بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عما يقال عند الفزع في النوم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا فزع احدكم في النوم فليقل اعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وان يحضرون فانها لن تضره. رواه ابو داوود والترمذي وروى الامام احمد في مسنده عن الوليد بن الوليد رضي الله عنه انه قال يا رسول الله اني اجد وحشة قال اذا اخذت مضجعك فقل اعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وان يحضرون. فانه لا يظرك وبالحري الا يقربك وروى ابن السني في عمل اليوم والليلة عن محمد بن المنكدر قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فشكى اليه اهاويل يراها في المنام فقال اذا اويت الى فراشك فقل اعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وان يحضرون في هذه الاحاديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات تقال اذا حصل الفزع والقلق بان يقول هذه الكلمات او هذا التعوذ المأثور عن نبينا صلى الله عليه وسلم قال كان يعلمهم من الفزع كلمات اي كلمات تقال عند الفزع فيذهبه الله قوله اعوذ بكلمات الله التامات الاستعاذة التجاء الى الله واحتماء به سبحانه وتعالى وفزع اليه وقوله بكلمات الله التامات قيل المراد بكلمات الله اي القرآن وقيل كلماته اي الكونية القدرية كما قال الله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ومعنى التامات اي التي لا يلحقها نقص وقال الله تعالى في شأن القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقال في شأن كلماته الكونية لا معقب لحكمه. فكلمات الله تامة لا يلحقها نقص قوله من غضبه وعقابه اي غضب الرب سبحانه وتعالى والرب يغضب ويرظى كما اخبر عن نفسه في كتابه وكما اخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى وغضب الله عليهم وقال تعالى رضي الله عنهم ورضوا عنه فهو يغضب ويرضى وثمة امور توجب غضب الله وحلول عقابه على عبده وهذا فيه اشارة وتنبيه الى البعد عن المعاصي والذنوب وايضا فيه تنبيه واشارة الى ان الذنوب والمعاصي اعظم اسباب القلق لانها اذا وجدت وجد الغضب ووجد العقاب قد يكون القلق والفزع والهموم نوعا من العقوبة المعجلة فيبادر المرء الى التعوذ بالله من غضبه ومن عقابه وهذا يتضمن البعد عن موجبات الغضب وموجبات العقاب وهي الذنوب التي تسخط الله تبارك وتعالى وتوجب حلول العقوبة ونزولها وقوله وشر عباده اي واعوذ بك يا الله من شر كل من قام به شر من عبادك وليس معناه ان كل عبد فيه شر بل المراد من كان فيه شر منهم فيشمل الشياطين والجن والبغاة والفجار ونحوهم وقوله ومن همزات الشياطين ان يحضرون اي نفخ الشيطان ونفثه ووساوسه وما يلقيه في النفس وهذا فيه اشارة الى اعظم موجبات القلق واعظم مداخل الشيطان على النفس فيدخل في نفس الانسان اشياء وامورا ليملأ قلبه قلقا وفزعا وخوفا قال الله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين وقال تعالى انما النجوى من الشيطان ليحزن الذين امنوا وليس بضارهم شيئا الا باذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون وقوله اي يحضرون اي وان يقربوا المكان الذي انا فيه قال الله تعالى في اواخر سورة المؤمنون وقل ربي اعوذ بك من همزات الشياطين واعوذ بك ربي ان يحضرون اشتمل هذا على امرين تعوذ بالله تبارك وتعالى من همزات الشياطين وتعود به تبارك وتعالى من ان يقرب الشيطان المكان الذي فيه العبد ليكون في سلامة تامة من الشيطان من وساوسه ومن قربانه للمكان الذي هو فيه فهذا تعود عظيم مبارك يشرع لمن اصابه قلق او فزع او اضطراب في منامه ان يأتي به فهو يشرع اذا كان الانسان يصيبه الفزع في منامه ومن يتأمل هذا التعود الوارد بهذه الحالة حالة الفزع في النوم يجد ان الانسان عندما يصيبه فزع او خوف اما ان يكون خوفا من غضب الله او عقابه او يكون فزعا من شر بعض الناس يخشى ان يعتدوا عليه او يؤذوه او يتعرضوا له بسوء او خوفا من شر الشيطان وان يحضر العبد فيؤذيه انتظم هذا التعوذ ذلك كله وان مما يغضب الرب ويوجب عقابه ان يلجأ العبد في ملماته وعند خوفه وفزعه الى غيره سبحانه وكيف يليق بالعبد الضعيف ان يلجأ الى عبد ضعيف مثله وكيف يلجأ المخلوق الى مخلوق مثله ويدع رب العالمين وخالق الخلق اجمعين وهنا ندرك وحالة عقول وتفاهة افكاري من يذهبون في ملماتهم وعند فزعهم الى الكهنة والعرافين والدجاجلة والمشعوذين والسحرة والمنجمين وغيرهم من اخوان الشياطين يشكون اليهم حالهم وينزلون بابوابهم حاجاتهم ويطلبون منهم تخليصهم من كرباتهم وان جاءهم من فزعهم الى غير ذلك من الامور التي لا تطلب الا من الله ولا يلجأ فيها الا اليه وحده. امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض االه مع الله؟ قليلا ما تذكرون فهل يجيب المضطر الذي اقلقته الكروب وتعسر عليه المطلوب واضطر للخلاص مما هو فيه الا الله وحده وهل يكشف السوء الذي يصيب الانسان ويحل به الا الله وحده ولكن تذكر الناس لهذا الامر قليل وتدبرهم له ضعيف والا لما اقبلوا على غيره ولما لجأوا الى احد سواه وقد روى ابو داوود في سننه عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات اعود بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وان يحضرون قال وكان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يعلمهن من عقل من بنيه ومن لم يعقل كتبها فاعلقها عليه اي كان رظي الله عنه يحفظها من يعقل من بنيه ويلقنه اياها وهذا امر مشروع لكل واحد ان يلقن ابنه الاذكار واذا كان يصيب ابنه في منامه شيء من الخوف يحفظه هذا التعود ويقول له يا بني متى ما اصابك خوف في منامك كتعوذ بهذا التعود فان الله يذهبه عنك وقوله من لم يعقل فاعلقه عليه ان يكتبه في لوح فيعلقه عليه وهذا الذي جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في هذه الرواية مخالف لما جاء في الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن تعليق التمائم وبيان انها من الشرك وهذا الاثر لم يثبت عن عبد الله ابن عمرو رضي الله تعالى عنهما. لان فيه عنعنة ابن اسحاق ولكن التعود ثابت لمجيئه من طرق يثبت كتبها ومن يستدل بهذا الفعل على مشروعية تعليق التمائم من القرآن ومن الدعوات والتعوذات المأثورة لا حجة له فيه من جهتين الجهة الاولى انه لم يثبت سنده الى عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما والجهة الثانية على فرض ثبوته يحتمل ان يكون المراد بفعل عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما انه يعلقه عليه حتى يبقى في لوح امامه بحيث يقرأه الى ان يحفظه مثل الالواح التي يكتب فيها القرآن من اجل الحفظ بحيث اذا تم حفظ اللوح محي وكتب له بدله نصا اخر فيعلق عليه حتى يكون معه ليحفظه لا على انه تميمة فهو يكتبها لابنائه تيسيرا لهم ليحفظوها. ثم يستغني عن اللوح اذا حفظ الولد ما فيه اما ان يعلق ايات من القرآن توضع في خرقة او في جلد او تعودات ثم توضع في جلد ثم يعلقها الانسان على بدنه او بدن ولده فهذا لا يجوز لاسباب كثيرة ذكرها العلماء منها بعدا عن امتهان القرآن الكريم وثانيا لعموم الادلة المانعة من تعليق التمائم. قال صلى الله عليه وسلم من تعلق تميمة فلا اتم الله له ثالثا لان هذا فيه وسيلة للشرك والوقوع في الباطل. رابعا ان الذي شرع لنا في هذا الباب الرقية بان يقرأ وينفث على نفسه او على مريظه قال الشيخ ابن العزيز ابن باز رحمه الله اما اذا كانت من القرآن اي التميمة او من دعوات معروفة طيبة فهذا اختلف فيه العلماء. فقال بعضهم يجوز تعليقها. ويروى هذا عن جماعة من السلف جعلوها كالقراءة على المريض والقول الثاني انها لا تجوز وهذا هو المعروف عن عبد الله بن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما وجماعة من السلف والخلف قالوا لا يجوز تعليقها ولو كانت من القرآن. سدا للذريعة وحسما لمادة الشرك وعملا بالعموم. لان الاحاديث المانعة من التمائم احاديث عامة لم تستثني شيئا والواجب الاخذ بالعموم فلا يجوز شيء من التمائم اصلا لان ذلك يفضي الى تعليق غيرها والتباس الامر ووجب منع الجميع وهذا هو الصواب لظهور دليله. انتهى كلامه رحمه الله. واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته