بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب السادس عشر بالشكر على السراء والصبر على الضراء بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين اما بعد فهذه الترجمة عقدها الحافظ البيهقي رحمه الله في الشكر والصبر وهما مقامان عظيمان من مقامات الدين العلية الرفيعة قال في الشكر على السراء والصبر على الضراء وكثيرا ما يقرن بين هذين الامرين العظيمين الصبر والشكر في ايات عديدة من كتاب الله عز وجل وفي احاديث ايضا عديدة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم منها ما اورده المصنف في هذه الترجمة كما سيأتي قد جاء في القرآن في مواطن الجمع بين اهل الصبر والشكر والاخبار بانهم هم الذين ينتفعون بايات الله خصهم بذلك وقد اخبر الله عز وجل انه انما ينتفع باياته ويتعظ الصبار الشكور وهذا ورد في مواطن من القرآن الكريم قال الله عز وجل ولقد ارسلنا موسى باياتنا ان اخرج قومك من الظلمات الى النور وذكرهم بايام الله ان في ذلك لايات لكل صبار شكور قال تعالى المتر ان الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من اياته ان في ذلك لايات لكل صبار شكور قال تعالى وجعلناهم احاديث ومزقناهم كل مزق ان في ذلك لايات لكل صبار شكور قال تعالى ومن اياته الجواري في البحر كالاعلام ان يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره ان في ذلك لايات لكل صبار شكور هذه اربعة مواطن من كتاب الله عز وجل جمع فيها بين اهل الصبر والشكر تمييزا لهم وتشريفا وتخصيصا لهذا الحظ الوافر الذي هو الانتفاع بايات الله وانهم هم المنتفعون باياته سبحانه وتعالى دون غيرهم وانما كان الصبر والشكر سببا لهذا الانتفاع بايات الله لان الايمان ينبني على امرين الصبر والشكر فنصف الايمان صبر ونصفه شكر ولهذا على حسب صبر العبد وشكره تكون قوة ايمانه وانتفاعه بايات الله مبني على الايمان والايمان لا يتم الا بالصبر والشكر كما قال بعض السلف الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر فالصبر والشكر مقامهما ومنزلتهما من دين الله سبحانه وتعالى عليا وكما قدمت كثيرا ما يقرن بينهما ولهذا فان الامام العلامة ابن القيم افرد فيهما كتابا عظيما اوعب فيه البيان والايضاح فيما يتعلق بالصبر والشكر هو كتابه اعدت الصابرين وذخيرة الشاكرين وهو من انفع وانفس ما يكون في هذا الباب باب الصبر وباب الشكر اما الشكر ففضله لا يخفى ورفعة شأنه في دين الله ايضا لا تخفى شكر الله سبحانه على نعمه المتوالية وعطاياه المتعددة والله عز وجل امر عباده في كتابه بالشكر ونهاهم عن امر الدين واثنى على الشاكرين ووصفهم بانهم خواص خلقه وعد اهله باحسن الثواب وجعله سببا للمزيد من النعم. وحافظا لها وتنوعت الدلائل والبراهين في القرآن حثنا على الشكر وترغيبا فيه وبيانا مقامه في ايات كثيرة فقد امر الله عز وجل في ايات من القرآن بالشكر من قولها واشكروا نعمة الله ان كنتم اياه تعبدون وقوله واشكروا لي ولا تكفرون وقرنه سبحانه بالايمان واخبر انه لا غرض له سبحانه في عذاب خلقه ان شكروه وامنوا به قال الله سبحانه ما يفعل الله بعذابكم من شكرتم وامنتم وكان الله شاكرا عليما اي ان اديتم ووفيتم ما خلقتم له وهو الشكر والايمان فما اصنع بعذابكم واخبر عز وجل ان اهل الشكر هم المحبوبون بمنته من بين عباده قال عز وجل وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا اهؤلاء من الله عليهم من بيننا اليس الله باعلم بالشاكرين وعلق جل وعلا المزيد بالشكر واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد ولذا قيل متى لم ترى حالك في مزيد فاستقبل الشكر اي عليك بشكر الله حتى تزين حالك وتصلح وفي القرآن قسم الله عز وجل الناس الى قسمين شكور وكفور وابغض الناس اليه من هم كافرون بنعمة الله جاحدون لها واحب الناس الي اهل الشكر قال تعالى انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا وقال تعالى ان تكفروا فان الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وان تشكروا يرضع لكم وقال جل وعلا ومن شكر فانما يشكر لنفسه ومن كفر فان ربي غني كريم واخبر عز وجل ان الشيطان عدو الانسان بغيته ومطمعه في هذا الانسان ان يبعده عن شكر الله ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم عن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجدوا اكثرهم شاكرين واخبر عز وجل ان الشاكرين هم القليل من عباده وقليل من عبادي الشكور والنصوص في تنوع البيان للشكر وبيان عظيم شأنه ورفيع مقامه كثيرة واصل الشكر وحقيقته الاعتراف بانعام المنعم على وجه الخضوع والذل والمحبة فمن لم يعرف النعمة بل كان جاهلا بها لم يشكرها ومن عرف النعمة ولم يعرف المنعم بها لم يشكرها ومن عرف النعمة والمنعم ولكن جحدها كما يجحد المنكر لنعمة المنعم عليه بها فقد كفرها ومن عرف النعمة والمنعم واقر بها ولم يجحدها ولكنه لم يخضع له ويحبه ويرضى به وعنه لم يشكرها ايضا ومن عرفها وعرف المنعم وخضع له واحبه ورضي به وعنه واستعملها في محابه وطاعته فهذا هو الشاكر لها وبهذا يعلم ان الشكر مبني على خمس قواعد خضوع الشاكر المشكور وحبه له واعترافه بنعمته وثناؤه عليه بها والا يستعملها فيما يكره فهذه الخمس هي اساس الشكر وقاعدته التي عليها يبنى فمتى عدم منها واحدة اختل من قواعد الشكر قاعدة ويكون بالقلب واللسان والجوارح بالقلب خضوعا ومحبة وباللسان ثناء واعترافا وحمدا وبالجوارح طاعة وانقيادا واما الصبر فانه مقام عظيم من مقامات الدين الرفيعة ومنزلة عالية من منازله العظيمة الصبر وهو انواع ثلاثة كما سيأتي البيان وقد روي عن علي رضي الله عنه انه قال الصبر من الايمان بمنزلة الجسد من الرأس. ولا ايمان لمن؟ لا صبر له ولهذا كثرت النصوص بالكتاب والسنة حثا على الصبر وبيانا منزلته حتى قال الامام احمد لقد ذكر الصبر في القرآن في اكثر من تسعين مرة وهذا يدل على مكانة الصبر العظيمة فجاء في القرآن الامر بالصبر تحذير من ظده وبين ثماره واثاره ومحبة الله للصابرين ومعيته لهم والبشارة لهم بكل خير قال الله عز وجل والله يحب الصابرين قال جل وعلا ان الله مع الصابرين وقال تعالى وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة اولئك هم المهتدون واخبر ان الفلاح لا ينال الا بالصبر يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون واخبر ان الصبر خير لاهله. ولئن صبرتم لهو خير للصابرين قد جاء في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال ما اعطي احد عطاء خيرا واوسع من الصبر فالصبر خير العطاء واوسعه وصح في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال والصبر ضياء اي ضياء لصاحبه ونور له في حياته يستبين به السبيل ويتحمل به المشاق وتهون عليه الصعاب وحاجة المسلم الى الصبر وضرورته اليه شديدة في كل اموره وجميع احواله لان العبد لا استطاعة له على القيام باي عمل من الاعمال او عبادة من العبادات الا بالصبر ولا استطاعة له على الانكفاف عن الاثام والمحرمات الا بالصبر ولا استطاعة له على تحمل الاقدار المؤلمة الا بالصبر ولهذا قال العلماء الصبر ثلاث انواع صبر على الطاعة وصبر على المعصية وصبر على اقدار الله المؤلمة من لا صبر له كيف يحافظ على الصلاة وكيف يواظب على الصيام؟ وكيف يؤدي الطاعات ومن لا صبر له كيف يبتعد عن المحرمات والاثام؟ وما يسخط الله سبحانه وتعالى ومن لا صبر له كيف يتحمل المصائب الدنيوية التي تصيبهم بين وقت واخر ولهذا حاجة العبد للصبر عظيمة جدا والصبر خلق يقوم في القلب ترتب على وجود هذا الخلق فعل ما يجمل والبعد عما لا يجمل والصبر قوة في النفس يستطيع العبد بها باذن الله ان يمنع نفسه عند المصائب والالام عن كل ما يسخط الله ولهذا قيل في معنى الصبر هو حبس النفس عن الجزاء واللسان عن التسخط واليد عن لطم الخدود وشق الجيوب وهذا مجال من مجالات الصبر الذي هو الصبر على اقدار الله والا فهو انواع ثلاثة كما تقدم البيان ثم ان السعادة في الدنيا والاخرة تحقيقها يدور على امور ثلاثة لا بد منها الشكر على النعم والصبر على الاقدار والاستغفار عند الوقوع في الذنوب والعبد في هذه الحياة يتقلب بين امور ثلاثة نعم متوالية وعطايا متعددة تستوجب الشكر ومصائب وامور مقدرة قدرها الله سبحانه وتعالى على العبد وهي تستوجب الصبر وذنوب يقع فيها العبد ويرتكبها وهي تتطلب منه الاستغفار ولهذا السعادة تدور على هذه الامور الثلاثة ان تكون حال العبد انه اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر واذا اذنب استغفر وقد جمعت هذه الامور الثلاثة التي عليها مدار السعادة التي هي الشكر والصبر والاستغفار في اثر عظيم يروى عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما رواه ابن المبارك في كتابه الزهد ورواه المصنف في كتابه شعب الايمان ورواه ايضا ابن ابي الدنيا في كتابه الشكر انه رضي الله عنه قال اربع من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة من كان عصمة امره لا اله الا الله واذا اصابته مصيبة قال انا لله وانا اليه راجعون واذا اعطي شيئا قال الحمد لله واذا اذنب ذنبا قال استغفر الله فذكر هذه الامور الثلاثة التي عليها مدار السعادة واظاف اليها امرا عظيما واصلا متينا الا وهو التوحيد وتحقيق لا اله الا الله وان لا اله الا الله هي عصمة الامر ولهذا قال من كان عصمة امره لا اله الا الله وهذا فيه ان التوحيد هو اساس السعادة والفلاح في الدنيا والاخرة نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عثمان سعيد بن محمد بن محمد بن عبدان النيسابوري قال حدثنا ابو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا موسى ابن اسماعيل قال حدثنا سليمان ابن المغيرة قال حدثنا ثابت عن ابن ابي ليلى عن صهيب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبا لامر المؤمن ان امر المؤمن له له خير ان اصابته سراء فشكر كان خيرا. وان اصابته ضراء فصبر كان خيرا رواه مسلم في الصحيح عن هدبة وشيبان ابن فروخ عن سليمان ابن المغيرة هذا الحديث العظيم حديث صهيب الرومي رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم عجبا لامر المؤمن ان امر المؤمن كله خير ان اصابته سراء فشكر كان خيرا وان اصابته ضراء فصبر كان خيرا هذه فضيلة مكرمة وخير خص به الله عز وجل عباده المؤمنين وهي انهم شاكرين في السراء صابرين في الضراء ففي فضل الشكر على السراء وفضل ايضا الصبر على الضراء وان من فعل ذلك حصل الخيرين في دنياه واخراه اما من لم يشكر في السراء ولم يصبر في الضراء يفوت على نفسه بذلك الاجر ويحصل بذلك الوزر والمسلم متقلب في هذه الحياة بين رخاء وبلاء عسر ويسر طرح وترح صحة ومرض. غنى وفقر والمؤمن في كل تقلباته من خير والى خير. في السراء والضراء في الشدة والرخاء بالعسر واليسر في الصحة والمرض كالغنى والفقر في كل احواله يتقلب من خير الى خير لانه على يقين ان هذه الحياة دار ابتلاء وميدان امتحان والامتحان تارة يكون بالسراء وتارة يكون بالضراء كما قال الله عز وجل ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون فهو سبحانه يبتلي بهذا ويبتلي بهذا والمؤمن ناجح في كلا الامتحانين فانه في امتحان السراء يفوز بثواب الشاكرين وفي امتحان الضراية يفوز بثواب الصابرين فالمؤمن في كل احواله من خير الى خير لانه ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له فيفوز في سرائه بثواب الشاكرين ويفوز في ضراءه بثواب الصابرين. فهو فائز في كلتا الحالتين والنبي عليه الصلاة والسلام اظهر العجب قال عجبا لامر المؤمن على وجه الاستحسان لهذه الحال العظيمة الكريمة التي اكرم الله سبحانه وتعالى بها عبده المؤمن ولا تكون الا المؤمن وهي راجعة الى ايمان المؤمن باقدار الله ان قدر الله اما سراء واما ظراء فهو يتلقى السراء شكر منعم المتفظل ويتلقى الضراء بالصبر واحتساب الاجر ورجاء الموعود وعود الله سبحانه وتعالى للصابرين وبشر الصابرين وقول النبي عليه الصلاة والسلام وذلك لا يكون الا للمؤمن اي ان الكافر في هذا الامر على اسوء اي حال واشنعه لانه ان اصابته الضراء لم يصبر بل يضجر ويتسخط ويسب الدهر وربما يسب الله وان اصابته سراء ونعم ومنن لا يشكر المنعم سبحانه وتعالى الكافر سواء اصابته الظراء او اصابته السراء حاله في شر ومن شر الى شر ولنتأمل في هذا قول الله عز وجل لا يسأم الانسان من دعاء الخير وان مسه الشر فيؤوس قنوط ولئن ادقناه رحمة من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما اظن الساعة قائما ولئن رجعت الى ربي ان لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ هذه حال الكافر وهي خلاف حال المؤمن المذكورة في الحديث لا يسأم من دعاء الخير وان مسه الشر فيؤوس قنوط قال الله عز وجل ولئن ادقناه رحمة منا من بعد من رأى مست يعني من بعد فقر او من بعد مرض ليقولن هذا لي جاحدا نعمة الله عليه غير معترفا بفظل الله ثم يقول ما اظن الساعة قائمة وهذا انكار للبحث وجحود له ثم يقول ولئن رجعت الى ربي ان لي عنده للحسنى. هذا يذكره على سبيل الافتراض المستبعد لانه ينكر البعث لكن لو قدر ان هناك بعث فسيكون لي عند الله الحسنى مثل ما اعطاني في الدنيا الصحة والتجارة والمال سيعطيني في الاخرة الحسنى على فرض ان هناك بعثة هذه حاله فاحمد الله ايها المؤمن على هذه النعمة والمنة العظيمة ان هداك للايمان الذي به تكون شاكرا ربك المنعم عليك في سرائك وصابرا في شدتك وضرائك فتضمن الحديث حث على الايمان والعناية به والمداومة عليه وان المؤمن دائما في خير وفي نعمة وفيه حث على الصبر على الظراء وانه من الخصال العظيمة وان الواجب على المؤمن ان يتلقى المصائب بالصبر محتسبا منتظرا الفرج طامعا فيما عند الله وفي الحديث حث على الشكر عند السراء يتلقاها شاكرا للمنعم معترفا بفضله مستعملا نعمة الله سبحانه وتعالى بطاعته لا فيما يسخط الله ويغضبه سبحانه وتعالى نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو محمد عبدالرحمن بن محمد بن احمد بن بالوية المزكي وابو عثمان سعيد بن محمد بن محمد بن دان قال اخبرنا ابو بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى قال حدثنا الفضل بن محمد البيهقي. قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن طالح عن ابي حلبس يونس بن ميسرة انه قال سمعت ام الدرداء تقول سمعت ابا الدرداء رضي الله عنه يقول قل سمعت ابا القاسم صلى الله عليه وسلم ما سمعته يكنيه قبله ولا بعدها يقول ان الله عز وجل قال يا عيسى ابن مريم اني ثم بعدك امة ان اصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا وان اصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ولا حلم ولا علم. قال يا رب كيف يكون هذا لهم ولا حلم ولا علم؟ قال اعطيهم من حلمي وعلمي هذا الحديث اسناده ضعيف لجهالة حال ابي حلبس يزيد ابن ميسرة ويغني عنه الحديث الذي قبله وهو حديث صحيح ثابت وقول ام الدرداء سمعت ابا الدرداء يقول سمعت ابا القاسم صلى الله عليه وسلم ما سمعته يكنيه قبلها ولا بعدها اي ما سمعت ابا الدرداء يذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالكنية قبل هذه المرة ولا بعدها و ام الدرداء هي زوجته وله رضي الله عنه زوجتان كل منهما ام الدرداء الكبرى اسمها خيرة وهي صحابية والصغرى اسمها هجيمة وهي تابعية وام الدرداء المذكورة في هذا الحديث هي الصغرى التابعية لا الكبرى الصحابية لان الكبرى ماتت في حياة ابي الدرداء والصغرى عاشت بعد ابي الدرداء زمنا طويلا قوله في هذا الحديث اني باعث اي خالق وموجد امة اي من الناس والمراد بهم الصالحين من امة محمد صلى الله عليه وسلم وقوله حمدوا اي الله سبحانه وتعالى على ما تفضل به عليهم من نعمة وقوله احتسبوا اي ان اصابهم ما يكرهون اي طلبوا الثواب طمعوا في الاجر وقوله ولا حلم اي الحال انهم لا حلم لهم ولا علم ان يحملهم على الحمد عند السراء والصبر عند المرضى وهذا امر يتعجب منه شخص لا حلم عنده ولا علم كيف يشكر وكيف يصبر ولهذا قال عيسى كيف يكون هذا لهم ايوا الحل انهم لا حلم ولا علم. كيف يحمدون في السراء ويشكرون في الظراء لان هذا غريب والحالة كذلك قال اعطيهم من حلمي وعلمي لان الله قسم لهم منة منه حلما وعلما به يتحالمون وبه يعلمون وبه يتخلقون كما في الخبر ان الله قسم بينكم اخلاقكم كما قسم بينكم ارزاقكم وهذا صح موقوفا على ابن مسعود وهو في حكم المرفوع وهذا الحديث يدل على الترغيب في الصبر لمن ابتلي بمصيبة بنفسه او ماله او نحو ذلك وعلى الترغيب في الشكر لمن آآ انعم الله سبحانه وتعالى عليه بنعمة ويدل على فضل امة محمد صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الزاد ومن تفضيل الله لامته واختياره لها انه وهبها من العلم والحلم ما لم يهبه لامة سواها وذكر هذا الحديث والله تعالى اعلم. نسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا وان يصلح لنا شأننا كله انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين