بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فهذه وقفات مع بعض الايات الحاثة على ذكر الله قال الله تعالى فاذكروني اذكركم في هذه الاية فضيلة عظيمة من فضائل الذكر امر الله تبارك وتعالى فيها عباده بذكره ثم ذكر ثواب ذلك عنده. والجزاء من جنس العمل هل جزاء الاحسان الا الاحسان فمن احسن احسن الله اليه وجزاه من جنس عمله. قال اذكروني اذكركم ويقابل ذلك النسيان. قال الله تعالى فيه نسوا الله فنسيهم ذكر بذكر ونسيان بنسيان قد جاء معنا هذه الاية في السنة في قول النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وهذا جزاء من جنس العمل واي ثواب اجل واي مكانة اعظم من ان يحظى العبد المؤمن بذكر الله تبارك وتعالى له في الملأ الاعلى عند الملائكة الكرام الاطهار البررة وقد جاء في صحيح مسلم عن معاوية رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلقة جلوس في المسجد نتذاكر فقال ما اجلسكم اي ما الذي اجلسكم في المسجد قلنا جلسنا نذكر الله وما من الله علينا به؟ فقال عليه الصلاة والسلام الله ما اجلسكم الا ذلك؟ يستحلفهم بالله قلنا والله ما اجلسنا الا ذلك اي ما اجلسنا الا الذكر لله ومدارسة الاسلام وامور الدين ومسائل الشرع فقال عليه الصلاة والسلام اما والله اني لم استحلفكم تهمة لكم اي لم اطلب منكم الحلف لاني اتهمكم بكذب ولكن اتاني جبريل انفا فاخبرني ان الله يباهي بكم ملائكته وهذا هو معنى قوله فاذكروني اذكركم اذا ذكرت الله عز وجل في نفسك ذكرك الله في نفسه واذا ذكرت الله عز وجل في ملأ ذكرك الله في ملأ خير منهم وهذا من عاجل بشرى الذاكر ان يحظى بهذه المنزلة العظيمة ان يذكره الله تبارك وتعالى في الملأ الاعلى وايظا مثل هذا ما جاء في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال عليه الصلاة والسلام ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ثمان ذكر العبد لربه محفوف بذكرين من ربه له ذكر قبله به صار العبد ذاكرا لله وذكر بعده صار العبد مذكورا فذكر الرب لعبده نوعان نوع قبل ذكر العبد لربه ونوع بعده وقال تعالى ولذكر الله اكبر وهذه الاية فيها ان ذكر الله عز وجل هو افضل الاعمال واكبرها وهو اكبر من كل شيء اي ذكر الله لكم اكبر من ذكركم له في عبادتكم وصلواتكم. وهو ذاكر من ذكره. قال معناه ابن مسعود وابن عباس وابو الدرداء وابو قرة وسلمان والحسن واختاره ابن جرير الطبري وقيل ذكركم الله في صلاتكم وفي قراءة القرآن افضل من كل شيء قال ابن زيد وقتادة ولا ذكر الله اكبر من كل شيء اي افضل من العبادات كلها بغير ذكر وقيل المعنى ان ذكر الله اكبر مع المداومة من الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الصحيح ان معنى الاية ان الصلاة فيها مقصودان عظيمان واحدهما اعظم من الاخر فانها تنهى عن الفحشاء والمنكر وهي مشتملة على ذكر الله ولما فيها من ذكر الله اعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر انتهى كلامه رحمه الله والطاعات كلها انما شرعت لاقامة ذكر الله وهو مقصود العبادات ولبها وروحها قال صلى الله عليه وسلم انما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لاقامة ذكر الله. رواه ابو داوود قيل لسلمان اي الاعمال افضل قال اما تقرأ القرآن ولذكر الله اكبر ويشهد لهذا المعنى حديث ابي الدرداء رضي الله عنه. قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الا انبئكم بخير اعمالكم وازكاها عند مليككم وارفعها في درجاتكم وخير لكم من انفاق الذهب والورق. وخير لكم من ان تلقوا عدوكم اضربوا اعناقهم ويضربوا اعناقكم قالوا بلى قال ذكر الله تعالى قال معاذ بن جبل رضي الله عنه ما شيء انجى من عذاب الله من ذكر الله وقال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما. تحية يوم يلقونه سلام. واعد لهم اجرا كريما فهذه الاية فيها الامر بذكر الله عز وجل بالكثرة. ولها نظائر في القرآن. ويأتي ايظا في القرآن ايات فيها مدح لهؤلاء قال الله تعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما فها هنا امر زائد على مجرد الامر بالذكر وهو الامر بذكر الله بالكثرة بان تكون مكثرا من ذكر الله. كثير الذكر لله تبارك وتعالى لا يكون ذكرك لله قليلا والله جل وعلا ذم المنافقين بهذا. قال تعالى ولا يذكرون الله الا قليلا وذكر الله تبارك وتعالى بالكثرة يترتب عليه اجور عظيمة وافضال كريمة منها ما ذكر في الاية المتقدمة هو الذي يصلي وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام واعد لهم اجرا كريما فهذه كلها من ثمرات الاكثار من ذكر الله ان يصلي رب العالمين عليه وصلاته تبارك وتعالى على عبده المؤمن ذكره له في الملأ الاعلى على المعنى الذي تقدم معنا وصلاة الملائكة عليه اي بطلب ذلك له ثم يترتب على ذلك ما جاء في قوله ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما هو سبب مبارك لخروج العبد من الظلمات الى النور وسبب عظيم في علو درجته عند الله سبحانه وتعالى ثم يحظى برحمة الله الخاصة بعبده المؤمن. وكان بالمؤمنين رحيما فهذه كلها فضائل عظيمة وثمار واثار للاكثار من ذكر الله تبارك وتعالى فقوله هو الذي يصلي عليكم وملائكته فيه اعظم ترغيب في الاكثار من ذكر الله واحسن حظ على ذلك اي انه سبحانه يذكركم فاذكروه انتم وهو نظير قوله سبحانه وتعالى فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون فالمكثرون من ذكر الله لهم الحظ الاوفر والنصيب الاكمل من ذكر الله لهم وصلاته عليهم وملائكته روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الاية انه قال فاذا فعلتم ذلك اي اكثرتم من ذكر الله صلى الله عليه اليكم هو وملائكته ومن صلى الله عليه وملائكته فقد افلح كل الفلاح وفاز الفوز المبين وقال الله تعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما في هذه الاية ذكر ما اعده الله تبارك وتعالى للذاكرين الله كثيرا والذاكرات من المغفرة والاجر العظيم وهذه فضيلة من فضائل الذكر وثمرة عظيمة من ثماره ومثلها الحديث المشهور الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام هذا جمدان سبق المفردون فقال الصحابة ومن المفردون يا رسول الله؟ قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات فمدحهم واثنى عليهم بالسبق بانهم السباقون للخيرات الحائزون على اعلى المقامات ورفيع الدرجات ومن يتأمل هذه النصوص وغيرها من النصوص الكثيرة الواردة في بيان عظيم اجر الذاكرين الله كثيرا والذاكرات وجزيل ثوابهم وما اعد الله لهم من النعيم المقيم والثواب الكبير يوم القيامة تتحرك نفسه شوقا وطمعا ويهتز قلبه حبا ورغبا في ان يكون من هؤلاء. اهل هذه المقامات الرفيعة والمنازل العالية ولكن بما ينال العبد ذلك وهذا سؤال عظيم يجدر بكل مسلم ان يقف عنده وان يعرف جوابه وقد جاء عن السلف في معنى الذاكرين الله كثيرا والذاكرات نقول عديدة منها ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال المراد يذكرون الله في ادبار الصلوات وغدوا وعشيا وفي المضاجع وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا او راح من منزله ذكر الله وقال مجاهد لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا وقال عطاء من صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ومن صفة هؤلاء الصلاة من الليل فقد روى ابو داوود وابن ماجة والحاكم وغيرهم باسناد صحيح صححه الحاكم والذهبي والنووي والعراقي وغيرهم من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ايقظ الرجل اهله من الليل فصليا او صلى ركعتين جميعا كتب من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات وقد سئل ابو عمر ابن الصلاح فيما نقله النووي رحمه الله عنه في كتابه الاذكار عن القدر الذي يصير به العبد من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات فقال اذا واظب على الاذكار المأثورة المثبتة صباحا ومساء في الاوقات والاحوال المختلفة ليلا ونهارا وهي مبينة في كتاب عمل اليوم والليلة كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات ويقول الشيخ العلامة عبدالرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله تعالى واقل ذلك ان يلازم الانسان اوراد الصباح والمساء وادبار الصلوات الخمس وعند العوارض والاسباب وينبغي مداومة ذلك في جميع الاوقات على جميع الاحوال فان ذلك عبادة يسبق بها العامل وهو مستريح وداع الى محبة الله ومعرفته وعونا على الخير وكف اللسان عن الكلام القبيح. انتهى كلامه رحمه الله جعلنا الله اجمعين من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات من الذين اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما. انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته