بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب الثامن والثلاثون في مخالطة الناس وعشرتهم بالمعروف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا الباب الثامن والثلاثون عقده المصنف الحافظ البيهقي رحمه الله في مخالطة الناس وعشرتهم بالمعروف وهذا هو الاصل ان المسلم يكون مخالطا لاخوانه يلقاهم ويلقونه يعاشرهم ويعاشرونه يصحبهم ما يصحبونه يتآلفون ويتوادون ويتعاونون على البر والتقوى ويتناهون عن المنكر لتتحقق مصالحهم الدينية والدنيوية هذا هو الاصل الاصل هو المخالطة والمخالطة لابد ان يترتب عليها شيء من الاذى فيصبر على اذى الناس ويحتمله ويعاملهم بالحسنى حتى يكثر الخير ويقل الشر وتكون المعاشرة بالمعروف يعاشر الناس بالمعروف اي بالحسنى واللطف والكلمة الطيبة والاخلاق الفاضلة والاداب الحسنة بما يحب ان يعاشر به ويعامل به لكن اذا كان يترتب على العشرة مضرة ومر على المرء في دينه ويكون هناك شر عليه ففي هذه الحالة العزلة خير لهم وعليه تحمل النصوص التي جاءت في هذا الباب اما اذا لم يكن في الخلطة شر فالاختلاط بالناس والصبر على اذاهم هذا افضل. لما يترتب عليه من اه مصالح عظيمة وآآ خيرات عميمة نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو الحسين عبدالباقي ابن قانع الحافظ قال حدثنا ابراهيم ابن الهيثم البلدي قال حدثنا ادم بن ابي اياس قال حدثنا شعبة عن الاعمش عن يحيى ابن وثاب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن الذي يعاشر الناس ويصبر على اذاهم افضل من المؤمن الذي لا يعاشر الناس ولا يصبر لا اذاهم اورد المصنف رحمه الله تعالى هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمن الذي يعاشر الناس ويصبر على اذاهم افظل من المؤمن الذي يعاشر الناس ولا يصبر على اذاهم هذا الحديث واضح في مقصود الترجمة التي هي في المخالطة للناس والمعاشرة لهم بالمعروف فمن يكن كذلك لا شك انه افضل ممن لا يعاشر الناس ولا يصبر على اذاهم وهذا الذي يصبر على اذاهم صبره على اذاهم دليل على قربه منهم ومحبته الخير لهم مثل ما يحتمل المرء شيئا من غلط ولده رغبة في صلاحه ومحبة الخير له فهذا شأنه ايضا مع الناس في مخالطتهم يخالطهم مريدا الخير لهم معاملا لهم بالحسنى ولا يسلم في الغالب من عروظ بعظ الاذى وحصول بعظ الاذى فهو يصبر على ذلك محتسبا تحقق الخير وحصول المنفعة ومسألة المخالطة او العزلة وهي مسألة مبحوثة عند اهل العلم في ايهما افظل وانفع والحديث دل دلالة واظحة على ان المخالطة مع النفع للناس والصبر على اذاهم خير من العزلة لكن اذا كانت المخالطة فيها ظرر ولا يترتب منها فائدة فان العزلة حينئذ خير وعليه فان العزلة تكون افضل باعتبار والمخالطة تكون افظل باعتبار وفي هذا ورد بعض الادلة وفي هذا ورد بعض الادلة الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم ويحرص على نفعهم وافادتهم لا شك انه خير من الذي يعتزلهم ولا يفيدهم شيئا ولكن اذا لم يكن هناك حصول نفع وفائدة لعدم تمكنه من النفع او كانت الخلطة تؤدي الى الظرر فعندئذ تكون العزلة خير له قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حديث له عن هذا الموضوع قال واعلم ان الافظل هو المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم. هذا افضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على اذاهم ولكن احيانا تحصل امور تكون العزلة فيها خير من الاختلاط بالناس من ذلك اذا خاف الانسان على نفسه فتنة مثل ان يكون في بلد يطالب فيها بان ينحرف عن دينه او يدعو الى بدعة او يرى الفسوق الكثير فيها او يخشى على نفسه من الفواحش فهنا تكون العزلة خير له فهنا تكون العزلة خيرا له ولهذا امر الانسان ان يهاجر من بلاد الشرك الى بلاد الاسلام ومن بلاد الفسوق الى بلاد الاستقامة فكذلك اذا تغير الناس والزمان ولهذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يوشك ان يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعث الجبال ومواقع القطر يفر بدينه. من الفتن فهذا هو التقسيم تكون العزلة هي الخير اذا كان في الاختلاط شر وفتنة في الدين والا فالافظل ان الاختلاط هو الخير يختلط الانسان مع الناس فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو الى الحق ويبين السنة للناس فهذا خير انتهى كلامه رحمه الله تعالى احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو علي الحسين ابن محمد وابو عبدالله الحسين ابن عمر ابن برهان الغزال وابو الحسين ابن من فضل القطان وابو محمد عبدالله ابن يحيى ابن عبدالجبار السكري ببغداد قالوا وحدثنا اسماعيل ابن محمد الصفار قال حدثنا الحسن ابن عرفة قال حدثنا عبد الله ابن المبارك عن الحسن ابن عمرو الفقيمي عن منذر الثور عن محمد ابن الحنفية قال ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لم يجد من معاشر بدا حتى يجعل الله له فرجا او قال مخرجا قال المصنف هذا هو المحفوظ عن محمد من حنفية من قوله وقد روي باسناد ضعيف عن ابي فاطمة الانماري عن النبي صلى الله وعليه وسلم ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الاثر عن محمد ابن الحنفية رحمه الله تعالى قال ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لم يجد من معاشر بدا حتى يجعل الله له فرجا او قال مخرجا قال هذا هو المحفوظ عن محمد ابن الحنفية من قوله وقد روي باسناد ضعيف عن ابي فاطمة الانمار عن النبي صلى الله عليه وسلم المرفوع لا يثبت لانه الراوي له عن ابي فاطمة يقال له ابو عمران ولا يعرف الا بهذه الرواية فهو مجهول والحديث مرفوعا غير ثابت لكن الموقوف على محمد ابن الحنفية صحيح ثابت وهذا الكلام الذي ذكره رحمه الله تعالى كلام عظيم قال ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف عندما تكون المخالطة الناس امرا لا بد منه مثل ما قال ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لم يجد من معاشر بدا اذا كان لا بد من المعاشرة الذي ينبغي عليه في هذه الحالة ان يعاشر بالمعروف معاملة حسنة رفيقة ايضا يكون فيها شيء من المداراة لا المداهنة يغظ الطرف عن امور لا تعجبه بحيث لا تكون امورا منكرة محرمة تخالف شرع الله سبحانه وتعالى ويتودد ويتلطف فانه بهذا يدفع شرا ويحصل ايضا خيرا ونفعا وقربا من الناس ربما يكون مفضيا الى حسن انتفاعه منه اذا لم يقدر على ترك المعاشرة واصبح لابد منها فلا بد ان يعاشر بالمعروف واذا خالط فمن يخالطهم اما مؤمن او فاجر فالمؤمن له المخالصة اي بالقلوب مودة ومحبة والفاجر له المخالطة التي هي مضطر اليها عند اللقاء فمعاملة الفجار بالمعروف هي من احوال الاضطرار لكن معاشرة الاتقياء بالمعروف هي تعد من حسن الاختيار والحاصل ان المرء اذا كان مضطرا ليس له بد من معاشرة الاشرار مضطرا الى الى ذلك فعليه ان يصبر وان يعاشر بالمعروف وان كان الذي هو فيه يعد من نكد الدنيا لكنه امر لا بد منه ولهذا يقول المتنبي ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى عدوا له ما من صداقته بده اي مضطرا الى الى صداقته ومعاملته فالحاصل ان هذه كلمة عظيمة جدا في هذا الباب يقول محمد ابن حنفية ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لم يجد من معاشر بدا حتى يجعل الله له فرجا او مخرجا يصبر على هذه المعاشرة الى ان يأتي الله سبحانه وتعالى بالفرج وهذا المعنى الذي ذكره محمد ابن الحنفية نظمه بعضهم في بيتين فقال اذا انت لم تقدر على ترك عشرة لذي شوكة فانصح وعامله بالرفق ولا تضجرن من ضيق ما قد لقيته عسى فرج يأتيك من خالق الخلق واسأل الله عز وجل ان يتولانا اجمعين بالتوفيق والتيسير والمعونة لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين