بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن فضائل الكلمات الاربع التي هي احب الكلام الى الله عز وجل عن ابي ذر رضي الله عنه ان ناسا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ذهب اهل الدثور بالاجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول اموالهم قال اوليس قد جعل الله لكم ما تتصدقون به ان بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وامر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة. وفي بضع احدكم صدقة قالوا يا رسول الله ايأتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر قال ارأيتم لو وضعها في حرام اكان عليه فيها وزر فكذلك اذا وضعها في الحلال كان له اجر. رواه مسلم وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان فقراء المهاجرين اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ذهب اهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم فين فقال وما ذاك قالوا يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم افلا اعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون احد افضل منكم الا من صنع مثل ما صنعتم قالوا بلى يا رسول الله قال تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة فرجع فقراء المهاجرين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا سمع اخواننا اهل الاموال بما فعلنا ففعلوا مثله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. متفق عليه مجيء هؤلاء الفقراء الى النبي عليه الصلاة والسلام ناشئ عن حرص ورغبة في الخير وحب في المنافسة فيه فاتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ذهب اهل الدثور بالدرجات العالية والنعيم المقيم اي ذهب اهل الاموال واصحاب الغنى بالاجور وتحصيل الدرجات العالية يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل من اموالهم يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون فهم مثلنا يصلون ويصومون نشترك واياهم في هاتين الطاعتين لكن عندهم فضل اموال اي اموال زائدة عن حاجتهم يحجون بها ويعتمرون ويصرفون منها في الجهاد ويتصدقون في سبيل الله ونحن فقراء لا نمتلك مثل هذا المال الذي يمتلك هؤلاء حتى نشاركهم في هذا الاجر فقال لهم عليه الصلاة والسلام الا اعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم من سبقكم اي الى الدرجات العالية والمنازل الرفيعة ولا يكون احد افضل منكم الا من صنع مثل ما صنعتم اي ولكن من صنع مثل ما صنعتم فلا تسبقونه ولا يفظل عليه احد كما لا يفظل عليكم قالوا بلى يا رسول الله اي نريد ذلك لانهم ما جاءوا اصلا الا طمعا في الخير ورغبة فيه قال تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين بحيث يكون المجموع تسعا وتسعين مرة فقوله ثلاثا وثلاثين شامل لكل تسبيحة وكل تكبيرة وكل تحميدة فسمع الانصار الذين هم اهل الدثور بهذا فبادروا الى العمل به فاخذوا يسبحون ويكبرون ويحمدون ادبار الصلوات ثلاثا وثلاثين مرة مثل المهاجرين فاصبحت الشكوى السابقة باقية فاتى الفقراء الى النبي صلى الله عليه وسلم مرة اخرى وقالوا يا رسول الله سمع اخواننا اهل الاموال بما فعلنا ففعلوا مثله فقال ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فافادوا الحديث ان من فوائد الذكر بهذه الكلمات ان ادامته تنوب عن الطاعات وتقوم مقامها سواء كانت بدنية او مالية او بدنية مالية كحج التطوع فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الذكر عوضا لهم عما فاتهم من الحج والعمرة والجهاد واخبرهم انهم يسبقون بهذا الذكر وقد ظن الفقراء الا صدقة الا بالمال وهم عاجزون عن ذلك فاخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم ان جميع انواع فعل المعروف والاحسان صدقة وذكر في مقدمة هذه الصدقات هؤلاء الكلمات الاربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وفيه ايضا دليل على ان هذا الذكر ميدان سباق في طاعة الله وان اهل الذكر به بالكثرة هم السباقون كما قال النبي عليه الصلاة والسلام سبق المفردون وعن سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه قال جاء اعرابي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علمني كلاما اقوله. قال قل لا اله الا الله وحده لا شريك له الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا سبحان الله رب العالمين لا حول ولا قوة الا بالله العزيز الحكيم قال فهؤلاء لربي فما لي قال قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني. رواه مسلم وعن عبد الله ابن ابي اوفى قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني لا استطيع ان اخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزيني منه قال قل سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم قال يا رسول الله هذه لله فما لي قال قل اللهم ارحمني وارزقني وعافني واهدني فلما قام قال هكذا بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما هذا فقد ملأ يده من الخير. رواه ابو داوود مجيء هذا الاعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم هذه سنة مباركة. حيث كان الاعرابي يتوافدون على النبي صلى الله عليه وسلم وايضا على اصحابه من بعده وعلى العلماء لمعرفة الخير فالخير لابد ان يفد الانسان اليه وان يقبل عليه وان يبحث عنه وان يسأل عنه والا يبقى منقطعا في هجرته او في قريته او في مكانه او عند غنمه منعزلا عن الخير بل ينبغي ان يقدم الى اماكن العلم واماكن الخير ويسأل عن الخير ثم يرجع الى مكانه لا ان يبقى حياته الى ان يأتيه الموت وهو معطل نفسه عن معرفة الخير فهذا يؤخذ منه منهج عظيم وهو انه ينبغي على من اراد لنفسه الخير من اهل القرى والضيعات ان يقدم الى اماكن العلم بان يخصص وقتا من حياته يقدم فيه على اهل العلم ويسأل ويتعلم دينه وقد قال عليه الصلاة والسلام انما العلم بالتعلم وقد كان الصحابة رضي الله عنهم من حول النبي عليه الصلاة والسلام يفرحون اذا جاء اعرابي لانه سيسأل اسئلة وحينئذ سيخرج علم ويستفيد الناس ويحصل امور فيها نفع عظيم وفائدة كبيرة قال الاعرابي يا رسول الله علمني كلمات اقولهن طلب ان يرشده الى ذكر يقوله ويحافظ عليه فقال له عليه الصلاة والسلام قل لا اله الا الله وحده لا شريك له الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله العالمين ولا حول ولا قوة الا بالله العزيز الحكيم فعلمه هؤلاء الكلمات العظيمة وكلها ذكر لله فقال الاعرابي هؤلاء لربي فما لي؟ اي هذا كله ذكر لله. كله تمجيد وثناء وتحميد وتكبير فكله لله فما لي اي انا اريد شيئا لي دعوات اسألها ربي فقال له النبي عليه الصلاة والسلام قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني وقد ارشده النبي عليه الصلاة والسلام على المواظبة على هؤلاء الكلمات وهذا نستفيد من ان كل مسلم يرشد ويرغب في المواظبة على هذه الكلمات التي احب الكلام الى الله عز وجل وارشده عليه الصلاة والسلام الى هذا الدعاء الجامع لخيري الدنيا والاخرة وهو دعاء جامع محيط بالخير جزء منه يتعلق بثواب الاخرة وجزء منه يتعلق بامر الانسان في الدنيا ومعاشه فيها وبدأ صلوات الله وسلامه عليه بما يتعلق بالاخرة لان شأنها اعظم وامرها اجل فقال قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني قوله اللهم اصلها يا الله حذف من اولها ياء النداء وعوض عنه بالميم التي في اخرها فهي نداء لله بهذا الاسم العظيم الذي هو من اعظم اسماء الله تبارك وتعالى او اعظمها وقوله اغفر لي اي ذنبي كله دقه وجله اوله واخره سره وعلنه فسأل الله عز وجل مغفرة الذنوب وهو سترها لان الغفر هو الستر والتغطية فطلب ستر ذنوبه والصفح عنه والتجاوز عن خطأه وتقصيره وقوله ارحمني سأله ان يشمله تبارك وتعالى برحمته وان يدخله برحمته التي يرحم بها عباده المؤمنين فيصلون الى كل خير ويوفقون الى كل مآل حميد في الدنيا والاخرة وقوله واهدني والهداية هي العلم بالخير والعمل به. كما في الدعاء الذي في سورة الفاتحة اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم المقصود هنا اهدني للعلم النافع والعمل الصالح وقوله وعافني سأل الله ان يعافيه فيما يستقبل من ايامه بان يحفظه في سمعه ويحفظه في بصره ويحفظ ماله ويحفظ ولده وقوله وارزقني اي الرزق الطيب الحلال الذي يكون به صلاح معاشي فلما ولى الاعرابي قال النبي صلى الله عليه وسلم لقد ملأ يديه بالخير لانه تمسك بهذا الخير العظيم والفضل العميم الذي ارشده اليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في هذا الذكر ومن كان عنده هذا الذكر وهذا الدعاء مواظبا عليه معتنيا به محافظا عليه فيداه مملوءتان بالخير كما اخبر بذلك النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته