بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن الاذكار المأثورة في طرفي النهار عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت احد يوم القيامة بافضل مما جاء به الا احد قال مثلما قال او زاد عليه. رواه مسلم هذا من اذكار الصباح والمساء العظيمة ان يقول المسلم في صباح كل يوم ومسائه سبحان الله وبحمده مئة مرة جمع بين التسبيح والتحميد والتسبيح تنزيه لله وتقديس وتبرئة له من كل ما لا يليق به سبحانه وتعالى مما ينافي كماله وعظمته وجلاله قال الله تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون وقال تعالى قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه والحمد هو اثبات الكمال لله سبحانه وقوله سبحان الله وبحمده اي اسبح الله حال كوني حامدا له وهو تسبيح مع اثبات الكمال لله سبحانه قوله لم يأت احد يوم القيامة بافضل مما جاء به الا احد قال مثلما قال او زاد عليه هذا فضل عظيم وليس معنى قوله وزاد عليه ان يقول سبحان الله وبحمده مائة مرة وعشر مرات مثلا بل تعد المئة كاملة كما جاءت في الحديث والزيادة تكون بانواع الاذكار الاخرى المطلقة والمقيدة فهذا فيه التأكيد على اهمية العناية بهذا التسبيح في الصباح مئة مرة وفي المساء مئة مرة والشارع له حكمة في هذا العدد فيعدها المرء مائة مرة كما ورد واذا ختم المئة واكملها ولا يزال يرغب في التسبيح والتهليل والذكر فالباب مفتوح للذكر المطلق لان هناك ذكر مطلق وذكر مقيد فالمقيد يؤتى به مقيدا كما جاء بالعدد الذي جاء والذكر المطلق لا يحد بعدد وهذا الذكر له اهميته من جهة عظيم الموعود المترتب يوم القيامة على المحافظة عليه ولان التسبيح نص في القرآن في مواضع على اهمية العناية به في الصباح والمساء وقد مر معنا جملة طيبة من هذه الايات التي فيها الامر تعيينا وتحديدا بالتسبيح في الصباح والمساء مما يدل على علو شأنه ورفيع قدره وعظيم ثوابه عند الله سبحانه وتعالى ومن فضائل التسبيح بهذا العدد ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ان من قال سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حطت عنه ذنوبه ولو كثرت ففي الصحيح من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر ومن اذكار الصباح والمساء ما رواه ابو داوود والترمذي وغيرهما عن عبد الله ابن خبيب رضي الله عنه قال خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا قال فادركته فقال قل فلم اقل شيئا ثم قال قل فلم اقل شيئا قال قل قلت ما اقول قال قل هو الله احد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء قوله ليلة مطيرة وظلمة شديدة اي مطرها غزير وظلمتها شديدة والغالب في كثير من الناس انه يحصل له فيها خوف وقلق ولهذا فمن فوائد الحديث ان التعليم بالمناسبة امكن في تمكن الفائدة لدى المتلقي والسامع فعبدالله بن خبيب رضي الله عنه يذكر انهم كانوا في ليلة مطيرة وشديدة الظلمة وفي مثلها قد يحصل لكثير من الناس شيء من المخاوف او الفزع فعلمهم عليه الصلاة والسلام بالمناسبة ما يقال في هذا الموطن مما يكون به وقاية العبد وسلامته قوله فقال قل فلم اقل شيئا ثم قال قل فلم اقل شيئا قال قل قلت ما اقول تكرر ذلك ثلاث مرات يقول له قل ولا يدري ماذا يقول لكن نفسه تتطلع ان يعرف ماذا يقول خاصة في هذا الموقف ليلة مظلمة وخوف وقلق وهذا من اساليب التشويق التي تكثر في احاديث النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من حرصه الداخل في عموم قوله تعالى لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين اقرأوا في الرحم فقال ما اقول؟ قال عليه الصلاة والسلام قل قل هو الله احد والمعوذتين. اي قل اعوذ برب الفلق. وقل اعوذ برب الناس وهذه السور الثلاث يقال لها المعوذات وان كانت سورة الاخلاص ليس فيها تعويض لكنها يطلق عليها المعوذات تغليبا وقوله حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء اي هي كفاية تامة من كل شيء تخافه او تخشى الظرر من جهته. وكذلك المخاوف التي تلحق القلب في بعض الاحوال وهذه السور الثلاث لها شأن عظيم فسورة الاخلاص وصفها النبي عليه الصلاة والسلام بانها تعدل ثلث القرآن كما جاء في صحيح مسلم. قال عليه الصلاة والسلام ايعجز احدكم ان يقرأ ثلث القرآن في ليلة فقالوا وكيف يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ قال يقرأ قل هو الله احد فهي تعدل ثلث القرآن اي ان لها هذا الثواب لا ان من قرأها يكون قد قرأ ثلث القرآن. او انه يستغنى بقرائتها مثلا ثلاث مرات عن قراءته القرآن وانما هذا بيان لثواب هذه السورة ومكانتها وعظيم منزلتها وانها تعدل ثلث القرآن وقد قال العلماء في معنى ذلك ان القرآن يشمل من حيث الجملة امورا ثلاثة. التوحيد وبيان اسماء الله وصفاته. والاوامر والنواهي والقصص والاخبار وسورة قل هو الله احد اخلصت لبيان صفة الرب سبحانه وتعالى ولهذا تسمى سورة الاخلاص وقد جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم امر رجلا على سرية فكان يقرأ بهم في الصلاة ويختم في كل ركعة بقل هو الله احد فاسكن هذا الامر على من معه من الصحابة فاتوا الى النبي صلى الله عليه وسلم وسألوه فقال لهم عليه الصلاة والسلام سلوه لاي شيء كان يفعل ذلك فسألوه قال لان فيها صفة الرحمن وانا احب فذكر الصحابة ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فقال اخبروه ان الله يحبه يستفاد من هذا اهمية محبة اسماء الله وصفاته الواردة في القرآن والسنة والفرح بسماعها وتلاوتها وفهمها وتدبرها واما قل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس ويقال لهما المعوذتان لما فيهما من التعوذ بالله سبحانه التعوذ برب الناس والتعوذ برب الفلق من الشرور والافات وقد جاء في فضلهما ما ثبت في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعقبة ابن عامر رضي الله عنه انزل علي ايات لم يرى مثلهن قط المعوذتين فابلغ ما يكون في التعويذ التعوذ بهاتين السورتين العظيمتين قوله قل اعوذ برب الفلق اي الله سبحانه وتعالى فالق الحب والنوى وفالق الاصباح من شر ما خلق اي من شر كل مخلوق قام فيه شر وهذا يشمل جميع ما خلق الله من انس وجن وحيوانات فيستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها ومن شر غاسق اذا وقب اي من شر ما يكون في الليل حين يغشى الناس وتنتشر فيه كثير من الارواح الشريرة والحيوانات المؤذية ومن شر النفاثات في العقد السواحر اللاتي ينفثن في العقد ويفعلن السحر ومن شر حاسد اذا حسد اي من شر كل حاسد باشر حسد انسان فتضمنت السورة الاستعاذة من جميع انواع الشرور عموما وخصوصا وسورة الناس فيها التعوذ برب الناس ملك الناس اله الناس من شر الوسواس الخناس الذي هو الشيطان الرجيم الذي يوسوس في صدور الناس اي يلقي الوساوس في صدور الناس. وهو اصل الشرور كلها ومادتها فيحسن لهم الشر ويريهم اياه في صورة حسنة وينشط ارادتهم لفعله ويقبح لهم الخير ويثبتهم عن ويريهم اياه في صورة غير صورتهم. وهو دائما بهذه الحال يوسوس ويخنس. اذا غفل العبد عن ذكر الله وسوس واذا ذكر ربه خنس قال ابن القيم رحمه الله والمقصود الكلام على هاتين السورتين وبيان عظيم منفعتهما وشدة الحاجة بل الضرورة وانه لا يستغني عنهما احد قط وان لهما تأثيرا خاصا في دفع السحر والعين وسائر الشرور وان حاجة العبد الى الاستعاذة بهاتين السورتين اعظم من حاجته الى النفس والطعام والشراب واللباس الحاصل ان هذه السور الثلاث سور عظيمة الشأن جليلة القدر يستحب للمسلم ان يقرأها يوميا ثلاث مرات اذا اصبح وثلاث مرات اذا امسى ويستحب له كذلك ان يقرأها ادبار الصلوات المكتوبة مرة مرة ويستحب له ايضا ان يقرأها عندما يأوي الى فراشه يقرأها وينفث في يده ويمسح ما استطاع من بدنه كل ذلك من المواضع التي يستحب فيها قراءة هذه السور الثلاث وينبغي للعبد عندما يقرأ هذه السور غيرها من الاذكار ان يأتي بها مع الثقة بالله. لا على وجه التجربة فليس هذا حال المسلم الواثق بالله. بل ينبغي ان يقولها مع ثقة بالله وحسن توجه اليه وصدق رغبة فيما ده فمن قرأ هذه السور الثلاث ثلاث مرات في الصباح وثلاث مرات في المساء كفته من كل شيء كما اخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتاج الامر الى تجربة مجرب. واسأل الله عز عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته