مثل ما يقال العلم ما نفع او العالم زيد اي الكامل وهذا معروف بلسان العرب الحاصل ان قوله عليه الصلاة والسلام المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده في ان كمال الاسلام الواجب لا يكون الا بصيانة اللسان صيانة اليد اللسان يصونه عن اذى الناس واليد يصونها ايضا عن اذى الناس فلا يكمل اسلامه الكمال الواجب الا بذلك نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو الحسين علي ابن محمد ابن بشران المعدل في بغداد قال اخبرنا اسماعيل بمحمد الصفار قال حدثنا زكريا ابن يحيى ابن اسد قال حاء واخبرنا ابو محمد عبد الله ابن يحيى ابن عبدالجبار السكري ببغداد قال اخبرنا اسماعيل ابن محمد قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابي شريح الخزاعي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليحسن الى جاره. ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت مت. وفي رواية زكريا او ليسكت رواه مسلم عن زهير ابن حرب وابن نمير عن سفيان بن عيينة واخرجه البخاري ومسلم من حديث المقبوري عن ابي شريح ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى هذا الباب بهذا الحديث حديث ابي شريح الخزاعي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليحسن الى جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت. وفي رواية او ليسكت ذكر عليه الصلاة والسلام الايمان بالله واليوم الاخر والايمان بالله اي المقصود المعبود الملتجى اليه سبحانه وتعالى واليوم الاخر الذي هو دار الجزاء والحساب كثيرا ما يقرن بين هذين الايمانين الايمان بالله والايمان باليوم الاخر الايمان بالله لانه المقصود بالعمل والايمان باليوم الاخر لانه دار الجزاء على العمل والشاهد من الحديث قوله من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت برواية او ليسكت ولا يمكن ان يتحقق هذا الانضباط باللسان الا اذا كان المرء دائما يزن كلامه قبل ان يتكلم به ويتفكر في كلامه قبل ان يتكلم به اما من لا يزن كلامه ويتكلم آآ رأسا بما يرد في ذهنه دون تفكر فهذا الى الاثم اقرب والى القول الخاطئ اقرب وربما يقول كلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا كما جاء في الحديث ولهذا عظم احتراز السلف وحرصهم على صيانة اللسان حتى قال عبد الله بن مسعود هذا الذي اوردني الموارد مع شدة حفظه للسانه قال ما على الارض احوج من طول السجن من اللسان وعنهم في الباب كلمات كثيرة جدا في صيانة اللسان وحفظه قول فليقل خيرا هذه لا يمكن ان يصل اليها المرء الا اذا كان يتفكر في كلامه ومن يتفكر في كلامه قبل ان يتكلم به يجد انه لا يخرج عن ثلاث حالات اما كلام هو خير هذا يتكلم به ولا حرج او كلام فيه فيه اثم هذا يمتنع عن الكلام فيه والخوض فيه او كلام يشتبه عليه امره لا يدري هل هو من الخير او من الشر فهذا الواجب عليه ان يتقيه عملا بقول النبي عليه الصلاة والسلام فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعقبه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام قد قال امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوها قبل ان توزنوا فينبغي على المرء ان يزن كلامه قبل ان يتكلم به فاذا كان الكلام متزنا طيبا تكلم به والا حبسه ومنعه وما دام الكلام حبيس الصدر لم يخرج فانه لا يضر المرء كما في الحديث ان الله عفى عن امتي ما حدثت به انفسها ما لم تتكلم او تفعل الكلام الذي يجول في الصدر ولو كان سيئا لا يضر صاحبه ما دام حبيس الصدر مانعا نفسه من الكلام فيه والكلمة ما لم يتكلم بها المرء فهو يملكها وان تكلم بها ملكته وتحمل تبعتها ان صيانة اللسان من اعظم المطالب وعدم صيانته من المهلكات كما قال عليه الصلاة والسلام وهل يكب الناس على وجوههم او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين. اللهم انا نسألك قلبا سليما ولسانا صادقا ونسألك التوفيق لما تحب وترضاه من سديد الاقوال وصالح الاعمال سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين