ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله. وامينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه. فصلوات الله وسلامه عليه. وعلى اله وصحبه وحده اجمعين اما بعد معاشر المؤمنين عباد الله اتقوا الله تعالى فان من اتقى الله وقاه مرشده الى خير امور دينه ودنياه عباد الله ان من الامور المتقررة لدى جميع المسلمين ان هذه الحياة الدنيا دار ابتلاء وامتحان زاروا ابتلاء وامتحان واختبار. خلق الله عز وجل العباد فيها. ليبلوه هم ايهم احسن عملا فليست هي بدار الخلود والبقاء والاستقرار. وانما هي دار رحيل وانتقام العباد فيها ويختبرون يمتحن العباد فيها ويختبرون ليميز الله تبارك وتعالى الطيب من الخبيث والحسن من الردي والصالح من الفاسد. وتأملوا معاشر المؤمنين. تأملوا وفي هذا قول الله تبارك وتعالى انا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم ايهم احسنوا عملا وان لجاعلون ما عليها صعيدا وهذه الايات عباد الله هي من الايات العشر التي افتتحت بها سورة الكهف. وقد ثبت في صحيح مسلم وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث ابي الدرداء رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حفظ عشرا ايات من اول سورة الكهف عصم من الدجال. وقد ثبت في المستدرك من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة قضاء الاضاء له من النور ما بين الجمعتين. فهذا عباد الله من فضائل هذه الايات من فضائلها ومناقبها الحميدة واثارها المباركة على من ويقرأها ويتأمل في دلالاتها وكم هو جميل بنا معاشر المؤمنين ان نتأمل هذه الايات انا جعلنا ما على الارض زينة لها فكل ما على الارض من طعام وشراب ولباس ومسكن وانهار اشجار واودية وجبان وغير ذلك مما على وجه الارض. كل ذلك عباد الله اوجده اوجده الله سبحانه وتعالى زينة زينة لهذه الارض ولم جعله مو زينة قال تبارك وتعالى لنبلوهم ايهم احسن عملا فالحياة الدنيا بمباهجها ومفرحاتها وانواع ملذاتها هي دار امتحان وابتلاء واختبار ليعلم ليعلم المسيء من المفسد والصالح من الفاسد والحسن من القبيح ليميز الله الخبيث من الطيب. فلنتأمل ذلك عباد الله لنبلوهم ايهم احسن عملا. ثم فماذا عباد الله ان جميع ما على وجه الارض من مباهج وزنة ونعم وعطايا كل ذلك مآله الى الزوال ومصيره الى الفناء. ولهذا قال الله تبارك وتعالى وان لداعلون ما عليها صعيدا جرزا. فكل ما على وجه الارض من مأكل وملبس ومسكن ومنظر وغير ذلك. كل ذلك طائر الى الزوال والفناء. انا انا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا. ولهذا فان العبد يلقى الله يوم القيامة فردا ليس معه مما كان يملكه في حياته الدنيا اي شيء الا اعماله سواء كان صالحة او فاسدة فانها هي فانها هي التي يلقى الله بها يلقى الله بها عز وجل لنبلوهم ايهم احسن عملا. ان زبدة هذه الحياة والغنيمة المباركة فيها من من يحصل في هذه الحياة الاعمال الحسنة والطاعات الصالحة التي يسره ان يلقى الله تبارك وتعالى بها. سئل احد السلف وهو الفضيل ابن عياض رحمه الله عن معنى قوله تعالى ليبلوهم ايهم احسن عملا فقال اخلصه واصوبه. قيل يا ابا علي وما اخلصه واصوبه؟ قال ان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل. واذا فكان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا. والخالص ما كان لله والصواب ما كان على السنة معاشر المؤمنين وان مما ينبغي ان نعلمه في هذا المقام وان نستيقنه في هذا الباب ان ابتلاء الله تبارك وتعالى لعباده في هذه الحياة على نوعين اثنين ابتلاء بالنعماء والسراء وابتلاء بالبلواء والضراء كما قال الله تبارك وتعالى كما قال الله تبارك وتعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون. نعم عباد الله ان الله جل وعلا يبتلي عباده تارة الرائي والامور المفرحة المفرحة من انواع النعم وصنوف المباهج والوان الملذات ويبتليهم تبارك وتعالى تارة بالمصائب والبلايا والرزايا والمحن. وكل ذلك وكل ذلك ابتلاء. فالمنعم عليه بانواع النعم مبتلى. والمصاب بانواع المصائب والمؤمن في نوعي الابتلاء صائر الى خير ومقدم الى خير. وها هنا يعجب نبينا صلوات الله وسلامه عليه. كما جاء في حديث صهيب ابن سنان وهو في صحيح مسلم النبي صلى الله عليه وسلم قال عجبا عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له ولا يكون ذلك لاحد الا للمؤمن. نعم عباد الله لا يكون ذلك لاحد الا للمؤمن لان المؤمن اذا اصابه الله تبارك وتعالى بسراء اي بامر يسره ويفرحه ويسعده اعلم ان ذلك نعمة من الله وفضلا ومنة فيشكر الله تبارك وتعالى ويحمده سبحانه فيفوز في هذا المقام فيفوز في هذا المقام باجر الشاكرين الحامدين فاذا ابتلي المؤمن في هذه الحياة بقراء اي بامر اضر به وارقه واحزنه واخلقه والمه فانه يعلم ان ما اصابه فانما هو باذن الله. وان ما اصابه لم يكن ليخطئه اعلم ان ما اصابه من عند الله فيرضى ويسلم ويصبر. فيفوز هنا باجر الصابرين فالمؤمن في سرائه وضرائه فائز. اما في سرائه فهو فائز بثواب الشاكرين واما في ضراء فهو فائز في فائز بثواب الصابرين. اما من لم يكن على الايمان والطاعة من رب حميد سبحانه فانه في سراءه فانه في سرائه لا يعرف نعمة الله عليك بل يجحدها كما قال الله عز وجل عن امثال هؤلاء يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها فاذا اغدق الله عليهم عطايا ووالى عليه المنن والهبات. قال جاحدا لنعمة ربه انما اوتيته على علم عندي. او قال انما ورثته كافرا عنك او قال انما حصلت عليه بعرق جبيني وجدارتي وحزقي ومهارتي ونحو ذلك من الانفاق التي تدل على رقة الدين وضعف الايمان. ثم ان الله اذا ابتلاه بانواع من مصائبي والرجايا تسخط وجزع وشكى الله تبارك وتعالى الى عباده فيكون خاسر فيكون خاسرا في حالتيه الاثنتين. في ابتلائه بالسراء وابتلائه بالضراء. ولهذا عباد الله علينا ان ان نحقق ما يكون به فوزنا في سرائنا وضرائنا ففي السراء اين كونوا شاكرين وفي الضراء نكونوا صابرين فننال الخير كله ونفوز بسعادة الدنيا الاخرة والله جل وعلا المأمول وحده ان يوفقنا لكل خير وان يهدينا سواء السبيل وان يجعلنا من عباده الشاكرين في السراء الصابرين في الضراء وان يجعل كل قضاء قضاه انا خير انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجا وهو حسبنا ونعم الوكيل الحمد لله على احسانه والشكر له على جوده وتفضله وامتنانه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لسانه واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله وسلم ما عليك وعلى اله واصحابه واعوانه. اما بعد عباد الله اتقوا الله على عباد الله وكما ان الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء ليميز من الكافر فانه تبارك وتعالى يبتلي عباده كذلك بالضراء ليميز لن جازع من الصابر. ولهذا يقول الله تبارك وتعالى ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات. وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون. اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون. وتأمل ايها المؤمن في هذا المقام مقام الابتلاء بالضراء وان مفزع المؤمن ان مفزع المؤمن وملجأه في هذا المقام هو الله جل وعلا وخير ما يقال في هذا المقام انا لله وانا اليه راجعون. فقد جعل الله تبارك وتعالى هذه الكلمة العظيمة سلوة للمبتلين ومرجعا للممتحنين. فهم يصلون بقراءة فيها ويزول قلقهم والمهم عند تأملها وتدبرها انا لله وانا اليه راجعون وهذه الكلمة اذا تأملها العبد فهي تعني امرين اثنين الاول منهما ان الكل ان الكل عبد لله واننا واننا مماليك لله والله جل وعلا يتصرف في ملك كيف يشاء ويقضي فيه سبحانه وتعالى بما يريد. والامر الثاني ان مرجع الجميع الى الله فاذا علمت من خلالها من خلال هذه الكلمة انك لله عبد وانك اليه راجع فتذكر موقوف بين يدي الله. واذا استيقنت انك موقوف بين يدي الله. فاعلم ان الله عز وجل كائنك عما قدمت في هذه الحياة. واذا علمت انك مسؤول فاعد للمسألة جوابا واعد للجواب صوابا. والكيس من دان نفسه. وعمل لما بعد الموت. والعاجز من اتبع نفسه وهواها وتمنى على الله الاماني. واعلموا رعاكم الله ان اصدق الحديث كلام الله وخير الهدى. هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد ابن عبد الله كما امركم الله بذلك في كتابه المبين فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. وقال صلى الله عليه وسلم من صلى علي من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشر اسرى اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الائمة المهديين. ابي بكر وعمر وعثمان وعلي اللهم عن الصحابة اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك واحسان يا اكرم الاكرمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين واذل الشرك والمشركين. ودمر اعداء الدين واحمي حوزة الدين يا رب العالمين. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولاة ايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين اللهم وفق ولي امرنا لما تحب وترضى واعنه على البر والتقوى وسدده في اقواله واعماله وارزقه البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. ونحن معاشر اهل المدينة نرحب بمقدمه الى هذا ونسأل الله عز وجل ان يجعله مقدما ميمونا مباركا عليه وعلى هذا البلد وعلى اهل المدينة وساكنيها وان يبارك له في اعماله واقواله وان يسدده في حركاته وسكناته وان يجعله عزا للاسلام والمسلمين انه تبارك وتعالى سميع مجيب قريب. اللهم اتي نفوسنا زكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك من الخير كله عاجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ به من الشر كله عاجله واجله. ما علمنا منه وما لم نعلم اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله اوله واخره سره وعلنه. اللهم اغفر لنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. اللهم اصلح لنا شأننا ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين يا ذا الجلال والاكرام. اللهم بارك لنا في اوقاتنا واموالنا ذرياتنا وازواجنا واجعلنا مباركين اينما كنا. اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين. ونفس كرب المكروبين واقضي الدين عن المدينين. اللهم واشفي مرضانا ومرضى المسلمين. وارحم موتانا وموتى المسلمين. يا مجيب الدعاء يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وارفع عنا الغلاء والوبا والمحن كلها والزلازل والفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا ذا الجلال والاكرام ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه والائه يزدكم. ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون