بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اللهم لا سهل الا ما جعلته سهلا انك تجعل حزنا اذا شئت سهلا وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب الحادي عشر في قصر الامل والمبادرة بالعمل قبل بلوغ الاجل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الباب عقده المصنف البيهقي رحمه الله في قصر الامل والمبادرة بالعمل قبل بلوغ الاجل وهذان امران ينبني احدهما على الاخر الاول قصر الامل ان هذا يثمر المبادرة بالعمل قبل بلوغ الاجل وعلى العكس من ذلك طول الامل فانه يثمر اهمال العمل ولهذا فان مفتاح الاستعداد للاخرة هو قصر الامل ومفتاح الاكباب على الدنيا وطول الامل وهذا المقام يحتاج من العبد الى اعمال الفكر والنظر فاذا فكر في الاخرة وشرفها ودوامها ثم بكر في الدنيا وخستها وفنائها اثمر له هذا الفكر رغبة في الاخرة وزهدا في الدنيا وكلما فكر في قصر الامل وضيق الوقت اورثه ذلك الجد والاجتهاد في الطاعات واغتنام الاوقات بينما اذا ركنت نفسه الى طول الامل وبعد الاجل اورثها فتورا عن العمل واكبابا على الدنيا وانهماكا على التكاثر فيها فهذه الترجمة في قصر الامل والمبادرة العمل قبل بلوغ الاجل هي من الامور العظيمة التي ينبغي ان يعنى بها المسلم يقول الامام ابن القيم رحمه الله فاما قصر الامل فهو العلم بقرب الرحيل وسرعة انتقضاء مدة الحياة وهو من انفع الامور للقلب فانه يبعثه على معافصة الايام وانتهاز الفرص التي تمر مر السحاب ومبادرة طي صحائف الاعمال ويثير ساكن عزماتها الى دار البقاء ويحثه على قظاء جهاز سفره وتدارك الفارط ويزهده في الدنيا ويرغبه في الاخرة فيقوم بقلبه اذا داوم مطالعة قصر الامل شاهد من شواهد اليقين يريه فناء الدنيا وسرعة انقضائها وقلة ما بقي منها وانها قد ترحلت مدرة ولم يبق منها الا صبابة كصبابة الاناء يتصابها اصحابها وانه لم يبق منها الا كما بقي من يوم صارت شمسه على رؤوس الجبال ويريه بقاء الاخرة ودوامها وانها قد ترحلت مقبلة وقد جاء اشراطها وعلاماتها وانه من لقائها كمسافر خرج صاحبه يتلقاه فكل منهما يسير الى الاخر فيوشك ان يلتقيا سريعا ويكفي في قصر الامل قوله تعالى افرأيت ان متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما اغنى عنهم ما كانوا يمتعون وقوله تعالى ويوم يحشرهم كان لم يلبثوا الا ساعة من النهار يتعارفون بينهم وقوله تعالى كانهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها وقوله تعالى قالوا لبثنا يوما او بعض يوم فاسأل العادين قال ان لبثتم الا قليلا لو انكم كنتم تعلمون وقوله تعالى كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون وقوله تعالى يتخافتون بينهم الا بتم الا عشرا نحن اعلم بما يقولون اذ يقول امثلهم طريقة ان لبثتم الا يوم وخطب النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه يوما والشمس على رؤوس الجبال فقال انه لم يبق من الدنيا فيما مضى منها الا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض اصحابه وهم يعالجون خصا لهم قد وهى وهم يصلحونه فقال ما هذا قالوا خص لنا قد وهى فنحن نعالجه فقال ما ارى الامر الا اعجل من هذا وقصر الامل بناؤه على امرين تيقني زوال الدنيا ومفارقتها وتيقني لقاء الاخرة وبقائها ودوامها ثم يقايس بين الامرين ويؤثر اولاهما بالايثار انتهى كلامه رحمه الله تعالى وقد جاء في القرآن ايات كثيرة في التحذير من الاغترار بالدنيا قال الله سبحانه يا ايها الناس ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور وقال تعالى وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور وفي الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما لي وللدنيا ما انا في الدنيا الا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ومن ابلغ الامثلة المضروبة في السنة للحياة الدنيا ما ثبت في الصحيحين من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على المنبر فقال انما اخشى عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من بركات الارظ ثم ذكر زهرة الدنيا فبدأ باحداهما وثنى بالاخرى فقام رجل فقال يا رسول الله او يأتي الخير بالشر فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم قلنا يوحى اليه وسكت الناس كأن على رؤوسهم الطير ثم انه مسح عن وجهه الرحظاء اي العرق فقال اين السائل انفا او خير هو ثلاثا ان الخير لا يأتي الا بخير وانه كلما ينبت الربيع ما يقتل حبطا او يلم الا اكلة الخضر. كلما اكلت حتى اذا امتلأت قاصرتاها استقبلت الشمس فسلطت وبالت ثم ركعت وان هذا المال خضرة حلوة ونعم صاحب المسلم لمن اخذه بحقه فجعله في سبيل الله واليتامى والمساكين وابن السبيل ومن لم يأخذه بحقه فهو كالاكل الذي لا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة والدنيا لا تذم لذاتها وانما يذم فعل العبد فيها فالدنيا قنطرة ومعبر الى الجنة او الى النار وهي مزرعة الاخرة وفيها زاد الاخرة وخير عيش ناله اهل الجنة انما كان بسبب ما زرعوه في الدنيا قال الله تعالى كلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم في الايام الخالية فالدم والوعيد انما ورد في حق من اثر الدنيا على الاخرة فصارت الدنيا اكبر همه ومبلغ علمه والمطلوب من العبد الاعتدال بالعمل للدنيا والاخرة لا يشتغل بالدنيا ويترك الاخرة ولا يتخلى عن الدنيا ويتركها بالكلية فيضر بنفسه وبمن يعول او يصبح عالة على غيره نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عمرو محمد بن عبد الله البسطامي الاديب قال اخبرنا ابو بكر احمد بن ابراهيم الاسماعيلي قال الحسن وهو ابن سفيان قال حدثنا المقدمي وهو محمد ابن ابي بكر قال حدثنا محمد ابن عبد الرحمن الطفاوي قال حدثنا من اعمى شعب مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال كن في الدنيا غريب او كعابر سبيل قال وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول اذا اصبحت فلا تنتظر المساء واذا امسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك رواه البخاري عن علي بن المديني عن هذا الحديث حديث ابن عمر رضي الله عنهما حديث عظيم في بابه باب الزهد في الدنيا وعدم الانشغال بها عن الاخرة وان الانسان لم يخلق لهذه الدنيا بل هو في الدنيا بمثابة الغريب او العابر سبيل وشأنه في هذه الدنيا كرجل سافر فمر بارض ليست ارضه فنزل بها قليلا ليقضي حاجة له ويمضي او لم ينزل اصلا وانما مر مرورا بها فهذه حال الانسان في هذه الدنيا والقرار والمستقر في الدار الاخرة وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ولهذا ينبغي للعبد الناصح لنفسه الا اشغله الدنيا عما خلق لاجله واوجد لتحقيقه فهو لم يوجد ويخلق لهذه الدنيا بل شأنه فيها كالغريب او كعابر السبيل الحاصل ان هذا الحديث مشتمل على وصية عظيمة من نبينا عليه الصلاة والسلام بعدم الاغترار بالدنيا والدعوة الى الزهد فيها والا يغتر المرء بطول الامل فينشغل عن صالح العمل بل عليه ان يتذكر انه عنها راحل وانه مرتحل الى الدار الاخرة فالدنيا مدبرة والاخرة مقبلة فلا يشغله المدبر عن المقبل وهذا الحديث فيه لطف النبي عليه الصلاة والسلام في مقام التعليم والتربية يقول ابن عمر رضي الله عنهما اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبه المنكب الكتف واخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبه اي وضع يده على منكبه وهذا من اللطف والمؤانسة وايضا فيه تنشيط السامع لحسن الاستفادة وهذا من جميل نصح النبي عليه الصلاة والسلام وفيه ملاطفة المنصوح ومؤانسة له وادخال السرور على قلبه ولهذا بقي ابن عمر رضي الله عنهما يذكر ذلك واصبحت هذه النصيحة مقترنة بهذا اللطف وهذا العمل الجميل من نبينا الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه قال كن في الدنيا كانك غريب او كعابر سبيل اي ليكن شأنك في الدنيا بهذه المثابة كالغريب او عابر السبيل فلا يأخذك طول الامل ولا تنشغل بالتسويف ولا تؤخر عمل اليوم الى الغد لانك قد تؤخر عمل اليوم الى الغد فلا تكون من اهل الغد ولهذا روى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما راوي هذا الحديث انه قال اذا اصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء واذا امسيت فلا تحدث نفسك بالصباح وخذ من صحتك قبل سقمك ومن حياتك قبل موتك فانك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غدا اي لا تدري اتكون من الاحياء او من الاموات مثلا قد يدخل على المرأة رمضان ويتذكر اعمالا جليلة وابوابا من البر عديدة ترغب نفسه في ان يقوما بها في رمضان فعليه اذا دخل رمظان ان يعجل وان يبادر هذه الاعمال فانه لا يدري ايكون من اهل رمضان القادم او لا نستقبل الان العشر الاول من ذي الحجة وهي خير ايام السنة وخير ايام العمل الصالح فينبغي على الناصح لنفسه ان يغتنم خيرات هذه العشر وبركاتها ومضاعفة الاجور فيها ولا يؤجل وكما انها تدخل سريعا فانها تخرج سريعا وقد اه لا يدرك المرء الا هذه العشر وربما لا يدركها وربما يدرك بعضها ولهذا ينبغي ان يكون حال المسلم في هذه الحياة الدنيا كالغريب او عابر السبيل ومن المعلوم ان الغريب الذي يدخل بلدة ليقيم فيها اقامة مؤقتة ليسير من الوقت لبعض مصالحه فمثل هذا لا يفكر ان يشتري ارضا وان يعمر بيتا وان ينشأ مزرعة او نحو ذلك وانما تفكيره في على حاجة مؤقتة لان الرحيل قريب وعابر السبيل هو اشد من الغريب ولا يفكر في الاقامة بالبلد وانما يمر به مرورا قال فكن في الدنيا كانك غريب او عابر سبيل والمراد هو ان لا يغتر الانسان بالدنيا والا تشغله عما اوجد له ليس في الحديث نهي عن قيام العبد بمصالح الدنيوية من بناء بيت او شراء مسكن او ايجاد عمل او مصلحة او تجارة او كسب او رزق او فلاحة او غير ذلك وانما مراد الحديث الا تشغل العبد الدنيا عن الاخرة فاذا قام بواجباته وبالحقوق التي كلف بها فلا حرج عليه في اشتغاله ببعض مصالحه وحاجاته ولهذا جاء في الدعاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همي ولا مبلغ علمي اخذ اهل العلم من هذا الحديث ان الاهتمام بالدنيا وتعلم المصالح الدنيوية لا حرج فيه لكن الحرج ان تكون اكبر هم المرء وان تكون مبلغ علمه وهذا المعنى مستفاد من الحديث نفسه عن قول النبي صلى الله عليه وسلم كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل فمن المعلوم ان الغريب وعابر السبيل لا يتخلى عن مصالحه فتجده يطلب لنفسه المسكن والمطعم والمشرب وغير ذلك لكن هذه المصالح لا تشغله عن وطنه الاساسي وبلده الذي هو راجع العيد وهكذا ينبغي ان يكون المسلم فالحديث يفيد ان هذه الدنيا بمثابة المسافر. وان القرار في الدار الاخرة وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول اذا امسيت فلا تنتظر الصباح واذا اصبحت فلا تنتظر المساء وهذا فيه من الفائدة سرعة استجابة الصحابة لوصايا النبي عليه الصلاة والسلام فابن عمر لما سمع تلك الوصية العظيمة من النبي عليه الصلاة والسلام اخذ يوصي بموجب هذه الوصية وكان يقول اذا امسيت فلا تنتظر الصباح واذا اصبحت فلا تنتظر المساء اي قدر انك لا تبلغ المساء او لا تبلغ الصباح فاذا كان الانسان مع تجدد الايام بهذه الصفة فان حاله تصلح وعمله يستقيم ويزداد من التقرب الى الله سبحانه وتعالى بالاعمال الصالحة ولهذا يقولون الانسان ابن يومه واذا تفكر المرء فان اليوم الذي مضى شيء انقضى وانتهى اما على خير فيحمد الله واما على غير ذلك فيستغفر واليوم الذي مضى لا يعود واليوم الاتي الذي هو الغد لا يدري هل يدرك او لا فالانسان ابن يومه وكثير من الناس ينشغل عن يومه اما بهموم تتعلق بالماضي واحزان وغموم او افكار تتعلق بالمستقبل وهو لا يدري هل يدركها او لا وينشغل عن يومه الذي هو موطن العمل ذلك الوقت فاذا تفكر في يومه وانه ابن يومه فينظر في اعمال ذلك اليوم ويجاهد نفسه على ان يكملها وان يتممها فقوله اذا امسيت فلا تنتظر الصباح واذا اصبحت فلا تنتظر المساء مفاده ان الانسان ابن يومه ولهذا اذا انقضى اليوم ووظعت رأسك على الفراش قدر انها ربما تكون الليلة الاخيرة. ولهذا جاء في الدعاء دعاء النوم باسمك اللهم وظعت جنبي وبك ارفعه فان امسكت نفسي فارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين وقد تكون الليلة الاخيرة وكم من انسان نام على فراشه بين اهلي ولم يكن يشتكي علة ثم لم يقم من فراشه ولهذا يقدر الانسان ويستحضر ذلك فيدعو الله سبحانه وتعالى بهذا الدعاء وبالادعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بان يرحمه ان ان امسك روحه وان يحفظه ان ارسلها فهذه وصية عظيمة وفيها معالجة الادواء التي تصيب القلوب بمعالجة للاغترار بالدنيا وطول الامل فاكثر ما يفوت على الانسان الخير واعمال البر طول الامل وكم من اناس دخلوا قبورهم وهم كانوا يسوفون في اعمال البر وابواب الخير وقوله وخذ من صحتك لمرضك اي انتهز فرصة الصحة والعافية والنشاط والقوة بان تستكثر من اعمال الخير اذا كان بصرك قوي وتقرأ بغير زجاجة استغل هذا لقراءة القرآن والتفقه في العلم والنظر في كتب اهل العلم فقد يضعف يوما ما البصر فيحتاج الى زجاجة ليقرأ وربما يصل الانسان الى مرحلة حتى بالزجاجة لا يتمكن من القراءة وهكذا بقية الحواس السمع فرصة ان يستغل سمعه لسماع الذكر والخير والقرآن والكلام الطيب. فيأخذ من صحته لمرظه كثير من الناس في صحة لكنه مغبون في صحته لا يستفيد منها ولا ينتفع بها بل احيانا يكون الانسان ضعيف الصحة وهو في العمل الصالح اقوى من قوي الصحة وصحيح البدن احيانا يكون الانسان فيه عيب في بدنه مثلا يكون فاقد لقدم وفاقد لاحدى يديه او نحو ذلك ويكون عمله الصالح وحركته ونشاطه في الطاعة اعظم من كثير من الاصحاء وكثير من الاقوياء وقوله ومن حياتك لموتك اي انتهز فرصة وجودك في هذه الحياة لتعمل الاعمال الصالحة المقربة الى الله قبل مجيء المنية وقد ثبت في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى حدثنا السيد ابو الحسن محمد بن الحسين بن داوود العلوي قال اخبرنا ابو محمد عبد الله ابن محمد ابن الحسن قال حدثنا عبد الله بن هاشم قال حدثنا وكيع قال حدثنا شعبة عن قتادة عن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يهرم ابن ادم ويبقى منه اثنتان. الحرص والامل. اخرجاه من حديث شعبة وهذا اخرجه مخرج الذم لعادته. وينبغي ان يكون كما امر به ابن عمر. وكما اوصى به ابن عمر. وبالله التوفيق ثم ختم رحمه الله تعالى هذا الباب بهذا الحديث حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يهرم ابن ادم ويبقى منه اثنتان الحرص والامل يهرم ان يكبر ويصبح شيخا كبيرا ويبقى منه اثنتان اي لا تهرمان فيه بل تبقيان على شبابهما وقوتهما الحرص والامل ولهذا جاء لفظ الحديث في صحيح مسلم يهرم ابن ادم وتشب منه اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر فقوله عليه الصلاة والسلام تشب منه اثنتان اي تبقيان على شبابهما وقوتهما مع ظعف الانسان وكبر سنه وهرمه تبقى في قوتها ونشاطها الحرص على المال والحرص على العمر وهذا الحديث في بيان ما جبل عليه الانسان من حب المال والحرص على البقاء في الدنيا وانهما ليسا بمحمودين بل مذمومين ولهذا قال المصنف البيهقي وهذا اخرجه مخرج الذم لعادته قال وينبغي ان يكون كما امر به ابن عمر اي كما امره به النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال له كن في الدنيا كالغريب او كعابر السبيل وكما اوصى به ابن عمر حيث قال رضي الله عنه اذا اصبحت فلا تنتظر المساء واذا امسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك واسأل الله عز وجل ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يوفقنا لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين