ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده حتى اتاه اليقين فما ترك خيرا الا دل الامة عليه. ولا شرا الا حذرها منه فصلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله ربكم وراقبوه جل في علاه في جميع اعمالكم مراقبة من يعلم ان ربه يسمعه ويراه ايها المؤمنون لقد جاءت شريعة الاسلام المباركة بتحريم الدماء المعصومة وجاءت في هذا الباب باشد التحذير واعظمه والوعيد الشديد لمنتهك هذه الحرمة والمعتدي على الدماء. ولقد جاءت السنة في هذا الباب باحاديث كثيرة تدل على خطورة الامر وعظمه ويجب على كل مسلم ان يعي خطورة هذا الامر وان يتحقق من نفسه ان يكون خروجه من هذه الدنيا سليما معافى من ان يكون له يد في دماء المسلمين ولا ايظا مشاركة بتحريض او تأييد او تمالؤ مع اهل الضلال والباطل فان المتمالئ مع اهل الضلال له نصيب من فعلتهم وان لم يشارك معهم بيده فان الذي باشر قتل الناقة من قوم صالح عليه السلام اشقى القوم لكن الله عز وجل وصف الجميع بقوله فعقروها وعمت العقوبة الجميع ايها المؤمنون ومن كان له حظ من الاسلام ولو نزرا قليلا وقدرا يسيرا فان دمه محرم ومعصوم جاءت الشريعة بتحريمه بل حتى ولو لم يكن له في الاسلام. الا قول اسلمت فان له في دمه هذا التحريم. وان كان صنع ما صنع قبل ان يقول هذه الكلمة ولنتأمل يا معاشر المؤمنين في هذا الباب ثلاثة قصص عظيمة جاءت في سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فيها موعظة وعبرة ومزدجر الاولى جاء في الصحيحين عن المقداد ابن الاسود رضي الله عنه قال يا رسول الله ارأيت ان لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فقطع يدي بسيفه ثم لاذ مني بشجرة فقال اسلمت لله ااقتله يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتله بعد ان قالها قلت يا رسول الله قد قطع يدي وانما قالها بعد ان قطع يدي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتل فان قتلته بعد ان قالها فانه بمنزلتك قبل ان تقتله وانك بمنزلته قبل ان يقولها والقصة الثانية عباد الله جاءت في صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه الى بني جديمة فلم يحسنوا ان يقولوا اسلمنا فقالوا صبأنا صبأنا فجعل خالد رضي الله عنه يقتل فيهم ويأسر ثم دفع الى كل واحد اسيرة فامره ان يقتله فقال ابن عمر والله لا اقتل اسيري ولا يقتل واحد من اصحاب اسيرة قال فلما اتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرنا له ذلك فقال صلى الله عليه وسلم اللهم اني ابرأ اليك مما صنع خالد قال ذلك مرتين صلوات الله وسلامه عليه فانظر يا عبد الله الاول في القصة الاولى ليس له من الاسلام الا اسلمت لله والاخرون في القصة الثانية ليس لهم الا كلمة صبأنا صبأنا لم يحسنوا ان يقولوا واسلمنا فتبرأ النبي عليه الصلاة والسلام من صنيع خالد رضي الله عنه فيهم عباد الله والقصة الثالثة وهي قصة عظيمة قد رواها البخاري ومسلم. في صحيحيهما عن اسامة بن زيد رضي الله عنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحرقة فصبحناهم فهزمناهم ففر رجل منهم فادركته انا ورجل من الانصار حتى تمكنا منه وجاء في بعض الاحاديث ان ذلك الرجل كانت منه في تلك المعركة نكاية بالمسلمين وشدة في قتلهم وكان لا يريد احدا منهم الا اصابه قال فادركته فقال لا اله الا الله فكف عنه الانصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اقتلته بعد ان قال لا اله الا الله فقلت يا رسول الله انما قالها متعوذا فما كان يزيد صلى الله عليه وسلم على ان يقول له اقتلته بعد ان قال لا اله الا الله وجاء في رواية للحديث في صحيح مسلم ان اسامة رضي الله عنه قال يا رسول الله انما قالها خوفا من السلاح فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم افلا شققت عن قلبه؟ اي ان الذي لنا انما هو الظاهر ورب العالمين جل في علاه يتولى البواطن والسرائر فان كان قالها نفاقا او قالها تعودا او لغير ذلك من الاغراض فامره الى الله وليس لنا الا الظاهر. واما سرائر العباد وبواطنهم. فامرها الى الله عز وجل الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور وقد جاء في حديث اخر في القصة نفسها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له كيف تصنع بلا اله الا الله؟ اذا جاءت يوم القيامة قال قلت يا رسول الله استغفر لي. قال كيف تصنع بلا اله الا الله؟ اذا جاءت يوم القيامة فما كان عليه الصلاة والسلام يزيده على ان يقول له كيف تصنع بلا اله الا الله اذا جاءت يوم القيامة ايها المؤمنون ولقد نفع الله عز وجل اسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه رضي الله عنهما نفعا عظيما ولهذا جاء في بعض الروايات ان اسامة قال يا رسول الله ان لله علي عهدا الا اقتل من يقول لا اله الا الله ابدا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدي يا اسامة قلت بعدك يا رسول الله ولهذا لما وقعت الفتنة في زمن علي رضي الله عنه بين علي ومعاوية اعتزل اسامة وكان من الصحابة الذين اعتزلوا الفتنة رضي الله عنهم اجمعين وجاء في بعض الاخبار ان عليا رضي الله عنه لقي اسامة في ذلك الوقت وقال له يا اسامة انا كنا نعدك من انفسنا فما لك لا تدخل معنا فقال يا ابا الحسن والله لو رأيتك ممسكا باحدى مشفري الاسد لامسكت بمشفره الاخر حتى ننجو جميعا او نهلك جميعا قال واما هذا الامر الذي انت فيه. فوالله لا ادخل فيه ابدا عباد الله فماذا يصنع اقوام في زماننا هذا جهلوا دين الله عز وجل وشرعا. فكانوا في منأى بعيد. عن الفقه في دين الله وفي بعد شديد عن اهل العلم والدراية بشرع الله سبحانه وتعالى. ثم يتجرأون جرأة عظيمة على دماء المسلمين اراقة لها بل حتى في المساجد وعند ابواب المساجد. بل الى قرب مسجد رسول الله. صلى الله عليه وسلم فماذا يصنع هؤلاء البغاة الظالمون المعتدون بلا اله الا الله يوم القيامة يوم قتلوا من قتلوا من اهل الاسلام واهل الدين ممن نشأوا على دين الله وولدوا في الاسلام ونشأوا على الاسلام ماذا يصنع هؤلاء بلا اله الا الله يوم القيامة في دماء كثيرة اراقوها دون خوف من الله عز وجل ودون تفكر في العواقب الوخيمة والمآلات العظيمة التي يجنونها ويجرونها على انفسهم بفعائلهم الشنيعة ايها المؤمنون عباد الله ان الواجب على كل مسلم ان يتقي الله عز وجل وان يدرك خطورة هذا الامر. وانه ليس بالامر الهين فلا يكون له ادنى مشاركة في مثل هذه الشنائع العظائم لا بقول او تأييد او حتى محبة ورضا بقلبه نسأل الله عز وجل باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يعيد المسلمين اجمعين اينما كانوا. من الفتن ما ظهر منها وما ما بطن انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل الحمدلله كثيرا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه. وعلى اله صحبه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله تعالى عباد الله كتب رجل الى عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ان اكتب لي بالعلم كله فكتب اليه عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما ان العلم كثير ولكن ان استطعت ان تلقى الله يوم القيامة خفيف الظهر من دماء المسلمين خميص البطن من اموالهم كاف اللسان عن اعراضهم ملازما لجماعتهم فافعل ما اعظمها من وصية جمعت فقها عظيما وخيرا عميما واعلموا رعاكم الله ان اصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم شر الامور محدثاتها وكل بدعة وكل بدعة ضلالة. وعليكم بالجماعة فان يد الله على الجماعة وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبدالله. كما امركم الله بذلك في كتابه فقال ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. وقال صلى الله عليه وسلم من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم انصر من نصر دينك. اللهم ايد من نصر دينك. اللهم احفظ من نصر اللهم اعد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا. اللهم وفق ولي امرنا لهداك. اللهم اتي نفوسنا تقواهم وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين المسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين