بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب الخامس والثلاثون في الاصلاح بين الناس وترك ما يفسد بينهم من النميمة وغيرها بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذه الترجمة عقدها المصنف الحافظ البيهقي رحمه الله بالاصلاح بين الناس وترك ما يفسد بينهم من النميمة وغيرها وان من نعم الله العظيمة علينا معاشر المسلمين ان دين الاسلام الدين محبة والفة وتعاون واخاء وصلاح واصلاح الف بين قلوب المؤمنين. واصلح ذات بينهم وجمع كلمتهم على الحق والهدى فاجتمعت بالاسلام القلوب المتناثرة والنفوس المتعادية واصبحوا متآخين بل اصبح مثلهم مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر وهذه الاخوة الايمانية جاء الاسلام بالتأكيد على توثيقها والحث على رعايتها والعناية بها والبعد عن اسباب ضعفها وزوالها ولهذا جاءت النصوص الكثيرة بالحث على التآلف والاخاء والمحبة والتواد والبعد عن الشحناء والبغضاء والتقاطع والتهاجر والتدابر قد بين عليه الصلاة والسلام عظم خطورة البغضاء وعظم خطورة التهاجر والتدابر وعظم اثرها على الدين نفسه كما سيأتي الاحاديث التي ساق المصنف رحمه الله وقد يقع بين المتوادين المتصافيين شيء من الخصومة او الخلاف او الشحناء بسبب بعض المواقف الخاطئة او التي يتوهم انها خاطئة فيقع على اثر ذلك تقاطع وتدابر وتهاجر وتنافر فيحتاج الامر حينئذ الى دخول المصلحين لرأب الصدع ولم الشمل والاصلاح بين المتخاصمين وهذا الاصلاح بين الناس يعد في الشريعة خلقا كريما رفيعا لا ينهض به الا اصحاب القلوب الرحيمة والنصح والاحسان وقد جاءت الشريعة في هذا المقام بحقف المسلمين على رعاية امر اصلاح ذات بينهم والحث على الاصلاح بين الناس لتبقى القلوب المؤمنة صافية متوادة متحابة لا متقاطعة متهاجرة متباغضة يقول الله عز وجل فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين قال ابن عباس رضي الله عنهما هذا تحريج من الله على المؤمنين ان يتقوا الله وان يصلحوا ذات بينهم وقال الله عز وجل لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما وقال الله عز وجل والصلح خير وقال الله عز وجل انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون وقال جل وعلا وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا واصلح فاجره على الله انه لا يحب الظالمين فامر الصلح والاصلاح امر عظيم ومطلب جليل فما اعظم اثر من يعمل في مجتمعه مصلحا بين الناس والله جل وعلا يعلم المصلح من المفسد ولا يصلح سبحانه وتعالى عمل المفسدين والمصلح بين الناس الساعي في ائتلاف قلوبهم واجتماع شملهم وزوال الاحن والعداوات والبغضاء عنهم متصدق عليهم بصدقة هي من خير الصدقات وانفعها فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان افضل الصدقة اصلاح ذات البين رواه عبد ابن حميد في المنتخب من المسند ولا شك ان اصلاح الفساد بين الناس وازالة الفتنة الثائرة والنار المشتعلة من انفع وافضل الصدقة واعظم بها من صدقة وذلك لما فيها من عموم المنافع الدينية والدنيوية من التعاون والتناصر والالفة والاجتماع على الخير حتى ابيح فيه الكذب لكثرة ما يندفع به من شر الفرقة المظرة بالدنيا والدين بتشتت القلوب ووهن الاديان واشتعال العداوات وتسلط الاعداء وشماتة الحساد فلذلك صار الاصلاح من افظل الصدقات على الناس والمصلح في مجتمعه له اثر عظيم على المجتمع ائتلافا بين القلوب والتئاما للشمل ودحرا للشيطان وزوالا للعداوة والبغضاء فما اعظم اثر المصلحين وما اعظم ثوابهم عند رب العالمين بما اجراه على ايديهم من اصلاح بين الزوجين وبين الاخوان وبين الاصدقاء وبين الجيران وبين عموم المتعاملين احتسابا لثواب الله وطمعا في موعوده جل في علاه ولهذا ينبغي لكل عبد مؤمن ان يحرص على هذا الامر قدر استطاعته ولا يحقرن من المعروف في باب الاصلاح بين الناس شيئا حتى لو اصلح بين طفلين صغيرين فكم من عداوة نشبت بين طفلين صغيرين فنماها الشيطان في قلبيهما وبقيت وقتا طويلا والمصنف رحمه الله تعالى اورد في هذه الترجمة جملة من الاحاديث النافعة المفيدة في هذا الباب احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى حدثنا السيد ابو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي قال اخبرنا ابو القاسم عبد الله ابن ابراهيم ابن بلوية حاقل واخبرنا ابو طاهر الفقيه قال اخبرنا ابو بكر محمد بن الحسين القطان قال حدثنا احمد بن يوسف السلمي قال حدثنا عبد الرزاق قال الثنا معمر عن همام ابن منبه قال هذا ما حدثنا ابو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل سلامى من الناس عليه فيه صدقة كل يوم تطلع عليه الشمس تعدل بين اثنين صدقة وتعين الرجل في دابته وتحمله عليها او ترفع له عليها متاعه صدقة والكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة يخطوها الى الصلاة صدقة. ويميط الاذى عن الطريق صدقة قال المصنف رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع عليه الشمس ثم ذكر عليه الصلاة والسلام انواعا من الصدقات والسلامى هي المفاصل وفي الانسان ثلاث مئة وستين مفصلا وجميع هذه المفاصل يتجدد بتجدد الايام وجوب شكر الله سبحانه وتعالى عليها ولهذا قال كل سلامة من ناس عليه صدقة كل يوم تطلع عليه تطلع فيه الشمس فيوميا كل ما تطلع الشمس يتجدد لزوم شكر الله سبحانه وتعالى على هذه المفاصل التي لينها ويسرها ليتحرك المرء بمصالحه الدينية والدنيوية ولو لم تكن لينة لما تحرك ولبقي في مكانه فتحتاج هذه المفاصل الى شكر متجدد بتجدد الايام كل ما يوم تطلع فيه الشمس يتجدد الشكر والشكر يكون بالاعمال الصالحة الصدقات المتنوعة وباب الصدقة هو واسع قد مر معنا في الباب الذي قبله قال عليه الصلاة والسلام كل معروف صدقة وهذه قاعدة جامعة في هذا الباب ثم ذكر عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث جملة من الصدقات التي يكون قيام المرء بها في ايامه من باب الشكر لله على اه نعمة هذه المفاصل ولينها سهولة حركتها وتحقق مصالح العباد بذلك قوله تعدل بين الاثنين اي متحاكمين او متخاصمين او متهاجرين صدقة اي صدقة عليهما لوقايتهما مما يترتب على الخصام من اثار قبيحة وعواقب وخيمة فقوله تعدل بين الاثنين يتناول الاصلاح بين الناس وكذلك قوله والكلمة الطيبة صدقة يدخل الاصلاح بين الناس في عموم قوله والكلمة الطيبة صدقة والحديث تناول جملة من الصدقات المتنوعة لكن الشاهد من ايراد الحديث لهذه الترجمة قوله تعدل بين الاثنين وكذلك قوله والكلمة الطيبة صدقة احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد قال اخبرنا ابو عمرو بن السماك قال حدثنا احمد بن عبدالجبار قال حدثنا ابو معاوية عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن سالم هو ابن ابي الجعد عن ام الدرداء عن ابي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اخبركم بافضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى يا رسول الله قال اصلاح ذات البين فان فساد ذات البين هي الحالقة ثم اورد رحمه الله تعالى حديث اه ابي الدرداء رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الا اخبركم بافضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال اصلاح ذات البين. فان مدى ذات البين هي الحالقة وهذا حديث عظيم جدا في هذا الباب والمقصود بالبين الفرقة. يقال بان كذا من كذا اي فارقه وبانوا اي ذهبوا وبعدوا فالمقصود باصلاح ذات البين اي اصلاح ما يحصل بين الناس من فرقة ووحشة ومن تباغظ وتدابر فيسعى المصلح للاصلاح بينهم ويقرب بينهم بحيث يزول ما في النفوس من شحناء وبغضاء ويحل محله المودة والاخاء وذلك لخطورة الفرقة عليهم فهي تحلق دينهم مثل ما قال في الحديث فانها فساد ذات البين هي الحالقة ومراد تحلق الدين وهو سبب اظرار كبيرة تجري بينهم من اعتداء بعظهم على بعظ كلام بعظهم في بعظ فاذا اصلح بينهم وازيلت الفرقة فان النفوس تتقارب وتتآلف وتسلم من الاخطار التي تترتب على ذلك وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث عظم شأن الاصلاح بين الناس وما يترتب على التقارب والتالف وصفاء النفوس من الخير الكثير وقد ذكر عليه الصلاة والسلام الصلاة والصيام لان هذه عبادات قاصرة غير متعدية لا تتجاوز صاحبها والصدقة متعدية النفع ولكنها تتعلق بالنفع الدنيوي وحصول الفائدة في المعاش اما اصلاح ذات البين فنفعه متعد ويترتب عليه نفع عظيم جدا لما فيه من زوال الوحشة والفرقة واندفاع الاضرار الكبيرة التي وصفت في الحديث بانها تحلق الدين ولهذا فضل الاصلاح على درجة الصوم والصلاة والصدقة لعظم فوائده وحسن عوائده احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو العباس محمد ابن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا عبد الله بن نمير عن الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجد شر الناس يوم القيامة ذا الوجهين. الذي يأتي هؤلاء بحديث هؤلاء وهؤلاء بحديث هؤلاء قال المصنف اخرجه البخاري في الصحيح عن عمرو بن حفص عن ابيه عن الاعمش ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى هذا الحديث عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجد شر الناس يوم القيامة ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بحديث هؤلاء وهؤلاء بحديث هؤلاء قال رحمه الله اخرجه البخاري ولفظ الحديث عند البخاري رحمه الله ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تجد من شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ومعنى يأتي هؤلاء بوجه اي بحديث مثل ما في الرواية التي ذكر المصنف رحمه الله تعالى وهذا الحديث يدل على خطورة هذا الامر وعظم مضرته وان صاحبه اي ذا الوجهين يأتي يوم القيامة وهو من شر الناس يأتي يوم القيامة وهو من شر الناس وذلك لما يترتب على يدي من كانت هذه حاله من الفساد العظيم والشر المستطير وذا الوجهين هو الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه فيكون في ملاقاته للناس يلقى هذا بوجه والاخر بوجه اخر. مثلا يلقى انسانا فيمدحه بوجهه ويقول له انت خير من اعرف انت من افضل الناس انت كذا ثم اذا لقي غيره لقيهم بوجه غير الوجه الذي لقيه به لانه لقي لقيه بوجه المادح ولقي غيره عنه بوجه القادح الدام فيلقى ذاك بوجه ويلقى ذاك بوجه اخر وقد كان اهل النفاق على مثل هذه الحال قال تعالى واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطين قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون فيلقون اهل الايمان بوجه وهو وجه اظهار الايمان ويلقون اهل النفاق بوجه اخر وهو اظهار الكفر وعدم الايمان ولهذا فان ذا الوجهين يتفاوت اثمه بحسب حجم حاله في كونه ذا الوجهين فاذا كان ذا وجهين وجه يظهر به ايمانا ووجه يظهر به نفاقا فهذا كفر واذا كان ذا وجهين يلقى الاخ بالمحبة والصفاء ومن وراء ظهري يطعن فيه وينشر شرا وفسادا فهذا من الكبائر ومن عظائم الذنوب فحجم خطورة ذنب ذي الوجهين بحسب حجم ما هو عليه في هذا الامر قد قال النبي عليه الصلاة والسلام لا ينبغي لذي الوجهين ان يكونا امينا وذلك ان الاسلام علانية وحال المسلم حال صدق وصفاء ووفاء ومعاني جليلة وجميلة بين اهل الايمان لا ان يكون متقلب يلقى الاخ بوجه وينقلب عنه بوجه اخر فليست هذه من حال الايمان وليست هذه من الامانة في شيء وايراد المصنف رحمه الله تعالى هذا الحديث في باب الاصلاح بين الناس وترك ما يفسد بينهم من النميمة وغيرها لان ذا الوجهين من اهل الافساد بين الناس وعمله يوجد الشحناء ويثير البغضاء ويشتت بين الاخوان فعمله عمل مضاد تماما لعمل المصلح المصلح ينشر خيرا وهذا ينشر فسادا والله سبحانه وتعالى يعلم المصلح من المفسد احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء قال اخبرنا ابو نعيم قال حدثنا سفيان عن منصور عن ابراهيم عن همام ابن الحارث قال كنا جلوسا عند حذيفة رضي الله عنه فمر رجل فقال هذا يرفع الحديث الى عثمان رضي الله عنه فقال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة قتات قال المصنف رواه البخاري في الصحيح عن ابي نعيم واخرجه مسلم ابن ماجي اخر عن منصور ابن المعتمر ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى بهذا الحديث عن حذيفة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة قتات والقتات والنمام والحديث في بيان خطورة النميمة وايضا ضررها وعظم عقوبة فاعلها وذلك ان النميمة معول هدم وسيلة تقطيعا للصلات وافسادا للعلاقات ونشر للعداوات ويترتب عليها من الشرور والفساد ما الله به عليم والنميمة سريعة بنشر العداوة والتقاطع والتدابر حتى قال يحيى ابن ابي كثير الامام رحمه الله يفسد النمام في ساعة ما لا يفسد الساحر في شهر والنميمة هي نقل الكلام من شخص الى اخر على وجه الافساد وايقاع العداوات وايغار الصدور ونشر الشرور فالنمام يحضر مجالس الناس ليلتقط كلاما من هنا وكلاما من هناك ويتصيد اقوالا لينقلها الى الاخرين حتى تنشأ العداوة فغرض النمام بنقل الكلام هو الافساد بين المتآلفين المتحابين ونشر العداوة بينهم فهذه حقيقة النميمة نقل الكلام بغرض الافساد ونشر العداوات النميمة مضرتها عظيمة وخطرها عظيم على الناس بما ترتب عليها من الشر العظيم والفساد العريض وهذا الحديث كما اورد المصنف رحمه الله له قصة يقول همام ابن الحارث كنا جلوسا عند حذيفة فمر رجل فقالوا هذا يرفع الحديث الى عثمان رضي الله عنه فقال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة قتات والمعنى في يرفع الحديث الى عثمان اي على وجه الافساد وايقاع العداوة والفتنة فاورد حينئذ حذيفة رضي الله عنه محذرا هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة قتات والقتات هو النمام يقال قت الكلام يقته قتا فهو قتات اي نقلهم لغرض الافساد وقد ذكر بعض اهل العلم فرقا بين القتات والنمام وان القتات اشد شرا من النمام قالوا الفرق بينهما ان النمام هو الذي يحظر المجلس ثم يتصيد كلاما من المجلس وهو حاضر فينقله على وجه الافساد واما القتات فهو لا يحضر المجلس وانما يصغي الى القوم تجسسا من حيث لا يشعرون ثم ينقل كلامهم بغرض الافساد وكل من النمام والقتات ناقل للكلام على وجه الافساد وايجاد العداوات وقوله في الحديث لا يدخل الجنة قتات ليس النفي هنا للتأبيد الا اذا كان مستحلا لما حرم الله سبحانه وتعالى فيكون بذلك كافرا واما ما دون ذلك الحديث يكون من احاديث الوعيد والتهديد في نفي دخول الجنة فيكون النفي نفي للدخول الاولي او الابتدائي بدون عذاب ويفيد ان النمام بنميمة عرضة للعقوبة وعرضة لدخول النار وسخط الله سبحانه وتعالى وقد صح في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الا اخبركم بشراركم؟ قالوا بلى. قال المشاؤون بالنميمة المفسدون بين الاحبة الباغون البرءاء. العنت والحاصل ان هذه الترجمة اورد فيها المصنف رحمه الله امرين الاول الاصلاح بين الناس وعظم فضله. والثاني التحذير مما يضاد ذلك وهو الافساد بين الناس سواء بالنميمة او غيرها. والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق والسداد نسأله جل في علاه ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح ذات بيننا وان يؤلف بين قلوبنا وان يهدينا اليه صراطا مستقيما انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين