الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون عباد الله ها نحن هذه الليلة رأينا اية عظيمة من ايات الله الكبار الدالة على كمال اقتداره وكمال تدبيره وكمال عظمته وان هذا الكون طوع تسخير مدبره جل وعلا فالله عز وجل يقضي ما يشاء ويحكم ما يريد لرد لحكمه ولا معقب لقضائه وفي هذه الاية ايها المؤمنون عبرة للمعتبرين. وعظة للمتعظين. ولا سيما من يتيقظ قلبه ويتنبه فؤاده ويحرص على الانتفاع بايات الله تبارك وتعالى. بخلاف سبيل المعرضين ايها المؤمنون ان هذه الاية العظيمة هي من جملة ايات الله عز وجل التي يخوف بها عباده. كما قال الله تعالى وما نرسل بالايات الا تخويفا ولهذا ثبت في الصحيحين عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله لا ينخسفان لموت احد او حياته. وانما هما ايتان يخوف بهما عبادة فاذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروه وصلوا وتصدقوا. فحث عليه الصلاة والسلام عند رؤية الايات العظام ان يكثر الانسان من الذكر والتكبير والدعاء والالتجاء الى الله سبحانه وتعالى والصلاة. والصدقة وها نحن ايها المؤمنون قد اكرمنا الله عز وجل بهذه الصلاة وبهذه العبادة التي نسأل الله عز وجل ان يتقبلها منا اجمعين وان يجعلها لنا ذخرا وبابا للاقبال على الله سبحانه وتعالى والانابة اليه والنبي عليه الصلاة والسلام كان اذا حزبه امر فزع الى الصلاة ايها المؤمنون عباد الله ان الشمس لم تكسف في حياة النبي عليه الصلاة والسلام الا مرة واحدة لكن ما حدث في ذلك اليوم امره عجب وامره عظيم فلنتأمله ايها الاخوة الكرام صلى النبي عليه الصلاة والسلام بالناس جماعة في المسجد. بركعتين كل ركعة فيها ركوعان اطال فيها صلوات الله وسلامه عليه القراءة. ثم خطب الناس خطبة اثنى فيها على الله جل وعلا. ومجده سبحانه واثنى عليه بما هو اهل. ثم عليه الصلاة والسلام ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله لا ينكسفان لموت احد احد ولا لحياته وانما هو امر او اية يخوف الله سبحانه وتعالى بها عباده. ثم حثهم على الاكثار من الدعاء والذكر والتكبير والصدقة والاقبال على الله سبحانه وتعالى الدعاء ثم ان الصحابة رضي الله عنهم رأوا النبي عليه الصلاة والسلام وهو يصلي يفعل شيئا ما عهدوه منه الله عليه وسلم في صلواته. فرأوه وهو يصلي بهم صلاة الكسوف تقدم الى الامام. الى جهة القبلة ومد يده صلوات الله وسلامه عليه كأنه يريد ان يأخذ شيئا في اثناء الصلاة تقدم الصحابة رضي الله عنهم يرونه ولا يرون شيئا امامه. وانما رأوا النبي عليه الصلاة والسلام والحديث في الصحيحين يتقدم صلى الله عليه وسلم مادا يده كانه يريد ان يأخذ شيئا ثم بعد ذلك رأوه عليه الصلاة والسلام تكعكع رجع الى الوراء كالخائف من شيء صلوات الله وسلامه عليه فسألوه عن ذلك فقال عليه الصلاة والسلام رأيت الجنة والنار قال رأيت الجنة والنار. رآهما عيانا حقيقة بعينيه. صلوات الله وسلامه عليه. اولا رأى الجنة ثم رأى النار وخلفه تلك الصفوف من الصحب الكرام ما رأوا شيئا. وهذا ايضا من الدلائل العظيمة على كمال قدرة الله سبحانه وتعالى النبي عليه الصلاة والسلام يرى الجنة حقيقة ويتقدم وقال مددت يدي لاخذ عنقودا يرى عناقيد الجنة عنب قال اردت ان اخذ عنقودا من عناقيدها ولو اخذته لاكلتم منه ما بقيت الدنيا وهذا مما يدل ان نعيم الجنة نسأل الله الكريم لنا اجمعين من فظله لا يقارن بنعيم الدنيا فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. عنقود واحد من عناقيد الجنة لو قطفه النبي صلى الله عليه وسلم في مقامه ذلك لاكل منه الناس ما بقيت الدنيا الله اكبر ولهذا يقول ابن عباس رضي الله عنهما ليس في الجنة مما في الدنيا الا الاسماء. عنب رمان الى غير ذلك من النعيم انهار اشجار الى غير ذلك اسماء اما الحقائق فالشيء الذي في الجنة امر اخر الا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعلمون ولهذا عليه الصلاة والسلام رغب في خطبته في صلاة الكسوف رغب في الصلاة في الدعاء في الذكر في العبادة في الصدقة بالالتجاء الى الله بالاعمال التي تقرب من الجنة ثم انه عليه الصلاة والسلام ايضا اخبرهم انه رأى النار رآها بعينه ولهذا ككعكع رجل الى الوراء صلوات الله وسلامه عليه وجاء في بعض الروايات قال عليه الصلاة والسلام خشيت ان يلفحني شيء من حرها. فرجع الى الوراء صلوات الله وسلامه عليه. رأى بعينه ثم يا اخواني يا اخوان اخبر النبي عليه الصلاة والسلام باشياء رآها في النار وكانت خطبته بعد صلاة الخسوف خطبة كما انها اشتملت الحث على الفضائل والاعمال والخيرات ايضا اشتملت في الوقت نفسه على التحذير من الاثام والتحذير من الذنوب وبيان عقوبتها لكن كانت الطريقة التي اشتملت عليها خطبة الكسوف في زمانه عليه الصلاة والسلام في التحذير من من الاثام ولا سيما كبائر الاثام طريقة متميزة عن غيرها من خطب النبي عليه الصلاة والسلام من جهة ماذا؟ من جهة انه عليه الصلاة والسلام خوفهم من الكبائر بان ذكر لهم عليه الصلاة والسلام انه رأى في النار اصحاب ذنوب ورأهم يعذبون بتلك الذنوب وتحديدا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام في خطبته اكبر الكبائر وكل كبيرة ذكر لها مثالا من اشخاص رأهم في النار يعذبون بها ذكر اكبر الكبائر وهي الشرك وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق. والزنا والسرقة هذه الذنوب الكبار. وكان عليه الصلاة والسلام يجمع هذه الذنوب الكبار في غير موضع من احاديث. منها قوله في خطبته عليه الصلاة والسلام يوم النحر في حجة الوداع قال الا انما هن اربع لا تشركوا بالله شيئا ولا تقتلوا النفس حرم الله الا بالحق ولا تزنوا ولا تسنيوا هذه الكبائر الكبار حذر منها عليه الصلاة والسلام في خطبة الكسوف كما قدمت بطريقة تميزت بانه يذكر اشخاصا فعلوا تلك الكبائر فرآهم يعذبون بها اما الشرك فيقول عليه الصلاة والسلام رأيت عمرو ابن عامر الخزاعي يجر قصبة امعاءه امعاء بطنه يجر غصبه في النار فانه اول من سيب السوائل. السوائل هي الابل كانت تسيف في الجاهلية متقربين بتسييبها للاصنام وجاعلين ذلك قربة للاوثان فكان عمرو ابن عامر الخزاعي اول من جلد الشرك الى مكة وعمل على استجلاب الاصنام والاوثان حتى اصبح والعياذ بالله بسبب فعله حول بيت الله الحرام العديد من الاصنام وفي يوم الفتح كسر عليه الصلاة والسلام ثلاث مئة وستين صنم حول الكعبة. وكان يقول وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا فرأى هذا الذي دعا الى الشرك فتح الابواب ابواب الشرك للناس وعلمهم اياه واستجلب الاصنام رآه عليه الصلاة والسلام يجر خصبة اي امعاءه في النار اما القتل وهو من كبائر الذنوب وعظائم الاثام فانظروا تحذيرهم من هذه الجريمة في خطبة الكسوف ماذا قال في تحذيرهم من القتل قال عليه الصلاة والسلام رأيت في النار وهو يصلي في صلاة الكسوف قال رأيت في النار امرأة من بني اسرائيل تعذب في النار في هرة تعذب في النار في هرة يعني في فطة حبستها لا هي اطعمتها ولا هي تركتها تأكل من حشاش الارض فتركتها محبوسة حتى ماتت فاذا كان امرأة عذبت بقتل هرة فكيف بمن يقتل الدماء المعصومة ويقتل المسلمين ويزهق الارواح ويدمر الناس اي جريمة هذه واي عقوبة تترتب على مثل هذا العمل واما الكبيرة الثالثة وهي كبيرة الزنا فان النبي عليه الصلاة والسلام قال في خطبته تلك يا امة محمد والله ما من احد اغير من الله ان يزني عبده او تزني امته. والله لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا فحذر عليه الصلاة والسلام من الزنا اما تحذيره من السرقة فانه يقول عليه الصلاة والسلام رأيت في النار صاحب المحجل الذي يصرخ الحاج معه محجن والمحجن العصا التي في اعلاها عكفه يمسك بها الانسان. فصاحب المحجن هذا كان يمسك محجنة فاذا مر من جواره حاج بدابة وعليها مكان يسحب شيء من مكان تائه بمحزنه ويأخذه. فانتبه له قال انما علق بمحجر. وان لم ينتبه له اخذه وانصرف فرآه عليه الصلاة والسلام يعذب في النار فهذا كله تخويف. ولهذا يا اخوان ينبغي حقيقة ان نتنبه لهذا الامر وان نستفيد من هذه الاية وان تكون سببا لحياة قلوبنا لا اطيل عليكم اسأل الله الكريم ان يوقظ قلوبنا اجمعين وان يذهب عنها غفلتها وان يحيينا مسلمين وان يتوفانا مؤمنين وان يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وان يصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب الله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين