بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن اذكار النوم عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا اخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الايمن ثم قل اللهم اسلمت نفسي اليك ووجهت وجهي اليك وفوضت امري اليك والجأت ظهري اليك رغبة ورهبة اليك لا ملجأ ولا منجى منك الا اليك امنت بكتابك الذي انزلت وبنبيك الذي ارسلت واجعلهن من اخر كلامك فان مت من ليلتك مت وانت على الفطرة قال فرددتهن لاستذكرهن فقلت امنت برسولك الذي ارسلت قال لا قل امنت بنبيك الذي ارسلت هذا من اوراد النوم العظيمة الثابتة عن نبينا عليه الصلاة والسلام وقد اشتمل على بعض الاداب التي يحسن بالمسلم ان يأتي بها عندما يأوي الى فراشه واول ذلك ان يتوضأ وضوءه للصلاة لينام على طهارة وليكون على اكمل احواله عند نومه وايضا من اجل ان يأتي باذكار النوم وهو على طهارة. وهذا اكمل ثم ينام على شقه الايمن لانه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن وهو اكمل احوال الانسان في نومه وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم باسمك اللهم وظعت جنبي قوله اللهم اسلمت نفسي اليك اي انني يا الله قد رضيت تمام الرضا ان تكون نفسي تحت مشيئتك تتصرف فيها بما شئت وتقضي فيها بما اردت من امساكها او ارسالها فانت الذي بيدك مقاليد السماوات والارض ونواصي العباد جميعهم معقودة بقضائك وقدرك تقضي فيهم بما اردت وتحكم فيهم بما تشاء لا راد لقضائك ولا معقب لحكمك وقوله ووجهت وجهي اليك اي جعلت وجهتي وتوجهي وقصد قلبي اليك مخلصا لا ابتغي الا وجهك وقوله وفوضت امري اليك اي جعلت شأني كله اليك وفي هذا الاعتماد على الله عز وجل وحسن التوكل عليه اذ لا حول للعبد ولا قوة الا به سبحانه وتعالى وقوله والجأت ظهري اليك اي اسندته الى حفظك ورعايتك لما علمت انه لا سند يتقوى به سواك ولا ينفع احدا الا حماك وفي هذا اشارة الى افتقار العبد الى الله عز وجل في شأنه كله في نومه ويقظته وحركته وسكونه وسائر وقوله رغبة ورهبة اليك اي انني اقول ما سبق كله وانا راغب راهب راغب تمام الرغبة في فضلك الواسع وانعامك العظيم وراهب منك ومن كل امر يوقع في سخطك وهذا هو شأن الانبياء والصالحين من عباد الله يجمعون في دعائهم بين الرغب والرهب كما قال الله تعالى انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وقوله لا ملجأ ولا منجى منك الا اليك اي لا ملاذ ولا مهرب ولا مخلص من عقوبتك الا بالفزع اليك والاعتماد عليك كما قال الله تعالى ففروا الى الله اني لكم منه نذير مبين وكل شيء تخافه تفر منه. الا رب العالمين اذا تحقق فيك الخوف منه فررت اليه ولجأت اليه لانك تعلم ان زوال خوفك وحصول نجاتك لا يكون الا باللجوء اليه سبحانه وقوله امنت بكتابك الذي انزلت وبنبيك الذي ارسلت اي امنت بكتابك العظيم القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد امنت واقررت انه وحيك وتنزيلك على عبدك ورسولك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وانه مشتمل على الحق والهدى والنور وامنت كذلك بنبيك الذي ارسلت وهو محمد صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه المبعوث رحمة للعالمين امنت به وبكل ما جاء به فهو لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى فكل ما جاء به فهو صدق وحق وقوله الذي ارسلت اي الى الثقلين بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا فبلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده حتى اتاه اليقين قوله واجعلهن من اخر كلامك ارشد صلوات الله وسلامه عليه الى ان يجعل المسلم هذا الدعاء في اخر الدعوات والاذكار التي يقولها عند نومه لتكون هذه الكلمات اخر كلام المسلم عند نومه وفي هذا اشارة الى ان للنوم اذكارا عديدة متنوعة لا يكتفى بواحد منها بل يؤتى منها بما استطاع المرء ثم ليكن اخر ما يقول منها هذا الدعاء قوله فان مت من ليلتك مت وانت على الفطرة اي على الاسلام. فالاسلام هو دين الفطرة كما قال الله تعالى فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم وقال عليه الصلاة والسلام كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه. كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء الا ان تكونوا انتم الذين تجدعونها وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى خلقت عبادي حنفاء فاتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث انه صلى الله عليه وسلم قال وان اصبحت اصبت خيرا اي ان لم تمت من ليلتك تلك اصبت في الصباح خيرا ثوابا لك على اهتمامك بهذا الامر ونستفيد من هذا فائدة عظيمة وهي ان المحافظة على هذه الاذكار بركة على العبد في حياته ومماته فيكتب له البركة في حياته واصابة الخير ويكتب له التوفيق للموت على الفطرة. فيفوز بالسعادة ويتحقق له الفلاح وقد جمع هذا الدعاء الاصول الثلاثة التي يسأل عنها العبد اذا ادرج في قبره. من ربك وما دينك؟ ومن نبيك وقد يموت المرء في نومته تلك فكم هو عظيم ان ينام على هذه الفطرة جامعا هذه الاصول التوحيد والاخلاص والاقرار بالدين وبالكتاب وبالرسول عليه الصلاة والسلام وقوله اصبت خيرا نكر الخير الذي يصاب وينال تفخيما لامره وبيانا لعظمة وفضل الله سبحانه وتعالى واسع والعطية على قدر المعطي وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم للبراء لما ردد الدعاء من اجل استذكاره لا قل امنت بنبيك الذي دليل على اهمية التقيد بهذه الاذكار بالفاظها الواردة لكمالها في مبناها ومعناها وهذا نستفيد منه ان المرء لو اجتهد في انشاء ذكر لا يأمن من خطأ وهذا نستفيد منه ان المرء لو اجتهد في انشاء ذكر لا يأمن من خطأ او نقص او خلل مهما كان علمه ومكانته فالبراء رضي الله عنه لم ينشئ ذكرا من قبل نفسه بل اتى بالذكر الوارد الذي تلقاه من النبي عليه الصلاة والسلام وتغيرت عنده لفظة واحدة فيه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا وصحح له فكيف بمن يدع الاذكار المشروعة كلية؟ ويستبدلها باشياء ينشئها ويستحسنها وبهذا ندرك الحرمان الذي يناله من يبتعد عن الذكر المشروع المأثور عن نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام عنه باوراد محدثة واذكار مبتدعة ويستفاد منه ايضا ضرورة المحافظة على الدعوات المأثورة والاذكار الواردة بالفاظها النبوية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يتم الا بهذه الطريقة الواردة في هذا الحديث تسمع الذكر اولا من حافظ له متقن ثم تعرظ عليه حفظك له حتى تستثبت من سلامته من الغلط وهذا العرض له مكانة معروفة عند المحدثين عن عروة ابن الزبير انه قال لابنه هشام كتبت؟ قال نعم قال عرضت كتابك؟ قال لا. قال لم تكتب والغرض من عرضها التأكد من صحتها وسلامتها ودقة الفاظها فتغير الحركة العربية مثلا يغير المعنى وتبدل كلمة بكلمة اخرى يغيره واحيانا نطق الكلمة على غير نطقها الصحيح لغة يغير المعنى كأن يمد في الكلمة مدا في غير موضعه فالحاجة اذا الى العرض شديدة حتى يضبط هذه الاذكار ضبطا صحيحا بالفاظها المأثورة عن نبينا صلوات الله وسلامه عليه وفي فتاوى اللجنة الدائمة للافتاء قال مشايخنا الكرام الاصل في الاذكار وسائر العبادات الوقوف عندما ورد من عباراتها وكيفياتها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لما رواه البخاري وغيره عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا اتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الايمن ثم قل اللهم اسلمت نفسي اليك امري اليك والجأت ظهري اليك رغبة ورهبة اليك لا ملجأ ولا منجى منك الا اليك. امنت بكتابك الذي انزلت وبنبيك الذي ارسلت فان مت من ليلتك فانت على الفطرة واجعلهن اخر ما تقول فقلت استذكرهن وبرسولك الذي ارسلت. قال لا وبنبيك الذي ارسلت فابى النبي صلى الله عليه وسلم على البراء ابن عازب ان يضع كلمة ورسولك مكان كلمة ونبيك في الذكر والدعاء عند النوم واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته