بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عن فضل التهليل وثوابه الجزيل عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مئة حسنة ومحيت عنه مئة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت احد بافضل مما جاء به الا احد عمل اكثر من ذلك. رواه البخاري ومسلم جمع عليه الصلاة والسلام في قوله من قال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير بين التوحيد وبراهينه التوحيد الذي خلقنا الله عز وجل لاجله واوجدنا لتحقيقه وبراهينه ودلائله الدالة على وجوب اخلاصه لله وافراده به سبحانه دون سواه اما التوحيد ففي قوله لا اله الا الله فهذه الكلمة العظيمة هي كلمة التوحيد وهي اجل الكلمات وافضلها واعظمها على الاطلاق ولا يوجد في الكلمات كلمة افضل منها. كما قال عليه الصلاة والسلام وخير ما قلته انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا توحيد الا بها وهي قائمة على ركنين النفي والاثبات لا اله نفي الا الله اثبات فلا يكون المرء موحدا الا بهذا النفي والاثبات فعندما يقول المسلم لا اله الا الله لابد مع قولها ان يعرف ما الذي نفته وما الذي اثبتت ليكون نفيه واثباته عن علم كما قال الله عز وجل الا من شهد بالحق وهم يعلمون قال المفسرون الا من شهد بلا اله الا الله وهم يعلمون معنى ما شهدوا به وقال الله تعالى فاعلم انه لا اله الا الله والنفي الذي اشتملت عليه هذه الكلمة هو نفي عام لا اله نفي عام للعبودية عن كل من سوى الله الا الله اثبات خاص للعبودية بكل معانيها لله وحده ففي قول لا اله الا الله نفي للعبودية عن كل من سوى الله واثبات للعبودية بكل معانيها لله وحده فلا اله الا الله اي لا معبود بحق الا الله قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين ولما كان مقام التوحيد مقاما عظيما وشأنه شأنا جليلا اكده في هذا التهليل المبارك بركنيه النفي والاثبات. وذلك في قوله وحده لا شريك له فهي مؤكدة للتوحيد. فقوله وحده تأكيد للاثبات وقوله لا شريك له تأكيد للنفي واما براهين التوحيد ففي قوله له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فهذه براهين للتوحيد بمعنى ان من عرف ان الملك لله وان الحمد لله وان الله على كل شيء قدير وان مشيئته نافذة وان قدرته شاملة الى غير ذلك من المعاني فان الواجب عليه ان يخلص العبادة لله. فلا يدعو الا الله ولا يستغيث الا بالله ولا يطلب المدد والعون والنصر والشفاء الا من الله يستحب للمسلم ان يقول هذه الكلمة في اليوم مئة مرة ولا يكون قوله لها مجرد الفاظ يأتي بها لسانه دون ان يستشعر معناها بل عليه ان يرددها مستشعرا للتوحيد الذي دلت عليه والاخلاص والبراءة من الشرك والتعظيم والتمجيد لله تبارك وتعالى وقد تقدم فظل من قالها في يوم مئة مرة فهل تقال في الصباح الباكر او تؤخر الاولى بلا ريب ان يؤتى بها في الصباح الباكر مع اذكار الصباح لسببين الاول مسارعة في الخيرات مبادرة في تحصيل هذا الخير العظيم والثواب العظيم والمرء لا يدري ما يعرض له الثاني تحصيل ما يترتب على هذه الكلمة من اجور العظيمة والافضال الكريمة من اول النهار ومن ذلك ان تكون حرزا له من الشيطان وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام في ثوابه هذا التهليل في اليوم مئة مرة فضائل عظيمة الفضيلة الاولى كانت له عدل عشر رقاب اي له ثواب يعادل عشر رقاب كانه اعتق عشر رقاب في سبيل الله لو اراد المرء ان يعتق في يومه رقابا في سبيل الله لاحتاج الى المال ثم اذا توفر المال قد لا تتوفر الرقاب للعتق في سبيل الله لكنه اذا قال هذه الكلمة في اليوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب وهذا فضل الله سبحانه وهو يدل ايضا على عظيم مكانة هذه الاذكار عند الله ومحبته ان يكثر العباد منها ليكثر بها ثوابهم عنده سبحانه الفضيلة الثانية كتبت له مئة حسنة اي بكل كلمة من هؤلاء الكلمات يكتب له حسنة عند الله لكن ما نوع هذه الحسنة يوضح ذلك حديث ابي ذر رضي الله عنه في مسند الامام احمد عندما سأل النبي عليه الصلاة والسلام فقال افمن الحسنات لا اله الا الله قال عليه الصلاة والسلام هي احسن الحسنات الحسنة التي تكتب له هي احسن الحسنات واجلها وافضلها الفضيلة الثالثة ومحيت عنه مائة سيئة ان يمحى عنه مئة سيئة من سيئاته التي اقترفها وفعلها الفضيلة الرابعة وكانت له حرزا من الشيطان يومه هذا حتى يمسي اي تكون حافظا وواقيا وحصنا حصينا من الشيطان فلا يقربه الشيطان يومه ذلك حتى يمسي. لانه اصبح في حصن حصين وحرز متين يقيه من الشيطان الرجيم فلا يقربه الفضيلة الخامسة ولم يأت احد بافضل مما جاء به الا رجل عمل اكثر منه اي الا رجل اتى بهذا العمل ثم استزاد من ابواب البر الكثيرة من صلاة وصدقة وبر للوالدين وصلة للارحام الى غير ذلك ومن فضائل لا اله الا الله انها ترجح بصحائف الذنوب يوم القيامة كما في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما المخرج في المسند وسنن النسائي والترمذي وغيرها باسناد جيد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يصاح برجل من امتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر ثم يقول الله تبارك وتعالى له اتنكر من هذا شيئا؟ فيقول لا يا رب فيقول عز وجل الك عذر او حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول لا يا رب فيقول عز وجل بلى ان لك عندنا حسنة وانه لا ظلم عليك فتخرج له بطاقة فيها اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله. فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول عز وجل انك لا تظلم. قال فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة عطاشة السجلات وثقلت البطاقة ولا ريب ان هذا قد قام بقلبه من الايمان ما جعل بطاقته التي فيها لا اله الا الله تطيش بتلك السجلات اذن الناس متفاضلون في الاعمال بحسب ما يقوم بقلوبهم من الايمان والا فكم من قائل للا اله الا الله لا يحصل له مثل هذا لضعف ايمانه بها في قلبه وقد ورد في الصحيحين من حديث انس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يخرج من النار من قال لا اله الا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ويخرج من النار من قال لا اله الا الله وفي قلبه وزن برة من خير ويخرج من النار من قال لا اله الا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير فدل ذلك على ان اهل لا اله الا الله متفاوتون فيها بحسب ما قام في قلوبهم من ايمان ومن فضائل هذه الكلمة انها لو وزنت بالسموات والارض رجحت بهن كما في مسند الامام احمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان نوحا قال لابنه عند موته امرك بلا اله الا الله فان السماوات السبع والاراضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا اله الا الله في كفة رجحت بهن لا اله الا الله ولو ان السماوات السبع في حلقة مبهمة لقسمتهن لا اله الا الله ومن فضائلها انها ليس لها دون الله حجاب بل تخرق الحجب حتى تصل الى الله عز وجل ففي الترمذي باسناد حسن عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما قال عبد لا اله ان الله مخلصا الا فتحت له ابواب السماء حتى تفظي الى العرش ما اجتنب الكبائر ومن فضائلها انها نجاة لقائلها من النار ففي صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم سمع مؤذنا يقول اشهد ان لا اله الا الله فقال خرج من النار وفي الصحيحين من حديث عتبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك وجه الله ومن فضائل هذه الكلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم جعلها افضل شعب الايمان ففي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الايمان بضع وسبعون شعبة اعلى قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق ومن فضائلها ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر انها افضل الذكر كما في الترمذي وغيره من حديث جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول افضل الذكر لا اله الا الله وافضل الدعاء الحمد لله وفضائل هذه الكلمة وموقعها من الدين فوق ما يصفه الواصفون ويعده العادون. واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير. وان يصلح لنا شأننا كله انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته