بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فان خير الكلام وافضل الذكر بعد القرآن اربع كلمات لهن قدر رفيع وشأن عظيم ومكانة عالية في دين الله وهي سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وهي من القرآن وقد ورد في فضل هذه الكلمات الاربع نصوص كثيرة تدل دلالة قوية على عظم شأن وقدر هذه الكلمات وما يترتب على القيام بهن من اجور عظيمة وافضال كريمة وخيرات متوالية في الدنيا والاخرة عن سمرة ابن جندب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احب الكلام الى الله اربع سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر لا يضرك بايهن بدأت. رواه مسلم قوله احب افعل تفضيل فافضل الكلمات واعظمها شأنا عند الله سبحانه هؤلاء الكلمات الاربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وهذا يفيد ان المسلم يستحب له ان يكثر في حياته من ذكر الله عز وجل بهؤلاء الكلمات التي هي احب الكلام اليه سبحانه واذا عرف المسلم ان هؤلاء الكلمات احب الكلام الى الله فان اقباله عليها سيعظم وعنايته بها ستكبر واهتمامه بها سيزيد ولابد مع العناية من ذكر الله بها بالكثرة من عناية بفهم معانيها ومعرفة مدلولاتها اما سبحان الله فهي كلمة تنزيه وتقديس فبقولك سبحان الله تنزه الله وتقدسه وتبرأه مما لا يليق به فسبحان الله كلمة تنزيه لله عن النقائص وعن العيوب وعما لا يليق به سبحانه وعن مماثلة المخلوقات الله عز وجل منزه عن ذلك كله فهي كلمة تنزيه ولهذا قال الله عز وجل سبحان ربك رب العزة عما يصفون اي تنزه وتقدس رب العزة عما يصفه به اعداء الرسل التسبيح تنزيه لله وتقديس له ومن اسمائه تبارك وتعالى السبوح والقدوس والسلام وهذه كلها اسماء تنزيه وتقديس لله وتبرئة له من النقائص فقول المسلم سبحان الله اي انزه الله ولا يحسن بالمسلم ان يقول هذه الكلمة وهو لا يدري ما هي ولا يدري ما تعني بل الواجب ان يقولها وسائر الاذكار المشروعة وهو يعي معناها ويعرف ما تدل عليه والا فان اتيانه بها سيكون ضعيفا الاثر والحمد لله فيها الثناء على الله سبحانه اذا قلت الحمد لله اثنيت على الله مع حبه لان الحمد ثناء مع الحب ثناء عليه سبحانه باسمائه وصفاته وثناء عليه سبحانه بنعمه ومننه وعطاياه الله يحمد على الاسماء والصفات ويحمد على النعم والعطايا والهبات ولا اله الا الله فيها التوحيد والاخلاص والبراءة من الشرك وهي قائمة على ركنين اثنين النفي في اولها والاثبات في اخرها ولا توحيد الا بهما نفي العبودية عن كل من سوى الله واثبات العبودية بكل معانيها لله وحده لا شريك له فهي كلمة التوحيد وكلمة الاخلاص وهي الكلمة التي جعلها ابراهيم عليه السلام باقية في عقبه لعل هم يرجعون وهي كلمة التقوى وهي العروة الوثقى وهي كلمة الشهادة وهي مفتاح دار السعادة وهي اعظم النعم واجل المنن ولهذا لما ذكر الله في سورة النحل التي يسميها بعض اهل العلم سورة النعم لكثرة ما ذكر جل وعلا فيها من نعمه على عباده بدأها بنعمة لا اله الا الله كلمة التوحيد ولهذا قال سفيان بن عيينة رحمه الله ما انعم الله على العباد نعمة اعظم من ان عرفهم لا اله الا الله فهي اكبر النعم وهي افضل الحسنات واجل الطاعات وافضل الكلمات ولا يكون التمسك بلا اله الا الله الا بالعلم بمعناها والعمل بمقتضاها والصدق في قولها فالعلم يخرج به قائلها عن طريقة النصارى الذين يعملون ولا يعلمون والعمل يخرج به عن طريقة اليهود الذين يعلمون ولا يعملون والصدق يخرج فيه عن طريقة المنافقين الذين يظهرون ما لا يبطنون فلا بد فيها من العلم والعمل والصدق علم بمعناها وعمل بمقتضاها وصدق في قولها بحيث يقولها من قلبه ويواطئ قلبه لسانه ثم الكلمة الرابعة الله اكبر والتكبير فيه التعظيم لله واعتقاد انه سبحانه الكبير المتعال الذي لا اكبر منه قل اي شيء اكبر شهادة قل الله الله عز وجل هو الكبير المتعال الذي لا اكبر منه الله اكبر اي من كل شيء ولهذا جاء في الحديث ان النبي عليه الصلاة والسلام قال لعدي ابن حاتم في اول اسلامه يا عدي ما يفرك اي ما الذي يجعلك تفر عن الاسلام وتهرب منه ايفرك ان يقال لا اله الا الله؟ وهل اله غير الله ايفرك ان يقال الله اكبر؟ وهل شيء اكبر من الله وكلمة الله اكبر تدل على ان الله عز وجل الكبير المتعال الذي لا اكبر منه ففي قول الله اكبر تعظيم الله واعتقاد انه لا اكبر منه وعندما يقولها المسلم مستشعرا لمعناها مستحظرا لدلالتها يسقط من قلبه كل شيء كبير ولهذا شرع لنا ان نستفتح بها صلاتنا بل جعل تحريمها التكبير فيدخل المرء في صلاته وهو للتو منشغل بامور كثيرة منها امور كبيرة في قلبه وعظيمة عنده ومستحوذة على اهتمامه فاذا قال الله اكبر مستحظرا معناها مستشعرا دلالتها كل هذه الامور تتساقط ولا يبقى في قلبه الا تعظيم الله والاقبال عليه وحسن الخضوع والتذلل والخشوع بين يديه ومن يدرك هذه الكلمة على وجهها ومتمها تذهب عن قلبه امور كثيرة من الاكباب على الدنيا والاقبال عليها والافتتان بملهياتها والانصراف عن الاخرة فهي كلمة جليلة تدل على معان عظيمة ينبغي على المسلم ان يستحظر معناها وان يفهم مدلولها وان يحقق ما تقتضيه من التعظيم والاجلال لله تبارك وتعالى الحاصل ان هؤلاء الكلمات الاربع هن احب الكلام الى الله وقد قال بعض اهل العلم لعل السر في كون هذه الكلمات الاربع احب الكلام الى الله انها جمعت معاني اسماء الله الحسنى وصفاته العليا لان سبحان الله فيها التنزيه لله والتبرئة والتقديس له عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله وعظمته سبحانه والحمد فيه اثبات نعوت الكمال وصفات الجلال والله اكبر فيها اثبات عظمة الله وكبريائه ولا اله الا الله فيها اثبات الوحدانية وانه الاحد الواحد المعبود بحق ولا معبود بحق سواه وان يفرد وحده سبحانه وتعالى بالعبادة ويخلص له الدين ومن وفقه الله عز وجل للاكثار من هذه الكلمات الاربع مع استحضار ما دلت عليه من معنى فانها لا تزال تجدد ايمانه وتقوي توحيده وتمكن صلته بالله سبحانه وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لان اقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر احب الي مما طلعت عليه الشمس رواه مسلم ومن المعلوم ان الشمس تطلع على الدنيا كلها. ومعنى ذلك ان هؤلاء الكلمات احب اليه عليه الصلاة والسلام سلام من الدنيا وما عليها والدنيا مليئة بالامور التي هي حبيبة الى النفوس ومرغوبة عند الناس قد الفوا حبها فيقول عليه الصلاة والسلام لان اقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر احب الي مما طلعت عليه الشمس اي احب الي من هذه الدنيا وما فيها وقد جاء في حديث اخر ان النبي عليه الصلاة والسلام قال الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله وما والاه فلا خير في الدنيا اذا خلت من الذكر ولا خير فيها اذا عدم التسبيح الله وتحميده وتكبيره وتهليله وتعظيمه وتمجيده واي خير في الدنيا ان يعيش الانسان عليها وهو خال من ذكر الله عز وجل عديم العناية بذكره تبارك وتعالى وكانه عليه الصلاة والسلام يقول للامة لا تلهكم الدنيا ولا تشغلكم عن هذه الكلمات العظيمات الحبيبة الى الله فان الملهيات والشواغل في الدنيا كثيرة لا تنتهي وعن ابي ذر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يصبح على كل سلامى من احدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وامر بالمعروف صدقة ونهي عن عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى رواه مسلم السلامى المفاصل التي تكون بين العظام وعن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انه خلق كل انسان من بني ادم على ستين وثلاث مئة مفصل فمن كبر الله وحمد الله وهلل الله وسبح الله واستغفر الله وعزل حجرا عن طريق الناس او شوكة او عظما عن طريق الناس وامر بمعروف او نهى عن منكر عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى فانه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار الله مسلم في كل انسان ثلاث مئة وستين مفصلا ومطلوب منه كل يوم صدقة عن كل مفصل شكرا للمنعم لكنها ليست قاصرة على صدقة المال بل كل ما يقرب الى الله من قول او عمل او بذل مال او غير ذلك يكون صدقة واعظم ذلك واجله الكلمات الاربع التي هي احب الكلام الى الله ولهذا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بها فيستحب للمسلم ان يستكثر من هؤلاء الكلمات في كل ايامه شكرا لانعام المولى سبحانه وتعالى وللحديث صلة واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته