بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن فضائل الكلمات الاربع سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيت ابراهيم ليلة اسري بي فقال يا محمد اقرئ امتك مني السلام واخبرهم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وانها قيعان وان غراسها سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر رواه الترمذي لقي النبي عليه الصلاة والسلام ليلة اسري به ابراهيم اي الخليل عليه السلام فقال يا محمد اقرئ امتك مني السلام واخبرهم ان الجنة طيبة التربة. عذبة الماء وانها قيعان والقيعان هي الارض المستوية المنبسطة الخصبة الصالحة للزراعة وماؤها عذب فهي مهيئة للزرع لو قيل لاحدنا يوجد ارض ثمنها لا يكلف كثيرا وصفتها كذا وكذا من الاوصاف الطيبة تحرك قلبه ان يمتلكها وان يزرع فيها من النخيل واطيب الاشجار ما تحبه نفسه فانظر هذا الترغيب ما اعظمه. وهذا من نصح ابراهيم عليه السلام لامة محمد صلى الله عليه وسلم قال اقرئهم مني السلام واخبرهم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وانها قيعان اي جاهزة تماما لان يكثر فيها الغرس وغرسها لا يكلف شيئا غراسها التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير بينما غرس شجر الدنيا يحتاج الى جهد جهيد تاج الى عمال ومعاول وعمل وحفر واشياء كثيرة حتى يغرس هذا الشجر دخل احد الناصحين على رجل مسن له سنوات وهو على فراشه اقعده المرض والكبر فلما سلم عليه وجلس معه قليلا امسك يده وقال له يا فلان اغرس نخلا واخذ يعيدها عليه اغرس نخلا وهو مقعد لا يتحرك ولا يمتلك مالا فكأنه لم ينتبه فقال له سبح كبر احمد الله هلل يشير الى هذا الحديث الشاهد ان هذا الغرس لا يكلف الانسان شيئا حتى وهو على فراشه يمكنه غرس هذا النخل وبكثرة بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير فهي غراس الجنة الحاصل ان الجنة ارضها خصبة مهيأة للزرع والانبات وماؤها طيب واذا كانت الارض طيبة والماء طيب يطمئن الى نماء الشجر فيها والى حسن ثمرها. والفلاح عندما يريد ان يزرع لا يختار اي ارض بل يعرف الاماكن الصالحة للزراعة من غيرها. اذ بعظ الاماكن لو زرع فيها بعظ الاشجار لا تثمر او لا تنمو النمو الحسن والجنة ارض طيبة وماؤها طيب وهي قيعان والشجر ينبت فيها بسرعة وهذه الاوصاف للارض تسيل لعاب الفلاحين فالفلاح الذي له نهمة ورغبة في الاشجار والنخيل والزراعة وعنده اموال عندما يذكر له ارض بهذه الصفة ارض طيبة وماؤها عاد وهي قيعان منبسطة مستوية ليس فيها تعرجات او علو وانخفاض اشتراها ولو باغلى الاثمان والجنة غراسها سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر فكلما زاد العبد من هذه الكلمات المباركات زاد غرسه في الجنة فاذا قال الحريص اذا نكثر وقد قال ذلك بعض الصحابة فقال النبي عليه الصلاة والسلام في هذا المقام الله اكثر فهذا باب خير مفتوح فقل ما شئت من هذا الذكر واظب عليه يزد غرسك في الجنة والله واسع عليم وكما ان غرس بساتين الجنة بالذكر فكذلك بناء مساكنها عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع اي قال الحمد لله وانا لله وانا اليه راجعون فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد فالذكر غراس الجنة وبناؤها وعن عبد الله ابن عمر ابن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما على الارض رجل يقول لا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة الا بالله الا كفرت عنه من ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر رواه الترمذي واحمد واللفظ له وعن انس بن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشجرة يابسة الورق فضربها بعصاه فتناثر الورق فقال ان الحمد لله وسبحان الله ولا اله الا الله والله اكبر لتساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة. رواه الترمذي والمراد بالذنوب المكفرة هنا اي الصغائر. لما ثبت في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات لما بينهن اذا اجتنبت الكبائر تقيد التكفير باجتناب الكبائر لان الكبيرة لا يكفرها الا التوبة وعن عبد الله ابن شداد ان نفرا من بني عذرة ثلاثة اتوا النبي صلى الله عليه وسلم فاسلموا قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يكفي نيهم قال طلحة انا قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يكفينيهم؟ قال طلحة انا قال فكانوا عند طلحة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا فخرج فيه احدهم فاستشهد قال ثم بعث بعثا فخرج فيه اخر فاستشهد قال ثم مات الثالث على فراشه قال طلحة فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة ورأيت الميت على فراشي امامهم ورأيت الذي استشهد اخيرا يليه ورأيت الذي استشهد اولهم اخرهم قال فدخلني من ذلك قال فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما انكرت من ذلك ليس احد افضل عند الله من مؤمن يعمر في الاسلام لتسبيحه وتكبيره وتهليله رواه احمد وقد دل هذا الحديث العظيم على عظم فضل من طال عمره وحسن عمله ولم يزل لسانه رطبا بذكر الله عز وجل مكثرا من هؤلاء الكلمات الاربع وعن ابي سعيد الخدري وابي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله اصطفى من الكلام اربعا سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر فمن قال سبحان الله كتب له عشرون حسنة وحط عنه عشرون سيئة ومن قال الله اكبر فمثل ذلك. ومن قال لا اله الا الله فمثل ذلك ومن قال الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتب له بها ثلاثون حسنة او حط عنه ثلاثون سيئة. رواه الترمذي فيه ان الله اختار هؤلاء الكلمات واصطفاهن لعبادة ورتب على ذكره بهن اجورا عظيمة وثوابا جزيلا وقد زاد في ثواب الحمد عندما يقوله العبد من قبل نفسه لان الحمد لا يقع غالبا الا بعد سبب كاكل او شرب او حدوث نعمة فكأنه وقع في مقابلة ما اسدي اليه وقت الحمد فاذا انشأ العبد الحمد من قبل نفسه دون ان يدفعه لذلك تجدد نعمة زاد ثوابه وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا جنتكم قلنا يا رسول الله من عدو قد حضر؟ قال لا جنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر فانهن يأتين يوم القيامة منجيات ومقدمات وهن الباقيات الصالحات. رواه الحاكم في المستدرك فمن فضائلهن انهن جنة لقائلهن من النار ويأتينا يوم القيامة منجيات لقائلهن ومقدمات له في المنازل والدرجات ووصفهن بانهن الباقيات الصالحات. وقد قال الله تعالى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا والباقيات اي التي يبقى ثوابها ويدوم جزاؤها وهذا خير امل يأمله العبد وافضل ثواب يرجوه وعن ابي سلمى رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بخ بخ واشار بيده بخمس. ما اثقلهن في الميزان. سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه. رواه الحاكم وابن حبان فاخبر صلى الله عليه وسلم انهن ثقيلات في الميزان. وقوله في الحديث بخ بخ هي كلمة تقال عند الاعجاب بالشيء وبيان تفضيله فهذه بعظ الفظائل الواردة في السنة النبوية لهؤلاء الكلمات الاربع وقد ورد لكل كلمة منهن فضائل مخصوصة سيأتي تفصيلها ان شاء الله ومن يتأمل هذه الفضائل المتقدمة يجد انها عظيمة ودالة على عظيم قدر هؤلاء الكلمات ورفعة شأنهن وكثرة فوائدهن وعوائدهن على العبد المؤمن فما اعظم هؤلاء الكلمات وما اجل شأنهن وما اكبر الخير المترتب عليهن نسأل الله عز وجل ان يوفقنا للمحافظة عليهن وان يجعلنا من اهلهن الذين السنتهم رطبة بذلك انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته