بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب السادس والعشرون في الاحسان الى المماليك بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد فهذه الترجمة عقدها الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى في الاحسان الى المماليك وايضا ينتظم هذا الباب الاحسان الى الخدم والعمال والمستأجرين ونحو ذلك ودين الاسلام هو دين الاحسان في كل شيء واحسنوا ان الله يحب المحسنين ودين الرحمة ودين الاخلاق الفاضلة وهو دين ينأى باهله عن كل مسلك سيء وخلق رذيل بل ينهض بهم في تعاملهم جميع شؤونهم الى الاخلاق العالية الرفيعة ويعمل على تهذيب النفوس والاحسان في التعامل وهو دين يحفظ الحقوق يحفظ لكل ذي حق حقه دين لا تضيع فيها حقوق العباد وهذا من محاسن الشريعة وجمال هذا الدين فهي شريعة جاءت بوظع الامور في محالها ومواضعها واعطاء كل ذي حق حقه فليس في الشريعة حقوق تضيع او واجبات تهدر الا ممن ضعف دينهم ورق اسلامهم وظعفت صلتهم بالله سبحانه وتعالى اما اهل المحافظة على الدين والخوف من رب العالمين فانهم يجاهدون انفسهم على افظل الحقوق التي امر الله سبحانه وتعالى بحفظها ونهى عن اضاعتها ومن اعظم ما يكون في هذا الباب يعني حقوق المماليك او المستأجرين او العمال او الخدم او نحو ذلك الحذر الشديد من ظلمهم فان الظلم ظلمات يوم القيامة ويوم القيامة يوم القصاص واداء الحقوق كما قال عليه الصلاة والسلام لتؤدن الحقوق يوم القيامة وجاء في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اتدرون ما المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال ان المفلس من امتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا واكل مال هذا وسفك دم هذا وظرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى ما عليه اخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار وجاء في صحيح البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة انا خصمهم يوم القيامة رجل اعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فاكل ثمنه ورجل استأجر اجيرا فاستوفى منه ولم يعطه اجره وصح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال اعطوا الاجير اجره قبل ان يجف عرقه والاحاديث في هذا الباب كثيرة الحاصل ان الشريعة جاءت الحث على الاحسان الى المماليك وايضا الاحسان الى الخدم والعمال والمستأجرين والحذر من ظلمهم فان الظلم ظلمات يوم القيامة وقد اورد الحافظ البيهقي تحت هذه الترجمة بعض الاحاديث المتعلقة بهذا الباب احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن ابن علي ابن عفان قال حدثنا ابن النمير عن الاعمش عن المعروض بن سويد قال لقينا ابا ذر بالربذة عليه ثوب وعلى غلامه ثوب مثله فقال له رجل يا ابا ذر لو اخذت هذا الثوب من غلامك فلبسته فكانت حلة وكسوت غلامك ثوبا اخر فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هم اخوانكم جعلهم الله تحت ايديكم فمن كان اخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس. ولا يكلفه ما يغلبه فان كلفه فليعنه اخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث الاعمش قال المصنف وهذا هو الافضل ان يفعل والا فله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف قال الشافعي رضي الله عنه والمعروف عندنا المعروف بمثله في بلده الذي يكون فيه ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث عن المعرور ابن سويد قال لقينا ابا ذر بالربذة عليه ثوب وعلى غلامه ثوب مثله فقال له رجل يا ابا ذر لو اخذت هذا الثوب من غلامك فلبسته فكانت حلة والحلة من الثياب ما يكون متكونا من قطعتين مثل الازار والرداء وقصده ان يكون لك تميز في لباسك وهيئتك عنا غلامك وخادمك قال وكسوت غلامك ثوبا اخر يعني دون الذي تكون تلبسه وتلبس حلة اه تكون تتميز بها عن اللباس الذي على غلامك لا ان يكون لباسك ولباس غلامك اه واحدا فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هم اخوانكم جعلهم الله تحت ايديكم فمن كان اخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا يكلفهم ما يغلبه فان كلفه فليعنه ولفظ الحديث عند البخاري عن المعرور ابن سويد قال لقيت ابا ذر بن ربدة وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك فقال اني ساببت رجلا فعيرته بامه فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا ابا ذر اعيرته بامه؟ انك امرؤ فيك جاهلية اخوانكم خونكم جعلهم الله تحت ايديكم فمن كان اخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليبسه مما يلبس. ولا تكلفهم ما يغلبهم فان كلفتموهم فاعينوهم وهذا الحديث كما هو واضح في الارقاء والعبيد ولكن يلحق بهم كما ذكر اهل العلم الاجير والخادم والمستأجر ونحو ذلك وفي الحديث النهي عن سب العبيد ومن في معناهم والنهي عن تعييرهم بابائهم والحث على الاحسان اليهم والرفق بهم وان التفاضل الحقيقي بين المسلمين انما هو بالتقوى كما قال الله تعالى ان اكرمكم عند الله اتقاكم قال ولا تكلفوهم ما يغلبهم وفي رواية ولا تكلفوهم ما لا يطيقون وهذا نظير قول شعيب لموسى عليه السلام حين اراد ان يعمل له في رعي ماشيته وما اريد ان اشق عليك فللعامل الحق في الراحة فلا يجوز لصاحب العمل ان يحمله او ان يحمله ما يشق عليه او يضر بصحته او يجعله عاجزا عن العمل وهنا ينبغي ان يتنبه المرء في هذا المقام الى ما سبقت الاشارة اليه وهو القصاص الموازين التي توضع موازين القسطرة التي توضع يوم القيامة وان اي اساءة لهؤلاء المماليك او العمال او الخدم فانه سيقتص ممن ظلمه واساء اليه يوم القيامة ونتأمل هذا الحديث وهو حديث صحيح رواه الترمذي في جامعه عن عائشة رضي الله عنها ان رجلا قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني واشتمهم واضربهم فكيف انا منهم قال يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك اياهم احسب هذا وهذا فان كان عقابك اياهم بقدر ذنوبهم كان لا لك ولا عليك وان كان عقابك اياهم دون ذنوبهم كان فظلا لك وان كان عقابك اياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل قال فتنحى الرجل فجعل يبكي ويهتف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما تقرأ كتاب الله ونضع ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفسا شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين فقال الرجل والله يا رسول الله ما اجد لي ولهم شيئا خيرا من مفارقتهم. اشهدك انهم احرار كلهم فليراجع المرء نفسه في كل ما يتعامل به مع الناس فان كان يمضي فيه بالتجوز والتخفف فالامر كفاف لا له ولا عليه والا فليكن في غاية اليقظة لئلا يحمل نفسه من مظالم العباد ما يكون ندامة يوم القيامة وعليه في هذا المقام ان يذكر نفسه دائما بالوقوف بين يدي الله وان يذكرها بالحساب والميزان وان الحقوق مؤداة لاصحابها يوم القيامة فيبعثه ذلك على اخذ الحيطة الحذر سائلا ربه سبحانه وتعالى النجاة والتوفيق والسداد وهذا المذكور في الحديث فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس هذا على وجه الاستحباب ان يكون لباسه مثل لباس سيده ويأكل مثل طعام سيده ولهذا قال البيهقي وهذا هو الافظل ان يفعل لانه على وجه الاستحباب لكن الواجب المتعين وما جاء في الحديث الذي ذكر رحمه الله وفي صحيح مسلم وغيره للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ثم نقل عن الشافعي رحمه الله انه قال والمعروف عندنا المعروف بمثله في بلده الذي يكون فيه يعني يكون لباسه وطعامه نظير ما يطعم غيره من المماليك في البلد الذي هو فيه ويكون لباسه ايضا مثل لباس المماليك الذي آآ هم في البلد الذي هو فيه الاول ليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس هذا على وجه الاستحباب والواجب في هذا الباب هو قوله للمملوك طعامه وكسرته بالمعروف نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى حدثنا السيد ابو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال اخبرنا عبدالله بن ابراهيم بن المزكي قال حدثنا احمد بن يوسف السلمي قال حدثنا عبدالرزاق قال اخبرنا معمر عن همام ابن منبه قال هذا ما حدثنا به ابو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا جاء صانع بطعام قد اغنى عنكم حره ودخانه تدعوه فليأكل معكم والا فالقموه في يده او لتناولوه في يده ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا جاء الصانع بطعام قد اغنى عنكم حره ودخانه فادعوه فليأكل معكم والا فالقموه في يده او لتناولوه في يده وهذا فيه الحث على مكارم الاخلاق والاحسان الى المماليك ولا سيما في هذا الباب الباب الذي هو الطعام فان الخادم او المملوك هو الذي احضره وهو الذي اشتراه وربما هو الذي عمل على صنعه وهو الذي حمله فكما قال عليه الصلاة والسلام ولي حره ودخانه فعلى ذلك نفسه تكون تألقت بهذا الطعام وشم رائحته و اصبح في نفسه تعلق بهذا الطعام ولهذا حث النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الخلق الكريم بان آآ يدعو خادمه فيجلسه معه ليأكل معه قال والا فالقموه في يده جمع بين الامرين كما سبق التفصيل الواجب والمستحب المستحب ان يدعى الخادم ويجلسه سيده معه ليأكل معه والا اي لم تطب نفسه بذلك فلا يجب عليه ذلك لكن فالقموه في يده او ناولوه في في يده يعطى اه شيء من الطعام بحسب الطعام قلة وكثرة احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى ورواه محمد بن زياد عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا جاء خادم احدكم بطعامه فليجلسه معه فان لم يفعل بل يناوله اكلة او اكلتين. او قال لقمة او لقمتين فانه ولي حره وعلاجه قال المصنف اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو العباس محمد ابن يعقوب قال حدثنا ابراهيم ابن مرزوق قال حدثنا سعيد ابن عامر قال حدثنا شعبة عن محمد بن زياد فذكره قال المصنف رواه البخاري في الصحيح عن حفص ابن عمر وغيره عن شعبة واخرجه مسلم من حديث موسى ابن يسار عن ابي هريرة رضي الله عنه ثم ختم رحمه الله تعالى بهذا الحديث حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا جاء خادم احدكم بطعامه فليجلسه معه فان لم يفعل فليناوله اكله او اكلتين او قال لقمة او لقمتين فانه ولي حره وعلاجا وهذا نظير الحديث الذي قبله وقوله فانه ولي علاجه هذا تعليل لان الخادم ولي معالجة الطعام واحضاره فامره ان يطعمه منه وان يجلسه معه قال اه فان لم يجلسه معه فليناوله لقمة او لقمتين. قد يكون الامتناع احيانا من الخادم. فلن يكون يستحي او لا يرغب او ان صاحب الطعام لا يحب ذلك فلا حرج عليه في ذلك ولا يلزمه ان ان يجلسه معه على مائدته لكن الذي يجب عليه ان يطعمه منه فان كان الطعام قليلا اعطاه من قليله وان كان كثيرا زاده ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا وان يصلح لنا شأننا كله انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين