بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فقد تقدم الحديث عن فضل القرآن الكريم وبيان انه افضل الذكر واجله شأنا وارفعه مكانة وفيما يلي سوق لطرف من الاحاديث النبوية في فضل القرآن وبيان عظيم مكانته وثواب العناية به تلاوة وفهما وعملا عن ابي امامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرأوا القرآن فانه اتي يوم القيامة شفيعا لاصحابه. اقرأوا الزهراوين البقرة وسورة ال عمران فانهما تأتيان يوم القيامة كانهما غمامتان او كأنهما غيايتان او كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن اصحابهما اقرأوا سورة البقرة فان اخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة. رواه مسلم هذه فضيلة عظيمة من فضائل تلاوة القرآن وثمرة عظيمة من ثمار العناية به انه يأتي يوم القيامة شفيعا لاصحابه ان يشفعوا لقارئه وتاليه عند الله يتقدمه سورة البقرة وال عمران تحاجان عن صاحبهما يوم القيامة ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قيد قراءة القرآن التي ينال بها هذا الفضل بالعمل به لما رواه مسلم عن النواس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يؤتى بالقرآن يوم القيامة واهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وال عمران وظرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة امثال ما نسيتهن بعد. قال كانهما غمامتان ان او ضلتان سوداوان بينهما شرق او كأنهما حزقان من طير صواف. تحاجان عن صاحبهما وفي هذا دلالة على ان اهم شيء في القرآن العمل به ويؤيد هذا قول الله تعالى كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب ان يتفهمون معانيه ويعملون بهداياته. قال الفضيل رحمه الله انما انزل القرآن ليعمل به فاتخذ الناس قراءته عملا ومعنى قوله ليعمل به اي ليحلوا حلاله ويحرموا حرامه فاتخذ الناس قراءته عملا اي لا يتدبرون معانيه ولا يعملون بما فيه وقد كان اهل العلم وائمة الفضل والخير يولون هذا الموضوع عناية خاصة. ويعتنون به عناية فائقة اذ به تأتي ثمرة القرآن وينال ما يترتب عليه من اجور عظيمة وثواب واحسان وبدون هذه الاداب لا ينال التالي الثمرة المرجوة ولا يحصل الخير العظيم والثواب الجزيل المأمول. بل ربما كان القرآن حجة عليه وخصيما له يوم القيامة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله يرفع بهذا الكتاب اقواما ويضع اخرين وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال والقرآن حجة لك او عليك وكلاهما في صحيح مسلم فالقرآن حجة لمن عمل به وتأدب بآدابه واما من ضيع حدوده واهمل حقوقه وفرط في واجباته فان القرآن الكريم يكون حجة عليه يوم القيامة ولهذا يقول قتادة رحمه الله لم يجالس هذا القرآن احد الا قام عنه بزيادة او نقصان اي بزيادة في الايمان والخير ان عمل به او نقصان من ذلك ان اهمله وضيع حقوقه قال الاجري رحمه الله. فالمؤمن العاقل اذا تلى القرآن استعرظ القرآن فكان كالمرآة يرى بها ما اسونا من فعله وما قبح منه فما حذره مولاه حذره وما خوفه به من عقابه خافه وما رغبه فيه مولاه رغب فيه ورجاه فمن كانت هذه صفته او ما قارب هذه الصفة فقد تلاه حق تلاوته ورعاه حق رعايته وكان له القرآن شاهدا وشفيعا وانيسا وحرزا ومن كان هذا وصفه نفع نفسه ونفع اهله وعاد على والديه وعلى ولده كل خير في الدنيا والاخرة وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه. رواه البخاري وهذا الحديث فيه شهادة عظيمة من النبي عليه الصلاة والسلام لاهل القرآن تعلما وتعليما بالخيرية اي انهم خير عباد الله فمن كان منهم مشتغلا بتعلم القرآن وتعليمه فهو من خير عباد الله وكلما زاد حظ العبد من هذا الكتاب علما وتعلما وتعليما وعملا زاد نصيبه وحظه من الخيرية وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر امثالها لا اقول الف لام ميم حرف ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف. رواه الترمذي وهذا فيه فضل قراءة القرآن وانه كلما ازداد العبد من القراءة زاد حظه ونصيبه من هذا الاجر العظيم ومثله ما رواه عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقال يعني لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فان منزلتك عند اخر اية تقرأ بها رواه الترمذي وعن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الاترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر رواه البخاري ومسلم وقد افاد الحديث ان الطيب كله مع القرآن سواء من حيث الطعم او من حيث الريح فمن كان من اهل القرآن ايمانا واحتسابا وعملا وتلاوة وتدبرا اجتمع فيه طيب الرائحة وطيب الطعم ومن كان من اهل العمل بالقرآن ولم يكن من اهل التلاوة فاز بطيب الطعم وفاته طيب الرائحة قال ابن القيم رحمه الله فجعل الناس اربعة اقسام اهل الايمان والقرآن وهم خير الناس الثاني اهل الايمان الذين لا يقرؤون القرآن وهم دونهم. فهؤلاء هم السعداء والاشكيا قسمان احدهما من اوتي قرآنا بلا ايمان فهو منافق والثاني من لا اوتي قرآنا ولا ايمانا والمقصود ان القرآن والايمان هما نور يجعله الله في قلب من يشاء من عباده وانهما اصل كل خير في الدنيا والاخرة وعلمهما اجل العلوم وافضلها بل لا علم في الحقيقة ينفع صاحبه الا علمهما والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال ايكم يحب ان يغدو كل يوم الى بطحان او الى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير اثم ولا قطع رحم فقلنا يا رسول الله نحب ذلك قال افلا يغدو احدكم الى المسجد فيعلم او يقرأ ايتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث واربع خير له من اربع ومن اعدادهن من الابل رواه مسلم وذلك ان قراءة القرآن هي التي تنفع العبد في الدنيا والاخرة نفعا عظيما بخلاف الابل فاراد صلى الله عليه وسلم ترغيبهم في الباقيات وتزهيدهم عن الفانيات بحثهم على تعلم القرآن وتعليمه وتلاوته ومثله حديث ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ايحب احدكم اذا رجع الى اهله ان يجد فيه ثلاث خليفات عظام سمان؟ قلنا نعم قال فثلاث ايات يقرأ بهن احدكم في صلاته خير له من ثلاث خليفات عظام سمان. رواه مسلم وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا حسد الا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه اناء الليل واناء النهار فسمعه جار له فقال ليتني اوتيت مثل ما اوتي فلان. فعملت مثل ما يعمل ورجل اتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل ليتني اوتيت مثل ما اوتي فلان فعملت مثل ما يعمل. رواه البخاري فهذا فيه ان غير صاحب القرآن يغبط صاحب القرآن بما اعطيه من العمل بالقرآن فاغتباط صاحب القرآن بعمل نفسه اولى بان يسر ويرتاح ويفرح بذلك. كما قال الله سبحانه يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم بكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك افرحوا هو خير مما يجمعون فامر سبحانه وتعالى في الاية بالفرح بالقرآن الذي هو اعظم نعمة ومنة وفضل تفظل الله به على عباده. فبذلك فليفرحوا هو خير لهم مما يجمعون من متاع الدنيا ولذاتها المضمحلة الزائلة عن قريب اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا وغمومنا واصلح لنا شأننا كله يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبي محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته