بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن شروط الدعاء وادابه عن فضالة ابن عبيد رضي الله عنه قال سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى ولم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجل هذا ثم دعاه فقال له او لغيره اذا صلى احدكم فليبدأ بتحميد ربه عز وجل والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعد بما شاء. رواه ابو داوود بهذا الحديث ان من اداب الدعاء ان يفتتح بالثناء على الله عز وجل والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم وانه لا ينبغي للمرء ان يعجل في دعائه ولا تحمله شدة رغبته وحاجته ان ينسى افتتاح دعائه بالثناء على الله سبحانه والصلاة والسلام على رسول طوله صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم رحمه الله فمفتاح الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. كما ان مفتاح الصلاة الطهور وصلى الله عليه وعلى اله وسلم تسليما كثيرا ولهذا ثلاث مراتب احدها ان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في اول الدعاء والمرتبة الثانية ان يصلي عليه في اوله واخره ويجعل حاجته متوسطة بينهما والمرتبة الثالثة ان يصلي عليه في اول الدعاء واوسطه واخره وقد نقل ابن القيم رحمه الله عن احمد بن ابي الحوراء قال سمعت ابا سليمان الداران يقول من اراد ان يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وليسأل حاجته وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مقبولة والله اكرم ان يرد ما بينهما وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك رواه ابو داوود وسنده صحيح على شرط مسلم وهذا يتضمن حثا للمسلمين على ان يعنوا بالدعوات النبوية المأثورة عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وان يحافظوا عليها لانها اختصت بانها اتت على المطالب العالية والمقاصد الرفيعة ايمانا بالله وثقة به ويقينا بما عنده سبحانه وتعالى وجمعت خير الدنيا والاخرة وكان عليه الصلاة والسلام من اكثر دعائه قوله ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وهذا دعاء جامع لخيري الدنيا والاخرة وادعيته عليه الصلاة والسلام عموما جامعة للخير وفيها المطالب العالية والغايات النبيلة وفيها السلامة من الخطأ ولو انك اخذت دعاء انشأه بعض الناس او انشأته انت بنفسك فلا تأمن. ربما يكون فيه خطأ او اعتداء ربما يكون حملك عليه زيادة الحرص وشدة الرغبة فقد يدخل الانسان في شيء من الامور يذكرها قد يكون فيها اعتداء وهو لا يشعر لكنه اذا اخذ بالدعاء الذي كان يدعو به النبي عليه الصلاة والسلام فانه اظافة الى كونه جامعا شاملا للخير ففيه السلامة من الخطأ والزلل روى الفريابي وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لها يا عائشة عليك بجوامع الدعاء اللهم اني اسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمت منه وما لم اعلم واعوذ بك من الشر كله عاجله واجله. ما علمت منه وما لم اعلم. اللهم اني اسألك من خير ما سألك منه محمد عبدك ونبيك واعوذ بك من شر ما عاذ منه عبدك ونبيك اللهم اني اسألك الجنة وما قرب اليها من قول وعمل واعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول وعمل واسألك ما قضيت لي من قضاء ان تجعل عاقبته رشدا وخرجه الامام احمد وابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم وليس عندهم ذكر جوامع الدعاء وعند احمد والحاكم عليك بالكوامل وذكره وخرجه ابو بكر الاثرم وعنده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ما منعك ان تأخذي بجوامع وفواتحه وذكر هذا الدعاء والعجيب ان هذا الدعاء الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بجوامع الكلم لم يسلم نفسه من الزيادة فيه فيزيد فيه بعضهم وعبادك الصالحون بعد قوله اسألك من خير ما سألك منه محمد عبدك ونبيك. واعوذ بك من شر ما عاذ منه عبدك ونبيك وهذه الزيادة استدراك على هذا الدعاء الجامع الكامل ومن المعلوم ان الصالحين من عباد الله ليس عندهم مطالب في ادعيتهم زائدة عن المأثور عنه صلى الله عليه وسلم اذ دعواته عليه الصلاة والسلام حوت الخير كله والفضل اجمعه ويزيد بعضهم في سؤال الجنة طورها واشجارها وانهارها وفي التعوذ من النار التعوذ من حميمها وغساقها وهذا معدود من الاعتداء في الدعاء كما في الحديث الذي رواه احمد وابو داوود وغيرهما عن ابن سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه قال سمعني ابي وانا اقول اللهم اني اسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا واعوذ بك من النار وسلاسلها واغلالها وكذا وكذا فقال يا بني اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون قوم يعتدون في الدعاء فاياك ان تكون منهم ان اعطيت الجنة اعطيتها وما فيها من الخير وان اعدت من النار اعدت منها ومما فيها من الشر وروى الامام احمد في المسند عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير او جوامع الخير وفواتحه وخواتمه والاحاديث في هذا المعنى كثيرة فانه صلى الله عليه وسلم اعطي جوامع الكلم وخص ببدائع الحكم كما في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعثت بجوامع الكلم قال الامام محمد ابن شهاب الزهري رحمه الله جوامع الكلم فيما بلغنا ان الله يجمع له الامور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الامر الواحد والامرين ونحو ذلك انتهى وحاصله انه صلى الله عليه وسلم كان يتكلم بالكلام الموجز القليل اللفظي الكثير المعنى وهكذا الشأن في اذكاره وادعيته صلوات الله وسلامه عليه كان يعجبه من ذلك جوامع الذكر والدعاء ويدع ما بين ذلك واذا فالواجب على كل مسلم ان يعرف عظم قدر الادعية النبوية ورفيع مكانتها وانها مشتملة على مجامع الخير وابواب السعادة ومفاتيح الفلاح في الدنيا والاخرة فخير السؤال ان يسأل المسلم ربه من خير ما سأله منه عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وافضل الاستعاذة ان يستعيذ بالله من شر ما استعاذ منه عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فان في ذلك فواتح الخير وخواتمه وجوامعه واوله واخره وظاهره وباطنه ومن يتأمل جميع الادعية الواردة في القرآن والسنة يجدها كذلك فان الله تبارك وتعالى قد اختار لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم جوامع الادعية وفواتح الخير وتمام الامر وكماله في الدنيا الاخرة فكيف يدع المسلم هذا الخير العميم والفضل العظيم الذي اشتملت عليه ادعية النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ويقبل على ادعية اخرى لغيره ممن لا تؤمن غائلتهم من ائمة الضلال المتكلفين في الدين ما ليس منه ولهذا يقول الخطابي رحمه الله اولى ما يدعى به ويستعمل منه ما صحت به الرواية. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عنه بالاسانيد الصحيحة فان الغلط يعرظ كثيرا في الادعية التي يختارها الناس لاختلاف معارفهم وتباين مذاهبهم. في الاعتقاد والانتحال وباب الدعاء مطية ومظنة للخطر وما تحت قدم الداعي دحض فليحذر فيه الزلل وليسلك منه الجدد الذي يؤمن معه العثار وما التوفيق الا بالله عز وجل. انتهى كلامه رحمه الله ومن يتأمل الادعية المأثورة التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجد فيها الجمال والكمال والوفاء بتحقيق المطالب العالية والمقاصد الرفيعة والخير الكامل في الدنيا والاخرة مع السلامة فيها والامان من الوقوع في الخطأ والزلل لانها معصومة من ذلك وذلك لانها وحي الله وتنزيله ولذا نجد ائمة العلم الامناء الناصحين يرغبون الناس في المحافظة على الادعية المأثورة والاذكار المشروعة ويعتنون تمام الاعتناء بربط الناس بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم. لان في ذلك السلامة والعصمة والفوز بكبير الغنيمة ومن ذلك قول الامام الجليل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وينبغي للخلق ان يدعو بالادعية الشرعية التي جاء بها الكتاب والسنة فان ذلك لا ريب في فضله وحسنه وانه الصراط المستقيم صراط الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا فتأمل كلام هذا الامام الناصح وغيره من اهل العلم اهل السنة والجماعة كيف انهم كرسوا جهودهم وبذلوا اوقاتهم وانفاسهم في سبيل تفقيه الناس بالسنة وربطهم بها ودعوتهم الى تحقيقها وحسن القيام بها. اذ هي صراط الله المستقيم وحبله المتين تأمل قوله رحمه الله ينبغي للخلق ان يدعو بالادعية الشرعية التي جاء بها الكتاب والسنة تجد فيه تمام النصيحة للخلق وصدق القيام بالحق بخلاف دعاة الباطل فانهم يدعون الناس الى انفسهم ويربطونهم باشخاصهم فتراهم ينشئون للناس اورادا وادعية من قبل انفسهم ويعظمون من شأنها ويعلون من قدرها رغبة في تكثير الاتباع واستقطاب المريدين كما قال الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه ان من ورائكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والصغير والكبير والعبد والحر فيوشك قائل ان يقول ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ما هم بمتبعية حتى ابتدع لهم غيره. فاياكم وما ابتدع فانما ابتدع ضلالة. رواه الامام ابو داوود بسننه والاجري في الشريعة وسنده صحيح فليكن المسلم على تمام الحذر من مثل هؤلاء وليحرص تمام الحرص على لزوم السنة ففيها السلامة والرفعة والتوفيق بيد الله وحده لا شريك له واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يلهمنا الصواب وان يجنبنا الزلل انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله رسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته