ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وامينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه. فصلوات الله وسلامه عليه وعلى واله وصحبه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى جل في علاه فان من اتقى الله وقاه وارشده الى خير امور دينه ودنياه وتقوى الله جل وعلا عمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وترك لمعصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله ايها المؤمنون عباد الله حق عظيم وواجب جسيم اعلى الله تبارك وتعالى في القرآن قدره ورفع مكانته وشأنه وقرنه سبحانه بحقه انه عباد الله حق الوالدين ويكفي برهانا ودليلا على عظم هذا الحق وجسامتي هذا المطلب ان الله تبارك وتعالى قرنه بحقه في خمس ايات من القرآن الكريم قال الله تعالى واذ اخذنا ميثاق بني اسرائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا وقال الله تعالى قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وقال الله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وقال تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا وقال الله تعالى ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفيصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير عباد الله وبمثل ما جاء به القرآن جاءت سنة النبي عليه الصلاة والسلام ففي الترمذي من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال رضا الوالد من رضا الله وسخط الوالد من سخط الله وجاء في الصحيحين عدوا بر الوالدين في اعظم القرب وجلائل الطاعات وكبير القربات ففي الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم اي العمل احب الى الله قال الصلاة لوقتها قلت ثم اي قال بر الوالدين قلت ثم اي قال الجهاد في سبيل الله وكما ان النبي عليه الصلاة والسلام قرن في هذا الحديث بر الوالدين بالصلاة التي هي عماد الدين واعظم اركانه بعد الشهادتين فانه قد صح عنه عليه الصلاة والسلام انه قرن ضد بر الوالدين وهو العقوق بضد توحيد الله تبارك وتعالى وهو الاشراك ففي الصحيح من حديث ابي بكرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الا انبئكم باكبر الكبائر قلنا بلى يا رسول الله قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس ثم قال الا وقول الزور الا وشهادة الزور وما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت ايها المؤمنون عباد الله وعندما امر ربنا جل في علاه ببر الوالدين والاحسان اليهما اطلق الامر وعمم ليتناول كل بر واحسان قولي او فعلي بل ان هذا الاطلاق يدل على ان للوالدين من البر اوفى ومن الاحسان اعلاه كيف لا ومقاموهما مقام عظيم وحقهما حق جسيم ولهذا كان للوالدين من حسن الصحبة وطيب المعاملة وجمال الحديث ورعاية الحقوق ما ليس لغيرهما بل ان له ما في ذلك الحق المقدم والنصيب الاوفى ففي الصحيح من حديث ابي هريرة ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال من احق الناس بحسن صحابتي قال امك قال ثم من قال امك قال ثم من قال امك قال ثم من قال ابوك فتأمل رعاك الله كيف جعل عليه الصلاة والسلام حق حسن المصاحبة وجميل المعاملة وطيب الحديث جعل للوالدين الحق الاعلى والنصيب الاوفى ومن الناس عباد الله من اذا لقي الاصحاب وجالس الزملاء والرفقاء تخير لهم من الحديث اعذبه ومن الخلق اطيبه ومن الادب ارفعه واذا التقى بوالديه او باحدهما لم يقدم لهما شيئا من ذلك بل انهما ربما عند بعض الناس في اخر القائمة واخر المستحقين وهذا عباد الله من تمام اللؤم وسوء الطبع وشناعة انفعال وانتكاس في اداء الحقوق والواجبات عباد الله واذا كان الله عز وجل في كتابه العظيم امر برعاية هذا الحق اعني المصاحبة بالمعروف للوالدين حال كفرهما بالله ودعوتهما لابنهما بلا الاشراك بالله كما في قوله سبحانه وتعالى وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا امر بمصاحبتهما بالمعروف مع هذه الحال حال الكفر بالله ودعوة الابن الى الاشراك بالله فكيف عباد الله اذا كان الابوان مؤمنين صالحين عابدين متقيين لله تبارك وتعالى لا شك ان المقام ارفع والامر اعظم والواجب اكبر عباد الله ومن يتأمل احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة في هذا الباب يدرك علو شأن هذا الواجب ورفعة مقامه جاء في سنن ابي داوود ان رجلا اتى مهاجرا الى نبي الله صلوات الله وسلامه عليه وقال جئت ابايعك على الهجرة وتركت ابواي يبكيان فقال عليه الصلاة والسلام ارجع اليهما فاضحكهما كما تركتهما يبكيان وتأمل هذا رجل جاء مهاجرا الى النبي عليه الصلاة والسلام وهذه الهجرة تعني ملازمة سيد الخلق ومرافقة امام الاولين والاخرين. صلوات الله وسلامه عليه. فامره بالعود الى والديه وان يضحكهما وقال للاخر الذي جاء الى النبي عليه الصلاة والسلام ليجاهد في سبيل الله فقال له عليه الصلاة والسلام الك ابوان؟ قال نعم. قال ففيهما فجاهد فعدى عليه الصلاة والسلام بر الوالدين والاحسان اليهما ضربا من دروب الجهاد في سبيل الله ايها المؤمنون عباد الله ويتأكد هذا الحق العظيم والعناية العظمى بالوالدين حال كبرهما وضعف قواهما ووهاء ابدانهما وضعف ابصارهما وقلة حيلتهما فالمقام مقام البر في هذا الموضع اعظم واكبر وتأمل في ذلك قول الله تبارك وتعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا وجاء في الصحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال رغم انف ثم رغم انف ثم رغم انف قيل من يا رسول الله قال من ادرك ابويه على الكبر احدهما او كليهما فلم يدخل الجنة انه حرمان ما اشنعه وخسران ما افظعه ان يدرك المرء والديه احدهما او كليهما على الكبر فلا يقوم لهما بحق ولا يرعى لهما بواجب ويكون عياذا بالله عاقا لهما مسيئا اليهما ايها المؤمنون عباد الله ومن احسن لوالديه رعاية للحقوق وقياما بالواجبات احسن الله اليه في دنياه واخراه هل جزاء الاحسان الا الاحسان وكما تدين تدان ومن كان عاقا لوالديه مسيئا اليهما فان عاقبته الخسران ومآله ونهايته الى الحرمان واذا كان ابواك قد بلغ هذا العمر المديد فانك ان فسح الله في اجلك وامد في عمرك ستبلغ من العمر ما بلغه ابواك ايها المؤمنون عباد الله ويعين على البر امران عظيم ان ومقامان جسيمان اذا استحضرهما المرء كانا اكبر عون له على بره بوالديه اما الاول فهو ان يتذكر الجميل السابق والاحسان المتواصل من الوالدين ولا سيما الام ليتذكر الحمل وشدته والوضع وشدته والرضاعة وشدته وليتذكر احوال امه معه ليتذكر ذلك كله وقد قال الله تعالى حملته امه وهنا على وهن والامر الثاني ان يتذكر وقوفه بين يدي الله وان الله تبارك وتعالى سائله عن هذا الحق العظيم والمطلب الجسيم وقد جمع بين هذين الامرين الذين هما اكبر عون للمرء اذا تأمل على البر بوالديه في قوله تعالى ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله وفي عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير اسأل الله جل في علاه باسمائه الحسنى وصفاته العليا وبانه الله لا اله الا هو ان يشرح صدورنا اجمعين لبر الوالدين اللهم اجعلنا بارين بوالدينا اللهم وفقنا للاحسان اليهما اللهم واعذنا من العقوق والقطيعة يا ذا الجلال والاكرام واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. اقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم. ولسائر من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم. انه هو الغفور الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى وراقبوه سبحانه مراقبة من يعلم ان ربه يسمعه ويراه ايها المؤمنون عباد الله ان بر الوالدين قربة من اعظم القرب وطاعة من عظيم الطاعات وهو من كمال الايمان وحسن الاسلام ومن اعظم الامور المقربة الى الملك العلام سبحانه حتى ان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال في هذا المقام لا اعلم عملا اقرب الى الله تبارك وتعالى منبر الوالدة. والاحاديث في هذا والاثار كثيرة جدا ايها المؤمنون عباد الله ولا ينتهي بر الوالدين بوفاتهما او وفاة احدهما. فان وفاة الوالد او وفاة الوالدة لا عن انتهاء البر وانقطاعه. بل لا يزال الباب مفتوحا والمجال مفسوحا للبر بالوالدين بعد الوفاة. لا سيما بالاكثار من الدعاء لهما والاستغفار والصدقة عنهما والحج والاعتمار. وكذلك صلة ودهما واقاربهم بهما ومن يحبون وكذلك انفاذ وصيتهما. واداء دينهما ورعاية ما تبقى من حقوقهما فكل ذلكم من مجالات البر المتاحة والمهيئة للبر بالوالدين بعد الوفاة وفي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث علم به او صدقة جارية او ولد صالح يدعو له. ايها المؤمنون عباد الله اعلموا ان اصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم. وشر الامور محدثاتها وكل محدثة وكل بدعة ضلالة وعليكم بالجماعة فان يد الله على الجماعة. وصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد عبد الله كما امركم الله بذلك في كتابه فقال ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا على وسلموا تسليما. وقال صلى الله عليه وسلم من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين ائمة المهديين ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وارضى اللهم عن الصحابة اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم احسان الى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك واحسانك يا اكرم الاكرمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين واذلة الشرك والمشركين ودمر اعداء الدين. اللهم انصر من نصر دينك وكتابك. وسنة نبيك محمد صلى الله عليه اللهم يا ربنا ويا سيدنا ومولانا يا رب العالمين. اللهم انصر اخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان اللهم انصرهم في ارض الشام وفي كل مكان. اللهم كن لهم ناصرا ومعينا. وحافظا ومؤيدا. اللهم امن روعاتهم واستر عوراتهم. اللهم احفظهم من بين ايديهم ومن خلفهم. وعن ايمانهم وعن شمائلهم. اللهم واحفظهم بما تحفظ به عبادك صالحين. اللهم وعليك باعداء الدين فانهم لا يعجزونك. اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين الموفق ولي امرنا لهداك واجعل عمله في رضاك واعنه على طاعتك وسدده في اقواله واعماله يا رب العالمين. اللهم على المسلمين خيارهم واصرف عنهم شرارهم يا رب العالمين. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها اتى وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى. اللهم اصلح ذات بيننا والف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام واخرجنا من الظلمات الى النور. اللهم واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله اوله واخره سره وعلنا. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. ربنا انا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون