بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب الثاني عشر في الاجتهاد في طاعة الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فهذه الترجمة عقدها المصنف الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى في الحث على الاجتهاد في طاعة الله سبحانه وتعالى والمنافسة في العبادة حسن التقرب الى الله عز وجل وذلك ان هذه الحياة الدنيا مضمار تنافس وميدان تسابق قال الله سبحانه وتعالى استبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا قد دعا الله سبحانه وتعالى عباده في اية عديدة من القرآن الى هذا التسابق وهذه المنافسة والمسارعة في الخيرات ليفوز الموفق من عباد الله بثواب الله العظيم واجره الجزيل قال الله عز وجل وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون هذه اعمالهم ثم ذكر سبحانه وتعالى جزاءهم قال اولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ونعم اجر العاملين وقال عز وجل سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين امنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم والناس في هذا الباب وفي هذا الميدان بين رجل مجدا مجتهد منافسا في الخيرات وبين متباطئ متماوت اضر بنفسه واهلكها وبين من هو وسط في ذلك مقتصد في الطاعة واعمال البر فلم يصل الى درجة السابقين ولم يهبط الى درجة المقصرين قد ذكر الله سبحانه وتعالى هذه الاقسام الثلاثة في قوله ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله ذلك هو الفضل الكبير وهذا المقام مقام التنافس والتسابق من اجل تحقيقه لابد من امرين الاول صدق الاستعانة بالله وحسن التوكل عليه سبحانه وتعالى والامر الثاني مجاهدة النفس على ان تكون مسارعة سباقة لا ان تكون متوالية متكاسلة قد جمع النبي عليه الصلاة والسلام هذين الامرين في قوله احرص على ما ينفعك واستعن بالله والمصنف رحمه الله تعالى عقد هذه الترجمة حثا على ذلك وترغيبا في هذا التنافس والمسارعة الى الخيرات مجاهدة النفس على العبادة والطاعة والزام النفس بها لان النفس نفس الانسان متفلتة اذا لم يزمها صاحبها بزمام الشرع والا فانها تنحرف وتذهب ذات اليمين وذات الشمال فالمقام مقام مجاهدة عظيمة للنفس ومقام صبر ومصابرة يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون يقول جل وعلا والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثني عبد الله بن سعد الحافظ قال حدثنا محمد بن اسحاق الثقفي قال حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة قال حدثنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال قال اخبرني شريك ابن عبد الله ابن ابي عن عطاء عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل قال من عادى لي ايا فقد بارزني بالحرب وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه وما يزال يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وان سألني عبدي لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددي عن نفسي المؤمن يكره الموت واكره مساءته قال المصنف رحمه الله رواه البخاري عن محمد ابن عثمان ابن كرامة ورواه ايضا عبدالواحد ابو حمزة مولى عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه يزيد فيه وينقص هذا الحديث العظيم يسميه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مواطن عديدة من كتبه حديث الاولياء لانه اجمع حديث ورد في السنة بذكر صفات اولياء الله المقربين وهو حديث يستنهض الهمم على الطاعة والاجتهاد فيها وحسن التقرب الى الله سبحانه وتعالى حتى يرتقي المرء بنفسه الى هذه الرتبة العلية والمنزلة الرفيعة بان يكون من اولياء الله المقربين وهو حديث قدسي عظيم فيه بيان صفات اولياء الله المقربين وما اعد الله سبحانه وتعالى لهم من الثواب العظيم والاجر الجزيل وبيان انه من عاد اولياء الله وقد اذنه الله بالحرب وهذا فيه بيان لعظيم مكانتهم عند الله سبحانه وتعالى وتوليه لهم حفظا ونصرا وتأييدا وهذا فيه تنبيه الى اهمية تولي او موالاة الاولياء وحبهم وعدم معاداتهم واذيتهم باي شيء من الاذى وفي ايضا بيان حقيقة الولي ومن هم اولياء الله حقا وصدقا وفيه ايضا بيان ان الاولياء على رتبتين رتبة المقربين السابقين بالخيرات و رتبة المقتصدين كما سيأتي البيان قال في اول هذا الحديث من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب اي اعلمت باني محارب له ومن اذنه الله بالحرب فقد خاب وخسر في دنياه واخراه كما ان ايضا من اذنه الله بالنصر فقد فاز بالنصر في دنياه واخراه والله عز وجل تكفل بنصر انبيائه اولياءه انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يؤيدهم سبحانه وتعالى بحفظه ويكلأهم بعونه وتسديده فهم في حفظ الله جل وعلا وكلاءته ومعاداة الاولياء تكون ببغضهم او ان يكون القلب منطويا على كراهيتهم وعدم محبتهم وارادة الايذاء لهم وقد يصاحب ذلك مباشرة الاذى والعدوان يسلط عليهم فتكون ظلمات بعضها فوق بعض الحاصل ان الله عز وجل بين في هذه الجملة من عادى لي وليا فضل الاولياء وعظيم مكانتهم عنده عز وجل تكفله عز وجل نصرهم وحفظهم وتأييدهم لما ذكر سبحانه وتعالى هذه المكانة العلية للاولياء كانه قيل من هم يا الله اولياؤك الذين من عاداهم فقد اذنته بالحرب فجاء الجواب في الحديث ببيان صفة الاولياء قال ما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. الى اخر الحديث وهذا فيه بيان ان اولياء الله على درجتين الدرجة الاولى دل عليها قوله وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه هذه الدرجة الاولى وهي التقرب الى الله سبحانه وتعالى بالفرائض الدرجة الثانية في قوله ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل ويتقرب الى الله بالنوافل بعد العناية بالفرائض والمحافظة عليها وهذه الدرجة اعلى من الدرجة الاولى لانه اجتمع فيها ما في الدرجة الاولى وزاد العناية بالنوافل والرغائب والمستحبات ولهذا فان اولياء الله كما افاد هذا الحديث على درجتين وكل من الدرجتين مبني فيها تحصيل الولاية على التقرب الى الله بما يحب. وهذه حقيقة الولاية حقيقة الولاية التقرب الى الله سبحانه وتعالى بما يحب واعظم شيء يتقرب به الى الله الفرائض التي افترضها على عباده واوجبها عليهم ثم بعد ذلك تكون المجاهدة مجاهدة النفس على التقرب الى الله النوافل وبهذا البيان يتبين الفساد العظيم الذي عليه اهل الطرق الضالة المنحرفة الذين يدعون الولاية مجرد دعوة ولا يقومون بهذه الاوصاف التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في هذا الحديث القدسي لان هذه الاوصاف هي برهان صدق الولاية فالولاية ليست مجرد دعوة تدعى وانما هي مقام عظيم ورتبة عالية آآ تنبني على عمل وجهاد للنفس ومجاهدة لها في طاعة الله سبحانه وتعالى ولهذا قال الله في القرآن في سورة يونس الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين امنوا وكانوا يتقون فنعتهم بنعتيم الايمان والتقوى واجتماع الايمان والتقوى في سياق واحد ولا يأتي في مواضع عديدة يفيد ان الايمان يراد به الاعتقاد وفعل المأمور والتقوى يراد بها ترك المحظور وتجنب الحرام فهؤلاء هم اولياء الله سبحانه وتعالى اما من يدعي الولاية لنفسه مع اضاعة الفرائض وارتكاب المحرمات هذا ليس من اولياء الله سبحانه وتعالى وان ادعى لنفسه الولاية او ادعيت له وهذا باب يحتاج فيه المسلم الناصح لنفسه ان يتبينه تماما ليسلم من اولئك الادعية اهل الباطل الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم عنهم ان اخوف ما اخاف على امتي الائمة المضلين وقوله في هذا الحديث القدسي وما تقرب الي عبدي بشيء هب الي مما افترضته عليه قوله افترضته عليه يتناول امرين يتناول فعل الواجبات وترك المحرمات فان الله عز وجل افترض على عباده فعل الواجبات وافترظ عليهم ايظا ترك المحرمات من كان في هذه الدرجة اعني فعل والفرائض وترك المحرمات فهذا من اولياء الله وهو في درجة المقتصدين قد ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة فاطر وفي قوله ومنهم مقتصد والمقتصد هو الذي يفعل واجب ويترك المحرم ويقتصر على ذلك لا يضيع الواجبات ولا يرتكب المحرمات وهو من اولياء الله وهو من اولياء الله عز وجل والدرجة الثانية التي اعلى منها درجة التقرب الى الله بفعل النوافل والمستحبات تنافس في ذلك بعد المحافظة على الفرائض ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه اي بعد محافظته على الفرائض وليس المراد ان يحافظ على النوافل على بسبب تضييع الفرائض ولهذا قال بعض اهل العلم كلاما معناه من شغله العناية بالفرض عن فعل النوافل فهو معذور ومن شغله العناية بالنفل عن فعل الفرائض فهو مغرور مثلا اذا كان قيام الليل يترتب عليه اضاعة صلاة الفجر فهذا لا يجوز لا يجوز ان يجتهد المرء في الليل مثلا بطلب العلم او حفظ القرآن او قيام الليل ويكون ذلك يترتب عليه تضيع فريضة الفجر لكن اذا حافظ المرء على الفرائض ولو فوته شيء من النوافل فهو معذور لان الاصل هو المحافظة على الفرض والعناية به مقدمة وفي قوله حتى احبه هذا فيه اثبات المحبة وانه سبحانه وتعالى يحب وان هناك اسباب تنال بها محبة الله وان الواجب على العبد ان يعتني ببذل الاسباب التي ينال بها محبة الله سبحانه وتعالى له ثم ذكر الثمرة العظيمة التي ينالها ولي الله الذي احبه الله يقول فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها تقدم معنا انه قال من عادى لي وليا فذكر عبدا وربا ومتقربا ومتقربا اليه الرب هو الذي فرظ هذه الشرائع ومر بها والعبادة هم الذين كلفوا بفعلها فذكر متقربا ومتقربا اليه وذكر في الحديث كما سيأتي داعيا ومدعوا ومستعيذا ومستعاذا به وهذا يوضح لنا خطأ فهم بعض الضلال بين فهم من قوله كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ان المعنى كنت يده اي تصبح يده يد الله ويصبح سمعه سمع الله وهذا من اه اشنع الضلال و اشد الباطل ومعنى الحديث بين فكنت سمعه كنت بصره اي ان الله سبحانه وتعالى يؤيده ويسدده ويحفظه في سمعه وفي بصره وفي يده وفي قدمه فبالله يسمع وبه يبصر وبه يمشي مؤيدا بتأييد الله ومحفوظا حفظه سبحانه وتعالى ثم قال ولئن سألني لاعطينه وهذا فيه ان الله سبحانه وتعالى يجيب دعوته ولا يرد سؤله ان ربي لسميع الدعاء. وقال ربكم ادعوني استجب لكم وقوله ولئن استعاذني لاعيذنه ويروى ايضا ولئن استعاذ بي لاعيذنه والاستعاذة هي التجاء الى الله في طلب دفع المكروه وهذا فيه ان الله سبحانه وتعالى يعيده ويحفظه ويكلأه بعنايته سبحانه وتعالى ويصرف عنه شر الاشرار الحاصل ان هذا حديث عظيم بين فيه الله جل وعلا مكانة الاولياء عنده وبين فيه من هم الاولياء وانهم على رتبتين ثم ذكر في تمام هذا الحديث ثواب الاولياء عند الله وان الله تكفل بحفظهم وتأييدهم واجابة دعائهم واعطائهم سؤلهم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله كنت سمعه الذي يسمع به معناه حفظ جوارحه عليه عن مواقعة ما يكره وقد يكون معناه والله اعلم كنت اسرع الى قضاء حوائجه من سمعه في الاستماع وبصره في النظر ويده في اللمس ورجله في المشي قوله كنت سمعه الذي يسمع به معناه كما تقدم حفظ الله سبحانه وتعالى له في جوارحه وتسديده له فبالله يسمع وبه يبصر وبه يمشي محفوظا بحفظ الله ومؤيدا بتأييده سبحانه وتعالى وقوله وقد يكون معناه والله اعلم كنت اسرع الى قضاء حوائجه من سمعه في الاستماع وبصره في النظر ويده في اللمس ورجله في المشي هذا تكلفه بعيد عن المعنى المراد والمقصود من الحديث هو ما سبق بيانه ان الله سبحانه وتعالى يحفظه في سمعه وبصره وهو المعنى الذي اشار اليه المصنف اولا احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله ما ترددت عن شيء انا فاعله يريد به والله اعلم ترديد ملائكته اليه او باشرافه في عمره على المهالك فيدعو الله فينجيه حتى يبلغ الكتاب اجله ويميته وقد اشار ابو سليمان الخطاب رحمه الله وغيره الى معنى ما ذكرناه هذا المعنى الذي اشار اليه المصنف رحمه الله بالمراد بالتردد انه ترديد الملائكة او باشرافه في عمره على المهالك يدعوه الله فينجيه هذا كله من التاويل والصواب ان يمر الحديث كما جاء فما هي اه قاعدة اهل السنة المتبعة في عموم آآ هذه النصوص المخبرة عن الله سبحانه وتعالى بين الله سبحانه وتعالى في هذا الحديث انه يتردد انه يتردد والتردد هنا تعارض ارادتين وهو سبحانه يحب ما يحب عبده ويكره ما يكره عبده الذي اصطفاه سبحانه وتعالى وعبده يكره الموت فالله عز وجل يكرهه كما قال في الحديث وانا اكره مساءته وهو سبحانه قضى بالموت هو يريد ان سبحانه وتعالى ان يموت عبده فسمى ذلك ترددا ثم بين انه لا بد من وقوع ذلك الذي هو الموت الذي اراده جل وعلا يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله المتردد منا وان كان تردده في الامر لاجل كونه ما يعلم عاقبة الامور لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا فان الله ليس كمثله شيء لا في ذاتي ولا في صفاتي ولا في افعاله ثم هذا باطل فان الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد ويريد الفعل لما فيه من مصلحة ويكرهه لما فيه من المفسدة لا لجهل منه بالشيء الواحد الذي يحبه من وجهه ويكرهه من وجه كما قيل الشيب كره وكره ان افارقه تعجب لشيء على البغضاء محبوب وهذا مثل ارادة المريظ لدوائه الكريم بل جميع ما يريده العبد من الاعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب وفي الصحيح حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره قال تعالى كتب عليكم القتال وهو كره لكم ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث فانه قال لا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فان العبد الذي هذا حاله صار محبوبا للحق محبا له يتقرب اليه اولا بالفرائض وهو يحبها ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها فاتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق فاحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الارادة بحيث يحب ما يحبه محبوبه ويكره ما يكرهه محبوبه والرب يكره ان يسوء عبده ومحبوبه فلزم من هذا ان يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه والله سبحانه قد قضى بالموت فكلما قظى به فهو يريده ولا بد ولابد منه فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه ومع وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده وهي المسائل التي تحصل له بالموت فصار الموت مرادا للحق من وجه مكروها له من وجه وهذا هو حقيقة التردد وهو ان يكون الشيء الواحد مرادا من وجه مكروها من وجه وان كان لابد من ترجيح احد الجانبين كما ترجح ارادة الموت لكن مع وجود كراهة مساءة عبده وليس ارادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مسائته كارادته لموت الكافر الذي يبغضه يريد مسائته انتهى كلامه رحمه الله تعالى احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله يكره الموت واكره مساءته يريد لما يلقى من عيان الموت وصعوبته وكربه. ليس انه يكره له الموت. لان الموت مورده الى رحمته ومغفرته وهذا فيما اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثنا جعفر بن محمد قال قال الجنيد في معنى قوله يكره الموت واكره مساءته فذكر اه وهذا ايضا المعنى واضح ولا يحتاج الى التكلف فهو سبحانه لما كره مساءة عبده المؤمن الذي يكره الموت كان هذا مقتضيا ان يكره اماتته مع انه يريد اماتته لانه قظى ذلك لما له في ذلك من الحكمة سبحانه وتعالى فالمعنى واضح وعلى كل هذا كله يبين مكانة الولي عند الله منزلته العلية عنده سبحانه وتعالى وما اعد الله له من عظيم الثواب وكريم المآب ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين