بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عن اذكار دخول الخلاء والخروج منه والاذكار المتعلقة بالوضوء عن انس ابن مالك رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل الخلاء قال اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث رواه البخاري ومسلم الخلاء موضع قضاء الحاجة والخبث جمع الخبيث والخبائث جمع خبيثة وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث ذكر البسملة في اوله قال ابن حجر رحمه الله وقد روى العمري هذا الحديث من طريق عبدالعزيز بن المختار عن عبدالعزيز بن صهيب بلفظ الامر اذا دخلتم الخلاء فقولوا بسم الله اعوذ بالله من الخبث والخبائث واسناده على شرط مسلم وفيه زيادة التسمية ويشهد لهذا ما رواه ابن ماجة وغيره عن علي رضي الله عنه مرفوعا ستر ما بين الجن وعورات بني ادم اذا دخل الخلاء ان يقول بسم الله هو حديث صحيح بمجموع طرقه وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا خرج من الخلاء قال غفرانك رواه ابو داوود واللفظ له وقوله غفرانك في هذا المقام قيل في معناه اي خوفا من تقصيره في اداء شكر هذه النعمة الجليلة ان اطعمه ثم هظمه ثم سهل خروجه. فرأى شكره قاصرا عن بلوغ حق هذه النعمة فتداركه بالاستغفار ولا يجوز للمسلم ان يتكلم وقت قظاء الحاجة ولا يشتغل بشيء من الذكر والدعاء ففي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ان رجلا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم عليه فلم يرد عليه وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي فانك ان فعلت ذلك لم ارد عليك ففي هذا دلالة على ان المسلم لا ينبغي له ان يتكلم وقت قضاء الحاجة لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه بشيء كما في الحديث الاول وقال كما في الحديث الثاني ان فعلت ذلك لم ارد عليك ولا ينبغي له كذلك ان يشتغل بشيء من الذكر والدعاء والسلام ذكر ودعاء. لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد السلام على هذا المسلم ومن الاذكار المتعلقة بالوضوء التسمية في اوله عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه. رواه ابو داوود وابن ماجة وهو حديث حسن بشواهده وقد حسنه غير واحد من اهل العلم وهو دال على مشروعية التسمية في اول الوضوء وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكمها فذهب الجمهور الى انها مستحبة وذهب بعض اهل العلم الى القول بوجوبها اذا كان عالما بالحكم ذاكرا له فان جهل حكمها او نسيها فلا حرج عليه ولا يلزمه اعادة الوضوء وقد سئل الامام الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن حكم من ترك التسمية في الوضوء ناسيا فقال قد ذهب جمهور اهل العلم على صحة الوضوء بدون تسمية وذهب بعض اهل العلم الى وجوب التسمية مع العلم والذكر لما روي عنه صلى الله عليه وسلم انه قال لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه لكن من تركها ناسيا او جاهلا فوضوؤه صحيح. وليس عليه اعادته ولو قلنا بوجوب التسمية لانه معذور بالجهل والنسيان والحجة في ذلك قول الله تعالى ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله سبحانه قد استجاب هذا الدعاء وبذلك تعلم انك اذا نسيت التسمية في اول الوضوء ثم ذكرتها في اثنائه فانك تسمي وليس عليك ان تعيد اولا. لانك معذور بالنسيان. انتهى كلام رحمه الله واما الدعاء على اعضاء الوضوء في اثناء الوضوء كل عضو بدعاء مخصوص بان يجعل لغسل اليدين دعاء ولغسل الوجه دعاء ولغسل القدم دعاء ونحو ذلك. فهذا لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس للمسلم ان يعمل بشيء من ذلك ومن ذلك قول بعضهم عند المضمضة اللهم اسقني من حوض نبيك كأسا لا اظمأ بعده ابدا وعند الاستنشاق اللهم لا تحرمني رائحة نعيمك وجناتك وعند غسل الوجه اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه وعند غسل اليدين اللهم اعطني كتابي بيميني اللهم لا تعطني كتابي بشمالي وعند مسح الرأس اللهم حرم شعري وبشري على النار وعند مسح الاذنين اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه وعند غسل الرجلين اللهم ثبت قدمي على الصراط فكل ذلك مما لا اصل له عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والواجب على المسلم الاقتصار على ما جاءت به السنة والبعد عما احدثه الناس بعد ذلك قال ابن القيم رحمه الله واما الاذكار التي يقولها العامة على الوضوء عند كل عضو فلا اصل لها عن رسول الله الله عليه وسلم ولا عن احد من الصحابة والتابعين ولا الائمة الاربعة. وفيها حديث كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه رحمه الله وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال كانت علينا رعاية الابل فجاءت نوبتي فروحتها بعسي فادركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يحدث الناس فادركت من قوله ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما ابقلبه ووجهه الا وجبت له الجنة قال فقلت ما اجود هذه فاذا قائل بين يدي يقول التي قبلها اجود فنظرت فاذا عمر قال اني قد رأيتك حين جئت انفا قال ما منكم من احد يتوضأ فيبلغ او فيسبغ الوضوء ثم يقول اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبد الله ورسوله الا فتحت له ابواب الجنة الثمانية يدخل من ايها شاء رواه مسلم قوله فروحتها بعشي اي رددتها الى مكان راحتها في اخر النهار ورواه الترمذي وزاد اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وهي زيادة ثابتة كما بين ذلك اهل العلم وفي هذا الحديث يذكر عقبة ابن عامر رضي الله عنه حرص الصحابة رضي الله عنهم على اوقاتهم وتعاونهم بينهم التعاون الذي يحقق الفائدة للجميع ومن ذلك انهم كانوا يتناوبون رعي ابلهم فيجتمع الجماعة ويضمون ابلهم بعضها الى بعض فيرعاها كل يوم واحد منهم. ليكون ذلك ارفق بهم ولينصرف الباقون في مصالحهم وحاجاتهم وليتهيأ لهم فرصة اكبر للاستفادة من النبي صلى الله عليه وسلم وحضور مجالسه ولما كانت نوبة عقبة رضي الله عنه وعندما عاد بالابل الى مراحها في اخر النهار وفرغ من امرها جاء الى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدرك شيئا من فوائده ولينهل من معينه المبارك فادرك فائدة عظيمة فرح بها وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه الا وجبت له الجنة فقال رضي الله عنه مبديا اعجابه بهذه الفائدة العظيمة ما اجود هذا فسمعه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وكان قد رآه حين دخل فقال له التي قبلها اجود يشير الى فائدة قالها النبي صلى الله عليه وسلم قبل دخول عقبة رضي الله عنه وفي هذا دلالة على ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الحرص على الخير والتعاون في الدلالة على ابواب العلم وامور الايمان فذكر له عمر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما منكم من احد يتوضأ فيبلغ او فيسبغ الوضوء ثم يقول اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبد الله ورسوله الا فتحت له ابواب الجنة الثمانية يدخل من ايها شاء وفي هذا فضل اسباغ الوضوء باكماله واتمامه على الوجه المسنون وفضل المحافظة على هذا الذكر العظيم عقب الوضوء. وان من فعل ذلك فتحت له ابواب الجنة الثمانية ليدخل من ايها شاء ويستحب ان يضم اليه اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين لثبوت هذه الزيادة عند الترمذي كما تقدم وله ان يقول كذلك سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك لما رواه النسائي في عمل اليوم والليلة والحاكم في مستدركه وغيرهما عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ ثم قال سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر الى يوم القيامة. والطابع الخاتم يريد انه يختم عليه ولا يفتح الى يوم القيامة فهذه جملة ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الذكر المتعلق بالوضوء قال ابن القيم رحمه الله ولم يحفظ عنه اي رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان يقول على وضوءه شيئا غير التسمية. وكل حديث في اذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه. ثم استثنى رحمه الله حديث التسمية وحديثي عمر وابي سعيد المتقدمين وحري بالمسلم ان يحافظ على الطهارة بسننها العظيمة وادابها المباركة ليفوز بما يترتب عليها من خير واجور واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وان يصلح لنا كله انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد اله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته