بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد الحديث عن فضل التسبيح والتحميد وكثيرا ما يقرن بينهما في النصوص عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم رواه البخاري ومسلم هذا حديث عظيم ختم به الامام البخاري رحمه الله كتابه الصحيح وكان قد بدأه بحديث انما الاعمال بالنيات. اشارة منه رحمه الله الى ان العمل اول ما يبدأ يكون نية واخر امره يوزن يوم القيامة ثم تكون المجازات وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث باسلوب مشوق وهذا من كمال لنصحه عليه الصلاة والسلام لان سبحان الله وبحمده مبتدأ وخبره كلمتان حبيبتان ولكن النبي عليه الصلاة والسلام اخر المبتدأ ليشوق اليه واكثر من وصف الخبر تشويقا وترغيبا قوله خفيفتان على اللسان اي ليست تكلف اللسان جهدا او مشقة بل هي خفيفة عليه وبعض الكلام قد يكون مثلا في تركيبه ثقل وكلماته صعبة النطق فيكون فيها شيء من الثقل لكن هاتين الكلمتين خفيفتان على اللسان وقوله ثقيلتان في الميزان اي عندما توضع يوم القيامة في الميزان لها ثقل عظيم فيه وفي هذا اثبات ميزان يوم القيامة وهو ميزان حقيقي له كفتان كفة توضع فيها الحسنات وكفة توضع فيها السيئات وهاتان الكلمتان يثقل بهما ميزان حسنات العبد يوم القيامة وقوله حبيبتان للرحمن اي ان الله سبحانه يحب ان يسمعها من عبده مع انه غني عن تسبيح العبد فلا تنفعه طاعة من اطاع ولا تضره معصية من عصى. ولكن من عظيم كرمه وكمال احسانه يحب ان يسمعها من عبدا وذكر هنا اسم الله تبارك وتعالى الرحمن اشارة الى عظم حظ قائلها من رحمة الله فمن حافظ عليها فله نصيب وافر من رحمة الله التي خص بها عباده المؤمنين وكان بالمؤمنين رحيما وقد خص لفظ الرحمن بالذكر لان المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله على عباده حيث يجازي على العمل القليل الثواب الجزيل اجر العظيم وقد جمع هنا مع التسبيح. في الجملة الاولى الحمد وفي الجملة الثانية التعظيم والحمد فيه اثبات المحامد كلها لله. والتعظيم فيه اثبات العظمة لله والعظيم اسم من اسمائه الحسنى وهو دال على عظمة الله في اسمائه وعظمته في ذاته وعظمته في صفاته وعظمته في شرعه والتسبيح تارة ياتي في القرآن مقترنا بالحمد وتارة يأتي مقترنا بالاسماء والصفات وهنا في هذا الحديث اجتمع النوعين فقوله سبحان الله وبحمده جاء التسبيح مقترنا بالحمد وقوله سبحان الله العظيم جاء مقترنا بالصفات وهذا فيه التنبيه الى ان تسبيح الله تبارك وتعالى لابد معه من حمده واثبات صفاته ففي قوله سبحان الله وبحمده نزه وحمد وفي قوله سبحان الله العظيم نزه وعظم وفي هذا دلالة على ان التسبيح لابد معه من اثبات عظمة الله وكماله في صفاته ونعوته سبحانه وذلك لان التسبيح هو تنزيه لله عن النقائص والعيوب والتحميد فيه اثبات المحامد كلها لله والاثبات اكمل من السلب. ولهذا لم يرد التسبيح مجردا ولكن ورد مقرونا بما يدل على اثبات الكمال فتارة يقرن بالحمد كما في هذه النصوص وتارة يقرن باسم من الاسماء الدالة على العظمة والجلال كقول سبحان الله العظيم وقول سبحان ربي الاعلى ونحو ذلك والتنزيه لا يكون مدحا الا اذا تضمن معنى ثبوتيا. ولهذا عندما نزه الله تبارك وتعالى نفسه عما لا يليق به مما وصفه به اعداء الرسل سلم على المرسلين الذين يثبتون لله صفة كماله ونعوت جلاله على الوجه اللائق به وذلك في قوله سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وفي هذه الاية ايضا حمد الله نفسه بعد ان نزهها وذلك لان الحمد فيه اثبات كمال الصفات والتسبيح في تنزيه الله عن النقائص والعيوب فجمع في الاية بين التنزيه عن العيوب بالتسبيح واثبات الكمال بالحمد وهذا المعنى يرد في القرآن والسنة كثيرا فالتسبيح والحمد اصلا عظيم ان واساسان متينان يقوم عليهما المنهج الحق في توحيد الماء والصفات فينبغي على العبد ان يجاهد نفسه على الاكثار من هاتين الكلمتين في كل اوقاته وهي لا تختص بوقت معين وانما تقال متى ساء العبد يحرك لسانه بها ليثقل ميزانه وليفعل امرا حبيبا الى الرحمن سبحانه ومن فضائل التسبيح والتحميد ما رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وغيرهم من طريق ابي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة ومن فضائلهما ما رواه الطمراني والحاكم من حديث نافع بن جبير بن مطعم عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك فقالها في مجلس ذكر كانت كالطابع اطبع عليه. ومن قالها في مجلس لغو كانت كفارة له وروى الترمذي وابن حبان والحاكم عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل ان يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك الا غفر له ما كان في مجلسه ذلك وعن ابي ذر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال افضل الكلام ما اصطفى الله لملائكته سبحان الله وبحمده رواه مسلم وفي لفظ اخر الحديث ان ابا ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اخبرك باحب الكلام الى الله؟ قلت يا رسول الله اخبرني باحب الكلام الى الله قال ان احب الكلام الى الله سبحان الله وبحمده فدل هذا الحديث على عظيم مكانة هذه الكلمة عند الله عز وجل ومن فضائلهما ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ان من قال سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حطت عنه ذنوبه ولو كثرت ففي الصحيح من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وان كانت مثل زبد البحر وثبت عنه صلى الله عليه وسلم ان من قالها في الصباح مئة مرة وفي المساء مئة مرة لم يأت احد يوم القيامة بافضل مما جاء به الا من قال مثل ذلك وزاد عليه فقد روى مسلم في صحيحه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مئة مرة لم يأت احد يوم القيامة بافضل مما جاء به الا احد قال مثلما قال او زاد عليه التسبيح في هذه الاحاديث قرين التحميد وفي القرآن يقول الله تعالى ونحن نسبح بحمدك وقال سبحانه تسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليما غفورا وقال سبحانه فسبح بحمد ربك واستغفروا انه كان توابا فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن كما ثبت ذلك في الحديث عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها فجعل قوله سبحانك اللهم وبحمدك تأويل فسبح بحمد ربك قد قال الله تعالى فاصبر ان وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والابكار وقال فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والارض وعشيا وحين تظهرون والنصوص في اقترانهما كثيرة ومما ورد في فضل التسبيح ما رواه مسلم عن سعد ابن ابي وقاص قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ايعجز احدكم ان يكسب كل يوم الف حسنة فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب احدنا الف حسنة قال يسبح مائة تسبيحة في كتب له الف حسنة او يحط عنه الف خطيئة وهذا اسلوب تشويق وترغيب. وكثيرا ما يأتي مثل هذا الاسلوب في حديثه صلوات الله وسلامه عليه وهذا من كمال نصحه لامته وشدة حرصه على نفعهم وارتفاعهم وعنايتهم بذكر الله وبطاعته عموما قوله ايعجز احدكم ان يكسب كل يوم الف حسنة لما قال ذلك عليه الصلاة والسلام تحركت قلوب الصحابة شوقا لمعرفة هذا الامر فقال سائل من جلسائي كيف يكسب احدنا الف حسنة؟ اي ما الطريقة التي نحصل بها هذا القدر من الحسنات فقال عليه الصلاة والسلام يسبح مائة تسبيحة ان يقول سبحان الله مئة مرة فتكتب له الف حسنة او تحط عنه الف خطيئة تكتب له الف حسنة لان الحسنة بعشر امثالها واذا قال سبحان الله مئة مرة والحسنة بعشر امثالها فهذه الف حسنة وهذا ثواب عظيم واجر جزيل ربما ان المرء يحصله في دقيقتين او ثلاث والذنوب المكفرة هنا هي الصغائر. اما الكبائر فلا بد فيها من التوبة. كما قال الله تعالى ان تجتنبوا كبائر وما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما وقال تعالى الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش الا اللمم. ان ربك واسع المغفرة واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله وان يهدينا اليه صراطا مستقيما انه سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته