بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال حديثنا عن اذكار طرفي النهار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح اللهم اني اسألك العافية في الدنيا والاخرة اللهم اني اسألك العفو والعافية في ديني ودنياي واهلي ومالي اللهم استر عوراتي وامن روعاتي اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي واعوذ بعظمتك ان اغتال من تحتي. رواه ابو داوود وابن ماجة هذا من الاوراد العظيمة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصباح والمساء يقول ابن عمر رضي الله عنهما لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح اي انه صلوات الله وسلامه عليه مواظب عليها يوميا في الصباح وفي المساء والله جل وعلا يقول لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا قوله اللهم اني اسألك العافية في الدنيا والاخرة العافية شأنها عظيم فانه لم يعطى احد بعد اليقين خيرا من المعافاة. كما قال ذلك النبي عليه الصلاة والسلام وجاء في الحديث ان العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله علمني شيئا اسأله الله الله عز وجل قال سل الله العافية فمكدت اياما ثم جئت فقلت يا رسول الله علمني شيئا اسأله الله فقال لي يا عباس يا عم رسول الله سلوا الله العافية في الدنيا والاخرة فالذي يكرمه الله ويؤتيه العافية في الدنيا والاخرة قد تحققت له السلامة والنجاة والوقاية من الشرور في الدارين وقوله اللهم اني اسألك العفو والعافية في ديني ودنياي واهلي ومالي العفو اي الصفح والتجاوز عن الذنوب قال تعالى ويعفو عن السيئات والعافية اعاد سؤال الله العافية اهتماما بها والعافية في الدين ان يسلم للمرء دينه بان يحفظ له ايمانه من شيء يسلمه او امر ينقصه او بدعة تحرفه عن والصراط المستقيم والعافية في الدنيا بان تسلم للمرء دنياه من الافات والشرور والمحن والعافية في الاهل بسلامتهم وحفظهم ووقايتهم من الشرور والعافية في المال بحفظه من الافات التي تفسده او تتلفه او تخرجه عن الحل كالوقوع في الربا او الغش او غير ذلك وقد ذكر هنا شيئين العفو والعافية فاحد هذين اللفظين يتعلق بما مضى والاخر يتعلق بما سيأتي فسؤال الله العفو هو الطلب من الله تبارك وتعالى ان يعفو عنه ما مضى من خطأ وتقصير وذنب ونحو ذلك والعافية الطلب منه عز وجل ان يقيه وان يسلمه من الشرور ومن الاثام بما بقي من حياته وهذان اللفظان من الالفاظ التي يقول عنها اهل العلم اذا اجتمعت افترقت واذا افترقت اجتمعت فاذا ذكر العفو وحده شمل معنى العافية واذا ذكرت العافية وحدها شملت معنى العفو واذا ذكرا معا كما هنا اصبح العفو متعلقا بالماضي والعافية متعلقة بالمستقبل مثلا قول عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم ارأيت اذا علمت ليلة القدر اي ليلة هي؟ ماذا اقول قال قولي اللهم انك عفو تحب العفو فاعفو عني فسؤال العفو هنا يشمل معنى العافية فهو يشمل ما مضى بمغفرة الذنوب وما سيأتي بتجنيب العبد الشرور والاثام وقوله اللهم استر عوراتي جمع عورة. والمراد بها كل ما يسوء المرء ان ينكشف ويدخل في ذلك العورة التي امر العبد بسترها وهي في الرجل من السرة الى الركبة والمرأة كلها عورة وفي هذا الدعاء المتكرر في الصباح والمساء دلالة على ان الامر في غاية الاهمية بل هو في زماننا هذا متأكد لان المرأة خاصة في كثير من المجتمعات يحاك حولها خطط لكشف عورتها وهتك سترها وايقاعها في الرذيلة فتحتاج الى ان تسأل الله كثيرا ان يرزقها ستر العورة وان تجاهد نفسها على ذلك لتسلم باذن الله سبحانه وتعالى من هذه الفتن وامن روعاتي. هذا سؤال الله الامن من كل شيء يخيف العبد او يخشى ان يسبب له خوفا وفزعا اي سلمني يا الله من كل شيء يفزعني او يخيفني والروعاة جمع روعة وهو الخوف والحزن ففي هذا سؤال الله ان يجنبه كل امر يخيفه او يحزنه او يقلقه وذكر الروعات بصيغة الجمع اشارة الى كثرتها وتعددها والامن نعمة عظمى وكبرى ولولا وجود الامن بين الناس ما استطاعوا القيام بامورهم الدينية ولا بمصالحهم الدنيوية بل تصبح امورهم فوضى فلا يطمئنون ولا يتمكنون من اداء العبادات في المساجد ولا يتمكنون من الجلوس في حلق العلم ومجالس الذكر ولا يتمكنون من المحافظة على اعراضهم وبيوتهم واموالهم كل ذلك اذا اختل الامن ضاع والله عز وجل هو الذي يؤمن الخائف ويجير المستجير ويحفظ عباده وقد ثبت في المعجم الكبير للطبراني عن خباب الخزاعي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم استر عورتي وامن روعتي واقض عني ديني وهذا يدل على مزيد اهتمام بهذه الدعوة فهي من الدعوات المقيدة التي يؤتى بها كل صباح ومساء وايضا من الدعوات المطلقة التي يؤتى بها في الاوقات المختلفة وقوله اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي واعوذ بعظمتك ان اغتال من تحتي هذا تحصين للمرء من جميع جهاته وحفظ تام من الامام والخلف واليمين والشمال والفوق والتحت ومن يدعو بهذا الدعاء في كل صباح ومساء يصبح بفضل الله محصنا من كل جهاته من جميع الشرور عامة ومن شر الشيطان خاصة فانه اكثر شيء يخشى منه في هذا الباب وهو يأتي الانسان من جهات عديدة لصده عن دين الله وحرفه عن الصراط المستقيم ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجدوا اكثرهم شاكرين فمن دعا بهذا الدعاء صادقا ملتجئا الى الله حفظه الله ولا يجد الشيطان منفذا اليه من اي جهة اتاه لانه محفوظ بحفظ الله من كل جهاته وقوله واعوذ بعظمتك ان اغتال من تحتي اي ان يكون موتي وهلاكي غيلة من تحتي والغيلة ان يفاجئ الانسان بشيء من تحته البراكين او الزلازل او الفيضانات او الطوفان او نحو ذلك من الامور. فيسأل الله الحفظ والسلامة من ذلك كله فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين قال ابن القيم رحمه الله ولما كانت الصحة والعافية من اجل نعم الله على عبده واجزل عطاياه واوفر منحه بل العافية المطلقة اجل النعم على الاطلاق فحقيق لمن رزق حظا من التوفيق مراعاتها وحفظها وحمايتها عما يضادها وقد روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس. الصحة والفراغ وفي الترمذي وغيره من حديث عبيد الله بن محصن الانصاري قال قال صلى الله عليه وسلم من اصبح معافا في جسده امنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له وفي الترمذي ايضا من حديث ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم ان يقال له الم نصح لك جسمك ونرويك من الماء البارد ومن ها هنا قال من قال من السلف في قوله تعالى ثم لتسألن يومئذ عن النعيم قال عن الصحة وفي مسند الامام احمد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والاخرة وفيه عن ابي بكر الصديق قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سلوا الله اليقين والمعافاة فما اوتي احد بعد اليقين خيرا من العافية فجمع بين عافيتي الدين والدنيا ولا يتم صلاح العبد في الدارين الا باليقين والعافية فاليقين يدفع عنه عقوبات الاخرة والعافية تدفع عنه امراض الدنيا في قلبه وبدنه وفي سنن النسائي من حديث ابي هريرة رضي الله عنه يرفعه سلوا الله العفو والعافية والمعافاة فما اوتي احد بعد يقين خيرا من معافاة وهذه الثلاثة تتضمن ازالة الشرور الماضية بالعفو والحاضرة بالعافية والمستقبلة بالمعافاة فانها تتضمن المداومة والاستمرار على العافية. انتهى كلامه رحمه الله وروى ابن ابي الدنيا في كتابه الشكر عن مصعر قال كن قال كان عبد الاعلى التيمي يقول اكثروا سؤال الله العافية فان المبتلى وان اشتد بلاؤه ليس باحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء وما المبتلون اليوم الا من اهل العافية بالامس وما المبتلون بعد اليوم الا من اهل العافية اليوم ولو كان بلاء يجره الى خير ما كنا من رجال البلاء انه رب بلاء في الدنيا قد اجهد في الدنيا واجزى في الاخرة فما يأمن من اطال المقام على معصية الله ان يكون قد بقي له في بقية عمره من البلاء ما يحذره في الدنيا ويفضحه في الاخرة ثم يقول عند ذلك الحمد لله الذي ان عد نعمه لا نحصيها وان ندأب له عملا لا نجزيها وان نعمر فيها لا نبليها وكان الحسن البصري رحمه الله اذا ابتدأ حديثه يقول الحمد لله اللهم ربنا لك الحمد بما خلقتنا ورزقتنا وهديتنا وعلمتنا وانقذتنا وفرجت عنا لك الحمد بالاسلام ولك الحمد بالقرآن ولك الحمد بالاهل والمال والمعافاة كبت عدونا وبسطت رزقنا واظهرت امننا وجمعت فرقتنا واحسنت معافاتنا ومن كل ما سألناك بنا اعطيتنا فلك الحمد على ذلك حمدا كثيرا لك الحمد بكل نعمة انعمت بها علينا في قديم او حديث او سر او علانية او خاصة او عامة او حي او وميت او شاهد او غائب. لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد اذا رضيت ولك الحمد اذا رضيت وبه نختم هذا الحديث وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته