بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فمن اذكار الصباح ما رواه احمد عن عبدالرحمن ابن ابزى رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اصبح يقول اصبحنا على فطرة الاسلام وعلى كلمة الاخلاص وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملة ابينا ابراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين هذا الذكر العظيم قائم على تجديد التوحيد يجدد المسلم في كل صباح من خلاله توحيدا ويكرره كل يوم ليكون تجديدا مستمرا للتوحيد مع كر الايام وينبغي للمسلم ان يقوله عن يقين واخلاص ليدخل يومه دخولا قائما على هذه الاسس العظيمة والاركان المتينة كالفطرة والاخلاص والاتباع والاهتداء بهدي نبينا صلى الله عليه وسلم وملة ابينا ابراهيم الحنيفية السمحة قوله اصبحنا على فطرة الاسلام اي التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها قال الله تعالى فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون قال ابن كثير رحمه الله في معنى الاية يقول تعالى فسدد وجهك واستمر على الدين الذي شرعه الله لك من الحنيفية ملة ابراهيم الذي هداك الله لها وكملها لك غاية الكمال وانت مع ذلك لازم فطرتك السليمة التي فطر الخلق عليها فانه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده وانه لا اله غيره. انتهى كلامه رحمه الله فهذا الاصل في جميع الناس ومن خرج عن هذا الاصل فلعارض عرظ لفطرته فافسدها كما في حديث عياض المجاشعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه انه قال اني خلقت عبادي حنفاء كلهم وانهم اتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما احللت لهم وامرتهم ان يشركوا بي ما لم انزل به سلطانا. رواه مسلم في صحيحه وفي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود الا يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه ولا شك ان نعمة الله على عبده عظيمة ان يصبح حين يصبح وهو على فطرة سليمة لم يصبها تلوث او تغير او انحراف قوله على كلمة الاخلاص اي لا اله الا الله كلمة التوحيد. لان فيها اخلاص الدين لله وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين الا لله الدين الخالص فالاخلاص لا يكون الا بلا اله الا الله فهي كلمة الاخلاص وهي رأس الدين واساسه ورأس امره لاجلها خلقت الخليقة وارسلت الرسل وانزلت الكتب وبها افترق الناس الى مؤمنين وكفار وهي زبدة دعوة المرسلين وخلاصة رسالتهم وهي اعظم نعم الله على عباده وفي هذا يقول سفيان بن عيينة رحمه الله ما انعم الله على عبد من العباد نعمة اعظم من ان عرفهم لا اله الا الله وكلمة لا اله الا الله هي كلمة اخلاص وتوحيد ونبذ للشرك وبراءة منه ومن اهله قال الله تعالى واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فانه سيهدين جعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون واذا اصبح العبد وهو على هذه الكلمة العظيمة لم يغير ولم يبدل فقد اصبح على خير حال ولعظم شأن بدء اليوم بهذه الكلمة العظيمة جاء الحث على الاكثار من قولها مرات عديدة كل صباح وقد سبق ذكر اجر من قالها حين يصبح عشر مرات واجر من قالها مائة مرة وقوله وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اي واصبحنا على ذلكم الدين العظيم الذي رضيه الله لعباده دينا وبعث به نبيه الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم وقال فيه سبحانه اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا وقال سبحانه ان الدين عند الله الاسلام وقال تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين فهذا هو دين النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك واهله وان نعمة الله جل وعلا على عبده عظيمة ان يصبح على هذا الدين العظيم والصراط المستقيم صراط الذين انعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين يقول الله تعالى مذكرا عباده الذين حباهم بهذه النعمة ومن عليهم بها ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان ويقول تعالى ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا. ولكن الله يزكي من يشاء فلله ما اعظمها من منة وما اجلها من نعمة وقوله على ملة ابينا ابراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين اي واصبحت على هذه الملة المباركة ملة ابراهيم الخليل قليل الرحمن عليه السلام وهي الحنيفية السمحة والتمسك بالاسلام والبعد عن الشرك ولهذا قال حنيفا مسلما وما كان من المشركين وهي ملة مباركة لا يتركها ولا يرغب عنها الا من حكم على نفسه بالغي والسفه ولهذا قال الله تعالى ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الاخرة لمن الصالحين وقد امر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم باتباع هذه الملة وهداه اليها كما قال تعالى قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين وقال تعالى ممتنا على عباده بهذه النعمة ملة ابيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا هذه ثلاث صفات لملة ابراهيم جمعت في هذا الحديث الصفة الاولى الحنيفية السمحة والحنيف هو المائل ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين الحنيف هو المائل المائل عن الضلال المائل عن الباطل المائل عن الشرك الى الحق والهدى والتوحيد فالحنيفية هي البعد والتجافي عن الضلال والباطل والاستقامة على الحق والهدى الثانية مسلما اي مستسلما منقادا مستقيما محافظا على اوامر الله الاسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك الثالثة وما كان من المشركين اي لا في اقواله ولا في اعماله ولا في جميع احواله لانه امام الموحدين الحنفاء قد وصفه الله بهذه الصفة بخمسة مواضع من القرآن قال الله تعالى وقالوا كونوا هودا او نصارى تهتدوا قل بل ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين وقال تعالى ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين وقال تعالى قل صدق الله فاتبعوا ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين وقال تعالى قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين وقال تعالى ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين قال ابن القيم رحمه الله وتأمل هذه الالفاظ اي التي وردت في الحديث كيف جعل الفطرة للاسلام فانه فطرة الله التي فطر الناس عليها وكلمة الاخلاص هي شهادة ان لا اله الا الله والملة لابراهيم فانه صاحب الملة. وهي التوحيد وعبادة الله تعالى وحده لا شريك له. ومحبته فوق وكل محبة والدين لنبينا صلى الله عليه وسلم وهو دينه الكامل وشرعه التام الجامع لذلك كله. انتهى كلامه رحمه الله ومن فوائد هذا الحديث العظيمة ان هذه المعاني هي اساس اليوم التي عليها بناؤه المحافظة على الفطرة واخلاص التوحيد لله واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم واتباع ملة ابراهيم الملة الحنيفية التي هي البراءة من الشرك والخلوص منه وهي قوام المسلم ونظام حياته وتضمنت هذه الكلمات قاعدة الدين وبناء الاسلام واساس الايمان بل تضمنت اساس السعادة والفلاح في الدنيا والاخرة ولهذا ينبغي على المسلم ان يحافظ على هؤلاء الكلمات محافظة تامة في كل صباح مع استشعار المعاني وتحقيق الدلالات ومما يؤكد ذلك ان النبي عليه الصلاة والسلام لما ذكر الاحوال عند الفتن ذكر ان من الناس من يمسي مؤمنا ويصبح كافرا ويمسي كافرا ويصبح مؤمنا من كثرة الفتن التي يراها فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بادروا بالاعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا او يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا. رواه مسلم فيأتي هذا الذكر العظيم المبارك في كل صباح ليكون صمام السلام والامان والنجاة ولهذا فان النعمة على العبد عظيمة ان يصبح حين يصبح ولم تتغير فطرته ولم تتبدل بان يصبح على فطرة الاسلام وعلى كلمة الاخلاص وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملة ابينا ابراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين ولهذا شرع للعبد ان يقولها كل صباح حفاظا على هذه الاسس غير مبدل ولا مغير. واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته