بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عن الاذكار المتعلقة بدخول المنزل يستحب للمسلم عند دخوله المنزل ان يقول بسم الله ثم اذا دخل ان يجتهد في الاكثار من ذكر الله في بيته فقد روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال مثل البيت الذي يذكر فيه الله والبيت الذي لا يذكر فيه الله مثل الحي والميت ويشرع اذا دخل ان يلقي السلام سواء كان في البيت احد او لم يكن فيه احد قال الله تعالى فاذا دخلتم بيوتا فسلموا على انفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة قوله تعالى فسلموا على انفسكم اي ليسلم بعضكم على بعض فجعل المؤمنين بمثابة النفس الواحدة لما كانوا مثل الجسد الواحد في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم فمن دخل بيتا عليه ان يسلم سواء كان في البيت احد او لم يكن فيه احد قال العلامة ابن سعدي رحمه الله في تفسيره هذه الاية قال فاذا دخلتم بيوتا نكرة في سياق الشرط يشمل بيت الانسان وبيت غيره سواء كان في البيت ساكن ام لا فاذا دخلها الانسان فسلموا على انفسكم اي فليسلم بعضكم على بعض لان المسلمين كانهم شخص واحد من توادهم وتراحمهم وتعاطفهم فالسلام مشروع لدخول سائر البيوت من غير فرق بين بيت وبيت ثم مدح هذا السلام فقال تحية من عند الله مباركة طيبة اي سلامكم بقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته او السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اذ تدخلون البيوت تحية من عند الله اي قد شرعها لكم وجعلها تحيتكم مباركة لاشتمالها على السلامة من النقص وحصول الرحمة والبركة والنماء والزيادة طيبة لانها من الكلم الطيب المحبوب عند الله الذي فيه طيب نفس للمحيا ومحبة وجلب مودة. انتهى كلامه رحمه الله عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول اذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء واذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان ادركتم المبيت واذا لم يذكر الله عند طعامه قال ادركتم المبيت والعشاء. رواه مسلم في هذا الحديث مشروعية ذكر الله عند دخول المنزل وعند تناول الطعام وان من يذكر الله عند دخوله وعند طعامه يسلم من الشيطان ومن مشاركته له في بيته ومن مشاركته له في طعامه قال الله تعالى واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد واعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا ان عبادي ليس لك عليهم سلطان قال الشيخ ابن السعدي رحمه الله ذكر كثير من المفسرين انه يدخل في مشاركة الشيطان في الاموال والاولاد ترك التسمية عند الطعام والشراب والجماع وانه اذا لم يسم الله في ذلك شارك فيه الشيطان كما ورد فيه الحديث فقوله وشاركهم في الاموال والاولاد هذا في حق الغافل عن ذكر الله تبارك وتعالى فيشاركه الشيطان في ماله وولده وقد افاد الحديث ان هذه المشاركة تحصل بترك التسمية اما الذاكرون الله فليس للشيطان عليهم سبيل بل هم محفوظون بحفظ الله وكفى به حافظا ووكيلا قوله اذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء هذا فيه انتفاء هذه المشاركة في المال والاولاد والطعام اي انها تنتفي بحصول الذكر لله تبارك وتعالى وقوله واذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله قال الشيطان ادركتم المبيت ففيه ان من ترك ذكر الله فانه قد فتح بذلك بابا للشيطان ليشاركه في بيته وليشاركه في ولده ومن هذا الذي يرضى لهذا السيء الخبيث ان يشاركه في ماله وفي ولده والذي يترك التسمية قد رضي ذلك شاء ام ابى ولهذا يحتاج المقام من العبد الا يغفل عن ذكر الله تبارك وتعالى في كل مرة يدخل فيها يسمي هو والداخلون معه من ولد واهل الكل يشرع في حقه ذلك حتى تحصل الكفاية للجميع وحتى يسلم الجميع من الشيطان ومن مشاركته وفي هذا ايضا ان الشيطان كما انه جالس عند بيت المسلم ينتظر خروجه ليمنعه من الطاعة وليصده عن الخير يدفعه الى المعصية فهو ايضا جالس له عند بيته ينتظر دخوله ليدخل معه الى بيته ليشاركه في ماله وولده ومبيته وغير ذلك من اموره التي في بيته فهو يجلس عند البيت منتظرا الداخل ومنتظرا الخارج ينتظر الخارج ليصده وينتظر الداخل ليدخل معه وقوله قال الشيطان ادركتم المبيت ثم عند الطعام يقول ادركتم المبيت والعشاء يفيد ان الذي سيشارك عند ترك التسمية ليس شيطانا واحدا بل شياطين ولهذا يناديهم ويخبرهم ان الباب مفتوح لهم على مصراعيه وفعلا يشاركون يمد الواحد منهم يده الى الطعام ويأكل وان لم يره الاكلون روى مسلم في صحيحه عن حذيفة قال كنا اذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما لم نضع ايدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده وانا حضرنا معه مرة طعاما فجاءت جارية كانها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها ثم جاء اعرابي كأنما يدفع فاخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان يستحل الطعام الا يذكر اسم الله عليه وانه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فاخذت بيدها فجاء بهذا الاعرابي ليستحل به فاخذت بيده والذي نفسي بيده ان يده في يدي مع يدها فالمشاركة حاصلة بمجرد ترك التسمية فلو تركها واحد من الاولاد استحل به الشيطان الطعام. وهذا يؤكد ان التسمية مطلوبة من الجميع ويعود الصغار على العناية بها ويذكرون ان غفلوا ومن الذي يرظى ان يجلس يأكل الطعام هو واولاده ومعهم الشيطان او الشياطين وجاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ان من نسي التسمية في اول طعامه فعليه ان يقولها في اثناء الطعام بلفظ بسم الله اوله واخره اي اول الطعام واخر الطعام فعن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اكل احدكم فليذكر اسم الله تعالى. فان نسي ان يذكر اسم الله تعالى في اوله فليقل بسم الله وله واخره. رواه ابو داوود وروى ابو داوود عن امية ابن مخشي رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يأكل فلم يسم حتى لم يبق من طعامه الا لقمة. فلما رفعها الى فيه قال بسم الله اوله واخره فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ما زال الشيطان يأكل معه فلما ذكر اسم الله عز وجل استقاء ما في بطنه لكن هذا الحديث غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم لان في سنده رجلا مجهولا وقد ذكرته لشهرته تنبيها على ضعفه وعدم ثبوته وقوله بسم الله الباء باء الاستعانة اي ادخل مستعينا بالله والجار والمجرور في قوله بسم الله متعلق بمحذوف تقديره ادخل وعند الطعام تقديره اكل والحاصل ان ذكر الله عز وجل طارد للشيطان حافظ للانسان والذاكر لله محفوظ من الشيطان بحفظ الله بل ان الشيطان ييأس منه ويدرك انه لا سبيل له عليه واذا غفل عن الذكر لازمه الشيطان وشاركه في طعامه وشرابه ومبيته والله تعالى يقول ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وعن انس رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني اذا دخلت على اهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى اهل بيتك. رواه الترمذي قوله يا بني هذا من التلطف في الخطاب وحسن التودد منه صلوات الله وسلامه عليه قال يا بني اذا دخلت على اهلك فسلم وهذا فيه مشروعية السلام اذا دخل المرء على اهله قال يكن بركة عليك وعلى اهل بيتك ان يكن السلام بركة عليك ايها المسلم وعلى اهل بيتك فما ينبغي للمسلم ان يفوت على نفسه حلول هذه البركة عليه وعلى اهل بيته في كل مرة يدخل فيها بيته ومن البركة العظيمة التي ينالها من يسلم اذا دخل بيته ما رواه ابو داوود عن ابي امامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل. رجل خرج غازيا في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة او يرده بما نال من اجر وغنيمة ورجل راح الى المسجد فهو ظامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة او يرده بما نال من اجر وغنيمة ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله عز وجل ورواه ابن حبان بلفظ ثلاثة كلهم ضامن على الله. ان عاشا رزق وكفي وان مات ادخله الله الجنة. من دخل فبيته فسلم فهو ضامن على الله ومن خرج الى المسجد فهو ضامن على الله. ومن خرج في سبيل الله فهو ظامن على الله اتأمل ايها المسلم هذه البركة العظيمة ان كتب الله لك حياة رزقك وكفاك وان توفاك ادخلك الجنة. هذا واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته