بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فمن فوائد الذكر العظيمة انه يكسب العبد ثمرة جليلة ومنزلة رفيعة وهي انه اذا ذكر الله ذكره الله سبحانه وتعالى. لان الجزاء من جنس العمل والله تعالى يقول هل جزاء الاحسان الا الاحسان فمن ذكر الله فذكره الله ومن نسي الله نسيه الله نسوا الله فنسيهم جزاء وفاقا ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوء فالجزاء من جنس العمل من يذكر الله يذكره الله تبارك وتعالى قال الله عز وجل فاذكروني اذكركم وفي الحديث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى انه قال فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم. متفق عليه قال ابن القيم رحمه الله ولو لم يكن في الذكر الا هذه وحدها لكفى به فضلا وشرفا فاي ثواب اعظم واي منزلة اجل وارفع من ان تنال ايها العبد ذكر الله تبارك وتعالى لك في الملأ الاعلى يذكرك جل وعلا وهو غني عنك وانت محتاج اليه مفتقر اليه يذكرك سبحانه وتعالى في الملأ الاعلى وهو لا ينتفع بذكرك له فذكرك له سبحانه لا يزيد ملكه وتركك لذكره لا ينقص ملكه ولهذا قال تبارك وتعالى في الحديث القدسي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا. اخرجه مسلم فهو تبارك وتعالى لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين ولا يزيد في ملكه ذكر الذاكرين ولا ينقص من ملكه غفلة الغافلين لكنه لطفا منه تبارك وتعالى بعباده واحسانا يذكر من ذكره سبحانه وتعالى بالملأ الاعلى من ذكر الله في نفسه ذكره الله تبارك وتعالى في نفسه ومن ذكر الله في ملأ ذكره الله تبارك وتعالى في ملأ خير منهم وقد جاء في صحيح مسلم عن معاوية رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من اصحابه فقال ما اجلسكم قالوا جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للاسلام ومن به علينا قال الله ما اجلسكم الا ذاك قالوا والله ما اجلسنا الا ذاك قال اما اني لم استحلفكم تهمة لكم ولكنه اتاني جبريل فاخبرني ان الله عز وجل يباهي بكم الملائكة يباهي الملائكة بالذاكرين يقول انظروا الى عبادي اجتمعوا لذكري اجتمعوا على شكري اجتمعوا على حمدي يباهي بهم الملائكة وفي صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده فهذه منزلة رفيعة ودرجة عالية منيفة ينالها الذاكر لله عز وجل وهي ان الله تبارك وتعالى يذكره ولكن لتعلق النفوس بالدنيا اكثر فان الواحد من الناس اذا قيل له اذا قمت بالعمل الفلاني فان الرئيسة الفلاني سيذكرك بكذا وسيمدحك عند المسؤولين فانه ينشط للعمل لكن ذكر الله الذي ننال به ذكر الله لنا نضعف عنه ولا ننشط للقيام به وهذا من تفريطنا وتقصيرنا وتضييعنا واهمالنا وعدم اعطائنا لهذا الامر حقه من العناية والاهتمام ومن فوائد الذكر وهو تابع لما قبله ان الذاكر ينال بذكره لله صلاة الله وملائكته عليه قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور فهذه فائدة من فوائد الذكر وهو ان الذاكر ينال صلاة الله عليه وصلاة الملائكة اما صلاة الله عليه فهي ثناؤه عليه في الملأ الاعلى كما تقدم واما صلاة الملائكة عليه فبدعائهم له وكلما عظم ايمان الشخص وزاد ذكره لله وقوي تمسكه بالخير زاد بذلك دعائهم له قال الله عز وجل الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين امنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وادخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم انك انت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تقي السيئات يومئذ فقد رحمته. وذلك هو الفوز العظيم هذا دعاء عظيم مبارك من الملائكة للمؤمنين الذاكرين لله المطيعين له الممتثلين لاوامره سبحانه وتعالى وها هنا ايها الموفق سؤال قد يخطر على البال وهو ما الذي عطف هؤلاء الملائكة على المؤمنين وصاروا بهذه المنزلة عندهم وهي الاستمرار والمداومة على الدعاء المؤمنين مع ان جنس الملائكة مختلف عن جنس البشر فالملائكة خلقوا من نور والبشر خلقوا من طين. فالجنس مختلف ومع ذلك عطف الله تبارك وتعالى الملائكة على المؤمنين وسبب ذلك وجود هذه الرابطة الوثيقة بين المؤمنين والملائكة وهي رابطة الايمان بالله وذكره سبحانه وتعالى قال جل وعلا الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به. هذه هي الرابطة. التسبيح بحمد الله والايمان به عز وجل فكلما عظم ذكر الانسان لله وعظم حمده وعظم ايمانه زاد دعاء الملائكة له واستغفارهم له وسؤالهم الله تبارك وتعالى له بالتوفيق والسداد والجنة والنجاة من النار وغير ذلك من الامور التي ذكرت في الاية الكريمة ومن فوائد الذكر انه سبب لحفظ اللسان يقول العلماء ان اللسان انما خلق للكلام فاذا لم يتكلم المسلم بخير واعظم الخير ذكر الله تكلم بالشر والفساد ولهذا من يبس والعياذ بالله لسانه عن ذكر الله انطلق في كل فساد في الغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء والكذب والفحش ونحو ذلك فاذا يبس اللسان عن الذكر انطلق في الباطل واذا اشتغل بالذكر ذهب عنه الباطل ولهذا ما حفظ اللسان ولا حصلت له الصيانة بمثل المحافظة على ذكر الله سبحانه وتعالى فذكر الله جل وعلا يصول لسان المرء ويحفظه من الوقوع في الغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء ونحو ذلك ومن فوائد الذكر انه علامة على عظم حب الذاكر لله ولهذا يقال من احب شيئا اكثر من ذكره والمؤمن الصادق في ايمانه ليس شيء في قلبه اعظم من محبة الله المثمرة فيه كثرة الذكر له جل في علاه ومن فوائد الذكر انه يورث جلاء القلب من صداه وصدأ القلب الغفلة والهوى وجلاؤه الذكر والتوبة والاستغفار قال ابو الدرداء رضي الله عنه ان لكل شيء جلاء وان جلاء القلوب ذكر الله عز وجل رواه البيهقي في شعب الايمان قال ابن القيم رحمه الله ولا ريب ان القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما وجلاؤه بالذكر فانه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء فاذا ترك الذكر صدأ فاذا ذكر جلى ومن فوائد الذكر انه غراس الجنة. فقد روى الترمذي في جامعه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيت ليلة اسري بي ابراهيم الخليل عليه السلام فقال يا محمد اقرئ امتك السلام واخبرهم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وانها قيعان وان غراسها سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر وفي الترمذي من حديث ابي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة والحاصل ان فوائد الذكر كثيرة وينظر في بسطها كتاب الوابل الصيب للعلامة ابن القيم رحمه الله وفي ابيات جميلة للعلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله جمع فيها رحمه الله جملة من فوائد الذكر وثماره يقول فيها فذكر اله العرش سرا ومعلنا يزيل الشقى والهم عنك ويطرد ويجلب للخيرات دنيا واجلا وان يأتك الوسواس يوما يشرد فقد اخبر المختار يوما لصحبه بان كثير الذكر في السبق مفرد وصى معاذا يستعين الهه على ذكره والشكر بالحسن يعبد واوصى لشخص قد اتى لنصيحة وقد كان في حمل الشرائع يجهد بالا يزال رطبا لسانك هذه تعين على كل الامور وتسعد واخبر ان الذكر غرس لاهله بجنات عدن والمساكن تمهد واخبر ان الله يذكر عبده ومعه على كل الامور يسدد واخبر ان الذكر يبقى بجنة وينقطع التكليف حين يخلد ولو لم يكن في ذكره غير انه طريق الى حب الاله ومرشد وينهى الفتى عن غيبة ونميمة وعن كل قول للديانة مفسد لكان لنا حظ عظيم ورغبة بكثرة ذكر الله نعم الموحد ولكننا من جهلنا قل ذكرنا كما قل منا للاله التعبد ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته