بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه لجميع المسلمين. اللهم فقهنا بالدين وعلمنا التأويل وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب العاشر في الخوف والرجاء بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا الباب العاشر من ابواب هذه الرسالة الاربعون الصغرى في الخوف والرجاء والخوف والرجاء مضافا اليهما الحب تسمى هذه الثلاثة اركان التعبد القلبية وهي اركان لا تقوم العبادة الا عليها فهذه الثلاث ركائز لابد منها ولا قيام للعبادة الا عليها حب الله سبحانه وتعالى ورجاءه والخوف منه فهذه الركائز الثلاثة لابد منها في كل طاعة في الصلاة والصيام والحج والصدقة وجميع الطاعات لا بد ان تقام على هذه الركائز الثلاثة فالله عز وجل يعبد حبا فيه ورجاء لثوابه وخوفا من عقابه قال الله عز وجل في شأن الحب والذين امنوا اشد حبا لله وقال في شأن الرجاء ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون وقال في شأن الخوف افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون قد جمع الله عز وجل هذه الركائز الثلاثة في قوله اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محظورا والحب شأنه ومكانته في العبادة انه بمثابة الروح من الجسد فهو الذي يهيج النفس ويحركها الى القيام بالعبادة وطاعة المحبوب والبعد عن مناهيه الحب ركيزة عظيمة للعبادة بل هو روح لها لا قيام للعبادة الا عليه والرجاء قائد للنفس لا سير لها في الطريق ولا استقامة لها عليه الا بوجوده والخوف والسائق للنفس يحجزها عن الحرام ويبعدها عن الاثام قال وهب بن منبه رحمه الله الرجاء قائد والخوف سائق والنفس حر رجاء الله قائد الى كل فضيلة والخوف سائق الى المضي في الطاعة والبعد عن الحرام والرجاء انما يكون نافعا اذا كان قائدا للطاعات والخوف انما يكون نافعا اذا كان حاجزا عن المحرمات ولهذا لا يغلب رجاء على خوف ولا خوف على رجاء بل يؤتى بهما جميعا فانهما كما ذكر اهل العلم بمثابة الجناحين للطاهر فمن غلب الرجاء على الخوف امن من مكر الله ومن غلب الخوف على الرجاء قنط من رحمة الله وقد ثبت من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر فقال الشرك بالله والاياس من روح الله والامن من مكر الله والامن من مكر الله يصل الى النفس عندما يغلب الرجاء والقنوط او الاياس من رح الله يصل الى النفس عندما يغلب الخوف والواجب ان يأتي العبد بالرجاء والخوف متوازنين فلا يغلب احدهما على الاخر هذه الاركان الثلاثة للتعبد لها اهمية عظيمة جدا في حياة المرء وعبادته لابد ان يعتني بها ولا يفرط في شيء منها لان التفريط في شيء منها يجنح به الى باب من ابواب الضلالة فان من يأتي بالحب وحده بدون خوف ولا رجاء يفضي به ذلك الى الزندقة ومن يأخذ بالخوف وحده معطلا الحب والرجاء يفتي به ذلك الى التشدد والتعسير على النفس وعلى الاخرين ومن يأخذ بالرجاء وحده مهملا للحب والخوف يفضي به ذلك الى الاستهانة بالعبادة والاستخفاف بامرها ولا يستقيم العبد على الطريق الا بالجمع بين هذه الامور الثلاثة الحب و الخوف والرجاء ويسميها شيخ الاسلام رحمه الله تعالى محركات القلوب قال رحمه الله في فصل المجموع الاول من فتاواه قال ولابد من التنبيه على قاعدة تحرك القلوب الى الله عز وجل فتعتصم به فتقل افاتها او تذهب عنها بالكلية بحول الله وقوته فنقول اعلم ان محركات القلوب الى الله عز وجل ثلاثة المحبة والخوف والرجاء واقواها المحبة وهي مقصودة تراد لذاتها لانها تراد في الدنيا والاخرة بخلاف الخوف فانه يزول في الاخرة قال الله تعالى الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون والخوف المقصود منه الزجر والمنع من الخروج عن الطريق المحبة تلقي العبد في السير الى محبوبه وعلى قدر ضعفها وقوتها يكون سيره اليه والخوف يمنعه ان يخرج عن طريق المحبوب والرجاء يقوده فهذا اصل عظيم يجب على كل عبد ان يتنبه له فهذا اصل عظيم يجب على كل عبد ان يتنبه له. فانه لا تحصل له العبودية بدونه انتهى كلامه رحمه الله تعالى احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال اخبرني محمد ابن عبد الله ابن قريش الوراق قال حدثنا الحسن ابن سفيان قال حدثنا قتيبة قال حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن عن عمرو يعني ابن ابي عمر عن سعيد ابن ابي سعيد عن ابي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله تعالى خلق الرحمة يوم خلقها مئة رحمة فامسك عنده تسعا وتسعين رحمة وارسل في خلقه كلهم رحمة واحدة فلو يعلم الكافر كل الذي عند الله من رحمته لم ييأس من الرحمة. ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار. رواه البخاري عن قتيبة ابن سعيد واخرجه مسلم من وجه اخر. عن ابي هريرة هذا الحديث آآ حديث آآ ابي هريرة رضي الله عنه ان الله عز وجل خلق الرحمة يوم خلقها مئة رحمة فامسك عنده تسعا وتسعين رحمة وارسل في خلقه كلهم رحمة واحدة كيف بهذه الرحمة الواحدة التي انزلها يتراحمون وكل رحمة توجد في الخلق فهي من هذه الرحمة التي اه آآ خلقها الله عز وجل وانزلها الارظ فملأت ما بين السماء والارض من سعتها فقد جاء في صحيح مسلم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله خلق يوم خلق السماوات والارض مئة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء والارض اي ملء ما بين السماء والارض كل رحمة طباق ما بين السماء والارض فجعل منها في الارض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض فاذا كان يوم القيامة اكملها بهذه الرحمة ويجب ان نعلم ان هذه الرحمة ليست اه الرحمة التي هي صفة الله لان هذه الرحمة كما هو منصوص عليه في الحديث مخلوقة قال عليه الصلاة والسلام ان الله خلق الرحمة يوم خلقا فهذه الرحمة مخلوقة المئة هذه مخلوقة وهي رحمة عظيمة جدا خلقها الله عز وجل انزل منها الى الارض واحدة جعلها مئة قسم وانزل الى العضو رحمة واحدة وهذه الرحمة الواحدة التي انزلها الله سبحانه وتعالى بها يتراحم الخلق وكل رحمة موجودة في الخلق فهي من هذه الرحمة المخلوقة التي انزلها الله سبحانه وتعالى ثم قال عليه الصلاة والسلام في الحديث فلو يعلم الكافر كل الذي عند الله من رحمته لم ييأس من الرحمة ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار وهذا موطن الشاهد من الحديث وفيه التنبيه الى ان العبد لو تحقق وتبين ما عند الله من الرحمة لم ينقطع عن قلبه الرجاء ولو تحقق وتبين ما عند الله من العذاب لم ينقطع عن قلبه الخوف وهذان مطلوبان من العبد ينبغي ان يكونا دائما في قلبه الخوف والرجاء فينبغي ان يكون دائما بين الخوف والرجاء وقد افاد هذا الحديث ان ذكرى الجنة والنعيم والثواب المعد يعين العبد على تحريك الرجاء في القلب وذكر النار والعذاب والعقوبات يعين العبد على تحريك الخوف في قلبه ولهذا تجد في القرآن يؤتى بهما معا على التوالي في الايات ذكر الجنة وذكر النار ذكر المغفرة وذكر الرحمة نبه عبادي اني انا الغفور الرحيم وان عذابي والعذاب الاليم وهذه طريقة القرآن جمع الجمع بين ما يحرك الرجاء ويحرك الخوف معا فلا يكون العبد مفرطا في الرجاء فيتهاون في العمل ويفرط في الطاعة ولا ايظا يكون مفرطا في الخوف فيكون متشددا على نفسه وعلى الاخرين والحديث فيه امر وقوف العبد بين الرجاء والخوف فلا يغلب الرجاء على الخوف لان لا يأمن ولا يغلب الخوف على الرجاء لان لا يقنط احسن الله اليكم قال مصنف رحمه الله تعالى حدثنا السيد ابو الحسن محمد بن الحسين بن داوود العلوي قال حدثنا ابو حامد بن الشرقي املأه علينا من حفظه قال حدثنا محمد ابن يحيى الذهني قال حدثنا عبدالرحمن بن مهدي قال حدثنا سفيان عن منصور وسليمان الاعمش عن ابي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة اقرب الى احدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك رواه البخاري في الصحيح عن ابي حذيفة عن سفيان هذا الحديث حديث آآ عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه هو من احاديث الترغيب والترهيب العظيمة ومن اعظم ما ينفع العبد في هذا الباب باب الرجاء والخوف ان يذكر نفسه قرب الجنة والنار ومن قرب الجنة انه ليس بين المؤمن ودخولها الا ان يموت ان تفارق روحه جسده ومن قرب النار انه ليس بينه وبينها الا ان يموت ان تفارق روحه جسده فهي قريبة ما يوصل الى الجنة وكذلك ما يوصل الى النار فان يسيرا من الخير قد يكون سببا لدخول الجنة وقليلا من الشر والفساد قد يكون سببا دخول النار ولهذا ينبغي على العبد ان يحرص على اسباب دخول الجنة لا يتقال منها شيء وان يحذر من اسباب دخول النار لا يتقال منها شيئا فالجنة سهل دخولها وذلك بتصحيح الاعتقاد والعناية بالطاعة والنار ايضا قريبة من اهلها باتباع الاهواء وعصيان الله سبحانه وتعالى وتأمل ماذا قال عليه الصلاة والسلام في شأن قرب الجنة وشأن قرب النار. قال الجنة اقرب الى احدكم من شراك نعله اذا نظرت الى رجلك وانت تلبس النعل تجد اه السير الذي يعلو ظهر قدمك السير الذي يعلو ظهر قدمك هو قريب من الانسان فظرب عليه الصلاة والسلام قرب الجنة بقرب هذا السير كذلك قرب النار قد قال بعض اهل العلم ان ظرب المثل لقرب الجنة وكذلك قرب النار بالشراك شراك النعل لان سبب حصول الثواب العقاب انما هو السعي بالاقدام والمشي بالاقدام فكم من مشيا في الاقدام كان سببا لدخول صاحبه الجنة وكم من مشي بالاقدام كان سببا لدخول صاحبه النار ولا يستقل المرء في هذا ولا ذاك قليل او ما يرى انه قليل فانه قد تكون كلمة واحدة سببا في دخول الجنة من رضوان الله سبحانه وتعالى لا يظن ان تبلغ ما بلغت وكذلك النار قد يقول كلمة من سخط الله عز وجل لا يلقي لها بالا فتكون سببا آآ دخوله النار مثل الرجل العابد الذي كان يمر على صاحب معصية فينهاه ثم قال لما طال نهيه له عدم استجابة ذاك له؟ قال والله لا يغفر الله لفلان فقال من ذا الذي يتألى علي قد غفرت له واحبطت عملك قال ابو هريرة تكلم بكلمة او بقت دنياه واخراه مثل ايظا النفر الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ارغب بطونا ولا اكذب السنا ولا اجبن عند اللقاء. يقصدون النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ثم اعتذروا بان انهم كانوا يمظون بهذه الكلمات الطريق لكن الله قال قد كفرتم بعد ايمانكم فالحاصل ان الجنة هو النار قريبة قد تكون الجنة بكلمة واحدة وقد تكون النار بكلمة واحدة فينبغي على العبد ان يكون آآ ناصحا لنفسه بالعناية باسباب دخول الجنة فحذرا ايظا اشد الحذر من اسباب دخول النار لا يتهاون بهذا ولا يتهاون بهذا فيحرص على الاعمال وان قلت فقد اه يعمل عملا يراه قليلا فيرفعه الله به. ويكون سببا دخوله الجنة في صحيح مسلم مر رجل بغصن شجرة ذي شوك فقال والله لا ادع هذا في طريق المسلمين فيؤذيهم فنحاه عن طريقهم فشكر الله له عمله فادخله الله عز وجل الجنة والنبي صلى الله عليه وسلم قال اتقوا النار ولو بشق تمرة فعلى العبد ان يكون ناصحا لنفسه بالاعمال الصالحة لا يستقل منها شيئا وحذرا من الاعمال السيئة ايظا لا يستقل منها شيئا فان الجنة قريبة والنار قريبة. نسأل الله عز وجل آآ الجنة وما قرب اليها من قول او عمل ونعوذ بالله من النار وما قرب اليها من قول او عمل. نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى وروى سويد بن سعيد عن حفص بن ميسرة عن زيد بن اسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما يدخل الجنة من يرجوها وانما يجنب نار من يخافها وانما يرحم الله من يرحم قال المصنف حدثناه الامام ابو الطيب سهل ابن محمد ابن سلمان قال حدثنا ابو عمرو بن مطر قال حدثنا قاسم بن زكريا المطرز قال حدثنا عبيد بن سعيد فذكره اورد المصنف رحمه الله تعالى هذا الحديث حديث آآ عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما يدخل الجنة من يرجوها وانما يجنب النار من يخافها وانما يرحم الله من يرحم هذا الحديث اسناده ضعيف او غير ثابت عن نبينا صلوات الله وسلامه وبركاته عليه لا شك ان من يرجو الجنة يحركه رجاؤه الى العمل بعمل اهل الجنة واما من لم يرجها سيقنط من رحمة الله وقنوطه يبعده عن الجنة واليأس من روح الله من كبائر الذنوب والله سبحانه وتعالى يقول ولا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون وايضا من يخاف النار ويخاف عذاب الله سبحانه وتعالى انما ان حمله خوفه على اتقاء الاسباب التي تفظي الى دخول النار كان خوفه سببا تجنيبه النار وبعده عنها ففيه اهمية الرجاء والخوف رجاء الرحمة وخوف العذاب يرجون رحمته ويخافون عذابه وقوله انما يرحم الله من يرحم هذا جاء في السنة احاديث آآ كثيرة تشهد له مثل ارحم من في الارظ يرحمكم من في السماء من لا يرحم لا يرحم والاحاديث في هذا المعنى كثيرة لان الجزاء من جنس العمل احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى وروى جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت عن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل يعود يعود فوجده في الموت وقال كيف تجدك؟ فقال اجدني اخاف وارجو وفي رواية قال ارجو الله ارجو الله واخاف فقال لا يجتمعان في قلب مؤمن زادا سيار في مثل هذا الموطن الا اعطاه الله الذي يرجو وامنه من الذي يخاف قال المصنف اخبرناه علي ابن احمد ابن عبدان قال اخبرنا احمد بن عبيد الصفار قال حدثنا محمد بن اسحاق البغوي قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حاء واخبرنا ابو عبد الله الحافظ وابو محمد عبدالرحمن بن ابي حامد المقري وابو عبدالرحمن محمد بن الحسين السلمي قالوا حدثنا ابو العباس محمد ابن يعقوب قال حدثنا الخضر بن ابان الهاشمي قال حدثنا سيار ابن حاتم قال حدثنا جعفر بن سليمان بمعنى واحد هكذا رواه جعفر روي عن حامد بن سلمة عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا بمعناه وهذا الحديث ايضا حديث عظيم بباب الخوف والرجاء قصة هذا الفتى الذي دخل عليه النبي عليه الصلاة والسلام يعوده فوجده في الموت اي في سياق الموت فقال له عليه الصلاة والسلام كيف تجدك؟ اي كيف تجد قلبك او تجد نفسك وانت في الانتقال من الدنيا الى الاخرة فقال ارجو الله واخاف ذنوبي ارجو الله اي ان يتغمدني برحمته واخاف ذنوبي اي ان يحاسبني الله سبحانه وتعالى عليها فجمع بين الرجاء والخوف فقال النبي عليه الصلاة والسلام لا يجتمعان اي الرجاء والخوف في قلب مؤمن في مثل هذا الموطن الذي هو السياق واللحظات الاخيرة من الدنيا الا اعطاه الله الذي يرجو وامنه من الذي يخاف ما يرجو اي من الرحمة وما يخاف اي من العذاب فهذا حديث عظيم جدا في باب الرجاء والخوف وقد جاء عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه انه قال لا يرجو عبد الا ربه ولا يخافن الا ذنبه قال الشيخ الاسلام ابن تيمية عن هذه الكلمة قال هذا من جواهر الكلام ومن احسنه وابلغه واتمه فمن رجا نصرا او رزقا من غير الله خذله الله والرجاء يكون للخير والخوف يكون من الشر والعبد انما يصيبه الشر بسبب ذنوبه ولا يجتمعان هذان الوصفان الا لعبد موفق لنيل ما يرجو والامنة مما يحذر والحاصل ان العبد ينبغي ان يكون جامعا بين الرجاء والخوف الرجاء لرحمة الله والخوف من عذاب الله مواظبا على هذا الجمع في حياته و من عواقب ذلك ان يكرمه الله سبحانه وتعالى الموت على ذلك على رجاء الرحمة وخوف العذاب فيفوز بهذا الثواب العظيم ان يعطيه الله عز وجل ما يرجو وان يؤمنه مما يخاف والتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له نسأله جل في علاه ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين