بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عن اذكار النوم والنوم اية والنوم اية من ايات الله العظيمة الدالة على كمال تدبيره وعظمة تقديره سبحانه وانه جل وعلا المستحق للعبادة وحده. يقول الله عز وجل ومن اياته من امكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله. ان في ذلك لايات لقوم يسمعون والنوم كما انه اية من ايات الله فهو ايضا رحمة من الله سبحانه بالعباد حيث يسر لهم وقتا يستريحون فيه وهيأ لهم هذا النوم الذي تكون به راحتهم يقول الله عز وجل ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وقد جاءت السنة النبوية باوراد مباركة واذكار عظيمة ثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم فيما يستحب للمسلم ان يقوله عندما يأوي الى فراشه لينام وهذه الاوراد لها ثمارها العظيمة واثارها المباركة فينبغي على العبد ان يحرص على ان يأتي بما تيسر منها اغتناما لخيراتها وتحصيلا لبركاتها والمسلم الناصح لنفسه الحريص على الخير ينام على ذكر لله تبارك وتعالى فاذا وضع جنبه على فراشه اخذ يشتغل بذكر الله. فمرة يسبح ومرة يقرأ ايات من القرآن ومرة يأتي بدعوات وهكذا فينام وهو ذاكر لله تبارك وتعالى وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وشتان بين من ينام وهو على هذه الاذكار العظيمة المباركة وبين من ينام على غير ذلك ومن السنة ان يأوي المرء الى فراشه على طهارة وان ينفظ فراشه وان يضطجع على شقه الايمن وان يظع كفه تحت خده الايمن ثم ينشغل بالذكر بادئا بالتسمية باسمك اللهم وضعت جنبي ثم يمضي في الاذكار الى ان ينام على هذه الحال العظيمة المباركة ومن يتأمل اذكار النوم يجد انها في الجملة تتعلق بامور اما تذكر للموت ولهذا نجد في ادعية النوم تذكير بالموت مثل اللهم ان امسكت نفسي فارحمها وان ارسلتها فاحفظها ومثل اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك ومثل اللهم انت خلقت نفسي وانت تتوفاها لك مماتها ومحياها. فهذا نوع او نظر لما مضى من وقته وما اكرمه الله به من طعام وشراب ولباس ومسكن فهذه نعم تستوجب الحمد فيقول اذا اوى الى فراشه الحمد لله الذي اطعمنا وسقانا وكفانا واوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤي او تذكر لاصول الايمان العظيمة بقراءة اية الكرسي والايتين الاخيرتين من سورة البقرة وما جاء في حديث البراء امنت بكتابك الذي انزلت وبنبيك الذي ارسلت او تعوذات بالله بان يحفظ العبد من الشرور المتنوعة كما في قراءة قل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس عند النوم عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اوى الى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ قل هو الله احد وقل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده. يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما اقبل من جسده يفعل ذلك ثلاثا مرات فهذا تعود وتحصين يحصن العبد به نفسه ليحفظ في منامه من ان يمسه مكروه او يناله شر او ان يصيبه شيء من الهوام المؤذية خاصة ان الانسان عندما يكون نائما فانه يكون غافلا لا يدري بما حوله فاذا اتى بهذا الورد اصبح في حرز وحفظ وكفاية ووقاية ولا يزال عليه من الله حافظ وقد كان عليه الصلاة والسلام يحافظ على هذا الورد كل ليلة كما قالت عائشة كان اذا اوى الى فراشه كل ليلة فكان يحافظ عليه كل ليلة حتى جاء في بعض طرق هذا الحديث قالت فلما اشتكى كان يأمر ان افعل ذلك به وهذا يدل على شدة محافظته عليه صلى الله عليه وسلم وقولها جمع كفيه اي ظم يديه والصق احداهما بالاخرى مفتوحتان الى جهة وجهه ليباشر النفث فيهما ثم كان عليه الصلاة والسلام ينفث ثم يمسح بيده ما استطاع من جسده وهذه التلاوة والنفث والمسح هذا كله تحصين للعبد من ان يصيبه اذى يبدأ بهما على رأسه ووجهه بدءا بالاشرف وما اقبل من جسده فهو مسح للبدن كله لكنه يبدأ بالرأس والوجه والسنة ان يفعل ذلك ثلاث مرات كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصلاة والسلام يواظب على ذلك مواظبة تامة حتى في مرض وفاته كما جاء في الصحيحين لما ثقل عليه الصلاة والسلام كان يقرأ ويأمر عائشة ان تمر بيده على ما استطاع من جسده عليه الصلاة والسلام حيث لا يتمكن مع ثقل المرض ان يباشر تحريكها بنفسه وما تحصن متحصن ولا استعاذ مستعيذ بمثل هذا التعوذ المبارك الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل علي ايات لم ارى مثلهن. المعوذتين ثم قرأهما فهي تعودات عظيمة وتحصنات مباركة يقرأ المسلم هذه السور الثلاث وينفث في يده ثم يمسح بيده ما استطاع من بدنه ما اقبل منه وادبر. تحصينا كاملا لجميع البدن ولهذا جاء في الحديث الصحيح ان زكريا عليه السلام قال لقومه امركم بذكر الله فان مثل الذي يذكر ربه مثل رجل انطلق خلفه العدو سراعا فاوى الى حصن حصين فلم يستطع عدوه ان يصل اليه فهذا مثل الذاكر كانه دخل في حصن مغلق فلا يستطيع عدوه ان يدخل عليه فيه ومن اوراد النوم ما رواه ابو هريرة رضي الله عنه قال وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فاتاني ات فجعل يحثو من الطعام فاخذته وقلت والله لارفعنك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة. قال فخليت عنه فاصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا ابا هريرة ما فعل اسيرك البارحة قال قلت يا رسول الله شكى حاجة شديدة وعيالا فرحمته. فخليت سبيله قال اما انه قد كذبك وسيعود فعرفت انه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فاخذته وقلت لارفعنك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعني فاني محتاج وعلي عيال لا اعود فرحمته فخليت عنه فاصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابا هريرة ما فعل اسيرك قال قلت يا رسول الله شكى حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيلا قال اما انه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فاخذته فقلت لارفعنك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا اخر ثلاث مرات انك تزعم لا تعود ثم تعود قال دعني اعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت ما هن قال اذا اويت الى فراشك فاقرأ اية الكرسي. الله لا اله الا هو الحي القيوم حتى تختم الاية فانك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فخليت سبيلا فاصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل اسيرك البارحة قلت يا رسول الله زعم انه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيلا قال ما هي قلت قال لي اذا اويت الى فراشك فاقرأ اية الكرسي من اولها حتى تختم الاية الله لا اله الا هو الحي القيوم وقال لي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح وكانوا احرص شيء على الخير وقال النبي صلى الله عليه وسلم اما انه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا ابا هريرة؟ قال لا. قال ذاك شيطان. رواه البخاري فهذا ايضا من الاوراد العظيمة المأثورة عن نبينا صلى الله عليه وسلم والتي يستحب المحافظة عليها كل ليلة. اذا اوى المسلم الى فراشه ان يقرأ اية الكرسي وان من قرأها اذا اوى الى فراشه فانه لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح ففيها تحصين تام للعبد واية الكرسي اعظم اية في كتاب الله سبحانه. كما جاء في صحيح مسلم من حديث ابي بن كعب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابا المنذر اتدري اي اية من كتاب الله معك اعظم قال قلت الله ورسوله اعلم قال يا ابا المنذر اتدري اي اية من كتاب الله معك اعظم قال قلت الله لا اله الا هو الحي القيوم قال فضرب في صدري وقال والله ليهنك العلم ابا المنذر اي هنيئا لك هذا العلم الذي ساقه الله لك ويسره لك وهذه الاية التي هي اعظم اية في القرآن فيها تقرير التوحيد بذكر براهينه حيث ذكر فيها اكثر من عشرة براهين حيث ذكر فيها اكثر من عشرة براهين وفيها ذكر لخمسة اسماء حسنى لله وفيها من صفات الله سبحانه وتعالى ما يزيد على العشرين صفة ففيها من توحيد الله وتمجيده وتعظيمه وبيان تفرده بالكمال والجلال ما يحقق لمن قرأها الحفظ والكفاية فهي اية عظيمة فيها من المعاني الجليلة والدلالات العميقة والمعارف الايمانية ما يدل على عظمها وجلالة شأنها لكن ينبغي ان يقرأها المرء بصدق لا ان يقرأها بغفلة وعدم استشعار للتوحيد الذي دلت عليه فانه ان قرأها بصدق كان لها عظيم الاثر في تحقق الحفظ للعبد والكفاية واسأل الله ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته