بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين احمده سبحانه وتعالى بمحامده الذي هو لها اهل واثني عليه الخير كله لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. كما يحب ربنا ويرضى ملء سماواته وملء ارضه وملء ما شاء من شيء بعد احمده على نعمه الكثيرة والاءه الوفيرة وعطاياه الجمة له الحمد كله وله الفضل كله واليه يرجع الامر كله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اله الاولين والاخرين وقيوم السماوات والاراضين وخالق الخلق اجمعين واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وامينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه وصلوات الله وسلامه عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فان الحديث عن ذكر الله عز وجل حديث يتعلق باهم الامور واعظمها واجلها واولاها بالعناية والاهتمام اذ هو يتعلق بذكر الله العظيم ذكر رب السماوات والارض رب العالمين ذكر خالق الخلق وبارئ البرية وموجد الناس اجمعين ذكر القائل سبحانه هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم ان ذكر الله جل وعلا هو خير ما عمرت به الاوقات وانفقت فيه الانفاس وامضيت فيه الساعات بذكر الله جل وعلا تطمئن قلوب المؤمنين وتسكن نفوسهم ويعظم يقينهم ويزداد ايمانهم وتقوى صلتهم بربهم وهو عنوان السعادة وسبيل الفلاح في الدنيا والاخرة بل ان كل خير وسعادة وانس وراحة وطمأنينة في الدنيا والاخرة متوقف على تحقيقه بل ان الشرائع كلها والطاعات جميعها انما شرعت لاقامة ذكر الله عز وجل فما شرع الله عز وجل لعباده الصلاة والصيام والحج وغير ذلك من الطاعات الا لاقامة ذكر الله ولهذا ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان رجلا سأله اي الصائمين اعظم اجرا قال اكثرهم لله ذكرا ثم ذكر الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اكثرهم لله ذكرا فقال ابو بكر لعمر يا ابا حفص ذهب الذاكرون بكل خير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجل. رواه احمد فالذاكرون هم الحقيقون بالاجور العظيمة والدرجات الرفيعة والمنازل العالية في الجنة لان ذكر الله هو رح القلوب وحياتها وسبب زكاتها وقوتها ويترتب عليه من الاجور العظيمة والخيرات العميمة في الدنيا والاخرة ما لا يحصي عده الا الله جل وعلا وفي الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله. خرجه الامام احمد وغيره وله سبب وهو ان رجلا كما قال عبد الله ابن بسر رضي الله عنه راوي الحديث اتى النبي عليه الصلاة والسلام وقال له يا رسول الله ان شرائع الاسلام قد كثرت علي فاخبرني بشيء اتشبث به وفي لفظ ان شرائع الاسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع هكذا طلب من النبي عليه الصلاة والسلام قال شرائع الاسلام قد كثرت اي تعددت علي فاريد بابا من الخير جامعا اتمسك به فقال عليه الصلاة والسلام لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله فهذا السائل كان يريد بابا جامعا من الخير يتمسك به فارشده النبي صلى الله عليه وسلم الناصح الامين الى ذكر الله جل وعلا وهنا تأمل اخي الكريم توجيه النبي عليه الصلاة والسلام لهذا الذي كثرت عليه شرائع الاسلام وتعددت وتنوعت فاراد امرا جامعا يتمسك به تتحقق به سعادته يحصل به خيري الدنيا والاخرة فارشده صلى الله عليه وسلم الى عمل هو من ايسر الاعمال مؤنة واخفها تطبيقا ويترتب عليه من الاجور العظيمة والخيرات الكثيرة ما لا يترتب على سواه لان الذكر وان كثر وتعدد فهو من اخف الاعمال وايسرها ولا يتطلب من صاحبه مجهودا كبيرا لان حركة اللسان بذكر الرحمن لا تشق على الانسان ولا تكلفه ولا يحصل له بسببها تعب وجهد بل يحصل له بذلك الطمأنينة والراحة وسكون القلب ويتحقق له بذلك الفلاح والسعادة وعمل اللسان عندما يقارن باعمال الجوارح كالصلاة والمشي الى المساجد والوضوء والحج والصيام وغير ذلك نجد ان هذه الاعمال ربما يكون فيها شيء من المشقة وقد تكون ايضا المشقة نسبية من شخص لاخر اما ذكر الله جل وعلا فلناس كلهم الصغير والكبير والصحيح والمريض والذكر والانثى لا يكلف احدا شيئا ويستطيع العبد ان يحرك لسانه بهذا الخير مسبحا لله حامدا له ذاكرا مثنيا عليه دون ان يحصل له مشقة وتعب وينال اجورا عظيمة وخيرات وفيرة في الدنيا والاخرة لا يحصيها الا الله سبحانه وتعالى ولهذا قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين كلمتان خفيفتان على اللسان اول ما بدأ في هذا الحديث ارشد الى هذا خفة الذكر على اللسان ويسره وسهولته وانه لا يكلف صاحبه تعبا او مشقة وماذا ايضا؟ قال ثقيلتان في الميزان حبيبتان الى الرحمن الذكر حبيب الى الله ووزنه ثقيل عنده ثم ذكر الكلمتين سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم فذكر الله خفيف على لسان من اعانه الله وامده تبارك وتعالى بتوفيقه اما من خذله الله والعياذ بالله فان ذكر الله يشق عليه ويصعب ولا يستطيع ان يذكر الله بل يجد في ذلك مشقة وتعبا وربما تبرم وحصل له ملل وسآمة من الذكر وهذا من علامة الخذلان ودليل الحرمان ذكر الله جل وعلا باب جامع للخير ينبغي على كل مسلم ان يتمسك به وان يتشبث به وان يكون من اهله وكم في نصوص الكتاب والسنة من النصوص في الحث على الذكر وتفضيله وبيان عظيم اجره وما اعده الله تبارك وتعالى للذاكرين وما يترتب على الذكر من الفوائد العظيمة والثمرات الكريمة والخيرات الجزيلة في الدنيا والاخرة مما يدل على عظم شأن هذه الطاعة وجلالة قدرها ورفيع مكانتها عند الله تبارك وتعالى وللامام العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله في هذا الباب رسالة فريدة لم يكتب فيما اعلم على منوالها مثلها عظيمة الشأن متداولة بين اهل العلم وطلابه اسماها رحمه الله الوابل الصيب من الكلم الطيب والوابل الصيب هو المطر النافع وهي كذلك قال في تلك الرسالة وفي الذكر اكثر من مئة فائدة ثم شرع رحمه الله في عد فوائد الذكر وثمراته في الدنيا والاخرة وعد من فوائد الذكر وثمراته ما يزيد على السبعين فائدة كل واحدة منها كافية في تحريك القلوب وتنشيط النفوس للعناية بهذه الطاعة العظيمة فكيف بها اذا اجتمعت ولهذا قل ان يقرأ هذا الكتاب مسلم قراءة متأنية طالبا للنفع والفائدة الا وتحسن حاله باذن الله في ذكر الله جل وعلا وتزيد عنايته به وهو رحمه الله لما عدد فوائد الذكر وبسطها واطال في ايضاحها وبيانها وانهى ذلك عقد عقب ذلك فصولا في انواع الذكر التي ينبغي ان يكون عليها المسلم فما ان يفرغ القارئ من هذه الدفعة القوية ان صح التعبير في الترغيب بذكر الله الا ويجد امامه بسطا اخر لانواع الذكر التي دل عليها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ثم سردا وافيا لاهم الاذكار الموظفة للمسلم في يومه وليلته ولهذا ارى ان هذا الكتاب ينبغي ان يعتني به كل مسلم. الاب يعتني باقتنائه واهدائه لاولاده واهل بيته ويحثهم على قراءته وطالب العلم يحرص على اقتنائه والاستفادة منه وان يكون متداولا بين المسلمين لعظم نفعه وكبير فائدته وفيما يلي تلخيص لشيء من فوائد الذكر من خلال ما ذكره رحمه الله فمن فوائد الذكر انه سبب طمأنينة القلب قال الله جل وعلا الا بذكر الله تطمئن القلوب فطمأنينة القلب وهي راحته وسكونه وانسه وذهاب قلقه وضجره ثمرة من ثمار الذكر الذاكرون الله هم اهل القلوب المطمئنة السعيدة التي ملئت بالانس والراحة في احوالهم كلها. في عسرهم ويسرهم وشدتهم ورخائهم وغناهم وفقرهم وصحتهم ومرضهم لا ينتابهم القلق والضجر بل قلوبهم مطمئنة ساكنة مرتاحة في احوالهم كلها ولهذا قال عليه الصلاة والسلام متعجبا عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير وليس ذاك لاحد الا للمؤمن ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم فالمؤمن في طمأنينة مستمرة مطمئن القلب مرتاح البال منشرح الصدر مليئا بالانس وهذا كله انما حصل له بمواظبته على ذكر الله واستمراره على ذلك الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب تطمئن قلوبهم بذكر الله لا بذكر امر اخر فيزول عنها قلقها واضطرابها وتحضرها افراحها ولذاتها الا بذكر الله تطمئن القلوب اي حقيق بها وحري الا تطمئن لشيء سوى ذكره فانه لا شيء الذ للقلوب ولا اشهى ولا احلى من محبتها لخالقها والانس به ومعرفته وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له يكون ذكرها له هذا وللحديث صلة عن فوائد الذكر واثاره وثماره ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته