بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه لجميع المسلمين اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب الخامس عشر في المواظبة على ذكر الله عز وجل وتلاوة كتابه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اما بعد فهذا الباب الباب الخامس عشر من ابواب هذه الرسالة الاربعون الصغرى للحافظ البيهقي رحمه الله تعالى عقده في الحث على المواظبة على ذكر الله عز وجل والمداومة على الذكر وان يعتني المسلم بذكر الله عز وجل بالكثرة وكذلك في الحث على تلاوة كتابه القرآن الكريم وعطف التلاوة تلاوة الكتاب على الذكر من باب عطف الخاص على العام لان القرآن من اشرف الذكر واعظمه واجله كما سيأتي البيان وذكر الله عز وجل ومن خير الاعمال واجلها وافضلها قد جاءت النصوص الكثيرة في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام حثا عليه وترغيبا فيه وهو خير عمل امضيت فيه الاوقات وصرفت فيه الانفاس وافضل ما تقرب به متقرب الى الله سبحانه وتعالى وهو مفتاح كل خير وسبب كل سعادة وفلاح فيه الدنيا والاخرة وقد امر الله به في القرآن الكريم في مواطن كثيرة ورغب فيه ومدح اهله واثنى عليهم وذكر عظيم ثوابهم عنده سبحانه وتعالى قال الله جل وعلا يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا وقال جل وعلا الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وقال تعالى فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم اباءكم او اشد ذكرا وقال جل وعلا والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما فهذه الايات الكريمات فيها امر الله عز وجل بذكره بالكثرة ان يذكر المسلم ربه ذكرا كثيرا وذلك لشدة حاجة العبد الى الذكر وعظيم افتقاره اليه وعدم استغنائه عنه في كل لحظاته وجميع اوقاته ولهذا الندامة يوم القيامة تكون شديدة في حق من كان مفرطا في ذكر الله عز وجل وتأمل في هذا قول النبي عليه الصلاة والسلام ما من قوم جلسوا مجلسا وتفرقوا منه لم يذكروا الله فيه الا كأنما تفرقوا على جيفة حمار وكان عليهم حسرة يوم القيامة كم هي هذه المجالس التي سيتحسر الانسان ندما على جلوسها يوم القيامة والسنة مليئة بالاحاديث الحاسة على الذكر الدالة على عظيم فضله ورفيع مكانته وعلو منزلته وكثرة خيراته وبركاته على الذاكرين الله كثيرا والذاكرات وللذكر فوائد كثيرة وعوائد حميدة يجنيها الذاكرون في دنياهم واخراهم ومن احسن من بسط هذه الفوائد ذكرا الامام ابن القيم رحمه الله في كتابه الوابل الصيب من الكلم الطيب فقد قال رحمه الله في كتابه المشار اليه وفي الذكر اكثر من مئة فائدة ثم اخذ يعدد هذه الفوائد فذكر ما يزيد على السبعين فائدة كل واحدة من تلك الفوائد التي ذكر رحمه الله كافية لحفز النفوس وتحريك الهمم للعناية بذكر الله كيف وقد اجتمعت تلك الفوائد والعوائد العظيمة والامر فوق ما يصفه الواصفون فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون واما تلاوة القرآن والحث على ذلك فلان تلاوة القرآن هو خير ما يذكر الله سبحانه وتعالى به فان القرآن هو خير الكلام واحسنه اصدقه وهو وحي الله وتنزيله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وفضل القرآن وشرفه ورفيع قدره امر لا يخفى على مسلم هو كتاب رب العالمين وكلام خالق الخلق اجمعين فيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا وحكم ما بيننا والفصل ليس بالهزل وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو اجل واعظم ما يتقرب به عبد الى ربه سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الاثر عن فروة ابن نوفل رحمه الله قال اخذ خباب ابن الارت رضي الله عنه بيدي فقال يا هناه اي هذا او يا رجل تقرب الى الله بما استطعت فانك لست تتقرب الى الله بشيء احب اليه من كلامه وشرف القرآن على غيره من الكلام وفضله على غيره من الكلام كفضل الله سبحانه وتعالى على خلقه جل وعلا القرآن كلامه وصفته والله عز وجل شبيه له لا في اسمائه ولا في صفاته ولا في افعاله ولا في كلامه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فالفرق بين كلام الله وكلام المخلوقين كالفرق بين الخالق والمخلوقين ولهذا قال ابو عبدالرحمن السلمي رحمه الله فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الرب على خلقه وذلك انه منه ويروى مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم الا ان رفعه لا يثبت ومعناه حق لا ريب فيه ولا ريب في حسنه واستقامته وفي الحث على قراءة القرآن والعناية بتدبره جاءت نصوص كثيرة جدا بكتاب الله وسنة نبيه وصلوات الله وسلامه وبركاته عليه واقتصر المصنف مراعاة للاختصار على واحد منها كما سيأتي باذن الله سبحانه وتعالى نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو الحسين علي بن محمد بن عبدالله بن بشران المعدن ببغداد. قال اخبرنا ابو جعفر محمد بن عمرو الغزاز قال حدثنا احمد بن عبدالجبار قال حدثنا ابو معاوية عن الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل انا عند ظن عبدي بي وانا معه حين يذكرني فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وان اقترب الي شبرا اقتربت اليه ذراعا وان اقترب الي ذراعا اقتربت اليه باعا. وان اتاني يمشي اتيته هرولة رواه مسلم عن ابي بكر ابن ابي شيبة وابي كريب عن ابي معاوية واخرجه البخاري من وجه اخر عن الاعمش هذا حديث عظيم في الحث على ذكر الله عز وجل وثواب الذاكرين عنده جل وعلا. وهو من اعظم الاحاديث بيانا لفظل الذكر والترغيب فيه والحث عليه وبيان ما لاهله عند الله عز وجل من عظيم المكانة ورفيع المنزلة وهو كما تقدم حديث قدسي يقول الله عز وجل انا عند ظن عبدي بي وهذا فيه حث على حسن الظن بالله عز وجل وحسن الظن به مقام عظيم من مقامات الدين الرفيعة وخصلة جليلة من خصال الايمان فان الله كما في الحديث عند ظن عبده به فهو لا يضيع عمل عامل ولا يضيع اجر من احسن عملا ونظير هذا الحديث ما رواه الامام احمد في المسند عن واثلة بن الاصقع رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء فليظن بي ما شاء قوله فليظن بي ما شاء يوضح المراد به ما جاء في المسند ايظا من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل انا عند ظن عبدي بي ان ظن بي خيرا فله وان ظن شرا فله وعليه فان الواجب على العبد ان يحسن الظن بالله يحسن الظن بربه ومولاه ان يغفر ذنبه ويقبل توبته ويقيل عثرته ويعظم اجره ومثوبته ويقبل توبته وله ما ظن في ربه فليظن بربه ما شاء فمن ظن هذا بالله نال هذا الذي ظنه بربه. ومن ظن خلاف ذلك فله ما ظن بربه فالعبد له في هذا المقام ما ظنه بربه ان ظن خيرا فله الخير وان ظن شرا فله الشر ولهذا ينبغي على المؤمن ان يكون حسن الظن بالله ولا يتعاظم ذنب بل عليه ان يقبل على الله تائبا منيبا طامعا في فظل الله محسنا الظن بربه ومولاه وهذا الحسن للظن بالله مبني على حسن المعرفة بالله وباسمائه وصفاته وعظمته وفضله وكماله وكلما عظمت هذه المعرفة في القلب حسن الظن بالله سبحانه وتعالى قال وانا معه حين يذكرني والمعية هنا معية خاصة لان المعية نوعان عامة وخاصة وهذه المعية معية الله سبحانه وتعالى الذاكرين هي معية خاصة فيها الحفظ وفيها المعونة وفيها التوفيق التسديد قال وانا معه حين يذكرني حين يذكرني هذا فيه الحث على المداومة على الذكر لان المعية قيدت بوجود الذكر حين يذكرني فهذا فيه الحث على المداومة على ذكر الله عز وجل المواظبة عليه وقوله فان ذكرني في نفسه اي ذكر الله عز وجل سرا بينه وبين نفسه قال ذكرته في نفسي اي ذكره الله عز وجل مقابل ذلك في نفسه والمراد بنفسه اي ذاته المقدسة الموصوفة بالصفات وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم اي عند الملائكة الكرام الاطهار البررة الذين لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون وفي هذا الشاهد للقاعدة المعروفة الجزاء من جنس العمل قال تعالى هل جزاء الاحسان الا الاحسان وقوله وان اقترب الي شبرا اقتربت اليه ذراعا وان اقترب الي ذراعا اقتربت اليه باعا هذا فيه اثبات صفة القرب لله عز وجل وانه يقرب متى شاء كيف شاء على الوجه الذي يشاء نؤمن بانه سبحانه يقرب من عباده كما دل عليه كتابه العزيز وسنة نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام. ونمر هذه النصوص كما جاءت ونؤمن بها كما وردت ولا نتكلف لها تأويلا ولا ايظا نم فيما دلت عليه خوفا من التشبيه فان التشبيه هو ان يثبت قرب كقرب المخلوق واصفة كصفة المخلوق اما امرار النصوص واثباتها كما وردت وكما امرها الصحابة رضي الله عنهم ولم يخوضوا فيها تأويلا هو الحق والصواب وتثبت على وجه يليق بالله جل وعلا على حد قوله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقوله وان اتاني يمشي اتيته هرولة فيه اثبات هذه الصفة لله عز وجل والقاعدة كما تقدم امرار نصوص الصفات كما جاءت واثباتها كما وردت وان كل ما يضاف الى الله عز وجل من الصفات فهو على الوجه اللائق بجلاله وكماله وعظمته سبحانه وتعالى نعم قال المصنف رحمه الله تعالى وهذا مثل ضربه بسرعة اجابة الله لعبده وقبوله لعبادته وفيما اخبرنا ابو نصر عمر بن عبدالعزيز بن قتادة قال وفيما املى علينا الامام ابو سهل محمد بن سليمان في معنى هذا الحديث قال يقرب العبد بالاحسان ويقرب الحق بالامتنان يريد انه الذي ادناه ويقرب العبد اليه بالتوبة والانابة ويقرب الباري اليه بالرحمة والمغفرة ويقرب العبد اليه بالسؤال ويقرب اليه بالنوال ويقرب العبد اليه بالسر ويقرب اليه بالبشر قال وقيل في معناه اذا تقرب الي العبد بما تعبدته قربت اليه ما له وعليه وعدته الصواب في المعنى هو ما تقدم ان نصوص والصفات تمر كما جاءت ويؤمن بها كما وردت كما سبق البيان الايضاح هذا هو الصواب في نصوص الصفات كلها وهي جادة اهل السنة وطريقتهم التي مضوا عليها في جميع صفات الله سبحانه وتعالى آآ الايمان بها كما وردت واثباتها كما جاءت ولا يخاض فيها لا بتأويل ولا بتكييف ولا تمثيل ولا غير ذلك من اه الطرائق بل يؤمن بها كما جاءت وتثبت كما وردت احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد. قال اخبرنا عبدالله بن قفل النحوي قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا ابو صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن عمرو بن قيس الكندي عن عبدالله بن بشر قال جاء اعرابيان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه فقال احدهما يا رسول الله اي الناس تخيل قال من طال عمره وحسن عمله. وقال الاخر يا رسول الله ان شرائع الاسلام قد كثرت علي فاخبرني بامر اتشبث به قال لا يزال لسانك رطبا بذكر الله عز وجل وهذا الحديث حديث عبد الله بن بصر رضي الله عنه فيه ان اعرابيين سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال احدهما يا رسول الله اي الناس خير قال من طال عمره وحسن عمله وهذا فيه وظلما طال عمره وهو على طاعة لله ومفهوم المخالفة للحديث ان شر الناس من كان على العكس طال عمره وهو على عمل سيء وهذا صح مرفوعا بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قيل فاي الناس شر؟ قال من طال عمره وساء عمله والعياذ بالله الحاصل ان هذا الحديث فيه فضل طول العمر على الطاعة ومن اعظم الطاعات المواظبة على الذكر بان يكون طال عمره مواظبا على ذكر الله ولعل مما يوضح ذلك ويبينهما رواه الامام احمد بالمسند بسند حسن عن عبد الله ابن شداد ان نفرا من بني عذرة ثلاثة اتوا النبي صلى الله عليه وسلم فاسلموا قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يكفينيهم قال طلحة انا قال فكانوا عند طلحة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا فخرج فيه احدهم فاستشهد ثم بعث بعثا اخر فخرج فيهم اخر فاستشهد قال ثم مات الثالث على فراشه قال طلحة فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة فرأيت الميت على فراشه امامهم ورأيت الذي استشهد اخيرا يليه ورأيت الذي استشهد اولهم اخران قال فدخلني من ذلك قال فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انكرت من ذلك ليس احد افضل عند الله من مؤمن يعمر في الاسلام يكثر تكبيره وتسبيحه وتهليله وتحميده فدل هذا الحديث العظيم على فضل آآ من طال عمره وحسن عمله عناية بذكر الله عز وجل ومواظبة على الذكر واكثارا منه ولا سيما الكلمات الاربعة التي هي احب الكلام الى الله سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر قال وقال الاخر يا رسول الله ان شرائع الاسلام قد كثرت علي فاخبرني بامر اتشبث به قال لا يزال لسانك رطبا بذكر الله عز وجل هذا الاعرابي الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم ان شرائع الاسلام قد كثرت علي فاخبرني بامر اتشبث به جاء في بعض روايات الحديث قال جاء اعرابي فقال يا رسول الله كثرت علي خلال الاسلام وشرائعه فاخبرني بامر جامع يكفيني قال عليك بذكر الله قال ويكفيني يا رسول الله؟ قال نعم ويفضل عنك فدله عليه الصلاة والسلام على شيء يعينه على شرائع الاسلام والحرص عليها والاستكثار منها فانه اذا واظب على ذكر الله سبحانه وتعالى سهلت عليه الشرائع ولانت فان الذكر من اكبر العون على الطاعة فهو يحبب الى العبد الطاعة ويسهلها عليه ويلذذها له بحيث لا يجد لها كلفة ومشقة قال ابن سعدي رحمه الله في ابيات له في الحث على الذكر قال واوصى لشخص قد اتى لنصيحة وقد كان في حمل الشرائع يجهد بالا يزل رطب اللسان به تعينه على كل الامور وتسعد فنبه رحمه الله الى هذه الفائدة العظيمة المستفادة من هذا الحديث وان كثرة الذكر فيها معونة على شرائع الدين شرائع الدين كثيرة النبي صلى الله عليه وسلم يقول الامام بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق فقول هذا الاعرابي كثرت علي اي ما استطيع ان استوعبها وان يحيط بها جميعها وانا تتبعها شعبة شعبة لكثرتها فيريد من النبي عليه الصلاة والسلام ان يدله الى امر جامع يتشبث به ويستمسك به ويكون معونة له على عموم الطاعات فقال له عليه الصلاة والسلام لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله اي ما دمت ذاكرا محافظا على الذكر معتنيا به فان الذكر يكون لك نعم المعونة على الاستكثار من الطاعات بعض الناس ربما يفهم من الحديث فهما خاطئا قول الرجل شرائع الاسلام كثرت علي هل هذا الاعرابي اراد بذلك ان يلغي النبي صلى الله عليه وسلم بعض الشرائع او يخفف عنه بعض الشرائع ام انه اراد شيئا يعينه على هذه الشرائع ويخففها عليه ولا شك ان المقصود هو الثاني فمراده ان يذكر له النبي صلى الله عليه وسلم شيئا جامعا في هذا الباب يفيده في المحافظة على الشرائع ويعينه على المواظبة عليها ولهذا اخذ العلماء من هذا الحديث فائدة ان الذكر يعين العبد على القيام بشرائع الاسلام ويلينها المحافظة على الاذكار تلين الطاعات وتسهلها وتشرح الصدر ولا تكون الطاعة الثقيلة على النفس بل انه يعين على جميع مصالح العبد الدينية والدنيوية وقد نقل ابن القيم رحمه الله عن شيخه ابن تيمية رحمه الله انه اذا صلى الفجر بقي في مصلاه الى الضحى يذكر الله ويقول هذه غدوتي لو لم افعل ذلك خارت رواي فهذا يفيد ان الذكر يعطي العبد نشاط وقوة للقيام بالمصالح الدينية والدنيوية ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها لما سألته خادما قال الا ادلك على ما هو خير لك من خادم تسبحين الله ثلاثا وثلاثين وتحمدينه ثلاثا وثلاثين وتكبرينه ثلاثا وثلاثين فاخذ منه العلماء ان الذكر يعطي الجسم قوة ونشاط للقيام بالمصالح الدينية والدنيوية الحاصل ان هذا الاعرابي لما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم امرا جامعا يعينه على القيام بالشرائع التي كثرت عليه ارشده النبي عليه الصلاة والسلام الى الاكثار من ذكر الله ففيه فضل الذكر وانه يسهل العبادات وييسر للعبد فعل الاوامر وترك النواهي فان كثرت على العبد وثقلت عليه فليس هناك ما يسهلها وييسرها مثل ذكر الله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا احمد بن عبد الحميد الحارث قال حدثنا ابو اسامة عن بريدة عن ابي بردة عن ابي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعاهدوا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو اشد تفلتا من الابل في عقدها. رواه البخاري ومسلم عن ابي كريب عن ابي اسامة ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى هذا الباب بهذا الحديث العظيم في الحث على العناية بتعاهد القرآن واستذكاره ومداومة مراجعته لكي لا يتفلت من صاحبه ما حفظه من كتاب الله عز وجل قال تعاهدوا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو اشد تفلتا من الابن بعقلها ونظيره ما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس ما لاحدهم يقول نسيت اية كيت وكيت بل هو نسي يستذكر القرآن فلهو اشد تفصيا من صدور الرجال من النعم بعقلها استذكروا القرآن وفي حديث الترجمة تعاهد القرآن اي راجعون وداوموا استذكاره ومراجعته لكي لا يتفلت ثم ضرب عليه الصلاة والسلام مثلا بديعا فقال صلى الله عليه وسلم له اشد تفلتا من الابل في عقلها في حديث ابن مسعود قال فلهو اشد تفصيا من صدور الرجال من النعم بعقولها تفصيا اي تفلتا و اولا من عقلها العقل جمع عقال واهل الابل يستعملون العقال لشد ركبة البعير اذا برك به من اجل ان يبقى في مكانه وهو لا يزال يحاول ان يقوم ينحل شيئا فشيئا وربما انحل تماما فاستطاع البعير ان يقوم وربما ذهب وضاع على صاحبه وتفلت البعير على صاحبه فيحتاج صاحب الابل ان يتعاهد الابل يمر عليها فيرى اذا كان شيئا من العقل تفلت يعيده ويشده حتى يبقى البعير في مكانه لا ينهض فهذا مثل عظيم جدا ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وخاطب به الصحابة بشيء يعهدونه يعقلونه ويعرفون حاجة الراعي الى تعهد الابل بالعقل حتى لا تنفلت وتضيع وفي هذا الحديث ايضا اهمية ضرب الامثال في التعليم كثيرا ما ياتي في القرآن طرد الامثال وكذلك في السنة وفي القرآن كما يقول ابن القيم رحمه الله اكثر من اربعين مثلا ولبعض المتقدمين كتب خاصة في احاديث الامثال مثل كتاب للرامهر وغيره مما كتبه اهل العلم الحاصل ان هذا الحديث العظيم فيه توجيه لحفاظ القرآن او من يحفظون قدرا من صوره او اجزائه انه لا يليق بالحافظ ان يغفل عن مراجعة وتعاهد محفوظاته و ان يحرص الا يفرط في هذا التعاهد بل ينبغي ان يتخذ لنفسه من القرآن وردا يوميا بحيث يساعده هذا الورد على ظبط المحفوظات وعدم النسيان لينال بذلك الثواب العظيم والاجر الجزيل واختم بفائدة عظيمة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ذكرها في تعليق له على هذا الحديث قال رحمه الله وهذا من حكمة الله عز وجل ان يكون القرآن ينسى سريعا لاجل ان يحرص القارئ على تعاهده وكثرة تلاوته فيحصل له الاجر ويزداد اجرا وليكون هذا امتحان واختبار من الله عز وجل فيمن هو حريص على كتاب الله او ليس بحريص قال رحمه الله فاوصي اخواني الذين من الله عليهم بحفظ القرآن ان يكثروا من قراءته لما في ذلك من الاجر والثواب قال اسأل الله ان يرزقنا جميعا تلاوة كتابه حق تلاوته حفظا وعلما وعملا انتهى كلامه اللهم امين اللهم وفقنا اجمعين لكل خير ويسر لنا تعلى الخيرات وسددنا في اقوالنا واعمالنا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين