ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وامينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه. فصلوات الله وسلامه عليه. وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى فان من اتقى الله وقاه وارشده الى خير امور دينه ودنياه وفي تقوى الله عز وجل خلف من كل شيء وليس من تقوى الله خلف ايها المؤمنون عباد الله تعد مرحلة الشباب مرحلة خطيرة غاية الخطورة في مراحل المرء والطباق التي يركبها طبقا من بعد طبق والمذكورة اجمالا في قول الله عز وجل لتركبن طبقا عن طبق وتفصيلا في قوله سبحانه يا ايها الناس ان كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء الى اجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا وتأتي هذه المرحلة مرحلة الشباب بين ضعفين يمر بهما المرء في مراحله الا وهي مرحلة ضعف الطفولة ومن ثم ضعف الشيخوخة قد قال الله سبحانه وتعالى الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة. يخلق ما يشاء ومرحلة القوة هي مرحلة الشباب مرحلة بلوغ اشد وهي مرحلة خطيرة جدا ولهذا ينبغي على كل شاب ان يرعى لهذه المرحلة مكانتها وان يدرك خطورتها وان يذم نفسه فيها بزمام الشرع فان الشباب في الغالب يصحبه سفه وطيش واندفاع وعجلة فاذا لم يروغ الشاب نفسه بصحبة الشيوخ وملازمة العقلاء واستشارة اهل الحلم والالباب. والا فانه يهلك نفسه غاية الهلكة في شبابه وكم من شاب وشاب بسبب طيش الشباب وسفهه وعجلته اهلك نفسه وغيره ولهذا جاءت النصوص منبهة على خطورة هذه المرحلة وعظم شأنها ووجوب اغتنامها والحذر من اضاعتها والتفريط فيها. فقد روى الحاكم في مستدركه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناءك قبل فقرك. وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك وقدم في الذكر مرحلة الشباب حاثا على اغتنامها وعدم اضاعتها بل اخبر عليه الصلاة والسلام في حديث اخر ان المرء يوم القيامة اذا وقف بين يدي الله جل في علاه فانه يسأل عن عمره كله ويسأل ايضا سؤالا خاصا عن مرحلة الشباب فقد روى الترمذي في جامعه من حديث ابن مسعود رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزول قدم امرئ بين يدي الله يوم القيامة حتى يسأل عن خمس عن شبابه فيما ابلاه وعن عمره فيما افناه وعن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه؟ وماذا عمل فيما علم وبدأ بالشباب وان المرء يسأل عن هذه المرحلة سؤالا خاصا يوم القيامة مع انه داخل في العمر فمن سئل عن عمره فيما افناه؟ فشبابه داخل في عمره. الا انه لعظم خطورة هذه المرحلة وعظم اهميتها فان المرء يسأل عنها يوم القيامة سؤالا خاصا والواجب على العاقل وقد ادرك انه يسأل عن هذه المرحلة ان يعد للسؤال جوابا وان يكون الجواب صوابا لينجو في ذلك اليوم العظيم ايها المؤمنون عباد الله والشباب في هذا الزمان مستهدفون غاية استهداف في عقولهم وافكارهم. واخلاقهم بل وفي دينهم استهدافا عظيما وقد تكالبت الشرور على الشباب من كل حدب وصوب عبر وسائل توفرت في هذا الزمن. لم يكن لها وجود في زمان سابق فاصبح الشاب من خلال هذه الاجهزة وعبر تلك الوسائل يخترق في فكره وفي عقله وفي ادبه وفي دينه واذا لم يذم الشاب نفسه بزمام الشرع محصنا نفسه بحسن الصلة بالله وتمام التوكل عليه جل في علاه والمحافظة على واجبات الشريعة وفرائض الدين والبعد عن اسباب الهلاك وموجبات الردى فانه يتخطف من حيث يشعر او لا يشعر ايها المؤمنون عباد الله ان الامر جد خطير والخطب جسيم للغاية فما اعظم ما اصاب كثيرا من الشباب من غزو في افكارهم وعقولهم واخلاقهم واديانهم مما يوجب حصانة عظيمة وعملا دؤوبا وتوقيا من هذه الشرور. ولا عاصم من ذلك كله الا الله جل في ايها المؤمنون عباد الله وتدور هذه الشرور التي تعصف بالشباب على امرين خطيرين وجانبين عظيمين يغزى من خلالهما الشباب جانب الشهوة وجانب الشبهة اما جانب الشهوة فقد انبرى في هذا المقام ارباب الشهوات والفساد الى غزو الشباب والجنوح فيهم الى مهاوي الرذيلة ومواطن الفساد ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما واما جانب الشبهة فان الشاب يغزى فيه من قبل ارباب الفكر المنحرف الملوث بالغلو والجنوح في دين الله عز وجل وتجاوز حدود الشرع بامور تنسب الى الدين والدين منها براء فكم وقع من شاب في محاضن هذه الافكار فاهلك نفسه واهلك غيره في جرائم كبيرة وشنائع عظيمة والمصيبة العظمى ان من لا علم عنده ولا فهم ينسبها الى دين الله والدين منها براء ايها المؤمنون عباد الله لنتقي الله جل في علاه في انفسنا ولنراقبه سبحانه مراقبة من يعلم ان ربه يسمعه ويراه ولنعمل على صلاح انفسنا وليعمل الشاب على صيانة شبابه وحفظه من هذه الشرور بالحفاظ على دين الله والثبات على الاستقامة ومجانبة طرائق الفساد. وابواب الشر مستعينا بالله جل في علاه. متوكلا عليه وحده. طالبا مده وعونه وتوفيقه فلا حافظ الا الله نسأله سبحانه ان يحفظ شبابنا وان يعيدهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وان يجعلهم عزا لامتهم. وفلاحا في مستقبلهم ونصرة لدينهم. وان يعيدهم من الشرور والفساد. انه جل وعلا سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل الحمد لله كثيرا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى وراقبوه جل وعلا في السر والعلانية. والغيب والشهادة ايها الشاب الموفق هذه وصايا انصحك بها نصيحة محب مشفق ان اخذت بها كانت موجبة لنجاتك وسببا لفلاحك وسعادتك في دنياك واخراك عليك ايها الشاب ان تعمل على صيانة شبابك وحفظه بان تتجنب الشرور والفساد بانواعه. مستعينا في ذلك بالله متوكلا عليه وحده جل في علاه وكل باب او مدخل او طريق يفضي بك الى شر او فساد. فاجتنبه واحذره غاية الحذر وعليك ايها الشاب ان تكون محافظا تمام المحافظة على فرائض الاسلام وواجبات الدين ولا سيما الصلاة. فان الصلاة قسمة لك من الشر. وامنة لك من الباطل. فان الصلاة معونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل وعليك ايها الشاب ان تكون قريبا من اهل العلم واكابر اهل الفضل تستمع الى اقوالهم وتسترشد بفتاواهم وتنتفع بعلومهم. وتستشيرهم فيما ما همك وعليك ايها الشاب ان تكون محققا ما اوجبه الله عليك. من سمع وطاعة لولي امره فان في ذلك النجاة واما الطرائق القائمة على الافتيات على ولاة الامر والخروج عن الجماعة ونزع اليد من الطاعة. لا تفضي باهلها الى الشرور والهلكة. وعليك ايها الشاب ان تعمل في ايامك ولياليك على تحصين نفسك بذكر الله جل وعلا. وان تكون مواظبا على الاذكار الموظفة في الصباح والمساء. وادبار الصلوات. والدخول والركوب ونحو ذلك. فان ذكر الله عز وجل عصمة من الشيطان لصاحبه من الضر والبلاء وعليك ايها الشاب ان يكون لك ورد يومي مع كتاب الله ليطمئن قلبك فان كتاب الله عز وجل طمأنينة للقلوب وسعادة لها في الدنيا والاخرة الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله. الا بذكر الله تطمئن القلوب وعليك ايها الشاب ان تكثر من دعاء الله عز وجل. ان يثبت على الحق والهدى وان يعيذك من الشر والردى. فان الدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والاخرة. وعليك ايها الشاب ان تكون حريصا على مرافقة ومصاحبة الابرار. وان تجتنب اهل الشر والفساد. فان في صحبة اهل الشر انعطب واسأل الله عز وجل ان يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين وصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبدالله. كما امركم الله بذلك في كتابه فقال ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقال صلى الله عليه وسلم من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد. كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الائمة المهديين ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وارض اللهم عن الصحابة اجمعين. وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وعنا معهم بمنك وكرمك واحسانك يا اكرم الاكرمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم انصر ان نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم احفظ اخواننا مسلمين المستضعفين في كل مكان. اللهم كن لهم ناصرا ومعينا. وحافظا ومؤيدا اللهم وعليك باعداء الدين فانهم لا يعجزونك. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة اللهم وفق ولي امرنا لهداك. واجعل عمله في رضاك. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. ربنا انا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين