ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وادى الامانة ونصاح الامة وجاهد في الله حق جهاده حتى اتاه اليقين فما ترك خيرا الا دل الامة عليه ولا شرا الا حذرها منه فصلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى وامتثلوا امره واجتنبوا نهيه وجاهدوا انفسكم على لزوم طاعته ففي هذا سعادة المرء في دنياه واخراه ايها المؤمنون هذه وقفة مع اول ذنب عصي الله به ذنب خطه ابليس وخطاه وسنه لاتباعه وراضيه لهم واوقعهم في المهالك العظيمة والمعاطي بالجسيمة بهذا الذنب الوخيم الا وهو عباد الله الكبر فما اشنعه من ذنب وما اعظمه من معصية يجب على عبد الله المؤمن ان يكون على حذر شديد من هذا الذنب لانه ذنب يوقع في ذنوب وشر يجر الى شرور ايها المؤمنون وهذا الذنب الوخيم هو سنة سنها ابليس بدأها بنفسه وجعلها سنة لاتباعه وجد واجتهد في ايقاع الناس فيها قال الله تعالى واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين وقال الله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك الا تسجد اذ امرتك قال خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها فاخرج انك من الصاغرين. قال انظرني الى يوم يبعثون قال انك من المنظرين قال فبما اغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ان ولا تجد اكثرهم شاكرين قال اخرج منها مذئوما مدحورا لمن تبعك منهم لاملأن جهنم منكم اجمعين وحاصروا هذه الايات في اوائل سورة الاعراف ان هذه الخصلة خصلة كبر سنة سنها ابليس ثم بعد ذلك بعد ان كانت سببا في اهباطه وسفله جد واجتهد في ان يكفر من اتباعه في هذه السنة ونصب لهذا الانسان انواعا من الحبائل والمصائد حتى يجعله من به في هذا الكبر ولهذا عباد الله من يتكبر من الناس فاستاذه الشيطان وقدوته ابليس نعوذ بالله جل في علاه من ان نكون من المتكبرين او ان يكون فينا مثقال ذرة من كبر ايها المؤمنون والكبر يتلخص في امرين رد الحق وعدم قبوله والتعالي على الناس وازدراؤهم وانتقاصهم روى الامام مسلم في صحيحه عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي عليه الصلاة والسلام قال لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبر بطر الحق وغمط الناس وبطر الحق رده وعدم قبوله والتعالي عليه وغمط الناس ازدراؤهم واحتقارهم وانتقاصهم وجاء في الادب المفرد بسند حسن قيل يا رسول الله هذا الشرك قد عرفناه فما الكبر هو ان يكون باحدنا حلة يلبسها؟ قال لا قيل ان يكون لاحدنا نعلان فيهما شراكان حسنان قال لا قيل ان يكون لاحدنا دابة يركبها؟ قال لا. قيل ان يكون له اصحاب يجلس قال لا قالوا فما الكبر قال سفه الحق وغمص الناس فبهذين الامرين معاشر العباد يتلخص الكبر ان يكون المرء رادا للحق غير قابل له حتى لو كان في اقل القليل ولهذا جاء في الحديث في صحيح مسلم ان رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم اكل بشماله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل بيمينك. قال لا استطيع قال النبي عليه الصلاة والسلام ما منعه الا الكبر. فما رفعها الى فيه فانظر كيف يصنع الكبر بصاحبه وكيف انه يجعله رادا للحق غير قابل له ممتنع من قبوله ولهذا فكم من امور واثام وذنوب تولدت عن الكبر ونجمت عنه بل لم يقع فيها صاحبها الا بسبب ما قام في قلبه من كبر وقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المتقدم لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ما يدل على ان الكبر خصلة تقوم في القلب ثم من بعد ذلك تظهر على الجوارح اثارها واثارها كما تقدم تتلخص في رد الحق وغمط الناس ازدراء لهم وتعاليا عليهم ورؤية نفسه فوقهم عاليا والجزاء من جنس العمل والعقوبة من جنس الذنب ولهذا جاء في الترمذي بسند ثابت ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يحشر المتكبرون يوم القيامة على امثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان ايها المؤمنون لنتعوذ بالله من الكبر. ولنجاهد انفسنا على السلامة منه والحذر من الوقوع فيه فان عواقبه على صاحبه في دنياه واخراه وخيماه اصلح الله شأننا اجمعين وهدانا اليه صراطا مستقيما اقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم انه هو الغفور الرحيم الحمد لله كثيرا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد ايها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى عباد الله ويعين المسلم على الخلاص من الكبر اعانة تامة امران عظيمان فاما الاول فهو ان يعرف ربه سبحانه وتعالى بعظمته وجلاله وعزه وكبريائه ان يعرف ربه عز وجل بنعوت الجلال وصفات العظمة والكبرياء والكمال سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة والكبرياء صفة الله عز وجل خاصة بجلاله وكماله وعظمته ولهذا جاء في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى الكبرياء ردائي والعظمة ازاري فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار واما الثاني عباد الله فان يعرف الانسان نفسه وكيف نشأ وما هي اطوار خلقه وكيف انه عبد ذليل ومخلوق ضعيف فينظر كيف انه كان قبل لم يكن شيئا مذكورا ثم خلق من تراب من طين لازب ثم من نطفة من ماء مهين ثم كان علقة ثم مضغة ثم تطور في هذا الخلق الى ان اصبح سميعا بصيرا ذا عقل يتحرك ويتكلم وكل ذلك بمن الله ومده جل في علاه فاذا نظر الانسان في هذه الاطوار عرف نفسه والى هذا المعنى الاشارة في قول الله تعالى قتل الانسان ما اكثره من اي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم اماته فاقبره ثم اذا شاء انشره فعلام الكبر وهذه الحال اصلح الله احوالنا اجمعين واعاذنا من الكبر وسبيل المتكبرين. ورزقنا التواضع للخلق. ولزوم الحق واتباعه واعاذنا من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. وصلوا وسلموا رعاكم الله. على محمد بن عبد الله كما امركم الله بذلك في كتابه فقال ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقال صلى الله عليه وسلم من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وارض اللهم عن الصحابة اجمعين اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وعنا معهم بمنك و واحسانك يا اكرم الاكرمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب اللهم وفق ولي امرنا لهداك واعنه على طاعتك. اللهم يا ربنا وفقه وولي عهده لما تحبه وترضاه من سديد الاقوال وصالح الاعمال. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى. ربنا انا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين