بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا وبعد فيقول الحافظ البيهقي في كتابه الاربعون الصغرى الباب الثامن في دوام المراقبة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين اما بعد عقد المصنف الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى هذا الباب في دوام المراقبة اي مراقبة الله سبحانه وتعالى وهذا الدوام للمراقبة هو من اعلى مقامات الدين وارفعي رتب الايمان ان يكون العبد مديما المراقبة ومداومة المراقبة تعني دوام العلم ودوام التيقن باطلاع الله على العبد وعلمه سبحانه به وانه جل وعلا لا تخفى عليه من العباد خافية فهذا الدوام للمراقبة والدوام التيقن بذلك يورث خشية الله والاحسان في طاعة والمداومة على عبادته والبعد عن معاصيه فهذا الاستشعار للعلم علم الله بك واطلاعه عليك يورث خيرا عظيما ومن اسماء الله جل وعلا الرقيب قال الله تعالى ان الله كان عليكم رقيبا وقال تعالى وكان الله على كل شيء رقيبا وقال تعالى وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم وانت على كل شيء شهيد وهذا الاسم من اسماء الله يدل على احاطتي وشمولي اطلاع وكمال علمه كمال سمعه وبصره فهو الرقيب عليهم بسمعه الذي وسع كل الاصوات والرقيب عليهم ببصره الذي احاط بجميع المبصرات فلا يعزب عن بصره شيء والرقيب بعلمه المحيط بكل شيء فلا تخفى عليه خافية احاط سبحانه كل شيء علما واحصى كل شيء عددا وهذا الاستشعار والمراقبة يكون في مقامين مقام فعل العبادات ومقام تجنب المنهيات اما الاول فهو ان تراقب الله عند امره ففي صلاتك وصيامك وحجك وسائر طاعاتك تستشعر اطلاع الله عليك ومراقبته لك وعلمه بك فيورثك ذلك كمال العبادة وتمامها وسيأتي معنا في حديث جبريل المشهور عند ذكر مقام الاحسان الذي هو اعلى مقامات الدين قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك والمقام الثاني مقام المراقبة عند نهيه مراقبة الله عند نهيه وذلك عندما تحدث المرء نفسه بمعصية او ارتكاب فعل محرم ان يذكرها مباشرة باطلاع الرب عليه وعلمه به وانه عز وجل يراه ويسمع كلامه ويعلم بحاله ولا تخفى عليه من العباد قافية من الناس من اذا خلا بمعصية لم يبال باطلاع الله له لكن اذا تحركت قريبا منه قطة فزع او دخل عليه طفل صغير هلع او حرك الهواء نافذة غرفته خاف ثم هو مع هذا لا يخاف الله ولا يراقب الله ولا يخشى الله وقد قال بعضهم لاحد السلف عظني فقال اتق الله من ان يكون اهون الناظرين اليك نعم ما احوجنا ولا سيما في هذا الزمان الذي تكاثرت فيه على الناس الفتن وانفتحت ابواب الشرور ولا سيما من خلال هذه الاجهزة والوسائل الحديثة التي بلي بها كثير من الناس فجرت شرا عظيما وبلاء مستطيرا فهل استشعر كثير من هؤلاء الذين يقتنون هذه الاجهزة ويستعملونها استعمالات محرمة هل استشعروا علم الله بهم واطلاعه عليهم الم يعلم بان الله يرى اولا يعلمون ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون وهو معكم اينما كنتم واللهم تعملون بصير يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم اذ يبيتون ما لا يرضى من القول اذا عدم هذا الاستشعار وعدمت هذه المراقبة وضعفت في قلب العبد جرة بلاء عظيما وشرا كبيرا قال الله تعالى وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين ما احوجنا جميعا ولا سيما في هذا الزمان زمان الفتن المتلاحقة ان نستشعر هذا المقام مقام المراقبة المثمر لخشية الله في الغيب والشهادة والسر والعلانية لنفوز بعظيم الثواب وجميل المآب قال الله تعالى جنات عدن تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه قال تعالى ان الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة واجر كبير قال تعالى وازلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل اواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد قال الشيخ محمد الامين الشنقيطي رحمه الله اجمع العلماء على انه اكبر واعظ واعظم زاجر نزل من السماء الى الارض وظربوا لذلك مثلا ولله المثل الاعلى قالوا لو فرض ان هذا البراح من الارض فيه ملك قتال للرجال ان انتهكت حرماته ذو قوة وعزة ومنعة وحوله جيوش وحول هذا الملك بناته ونسائه جواريه ايخطر ببال احد من اولئك الحاضرين مجلس هذا الملك ان يقوم بريبة ولو قيل لاهل بلد ان امير ذلك البلد يبيت عالما بكل ما يفعلونه في الليل من الخسائس لباتوا متأدبين وهذا خالق السماوات والارض الملك الجبار يخبرهم في ايات كتابه لا تكاد تقلب ورقة واحدة من اوراق المصحف الكريم الا وجدت فيها هذا الواعظ الاكبر والزاجر الاعظم بكل شيء عليم والله ما تعملون خبير يعلم ما تسرون وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه واعلموا ان الله يعلم ما في انفسكم فاحذروه وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه فينبغي علينا جميعا ان نعتبر بهذا الزاجر الاكبر والواعظ الاعظم والا ننساه لئلا نهلك انفسنا انتهى كلامه رحمه الله تعالى احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو الحسين ابن بشران قال اخبرنا ابو جعفر الرزاز قال حدثنا عيسى ابن عبد الله الطيالسي قال حدثنا ابو عبد الرحمن المقري قال حدثنا كهمس ابن الحسن قال سمعت عبد الله بن بريدة يحدث عن يحيى ابن يعمر عن عبد الله ابن عمر عن ابيه رضي الله عنهما في حديث الايمان قال الرجل يا محمد اخبرني عن الاسلام ما الاسلام؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت السبيل قال الرجل صدقت ثم قال يا محمد اخبرني عن الايمان ما الايمان؟ فقال الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر كله خيره وشره فقال صدقت ثم قال اخبرني عن الاحسان ما الاحسان؟ فقال الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ذكر باقي الحديث اخرج مسلم الحديث من اوجه عن كهمس واخرجه البخاري ومسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ام هذا الحديث العظيم مشهور حديث جبريل حيث ان جبريل عليه السلام اتى الى النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة جلوس حوله جاء على صورة اعرابي شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر فجلس الى النبي عليه الصلاة والسلام واسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ثم سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن سؤالات عديدة عن الاسلام وعن الايمان وعن الاحسان وعن الساعة وامراتها ثم في تمام الحديث قال النبي عليه الصلاة والسلام هذا جبريل اتاكم يعلمكم دينكم فعلم بذلك ان هذا الذي اشتمل عليه هذا الحديث هو ديننا والحديث فيه جماع الدين فكل التفاصيل الواردة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم في بيان دين الله راجعة الى هذا الحديث الذي هو جماع الدين ولهذا بعض اهل العلم يسمي هذا الحديث ام السنة مثل ما ان الفاتحة تسمى ام القرآن وذلك ان الفاتحة حوت اجمالا ما حواه القرآن تفصيلا وهذا الحديث حوى اجمالا ما حوته السنة تفصيلا والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في تمام الحديث هذا جبريل اتاكم يعلمكم دينكم. فالدين اجتمع بيانه اجمالا في هذا الحديث العظيم المبارك وقد افاد هذا الحديث العظيم ان الدين مراتب ليس على رتبة واحدة بل هو على مراتب وهي الاسلام والايمان والاحسان فالايمان يزيد وينقص ويقوى ويضعف واهله ليسوا فيه سواء بل هم متفاوتون ولهذا جاء في الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان عمار ابن ياسر ملئ ايمان الى مشاشه اي اطراف اصابعه ففرق بين شخص ملئ ايمانا بين شخص يعمل اعمال الاسلام الظاهرة وعنده ايمان قلبي يسير يصحح اسلامه الايمان رتب هناك رتبة الاسلام ثم اعلى منها رتبة الايمان ان يمتلئ القلب ايمانا ولما يدخل الامام في قلوبكم ثم يرتقي الى اعلى ما يكون في الايمان وهو رتبة الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك وهذا الموطن من الحديث هو الذي لاجله ساق المصنف رحمه الله تعالى هذا الحديث والاحسان والاتقان والاجادة في تتميم العمل وتكميله حتى يبلغ اعلى رتبه وله ركن واحد كما هو مبين في هذا الحديث بقول النبي عليه الصلاة والسلام ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك او عبادة لله وتقرب اليه جل في علاه مع احسان من العبد واتقان في هذا التعبد باستحضار قرب الله ومراقبته سبحانه وتعالى في العبادة ومجاهدتي لنفسي على تكميلها وتتميمها حتى تبلغ اعلى رتبة بان يعبد الله على هذه الصفة وهو استحضار قربه وانه بين يديه كانه يراه وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم ومن كان كذلك فاز بمعية الله الخاصة كما قال الله جل وعلا ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وكما قال جل وعلا وان الله لمع المحسنين وفاز ايضا بمحبة الله ان الله يحب المحسنين وفاز ايضا بعظيم ثواب الله للذين احسنوا الحسنى وزيادة الجزاء الاحسان الا الاحسان فمن احسن احسن الله اليه وفاز بعظيم الثواب وجميل المآبي ورفيع المنازل يوم القيامة والاحسان رتبة عالية من رتب هذا الدين لا تنال الا بالصبر والمجاهدة للنفس كما قال جل وعلا والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين فالاحسان مجاهدة للنفس ومصابرة ومرابطة ومحافظة على طاعة الله ومداومة مع المراقبة واستحضار قرب الله وان يكون في تعبده لله على هذا الوصف ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك والله سبحانه وتعالى يقول وما تكونوا في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارظ ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين فالواجب على العبد ان يراقب الله سبحانه وتعالى في جميع اعماله وان يؤديها على وجه النصيحة وان يجتهد في تتميمها وتكميلها فان الله عز وجل مطلع عليه عالم بظاهره وباطنه لا تخفى عليه سبحانه وتعالى خافية احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو العباس محمد ابن يعقوب قال حدثنا يزيد عبد الصمد الدمشقي قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا عثمان ابن كثير ابن دينار عن محمد ابن مهاجر عن عروة ابن رويم عن عبد الرحمن ابن غن عن عبادة ابن رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من افضل ايمان المرء ان يعلم ان الله معه حيث كان قال الشيخ احمد يعني ان الله معه بعلمه هذا الحديث رواه الطبراني في معجمه وابو نعيم في حلة الاولياء وغيرهما وحسنه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية. قال حديث حسن وضعفه بعض اهل العلم لانه تفرد به عثمان ابن كثير قال الهيثمي ولم ارى من ذكره بثقة ولا جرح وقد روى الطبراني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث من فعلهن فقد ذاق طعم الايمان وذكرها والثالث وزكى نفسه فقال رجل وما تزكية النفس فقال ان يعلم ان الله عز وجل معه حيث كان قال الالباني رحمه الله اسناده صحيح قوله في حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه افضل الايمان هذا فيه ان الايمان يتفاضل وان امور الايمان متفاضلة لها اعلى وادنى كما في حديث الشعب قال صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق الايمان له شعب وخصال عديدة كلها داخلة في مسماه منها ما يكون في القلب ومنها ما يكون باللسان ومنها ما يكون بالجوارح وهي متفاضلة ليست على درجة واحدة فقوله افظل الايمان هذا نص في التفاظل بين شعب الايمان وان بعظها افضل من بعض وان ما يتعلق بالايمان بالله معرفة به وتوحيدا واخلاصا واقرارا بعظمته واستحضارا لاطلاعه وعلمه هذا يعد اعظم الايمان و اجله قد قال الله تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء وكلما كان العبد بالله اعرف كان منه اخوف ولعبادته اطلب وعن معصيته ابعد والحديث فيه دلالة على عظم اثر الايمان والمعرفة بالله على العبد من حيث صلاح اعماله وصلاح احواله وبعده عما يسخط الله فافضل ايمان ان تعلم ان الله معك حيثما كنت اي سواء كنت في مكان قال او مكان بين الناس في الغيبة او الشهادة في السر او العلانية فاعلم ان الله معك لا تخفى عليه منك خافية يرى فعالك ويعلم بحالك ومطلع عليك اذا خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب واذا كان العبد بهذا الوصف وبهذا الاستشعار لمعية الله له كان ذلك اكبر زاجر واعظم رادع ولهذا تجد في القرآن في ايات كثيرة منه تختم ذكر هذا الامر مثل قوله بكل شيء عليم بكل شيء بصير وسيروا ما تعملون خير ما تعملون كثير من الايات تختم بهذا المعنى لان هذا اكبر زاجر واعظم رادع للعبد فافضل الايمان ان تعلم ان الله معك حيثما كنت لان العبد اذا كان بهذه الصفة هدي الى كل خير ووفق باذن الله تعالى لكل فضيلة فاذا قام بطاعة او عبادة قام بها على وجه الاخلاص والمراقبة لانه في عبادته يستشعر ان الله معه في كل حين الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين واذا دعته نفسه لمعصية استشعر هذه المعية وهذا الاطلاع فيكون ذلك زاجرا له وعليه فان هذا الاستحضار لهذه المعية يعد سائقا للفظائل وحاجزا عن القبائح والرذائل يسوق العبد الى الفضائل من احسان ومراقبة وجد واجتهاد في طاعة الله وفي الوقت نفسه يحجزه ويردعه عن الرذائل وهذا اكبر واعظ اذا قام في قلب العبد وفق العبد لتحقيقه فقد وفق للخير كله فاذا قوله افظل الايمان ان تعلم ان الله معك حيثما كنت اي في اي مكان تكون في ليل او نهار في سر او علن في بر او بحر في حاضرة او بادية في البيت او خارجه اينما تكون فالله معك مطلع عليك يعلم السر واخفى يعلم خائنة الاعين ما تخفي الصدور ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ لما بعثه الى اليمن قال اتق الله حيثما كنت وهذا بمعنى هذا الحديث اي اينما تكون فالله سبحانه وتعالى مطلع عليك ويعلم بحالك ايضا في حديث جبريل المتقدم لما ذكر مقام الاحسان قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك اي ان تستحضر هذه المعية معية الله لك وان هذا هو مقام الاحسان الذي هو اعلى ورتب الدين فالاحسان انما يكون اذا كان العبد بهذا الوصف يعلم ان الله معه اينما كان وقوله في هذا الحديث افضل الايمان ان يعلم ان الله معه حيثما كان معه هذا فيه اثبات المعية والمراد بالمعية هنا المعية العامة التي هي الاطلاع والعلم ولذا قال البيهقي رحمه الله عقب الحديث يعني ان الله معه بعلمه قد نقل الحافظ الذهبي في العلو عن الامام محمد ابن يحيى الدهلي انه قال يريد ان الله علمه محيط بكل مكان والله على العرش وينبغي هنا ان نعلم ان معية الله للخلق تنقسم الى قسمين عامة وخاصة فالعامة هي التي تقتضي الاحاطة بجميع الخلق من مؤمن وكافر وبر وفاجر وهي معية علم واطلاع واحاطة وهذه توجب لمن امن بها كمال المراقبة لله عز وجل ولهذا قال في هذا الحديث افضل الايمان ان تعلم ان الله معك حيثما كنت ومن امثلة هذا النوع من المعية قول الله تعالى وهو معكم اينما كنتم وقولها الا هو معهم اينما كانوا واما القسم الثاني وهو المعية الخاصة فهي التي تقتضي الحفظ والنصر والتأييد وهي خاصة برسل الله واصفيائه واتباعهم وهذه المعية توجب لمن امن بها كمال الثبات والقوة من امثلتها قول الله تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون قوله لا تحزن ان الله معنا ولا انني معكما اسمع وارى قوله ان الله مع المؤمنين الحاصل ان قوله في الحديث ان تعلم ان الله معك اي معك بعلمه واطلاعه فاينما تكون كن على علم ويقين ان الله معك اي بعلمه واطلاعه اما هو سبحانه فهو مستو على عرشه المجيد بائن من خلقه وهو معهم بعلمه لا تخفى عليه خافية قال الله تعالى الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما وقال تعالى الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وفي الرواية المتقدمة لما ذكر عليه الصلاة والسلام تزكية النفس فقال له رجل وما تزكية النفس قال ان يعلم ان الله عز وجل معه حيث كان هذا يستفاد منها فائدة عظيمة جليلة القدر رفيعة الشأن وهي ان سبيل العبد لتزكية نفسي ان يستحضر هذا المقام العظيم دائما في كل تقلباته وجميع احواله ان الله عز وجل معه حيث كان مطلع عليه سبحانه وتعالى نسأل الله الكريم باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين