بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فان اذكار طرفي النهار تعد من اعظم الاذكار الموظفة والمقيدة شأنا واعظمها لها مكانة وهي اوسع الاذكار المأثورة المقيدة واكثرها احاديث وقد تنوعت هذه الاحاديث التي وردت في اذكار طرفي النهار في ابواب الدين المختلفة توحيدا وعقيدة وعبادة وخلقا وسلوكا كما سيأتي وجدير بالمسلم ان يكون مواظبا على الاذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذين الوقتين مقدما لها على سائر اموره ولا ينبغي للعبد ان يخل بها لشدة حاجته اليها في كل يوم وليلة لانها حفظ له ورفعة لدرجاته وتكفير لسيئاته وتكثير لحسناته ووقاية له من الشرور والافات وثمارها ومنافعها لا تعد ولا تحصى روى الطبري عن عمرو بن ابي سلمة قال سألت الاوزاعي عن قراءة القرآن اعجب اليك ام الذكر فقال سل ابا محمد يعني سعيد ابن المسيب فسألته فقال بل القرآن فقال الاوزاعي انه ليس شيء يعدل القرآن ولكن انما كان هدي من سلف يذكرون الله تعالى قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فاشار رحمه الله الى ان القرآن هو افضل الاذكار ولا يعدله شيء لكن الاذكار الواردة في الصباح والمساء وادبار الصلوات وغيرها تكون في وقتها افضل هذا وينبغي التنبه الى ان هذه الاذكار ليست مجرد كلمات تقال او الفاظ يؤتى بها فقط بل هي اذكار جاءت لتجدد التوحيد وتقوي العقيدة وتمتن الصلة بالله سبحانه وتعالى وتقوي التوكل عليه والثقة به لتكون صلة متجددة بالله ثناء عليه وتعظيما وتمجيدا وتقديسا وتوحيدا بتجدد الليالي والايام ايام ومن كان يأتي بهذه الاذكار دون ان يعي مقاصدها ويحقق ما دلت عليه من توحيد واعتقاد وايمان وتوكل فانها تكون في حقه ظعيفة الاثر ان لم تكن عديمة الاثر اذ لا ينتفع بها الا من قالها محققا معانيها وغاياتها ومقاصدها ووقت هذه الاذكار ما بين الصبح وطلوع الشمس وما بين العصر وغروب الشمس يقال لهما طرفا النهار لانهما اول النهار واخره يبدأ بهما النهار ويختم واول النهار هو الوقت الذي يسبق طلوع الشمس واخر النهار هو الوقت الذي يسبق غروبها وهذان الوقتان هما خير اوقات الذكر وافضلها واعظمها شأنا وقد جاء في الترغيب في ذكر الله تبارك وتعالى في هذين الوقتين نصوص كثيرة بالكتاب والسنة قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا والبكرة اول النهار قبل طلوع الشمس. والاصيل اخر النهار ما بين العصر وغروب الشمس قد قال النبي عليه الصلاة والسلام بورك لامتي في بكورها. وشأن البكور شأن عظيم لانه مفتاح اليوم وبدايته وما يكون في اول النهار ينسحب على باقيه كما قال بعض اهل العلم اول النهار شبابه واخر النهار شيخوخته ومن شب على شيء شاب عليه اي ان الذي يكون عليه الانسان في الصباح الباكر هو الذي يكون عليه طيلة يومه فما يكون في اول النهار يكون كذلك في اخره ان نشاطا فنشاط وان كسلا فكسل واذا ظيع المرء اول اليوم الذي هو وقت البركة والفظيلة وحلول الارزاق فان يومه يضيع ولهذا ينبغي تعلم الاذكار المشروعة المأثورة الثابتة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم والتي يستحب ان تقال في الصباح الباكر وان يعود المرء نفسه عليها حتى تصبح امرا معتادا مألوفا لا يستطيع المرء ان ينفك عنه ولا يستطيع بركة وهكذا ايضا اخر النهار وهو الوقت الذي بعد العصر الى قبل غروب الشمس يحافظ على اذكاره المشروعة فيه ليكون مفتتح يومه ومختتمه ذكر الله وقد امر الله عز وجل بذكره وتسبيحه في هذين الوقتين لكن ما الاذكار التي تقال؟ وما الفاظها؟ وما اعدادها جاءت السنة النبوية شارحة لذلك ومبينة ولهذا فان امتثال امر الله تبارك وتعالى بذكره في هذين الوقتين يكون باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم والتعرف على هديه صلوات الله وسلامه عليه في ذكر الله تبارك وتعالى في بهذين الوقتين العظيمين فقد بينت السنة الاذكار التي يحسن بالمسلم ان يواظب عليها في هذين الوقتين فالاحاديث الصحيحة الواردة في تعيين الاذكار التي تقال في هذين الوقتين عديدة وسيأتي عرض لجملة منها مع بيان معانيها وايظاح هداياتها ومقاصدها وقال الله تعالى وسبح بحمد ربك بالعشي والابكار الابكار اول النهار والعشي اخره وقال تعالى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وقال تعالى وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ففيها الامر بالجمع بين ذكر الله تعالى في اول النهار وهو الابكار واخر النهار وهو العشي ويقال له الاصال وعن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لان اقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس احب الي من ان اعتق اربعة من ولد اسماعيل ولان اقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر الى ان تغرب الشمس احب الي من ان اعتق اربعة. رواه ابو داوود وفيما يلي عرظ لشيء من هذه الاذكار المشروعة والادعية المأثورة التي تقال في هذين الوقتين الفاضلين مع بيان شيء من معانيها العظيمة ودلالاتها القويمة روى ابو داوود والترمذي وغيرهما عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء هذا من الاذكار العظيمة التي ينبغي ان يحافظ عليها المسلم كل صباح ومساء ليكون بذلك محفوظا باذن الله. من ان يصيبه فجأة بلاء او ظر او نحو ذلك جاء في سنن الترمذي عن ابان ابن عثمان رحمه الله وهو راوي الحديث عن عثمان انه قد اصابه طرف فالج وهو شلل يصيب احد شقي الجسم فجعل رجل منهم ينظر اليه فقال له ابان ما تنظر اما ان الحديث كما حدثتك ولكني لم اقله يومئذ ليمضي الله علي قدره والسنة في هذا الذكر ان يقال ثلاث مرات كل صباح ومساء كما ارشد النبي صلى الله عليه وسلم الى ذلك قوله في هذا الحديث بسم الله اي بسم الله استعيذ فكل فاعل يقدر فعلا مناسبا لحاله عندما يبسمل الاكل يقدر بسم الله اكل والدابح يقدر بسم الله اذبح. والكاتب يقدر بسم الله اكتب وهكذا وقوله الذي لا يظر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء اي لا سبيل الى وصول الظر اليه لا من جهة الارظ ولا من جهة السماء فانه لا يظر مع اسم الله فانه لا يظر مع اسم الله شيء. وما دام ان المرء ذاكر لله فهو في حصن حصين وحرز مكين ولهذا يسمي بعض اهل العلم اذكار الصباح والمساء وغيرها حصن المسلم او الحصن الحصين او نحو ذلك لانه لا يضر المرء شيء ما دام ذاكرا لله والله عز وجل كاف عبده اذا التجأ اليه واعتصم به ومن يتوكل على الله فهو حسبه وقوله وهو السميع العليم اي السميع لاقوال العباد والعليم بافعالهم الذي لا تخفى عليه خافية في الارض ولا في السماء وقوله فيضره شيء شيء نكرة وتعم هنا. تعم جميع الاشياء فيشمل الشياطين والاسقام والامراض ويشمل ايضا اعتداء ذوات السموم كالحية والعقرب الى غير ذلك فما يضره شيء ولو قدر ان عقربا او حية لدغته فانه لا يظره سمها قوله عليه الصلاة والسلام ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة هذا فيه تأكيد على المواظبة على هذا الذكر في كل يوم في الصباح ثلاث مرات وفي المساء ثلاث مرات فاذا وفق العبد للمواظبة عليه لا يظره شيء في ايامه ولا في لياليه. لانه يكون محفوظا بحفظ الله سبحانه وتعالى ولابد مع المواظبة من اليقين بالله والثقة به والسيف كما يقال بضاربه فهذا ذكر عظيم ومؤثر لكن اذا كان الانسان ليس عنده ثقة ولا يقين فالتأثير فيه يضعف تماما هذا واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير. وان يصلح لنا شأننا كله. والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين