بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن اذكار النوم عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه ان فاطمة رضي الله عنها اتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال الا اخبرك ما هو خير لك منه تسبحين الله عند من امك ثلاثا وثلاثين وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين وتكبرين الله اربعا وثلاثين قال فما تركتها بعد قيل ولا ليلة صفين؟ قال ولا ليلة صفين. متفق عليه بهذا الحديث قصة مجيء فاطمة بنت النبي عليه الصلاة والسلام ورضي عنها الى والدها صلوات الله وسلامه عليه تسأله خادما ليخفف عنها لما كانت تجده من المشقة في العمل وقد روي في سنن ابي داوود عن علي رضي الله عنه انه قال في وصف ما كانت تجده من مشقة في اعمالها انها جرت بالرحى حتى اثر في يدها. واستقت بالقربة حتى اثر في نحرها وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها فارشدها النبي عليه الصلاة والسلام الى امر هو خير لها من خادم وشوقها اليه قال الا اخبرك ما هو خير لك من خادم فلما تهيأت نفسها وتحفزت لمعرفة هذا الامر الذي هو خير لها من خادم قال لها تسبحين الله عند من امك ثلاثا وثلاثين وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين وتكبرين الله اربعا وثلاثين فيكون مجموع ذلك مئة ففرحت رضي الله عنها بذلك وعنيت به وفرح به ايضا زوجها علي رضي الله عنه. حتى انه اخبر عن شدة مواظبته عليه انه ما ما تركه منذ سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له ولا ليلة صفين وهي الليلة التي دار فيها القتال بين انه بين اهل الشام فقال ولا ليلة صفين اي ما تركته ولا تلك الليلة مع شدة الامر فيها وقد اخذ العلماء من هذا الحديث ان من فضائل الذكر وفوائده العظيمة انه يعطي الذاكرة قوة في بدنه وصحته ونشاطه وهمته وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله الذكر يعطي الذاكر قوة حتى انه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه وقد شاهدت من قوة شيخ الاسلام ابن تيمية بسننه وكلامه واقدامه وكتابه امرا عجيبا فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة واكثر وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب امرا عظيما ثم اورد حديث علي المتقدم وقال عقبه فقيل ان من داوم على ذلك وجد قوة في بدنه عن خادم وذكر رحمه الله في فوائد الذكر انه قوت القلب والروح فاذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم اذا حيل بينه وبين قوته قال وحظرت شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله الى قريب من انتصاف النهار ثم التفت الي وقال هذه غدوتي. ولو لم اتغد الغداء سقطت قوتي او كلاما قريبا منه ونقل رحمه الله عن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله انه قال بلغنا انه من حافظ على هؤلاء الكلمات لم يأخذه اعياء فيما يعانيه من شغل وغيره وهذا يفسر لنا حال كثير من الصلحاء المحافظين على طاعة الله تبارك وتعالى في نشاطهم وعلو همتهم وتبكيرهم الى بيوت الله وقطع المسافات الطويلة ذهابا اليها وايابا منها مع شدة ضعف ابدانهم وكبر سنهم فهذا كله من اثار المواظبة على ذكر الله والمحافظة عليه والله عز وجل يمد اجسامهم بقوة ونشاط ويحفظها لهم وقد جاء في رواية لهذا الحديث في صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه ان فاطمة رضي الله عنها اشتكت ما تلقى من الرحى في يدها واتى النبي صلى الله عليه وسلم سبي فانطلقت فلم تجده ولقيت عائشة رضي الله عنها فاخبرتها فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم اخبرته عائشة بمجيء فاطمة اليها فجاء النبي صلى الله عليه وسلم الينا وقد اخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال النبي عليه الصلاة والسلام على مكانكم فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري ثم قال الا اعلمكما خيرا مما سألتما اذا اخذتما مضجعكما ان تكبر الله اربعا وثلاثين وتسبحاه ثلاثا وثلاثين وتحمداه ثلاثا وثلاثين فهو خير لك ما من خادم تأمل رعاك الله ما ان سمع صلى الله عليه وسلم بمجيء ابنته اليه وطلبها لهذا الامر الا وبادر بالذهاب اليها في بيتها وهذا من كمال خلقه وحسن ملاطفته وتمام احسانه لاهله وولده وعظيم عنايته بهم بخلاف حال كثير من الناس في مثل هذا المقام من ضعف الاحتمال وقلة الاهتمام والاخلاق متفاوتة. ونبينا صلى الله عليه وسلم اوتي كمال الخلق وجمال الادب وحسن المعاشرة كما وصفه الله جل وعلا بذلك بقوله وانك لعلى خلق عظيم وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خصلتان او خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم الا دخل الجنة. هما يسير ومن يعمل بهما قليل يسبح الله في دبر كل صلاة عشرا ويحمد عشرا ويكبر عشرا فذلك خمسون ومئة باللسان والف وخمسمئة في الميزان ويكبر اربعا وثلاثين اذا اخذ مضجعه ويحمد ثلاثا وثلاثين ويسبح ثلاثا وثلاثين فذلك مئة باللسان والف في الميزان فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده قالوا يا رسول الله كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل قال يأتي احدكم الشيطان في منامه فينومه قبل ان يقوله ويأتيه في صلاته فيذكره حاجة قبل ان يقولها. رواه ابو داوود والترمذي وهذا كذلك من اذكار النوم وهو مطابق لحديث علي المتقدم من التسبيح والتحميد ثلاثا وثلاثين والتكبير اربعا وثلاثين والحسنة بعشر امثالها فهو مائة باللسان والف في الميزان وقول الصحابة رضي الله عنهم كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل قالوا ذلك مستفهمين استفهام تعجب اذا كان هذا الثواب الجزيل لمن يعمل هذا العمل القليل فكيف يقل العاملون به واي شيء يصرفهم عن ذلك مع عظم الثواب فبين لهم عليه الصلاة والسلام ان الشيطان يوسوس للمرء في صلاته حتى يغفل عن الذكر عقيبها وينومه عند الاضطجاع على فراشه قبل ان يقولها وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اراد ان ينام وضع يده تحت خده الايمن ويقول اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك. رواه احمد فيه اثبات سنتين عند النوم النوم على الجنب الايمن ووضع اليد تحت الخد الايمن وهذه انفع نومة للعبد ثم يقول اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك يقول ذلك لان النوم يذكر بالوقوف بين يدي الله لانه يذكر بالموت بل هو موتة صغرى والموت يذكر بما بعده قد قال عليه الصلاة والسلام تذكروا هادم اللذات فناسب المقام سؤال الله عز وجل النجاة والسلامة من العذاب قوله اللهم قني اي من الوقاية. اي اسألك ان تقيني وان تسلمني وان تنجيني من عذابك يوم تبعث عبادك يوم الحساب والمجازاة على الاعمال وعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا اوى الى فراشه قال الحمد لله الذي اطعمنا وسقانا وكفانا واوانا فكم ممن لا كافي له ولا مأوي. رواه مسلم في هذا الدعاء تذكر من المسلم عندما يريد ان ينام لماظي ايامه وسالف اوقاته وما امده الله فيها من المطعم والمشرب والكفاية والايواء في حال وجود عدد من الناس منهم من لا يجد طعاما يشبعه ويغذيه او شرابا يسد ظمأه ويرويه او لباسا يستره ويواريه او مسكنا يستكن فيه ويؤويه بل منهم من ادركه حتفه في مجاعات مهلكة وقحط مفجع فمن اكرمه الله بالطعام والشراب ومن عليه بالكفاية والايواء يجب ان يستشعر عظم نعمة الله عليه وكبر منته سبحانه بان يسر له هذا الغذاء والشراب واكرمه بالكفاية والايواء وشكر النعمة مؤذن بدوامها والمزيد فالله جل وعلا يقول واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم الشكر معه المزيد دائما وابدا ولذا قيل فمتى لم تر حالك في مزيد فاستقبل الشكر اي فانك اذا استقبلته كان المزيد حليفك قوله الحمد لله الذي اطعمنا وسقانا الى اخره فيه الثناء على الله عز وجل وحمده سبحانه على سوابغ نعماء وتوالي فضله وعطائه وجزيل مواهبه وسعة احسانه وكريم اياديه وهو سبحانه اهل الحمد والثناء وقوله وكفانا من الكفاية اي دفع عنا شر المؤذيات ووقانا اذى الغوائل والعاديات وقيل معناه كفانا مهماتنا وقضى لنا حاجاتنا ولا مانع من ان يكون كلا المعنيين مرادا اذ كل منهما داخل في معنى الكفاية مندرج تحت مدلولها وقوله واوانا اي هيأ لنا مأوى نأوي اليه ورزقنا مسكنا نسكن فيه وردنا الى المنزل لنستريح فيه. ولم يجعلنا منتشرين كالبهائم بلا مسكن ولا مأوى قال الله تعالى ممتنا على عباده بهذه النعمة والله جعل لكم من بيوتكم سكنا اي تسكنون فيها وتكنكم من الحر والبرد وتستركم من الاعين وتجتمعون فيها انتم ومن تعولون وفيها من المصالح والمنافع ما لا يمكن الاحاطة به فالحمد لله الذي من فافضل واعطى فاجزل له الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب سبحانه ويرضى وعلى هذا فان المسلم عندما يأوي الى فراشه ينبغي ان يكون متذكرا امرين ما مضى من ايامه بنعمة وطيب عيش فيحمد الله على ما امده فيها من الصحة والعافية والمطعم والمشرب والمسكن وغير ذلك وان يتذكر ما يستقبل من اوقاته وهو فيها بين امرين اما ان تقبض روحه فهو يسأل الله ان كان ذلك المغفرة والرحمة او ان يفسح له في اجله فهو يسأل الله في هذه الحال ان يحفظه بما يحفظ به عباده الصالحين واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته